استشهاد مالك يوسف والد مالك خوشابا ومعارك الاخذ بالثأر

بقلم اللواء بولص مالك خوشابا
استشهاد مالك يوسف والد مالك خوشابا ومعارك الاخذ بالثأر

14 / 02 / 2014
http://nala4u.com

كان مالك يوسف بن مالك بتو طويل القامة رشيق الجسم جميل الطلعة معروفا بسمو اخلاقه وشجاعته وجرأته , لذا شبهه الدكتر ماكداول الامريكي بقياصرة الالمان .
تسلم مسؤولية ادارة شؤون بني قومه من والده مالك بتو الذي اقعده العمر وسار على الطريقة التي سار عليها آباؤه . خاض عدة حروب على رأس أبناء عشيرته الشجعان دفاعا عن حقوقهم كلما تطلب الامر ذلك . ومن خصاله انه كان لا يقبل التعدي على احد ولا ان يعتدي عليه احد ومصداقيته في تطبيقه لهذا المبدأ كان السبب الرئيسي في استشهاده. ومن اهم المعارك التي خاضها هي الحملة التي قادها على عشيرة ماروناس الارتوشية الكردية عام 1886 وذلك لقيامها بالاعتداء على عشيرة تياري العليا حيث غصبت اراضيها وسلبت اغنامها .
فلما استنجدت عشيرة تياري العليا به قاد حملته المذكورة في الشتاء القارص واستولى على ماروناس واجبرها على ايقاف تعدياتها والركون الى السلم والهدوء . وكذلك حملته على عشيرة بنيانش التي قامت بقتل شخصين من سليبكان من عشيرة تياري السفلى وبعدة تعديات اخرى , فتغلب عليها والحق بها هزيمة شنعاء وكبدها خسائر فادحة في الارواح والسلاح . حيث اصيب ابن رئيسها (اغا الجال) بجرح بليغ وبذلك اوقف هذه العشيرة عند حدها فجنحت الى السلم .
وفي عام 1888 وقعت معركة في هلمون وجرامون بين الجيش التركي وعشائر البروار السفلى الكردية من جهة وبين عشيرتي تياري السفلى والعليا من جهة اخرى . انتهت هذه المعركة بهزيمة الجيش التركي والعشائر البروارية السفلى الذين ارادوا السيطرة على هلمون وجرامون وضمهما الى البروار لجبي الضرائب منهما .وبينما كانت هذه القوات المعادية محاصرة من قبل القوات التيارية اخذت تتوسل بسلمو (شليمون) شقيق مالك يوسف الذي كان يقود قوات تياري السفلى طالبة منه (روبخت) اي انهم وقعوا على شرفه ففتح لهم سلمو الطريق وانقذهم من ابادة محتمة وكانت هذه من الصفات الحميدة لدى العشائر ان يعفوا عن اعدائهم في المعركة حين يطلبون (روبخت) على شرف القائد .
وعند وصول مالك يوسف قادما من مصيفه الى ساحة المعركة كان الاتراك والبرواريين الاكراد قد انسحبوا من الثغرة التي فتحها لهم سلمو , ولما انتهر مالك يوسف اخاه اجابه بقوله انهم طلبوا(روبخت منه) …
وعند عودة القوات التيارية من ساحة المعركة منتصرين تصدى لها بعض البرواريين عليه اشتد القتال بين عشيرة تياري السفلى والبرواريين في وادي اوري . وكان مالك يوسف يقاتل في الخطوط الامامية عندما تعطلت بندقيته من سرعة الرمي فاخذ بندقية المقاتل القريب منه والتي تعطلت هي الاخرى فاقترب الاكراد منهم واصبحوا معرضين للتطويق وبالرغم من الحاح مقاتليه عليه بالانسحاب الا انه رفض ذلك لشدة عناده وشجاعته . وكان يقابله في جبهة القتال كل من محمد بك بن تترخان بك واسماعيل بك بن عثمان بك اللذان كانا من اشجع رجال البروار ومن امهر رماتهم , لذا شهر مالك يوسف خنجره وحاول الهجوم عليهما ولكنه اوقف من قبل رجاله ومن حسن الحظ وفي ذلك الظرف الحرج وصل شقيقه سلمومع رجاله الشجعان وقاموا بهجوم مضاد على الاكراد ففك الحصار عن اخيه وهكذا انتهت هذه المعركة بقتل شخصين من البروار .

مالك برخو

لجوء آل موسى بك وآل طه بك وآل علي بك الى ليزان في تياري السفلى :-
كان لآل موسى بك سبعة اخوة من الشبان الاشداء وكان اخاهم الكبير محمد بك يريد ان يصبح اميرا للبروار . الا ان الشيخ بهاء الدين البامرني ورؤساء العمادية وآل تترخان بك حرضوا البرواريين على عدم قبوله على البروار , لذا قامت هذه العوائل ببعض الاعمال التخريبية ضد البرواريين بعد ان رفضت زعامتها والتجأت الى ليزان حيث بقيت في حماية تياري السفلى لمدة سنتين وحدث ان ذهب مالك يوسف مع هؤلاء الامراء الى قرية طروانش في البروار . ولما سمع امير البروار محمد بك ابن تترخان بك بذلك , جمع البرواريين وحاصر قرية طروانش من جميع الجهات واستمر القتال بينهم لعدة ايام وكان مالك يوسف وهؤلاء الامراء معتصمين ويقاتلون من احد قصور طروانش .
فوصلت قوات تياري السفلى من ليزان وتمكنت من فك الحصار عن قرية طروانش وقيل بان محمد بك امير البروار هو الذي سهل امر فك الحصار عن مالك يوسف وذلك مقابل ما قام به اخيه سلمو في معركة هلمون وجرامون عندما سمح للبرواريين مع القوات التركية من الانسحاب من طوق الحصار المفروض عليهم من قبل القوات التيارية .
عاد مالك يوسف مع أولئك الامراء الى قرية دشتان وبقي فيها مع عدد قليل من الرجال بعد ان تفرق المقاتلون الى قراهم ظنا منهم بزوال الخطر . الا انه بعد ثلاثة ايام فقط بوغتوا بهجوم مفاجيء على قرية دشتاني وبرمي كثيف من المدفعية والرشاشات التركية وبنادق العشائر الكردية مما اجبرهم على ترك القرية حيث دخلها الجيش التركي والبرواريين , ولكن القوات المعادية لم تتمكن من البقاء فيها اكثر من ثلاثة ساعات حيث وصلت قوات تياري السفلى من ليزان وطردتهم منها شر طردة , مما ادى الى ابتهاج اهالي قرية دشتاني الكردية الموالين للتياريين بالرغم من مقتل (ملاالقرية) في تلك المعركة وذلك لعدم تمكن البرواريين من ضم قريتهم الى البروار ثانية .
استشهاد مالك يوسف بن مالك بتو والد مالك خوشابا غدرا على يد رشيد بك امير البروار :-
استشهد مالك يوسف بن مالك بتو من قبل امير البروار غدرا اثناء دعوته له في قرية طروانش الكردية الكائنة في برواري بالا بتاريخ 15 ايلول سنة 1900 … يقال ان سبب استشهاد مالك يوسف كان اعتقاد رشيد بك بوجود ضلع لمالك يوسف في مقتل اخيه محمد بك الذي قتله طاهر بك الذي التجأ الى مالك يوسف حسب العرف العشائري . ولكن حقيقة الامر ان مالك يوسف كان بعيدا كل البعد عن هذا الموضوع اذ انه لم يتدخل في حوادث القتل التي وقعت بين امراء هذه العائلة من اجل الرئاسة وكان دائما يسعى الى نشر الوئام والسلام في البروار وازالة الخلافات التي كانت تحصل بين هؤلاء الامراء على الرئاسة مع العلم ان عشيرة تياري السفلى كانت تملك حق الاشتراك في اختيار امير البروار , ولما فشل طاهر بك في مسعاه لدى والي الموصل لانتزاع الامارة من محمد بك امير البروار عاد الى قرية بيدو الكبيرة واخذ معه عددا من اتباعه ثم نصب كمينا لمحمد بك اثناء عودته من قرية درشكي الى مقر اقامته حيث اطلقوا عليه ثلاث طلقات اردته قتيلا . كان رشيد بك يكره مالك يوسف ويضمر له السوء لاعتقاده بانه وراء مقتل شقيقه محمد بك . و في الوقت الذي كان مالك يوسف في قرية طروانش الكردية حيث كان له فيها املاك طلب رشيد بك الاجتماع به حول امور تتعلق بالعشائر التيارية والبرواريين ثم جاءه ليلا احد رؤساء قرية بيدو الكردية المدعو رشو والذي كانت ترتبط عائلته بعائلة مالك يوسف بروابط صداقة تاريخية واخبره ان لرشيد بك نوايا سيئة نحوه وانه ينوي له شرا وعرض عليه مساعدته لاخراجه ليلا من قرية طروانش والذهاب الى احدى قرى تياري السفلى . الا ان مالك يوسف رفض ذلك مفضلا الموت على قبول سمعة الهروب من رشيد بك وفي يوم الاجتماع امر رشيد بك رجاله بالقاء القبض على مالك يوسف اثناء الاجتماع وحجزه في احدى غرف قصره حيث بقي فيها لمدة ثلاثة ايام .
ولما وصل الخبر الى عشيرة تياري السفلى اجتمع الرجال بقيادة مالك برخو لغرض الهجوم على البروار وانقاذ مالك يوسف من الاسر . ولكن ابن شقيق مالك يوسف المدعو يلدا والذي كان شابا لا يتجاوز العشرين من عمره رفض ذلك خشية من ان الهجوم قد يدفع رشيد بك الى قتل عمه ظنا منه ان رشيد بك لا يجرؤ على قتله ما لم يدفع على ذلك , ولهذا السبب لم يشترك مالك برخو ومقاتليه في معارك اخذ الثار ولا في صد الهجوم الذي شن على وادي ليزان . ولكن رشيد بك كان يعتقد بانه اذا تخلص من مالك يوسف سوف يتمكن من بسط نفوذه على التياريين والاكراد الموالين لهم , ولذا امر رجاله بقتله فاوثقوا يديه وقدميه واخذوه محمولا على فرسه الى خارج قرية طروانش وقتلوه غدرا . وقبل استشهاده.. ساله رشيد بك مشيرا الى قبر احد البيكات البروار الذي سبق وان قتله التياريين..
هل يعلم من في هذا القبر؟
فاجابه مالك يوسف (انه .كذا…؟؟؟… مثلك, ولكن لو كنت رجلا بصحيح فحل وثاقي ونازلني بيدي المجردتين وانت ىبسلاحك لكي اريك كيف يكون الرجال) …
وبعد استشهاده, ذهب رشيد بك الى قريته درشيرش ونقلت جثة مالك يوسف الى ليزان حيث دفن بجانب والده مالك بتو في كنيسة ماركوركيس . وكان مالك خوشابا في ذلك الوقت يدرس في الكلية الامريكية في اورميا وحال سماعه نبأ مقتل والده ترك الدراسة والتحق بعشيرته حيث بدأت معارك أخذ الثأر بين عشيرته وبين البرواريين حتى سنة 1915 .
الثأر لاستشهاد مالك يوسف :-

منذ استشهاد مالك يوسف سنة 1900 وحتى سنة 1908 لم تتوقف المعارك بين تياري السفلى بقيادة مالك خوشابا والعشائر الكردية الموالية له وقبيلة (بني رمتا) من عشيرة تياري العليا ولم تشترك اي من العشائر الآثورية الاخرى في هذه المعارك كما لم يشترك مالك برخو(من تياري السفلى) فيها ايضا ….
وفي سنة 1908 بدأ قتال بين البرواريين وبين قبائل بني ماثا وبني كبا ومنيانش وزاويتة من تياري السفلى ومعهم بعض البكوات الاكراد الجاليين .

مالك خوشابا

قامت هذه القبائل تحت قيادة مالك خوشابا بهجوم كاسح على مراعي البرواريين فقتلت ثلاثة من رجالهم في منطقة يطلق عليها (دراري) وقام البرواريين بتعقب التياريين الا ان الشماس كوركيس (بجبيجو) ابن عم مالك خوشابا الذي كان من اشجع المقاتلين قاتلهم في المؤخرة لاجل تاخيرهم ولم يترك موضعه حتى استشهد فيه وكان مالك خوشابا على راس قوة من رجاله ومعه البكوات الاكراد الجاليين على قمة جبل وراء قرية زاويتة (تسمى قمة اوليه) يراقب سير المعركة . وكان قسم من البرواريين قد تمركزوا في مصيف (عناتة) لقطع خط الرجعة على التياريين وعندما وصل مالك خوشابا الى منطقة تقابل ذلك المصيف اطلق طلقة من بندقيته من طراز (سوسني) على المقاتلين المجتمعين فتفرقوا واختبؤا خلف الاحراش طالبين من سعيد بك شقيق رشيد بك الذي كان يقودهم ان يستر نفسه من رمي ذلك التياري الذي يبدو انه هداف ماهر الا ان سعيد بك رفض واجابهم بغرور بانه لا يخشى من هذا التياري وبعد ان رصد مالك خوشابا الموضع بناظوره (دربين – الناظور) وجد ان احد المقاتلين الاعداء جالس على صخرة وقد التف حوله مقاتليه فعرف بان هذا الشخص هو احد امراء البروار ومن مسافة بعيدة جدا تدعى (سري دراري) اطلق رصاصته التي اصابت سعيد بك شقيق امير البروار وقتلته في الحال وبهذا ختم مالك خوشابا هدفه في اخذ الثأر من امراء البروار … وللتاريخ تذكر مدى عظمة نساء ذلك الزمان اللواتي كن يعطين للشجاعة والبطولة في الرجال تقديرهن الكبير , فان والدة سعيد بك بدلا من ان تلطم خدودها وتبكي لمقتل ابنها الامير الذي كان مشهودا له بشجاعته قامت برثائه باغنية تصف فيها المعركة وتمتدح فيها اعدائها مالك خوشابا والمقاتلين التياريين باغنية رثائية اسمها (سري دراري) والتي لا تزال تغنى من قبل الاكراد والتياريين …

[هذه الاغنية الرثائية التي رددتها والدة سعيد بك امير البروار لاتزال تروي لاجيال تياري الكبرى شهامة وغيرة وشجاعة اجدادهم ]
(واليكم كلمات الاغنية باللغة الكردية ومن ثم ترجمتها باللغة العربية )
سترانا سه ري ده راري
ساري دراري سارك نرما خرابة دراري سارك نرما
اسكري مالك خوشابا ساماري وسبيدي هاتنة سرمة
كوشتي سعيد بك برواري بو تياري نافة بو بسمانين برواري قهر وشرما
ساري دراري سارك سارا خرابة دراري سارك سارا
اسكر ملك خوشابا سماري وسبيدي كرتي سارا كشتي سعيد بك برواري بو تياري نافة بو بسميرن برواري هتكو وشرمة
تفنكي ملك خوشابا سوسني زرة
سري دراري سارك بستة خرابة دراري سارك بستة
اسكري مالك خوشابا بايك جاري هستا سويند فاري ب دير قصراني
افرو دي سييم تولي باب وبابيرانة دراوستا
بشيني بشيني دايكمني خوشكي بكو هيني
درابة هر سري آمدي بومن بينة دستكا آخي دكل قالبكي سابوني دي بشويت سمبيلي سعيد بكي لواني قريز وخويني
ألترجمة :
قمة دراري قمة مسطحة خرابة دراري قمة مسطحة
قوات مالك خوشابا هاجمونا منذ الفجر قتلوا سعيد بك البرواري / للتياريين فخر ولامراء البروار حزن وعار
قمة دراري قمة باردة خرابة دراري قمة باردة
قوات مالك خوشابا احتلوا الجبل منذ الفجر وقتلوا سعيد بك البرواري / للتياريين فخر ولامراء البروار عيب وعار
بندقية ملك خوشابا (سوسنة) صفراء
قمة دراري قمة صخرية خرابة دراري قمة صخرية
قوات ملك خوشابا قامت معا واقسم بكنيسة القصراني ( الكاتب : تقصد كنيسة مار كوركيس في ليزان حيث مقر اقامة ملك خوشابا)
اليوم سانتقم لثار ألآباء وألاجداد ولن اتوقف
حزن حزن امك فداك وشقيقتك تصبح خرساء وصماء
ساذهب الى العمادية واجلب طشت ماء وقالب صابون حتى اغسل شوارب سعيد بك وانظفها من الدماء والتراب .(0 انتهت القصيدة)
بعد ثمان سنوات من القتال المرير في معارك اخذ الثار لم يتوقف ملك خوشابا حتى اخذ ثار والده بيديه ….
اما ألآن فلقد تناسينا تلك المآسي و تربطني باحفاد عائلة سعيد بك علاقة صداقة واحترام متبادل …..

بولص يوسف ملك خوشابا

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الارشيف, المقالات واللقاءات, كتب , تاريخ. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.