القـضيــة الآشـــوريـة وأســـباب تقـدّمهــا البطــيء

بقلم غســان يونان
القـضيــة الآشـــوريـة وأســـباب تقـدّمهــا البطــيء

24 / 01 / 2014
http://nala4u.com

بعـد مـرور أكـثر من نصف قـرن علـى النضـال المؤسـسـاتـي الآشــوري، وبالـرغـم مـن هشـاشـة هـذا النضـال ولأسـباب معظمهـا خـارجيـة. تمكـن الشــعب الآشــوري وبنشـاط متـواضـع لمؤسـسـاتـه السـياسـيـة ـ وكـل ضمـن الظـروف الخـاصـة بـه ـ مـن تثبيت وجـوده أو إسـمـاع صـوتـه ولـو بالحـد الأدنـى المطلـوب. ويكفـي أن تلـك التنظيمـات السـياسـية، تمكنت من المحـافظـة علـى اســتمراريـة مقـومـات وجـودنـا الحـر والممـيز فـي هـذه المنطقـة، إلـى أن جـاءت المتغـيرات الغـير مسـتنظـرة أو المتوقعـة كمـا حصـل فـي العـراق مثـلاً، وأدت إلـى مـا أدت إليـه. فكـانت النتيجـة إيجـابيـة لشــعبنـا بالـرغـم مـن كـل المعـانـاة والمـآســي التي حلـّت ولا تـزال تحـل بـه. فبحجـم المطـالـب تـُدفـع الأثمـان، ولكــن الأثمـان كـانت باهظـة وأمـا المطـالب التي نالهـا شــعبنـا فلـم تكـن بحجـم تلـك الأحـلام التي راودت تطلعـات أغلبيـة أبنـائنـا. ولا يقـع اللـوم دائمـاً علـى الفعـلـة، وجُـل مَـن لا يخطىء! فالمتربصـون بالقضيـة الآشــوريـة لـم يفـوّتـوا فـرصـة إلا واسـتغلـوهـا لضـرب أو هـدم كـل مـا يحـاول البنـاؤون بنـاءه، وبمعنـى آخـر، ضـرب مســيرة التقـدم هـذه، وعليـه باتت القضيـة فـي تقـدم بطيء، لانشــغـال قـادتهـا بأمـور مصـيريـة وليـس الإلتهـاء وتضييـع الـوقت بشـعـارات مسـتحـدثـة لا تمت بصلـة للـمـاضي والحـاضر والمسـتتقبـل، فبالـرغم مـن كـل ذلـك، اســتمرت القضيـة فـي تقـدمهـا دون التنـازل عـن أهـدافهـا المقدســة. وهنـا بالـذات، ولـو عرف هـؤلاء، أصحـاب الأقـلام الصفـراء، أن مصـيرهم الفشــل تمـامـاً كالـذين ســبقـوهـم، لمـا اسـتمروا فـي غيهـم، ويا للأســف، إذ لا زال البعض منهـم حتى يومنـا هـذا، يحـاول صلب القضيـة الآشــوريـة فـي اليـوم ألف مـرة، ولكــن هيهـات بـين الأحـلام واليقظـة!.

فـفي المـاضي قيل: “المـرء يتعلـم من أخطـائـه” و “التـاريـخ يعيـد نفســه”… واليـوم نقـول: “المقدســات خطـوط حمـراء” والقضيـة الآشــوريـة أولـى هـذه المقـدســات. فعندمـا يقـرأ الشـخص التـاريـخ جيـداً ويتمعـن اللـوحـات بـين سـطوره، ســيرى دون أدنـى شــك، كيف تهـاوت ســلاطين واهـتزت عـروش واختفـت ديكتـاتوريـات، ولكـن المنتصـر الوحيـد فـي كـل هـذا وذاك، هـو “هـذا” الـذي يتمســك بمبـادئـه وتاريخـه وأرضـه وعـرضـه…. هـذا الـذي يصمـد فـي وجـه المفسـدين الفـاسـدين المـارقـين الـذين يُبـاعـوا ويُشــتروا بثـلاثـين مـن الفضـة وفـي كـل يـوم!

هكـذا صمـد أجـدادنـا مـن قبلنـا فـي وجـه آلات التدمـير والقتـل والتهجـير وانتهـاك الأعـراض ومص الـدمـاء. منـذ مـا قبـل ومـا بعــد قـافلـة شــهـداء الأمـة الآشــوريـة ورواد نهضتهـا، أمثـال: الشــهيـد البطريرك مـار شــمعـون بنيـامـين والقـائـد آغـا بطـرس ورائـد النهضـة القوميـة الآشــوريـة الملفـان نعـوم فـائق وشــهيـد الصحـافـة آشــور يوســف.. وغـيرهـم مـن الشـرفـاء الأبطـال، حيث القـافلـة مســتمـرة دون توقف ومـذ آلاف الســنين، سـلاحـهم كـان الإيمـان القـوي والثـابت والـراســخ فـي أرض آبـائـهم وأجـدادهـم. وهـا هـو التـاريـخ اليـوم يُعيــد نفســه وبـوجـوه أخـرى وأمـا المضمـون فـواحـد، ألا وهـو ضـرب القضيـة الآشـــوريـة وإزالتهـا مـن الـوجـود تحت حجج وأســمـاء لـم تعـد بخـافيـة علـى متتبـعي مجـريـات الأمـور وتطـورات الأحـداث. فالقضيـة كمـا ورد أعـلاه تتقـدم ولـو ببطـىء، ولكـن بخطـوات ثابتـة راســخـة لا يمكـن زعزعتهـا.

المطلـوب اليـوم أكـثر مـن أي وقت مضى، ومن أجل اسـتمراريـة تقـدم المسـيرة المقدسـة، هـو وحـدة الصف والمـوقف والنظـرة للأمـور والقضـايـا المصيريـة، ومطلوب أيضـاً التقـارب بـين مؤسـسـاتهـا السـياسـية والإلتفـاف حـول بعضهـا البعـض حتى التـوصـل لتشـكيـل “قيـادة جمـاعيـة مـوحـدة” تتمكـن مـن المحـافظـة علـى كل المكتسـبات المتواضعـة التي تـم تحقيـقهـا والعمـل مـن أجـل تحـقيق المـزيـد مـن طمـوحـات وتطلعـات شــعبنـا الآشــوري ونيـل ثـقتـه أولاً والعمـل علـى المسـتتوى الخـارجـي مـن خـلال تشـكيـل لجـان اخنصـاصيـة وفـاعلـة فـي المهجــر لتتمكـن بـدورهـا (أي الجبهـة الموحـدة) مـن الحصـول علـى الإعـتراف الإقليمي والـدولـي بهـا، لتكـون بمثابـة “المظلـة آشــوريـة” القـادرة علـى حمـايـة أبنـائهـا والـدفـاع عـنهم حيثمـا وجـدوا أو تواجـدوا، وتكـون بالتـالـي الممثـل الشـرعي لشــعبنـا.   

غســان يونان

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الارشيف, المقالات واللقاءات. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.