هل نحن بحاجة الى امثال السيسي ام الى امثال الشعب المصري (نحن مسيحيي العراق) ؟

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي

بقلم اللواء بولص مالك خوشابا
هل نحن بحاجة الى امثال السيسي ام الى امثال الشعب المصري (نحن مسيحيي العراق) ؟

16 / 01 / 2014
http://nala4u.com

لقد اصبحت التجربة المصرية درسا بليغا لكل الشعوب الخنوعة الخاضعة لارادة المعتدي على حريتها وكرامتها وحتى شرفها وسيان ان كان الاعتداء قد جاء من الخارج او من الداخل فلا فرق بين اجهزة قمعية تعمل لمشيئة عائلة محسوبة على الوطن والشعب او اعتداء وغزو واهانة وسحق للكرامة ياتي من قوات اجنبية معادية للشعب والوطن وكل من الطرفين ينفذ اجنداته تحت شعارات يضحك بها على ذقون هذه الشعوب

ان المسالة ليست بظهور الفريق سيسي كمنقذ لاغلبية الشعب المصري من ظلم (الاخوان المسلمين) ولكنها مسالة شعب واع ومبدأي وشجاع شعب لم يرضخ لارادة من اهانه على مر التاريخ شعب احترم وكرم قادته الذين اخلصوا له ولوطنهم وهل ننسى موقف الشعب المصري الذي خرج عن بكرة ابيه في تظاهرات عارمة جابت شوارع المدن المصرية مطالبة (جمال عبد الناصر) بعدم التنحي عن السلطة بالرغم من الخسارة المعنوية والعسكرية والمادية التي لحقت بهذا الشعب والتي تحمل مسؤوليتها جمال عبد الناصر امام شعبه ….؟
وهل ننسى كيف انتحر المشير عبد الحكيم عامر القائد العام للقوات المسلحة المصرية مقدما حياته قربانا لغسل عار الهزيمة التي لحقت بجيشه ؟
(بالرغم من التشويهات الاعلامية التي الحقت به فانه يبقى بطلا في اعين كل وطني غيور) ….
وهل ننسى كيف استشهد عبد المنعم رياض رئيس اركان الجيش المصري اثناء حرب الاستنزاف وهو في المواضع الامامية بصحبة جنوده .؟
والامثلة على اصالة هذا الشعب كثيرة وفي كل مجالات الحياة فتفوقه واضح في (العلم والادب والفن ) واكثر ما يميز هذا الشعب هو حبه العظيم لوطنه ويكفي ان تسمع عبارته التي يرددها دوما (مصر ام الدنيا)

فهكذا شعوب كفيلة بانجاب قادة عظام وان ظاهرة الفريق سيسي ليست بمعجزة غير متوقعة …. فان الفريق سيسي لا يختلف بشيء عن المواطن المصري البسيط الذي يردد (مصر ام الدنيا) ….
ان القائد مهما كان عظيما ومهما كان يتمتع بامكانيات قيادية من مبدئية وشجاعة واخلاص وتفاني منقطع النظير لن يتمكن من ان ينجز ما يرغب ان يقدمه لامته اذا لم يكن مسنودا من شعبه , والفريق السيسي وشعب مصر خير مثال على ذلك فلولا خروج اكثر من ثلاثون مليون مصري الى شوارع القاهرة وشوارع بقية المدن المصرية ليقولوا كلمتهم (للعالم) (لا للاخوان المسلمين) لما تمكن الفريق السيسي من تنفيذ اجراءآته لحماية شعبه من ظلم الاخوان المسلمين خاصة وان الغرب كله وعلى راسه اميركا وقفوا موقف المدافع عن الاخوان المسلمين ضد ارادة ورغبة غالبية الشعب المصري ولكن الفريق سيسي لم يأبه لهذا الموقف المخزي من الغرب وقال كلمته العظيمة (نحن لسنا بحاجة لمن يعلمنا كيف نحمي شعبنا) وبشجاعة القادة العظام المسنودين من شعوبهم الشجاعة الواعية رضخ الغرب لارادة الشعب المصري ….. هكذا تكون نتائج التلاحم بين القادة المخلصين وبين شعوبهم الواعية ….. وبالمقارنة بين ما نحن فيه كعراقيين وبين ما جرى في مصر علينا ان نطاطؤ رؤوسنا لاننا لا نستحق اكثر مما نحن فيه لان التعصب الديني والمذهبي والاثني قد اعمى بصائرنا اضافة الى التشبث بتلابيب الاجنبي وتقبيل اياديه ليساعدنا في تنفيذ اجندتنا المرسومة لنا اصلا في دوائر الدول الاخرى هذا اذا استثنينا اصحاب النفوذ المذهبي المسيس بجشعهم في سرقة المليارات من اموال الشعب مستغلين هذا الظرف الذي صنعوه بايديهم …. في العراق ذو الخمسة والعشرون مليون نسمة لابد من وجود العشرات ان لم يكن المئات من امثال الفريق السيسي ولكن من اين ناتي بشعب كشعب مصر يقف وقفة بطولية شجاعة ويلتف حول هذا القائد ويجبر من تبوؤا على سدة الحكم على الرضوخ لمصلحة الشعب ….

ان من ينتظر ان يصلح هؤلاء الحكام سلوكهم ويعملوا من اجل خدمة وطنهم وشعبهم فهو واهم لان الذي تعوَد على تقبيل ايادي الغرباء وتنفيذ اوامره ضد مصلحة وطنه وشعبه لا يمكنه من تغيير سلوكه وان من ينتظر ان يبدل الشعب توجهاته المتخلفة بتوجهات متمدنة واعية في الوقت الحالي يكون واهما لان الشحن الطائفي الذي نشاهده كل يوم من قبل قادة هذه الاجندات لا تبشر بخير قريب يصيب هذا الوطن الذي ابتلي بهذه الافكار المسمومة ان الامريكان والانكليز الذين غزوا وطننا بحجة تدمير اسلحة الدمار الشامل العراقية والتي ثبت زيفها ابدلوا حجتهم بكذبة اكبر الا وهي الاسطوانة المشروخة (تحقيق الديمقراطية في العراق) فترنح على انغامها المستفيدون منها مذهبيا واثنيا على حساب تدمير العراق كوطن وشعب موحد وهكذا بعد حكم ظالم دام اربعة عقود جاءنا حكم اكثر ظلما وقسوة وكنا نحن الاثنيات والمذاهب الصغيرة (المسيحيين والايزديين والصابئة) الوقود الاكثر فعالية في هذه المحرقة والذي كان سببها المباشر مصالح اميركا وبريطانيا ومدللتهما المعروفة (اسرائيل)
فتفكيك العراق وتحويله من دولة موحدة شعبا وارضا الى دويلات طائفية واثنية تصب في مصلحة اسرائيل بالتخلص من رقم مهم من الارقام الذي تعتبره معاديا لها ……
فلنترك بقية الاثنيات الصغيرة المتضررة مثلنا ولنناقش موقفنا نحن كمسيحيين عراقيين وما اصابنا من ديمقراطية الغرب فبعد ان كان عددنا يربوا على المليون نسمة اصبحنا في احسن الاحوال لا نصل الى الرقم ثلاثمائة الف وبعد ان كانت كنائسنا تمتليء ولا تسع للمصلين في بغداد والموصل والبصرة وكركوك اصبحت هذه الكنائس لا يرتادها في المناسبات المهمة سوى بعض كبار السن الذين لم يحالفهم الحظ في الهجرة واللحاق بابنائهم في المهجر الذي اصبح الغاية والهدف الامثل لمسيحيي العراق ….. ان هذه الحقيقة المرَ لست انا الوحيد الذي يعرفها فكل مسيحيي العراق لربما يعرفونها اكثر مني ولكنني اطرحها كمشكلة المشاكل لماساتنا التي نعيشها وبدلا من ان نلم شملنا كمسيحيين عراقيين تحيط بنا المخاطر من قبل كل من نعيش معهم (باستثناء من يعيشوا نفس ماساتنا من الصابئة واليزيديين) نرى انفسنا منقسمين بين مؤيد ومعارض لانتقال المطران مار باوي من كنيسة مشرقية الى كنيسة مشرقية اخرى وبتفاهم بين قيادة الكنيستين (حسب ما جاء في بيان البطريركية الكلدانية)

لا ادري ما الذي اصابهم الاخوان الذين يعيشون في المهجر ومن كافة الاطراف الذين حولوا قضية دينية كنسية يتم حلها بواسطة القيادات الدينية الى قضية صراع قومي ومذهبي …. ان من يقرأ ما يكتب من مقالات وردود في هذا المنبر من قبل الذين لا علاقة رسمية لهم بالهيكل الكنسي لاي من هاتين الكنيستين سيعتقد بان مستقبل المسيحية يتوقف على هذا الانتقال للمطران مار باوي …. نحن في العراق كمسيحيين لن يقدم او يؤخر شيئا على ماساتنا حتى لو انتقل كافة الاكليروس ولكافة الكنائس احدها للآخر لان المسيحية متاصلة في وجداننا وقلوبنا ولن تتاثر بمواقف القيادات الدينية وصراعاتهم مع بعضهم وان محاولة جر المسيحيين العراقيين الى هكذا صراعات لن يصيبها الا الفشل لان ما يشغلنا هو اكبر بكثير مما يجري في اروقة القيادات الكنسية وبالنسبة لنا ان كل الكنائس المسيحية هي بيوت الرب وان الرب لم يوكل احدا عنه كممثلا له دون غيره وانا شخصيا ايماني راسخ بانه لن تنفعني شهادة احد او شفاعة رجل الدين مهما كانت درجته الكهنوتية في يوم الحساب ولكن اعمالي هي وحدها التي تشفع لي ان كنت مؤمنا لان الرب يعرف حقيقة كل انسان افضل من اي انسان حتى ولو كان هذا الانسان يحتل اكبر الدرجات الكهنوتية ….
وفي العودة الى عنوان موضوعنا حول الحاجة الى امثال الفريق السيسي ولكي نقرب الموضوع الى اذهان القراء هل نحن كمسيحيين عراقيين بحاجة الى مثيل للفريق السيسي لكي يجمعنا ويوحد كلمتنا ويوقف هجرة ابنائنا ويحمينا من القتل والتهجير والتغيير الديمغرافي لمن تبقى منا ؟؟ وهل يمكن ان يظهر سيسي مسيحي من بين ابنائنا ؟؟؟ سؤال يحمل اجابات كثيرة ….

كما قلنا في بداية موضوعنا بان ظهور امثال السيسي يتطلب وجود شعب مؤمن بمسيحيته قبل ايمانه بالمذهب الذي ينتمي اليه عن طريق الوراثة فكلنا انتمينا الى مذاهبنا لاننا ولدنا وترعرعنا في بيئة مذهب ابائنا واجدادنا ولم نخير في قبول المذهب الذي اعتنقناه من عدمه الا القلة الذين غيروا اعتناقاتهم المذهبية لاسباب عديدة لا نريد الخوض فيها , فلو فكرنا بعمق وجدية وشفافية بمصلحة مسيحيتنا سنجد انفسنا بان منقذنا الوحيد هو وحدتنا المسيحية كافراد وليس ككنائس لانني لا ارى في الافق القريب اي امل بوحدة مؤسساتنا الكنسية وان كل ما يبدر من تصريحات وبيانات من القيادات الكنسية ما هي الا مجاملات روتينية لا تصل الى نتيجة وبامكانها ان تستمر لعشرات السنين دون هدف مرجو …
وهنالك سؤال يطرح نفسه والذي هو :
هل سيكون السيسي المنتظر للمسيحيين من بين رجال الدين ام من بين المسيحيين المؤمنين الذين لا يحملون درجة دينية ؟
فان فرضنا ان هذا السيسي سيكون من بين رجال الدين سنقع في مشكلة كبرى لانها ستثير مذهب هذا الكاهن نقاش وجدال له اول وليس له آخر واذا فرضنا ان هذا السيسي سيكون من عامة الناس, اي لا يحمل درجة كهنوتية فسوف ينتفض بعض المتمسيحين شاهرين سيوفهم دفاعا عن الكنيسة وصلاحياتها التي يجب ان لا يمسها احد لانها الوحيدة القادرة على ايصال شكوانا للرب …
فهل بهذه المفاهيم المتخلفة سنتمكن من ايصال سفينة المسيحيين العراقيين الى بر الامان ؟
متى ما قام شعبنا المسيحي والتزم بالمصلحة المسيحية تاركا المذهبية وراؤه آنذاك يمكننا القول اننا نسير في الطريق الصحيح واننا سنموت كمسيحيين مخلصين لديانتنا ولبعضنا او نعيش كمسيحيين مخلصين محبين لبعضنا محافظين على كرامتنا وعاداتنا وتقاليدنا …..

بولص يوسف ملك خوشابا

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الارشيف, المقالات واللقاءات. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.