بقلم غســان يونان
مــا هــــو الإلـتــزام؟
24 / 11 / 2013
http://nala4u.com
الإلـتزام هـي كلمـة عامـة تعـبـر عـن المـلازمـة لـلـشيء والـدوام علـيه، فـقـد يكـون إلـتزامـاً عـقـائـديـاً أو ديـنـيـاً أو سـياسـياً…. إلخ. لكـــــــن، المهم أن يكـون الملـتزم مـتـمســكـاً بمـا إلتـزم بــه أمـام الله أولاً وأمـام شــعبـه ثانـيـاً، لأن التخـلـي عـن ذلـك مــراراً وتكــراراً يجعـل صاحـبه منعـزلاً عـن محيطــه فـاقـداً الثـقـة بنـفـســه بالـدرجـة الأولـى وبمـحيطـه بـدون شـــــك. وهنـا تكـمن المشـكلـة لـدى هـؤلاء. إذ لا يـتـقبـلـون النصـائـح والانتـقـادات ولا يـريـدون أن يـروا فـي كـل مـا يسـمعـونـه إلا الجـوانب الســلبـية، وهــذا علـى مـر الـزمـن (الـوقـت) يـودي بهـم إلـى الهــلاك (بمعنى خسـارة أو ضياع كـل مـا كانـــوا قــد بنوه)!
فعـندمـا يكـون الفــرد ملتـزمـاً بمـبــدأٍ مـا، ثم ونـتـيـجــة فعـل لـم يعـجـبـه أو لـم يـر فيـه صوابـاً أو حـتى أحـقيـّةً فـي اتخـاذه، سـتكـون ردة فعـلــه الابتعــاد عـن التزامـاتـه الكبـرى افسـاحـاً فـي المجـال لنـفـسـه لدراســة الموضوع مليـاً وبنـفـس الـوقـت لـم يـترك الـتـزامـاتـه الرئـيـسـيـة حتى يبـرهـن صوابـيـة نظـرتـه أو اقـتـناعـه الكامـل بمـا جعـلـه بعيـداً عـن كـل مـا ســبـق. قــد يكـون هـذا الفـرد ملـتـزمـاً حقـاً ومـن الضـرورة التمـسـك بـه وعـدم خـسـارتـه.
أمـا عنـدمـا يكـون الفـرد ملـتـزمـاً بمـبـدأٍ مـا، وإمكـانـياتـه ضعيـفـة لا تسـمـح لـه القـيـام بأي فعـل وحيــداً، لكـنـه يحـاول إســتغـلال الفـرص بشــكلٍ إنـتـهـازي ليصـل إلـى تحـقـيـق طمـوحـاتـه الشــخصيـة وليـس طمـوحـات مـن إدّع النضـال باســمـهـم. قـــــد يصـل إلـى مبـتـغـاه ولكــن لفـترةٍ قـصيـرة! إذ ينـكـشــف أمـره ويكــون ســقـوطـه مـدويـاً. بمعنى، خســارة نـفـسـه وفـقـدان ثـقــة محيطـه بـــــه، وليــس لـديــه مــا يـخســــــره……
وعلـيـه، يتوجـب علـى الإنـســان المـلـتـزم، أن يقـول الحـقـيقـة حيـث يجـب أن تـقـال وأن يـتـمســك بالمـبادئ ولا يتـنازل عـنـهــا مهـما كانت الصعـاب وأن يكــون قـادراً علـى التـنـاغـم مـع الأوضـاع أو الحـالات الجـاريـة فـي محـيطـه.
فـالإنســان الملـتـزم، هــو الإنـســان القـادر عـلـى تجـمـيع أكـبر عــددٍ ممكـن مـن المـؤيـديــن لأفـكــاره ونهـجـه، ولـيــس العـكــس.
أمـا كـيـف يـحـصـل المـلـتـزم عـلـى مـؤيـديــن وأنـصار لــه؟ فـتـلـك مـســألـة نـابـعـة مـن الـوجــدان والضمـير الـلــذيـن يـتـحـلـى بـهـمـا الـملـتـزم. وذلــك يتـطـلـب طــاقـة وجـهـداً كـبـيـريــن بالإضافـة إلـى الـزمـن الــذي يـأتـي فـي الـكـثـير مــن الأحيــان ضـد تـطـبـيـق أو تحـقـيـق رؤيـة الكـثيـريـن. إنــه نضـالٌ دؤوب ودربٌ شــاق لا بـدّ مـن أن يعـتـمــده كـل مـلـتـزم إن أراد النـجــاح، وبــدون الصبـر والإيـمـان القـوي بـمـا يلـتـزم بــه، ومـن دون الـثـقــة المـتـبـادلــة بـيـنــه وبـيـن مـؤيـديــه وأنـصاره، ســـيـجـد نـفـســه مـجــدداً وحـيـداً، يـقـاتـل فـي جـبـهـةٍ أو معــركـة لـيـســت مـتـوازنــة وبـالتـالـي ســيـفـقــد تـوازنــه وســيـســقـط مـخـتـلاً هـزيـلاً.
أمـا الإنـتـهــازي (الوصولــي)، فـلــن يكـون قـادراً عـلـى الاطــلاق مـن اجـتـيـاز أيـة مـرحـلـة مـن مـراحـل حيـاتـه النضـاليـة، وســـيـرى نـفـســـه وحـيــداً فـي معــركـة زُجّ فيـها وهـو مجــردٌ مـن أي ســـلاح مـعـنـوي أو مـادي أو حـتى أخـلاقـي.
غســان يونان