بقلم اللواء بولص مالك خوشابا
علاقة السلطة الزمنية المارشمعونية بمذابح بدرخان بك / الجزء الاول
02 / 11 / 2013
http://nala4u.com
اعزائي القراء;
لم يكن من ضمن المسلسل التلريخي الذي دأبت على كتابته ادراج هذا الموضوع ولكنني وجدت انه من الضروري جدا كتابته لكي يطلع هذا الجيل على الحقائق الذي حاول ويحاول (مشوهي التاريخ ) الى تحريفها في الاتجاه الذي يصب في التاكيد على الصورة المحرفة التي ما فتات العائلة المارشمعونية من ترديدها سواء في الرسائل التي ارسلها المارشمعون الى السلطات العراقية او الى المحافل الدولية الا وهي تاريخ حصول العائلة المارشمعونية على (السلطة الزمنية ) والتي ادعى فيها مارشمعون بانه ورثها من اجداده منذ عهد القاجاريين والخانات المغول ووووو …
الحقيقة ان هذا الادعاء كغيره من الادعات لا علاقة له بالواقع فهو محض سيناريو من تاليف واخراج هذه العائلة وسوف تثبت الوقائع التي سادرجها مدى مصداقية هذا الادعاء …….
منذ حوالي ثلاثمائة سنة اخذ المبشرون الكاثوليك القادمون من روما وبترخيص من الباب العالي يؤمون الموصل ونواحيها بكثرة وبامكانيات مادية كبيرة مما ادى الى احداث تبدل في المذهب النسطوري السائد في منطقة الموصل / العمادية الى الكثلكة ….
الا ان احد ابناء قرية القوش من العائلة المارشمعونية (بيت ابونا) والذي هو دنخا الذي اقدم على قتل حنا ايشوع ابن اخيه اثناء الصلاة في الكنيسة انتقاما لرسامته بطريركا عوضا عن ابنه ايشو عياب وهرب مع عائلته الى اورميا ومن ثم نقل كرسيه الى قوجانس سنة 1621 م وبالرغم من انه كان ينوي ان يكون مقامه مع عائلته في منطقة العشائر الا ان امبر جولمرك الكردي الذي كان يحكم منطقة هكاري آنذاك منعه من السكن بين العشائر ألآثورية كي لا يؤثر على افكارهم اذ انهم لا يفهمون غير لغة السيف وباسم الامير لذا اسكنه قرية قوجانس بعيدا عن العشائر ألآثورية وحمل لقب المارشمعون دون منافس او معارض وكانت الاسرى المارشمعونية النازحة من القوش تضم ثلاثة اخوة هم بنيامين واسحاق وناثان وكانوا قد اتفقوا على تناوب المارشمعونية بينهم .
لكن بعد وفاة المارشمعون اوراهم رسم روئيل ابن بنيامين اخيه خلفا له خلافا للاتفاق سنة 1860 م والذي في عهده اخذ المبشرون الانكليز وبالاتفاق معه سرا يدرسون في المدارس النسطورية في اورميا ووان وبيباد في الدولة العثمانية الى سنة 1914 م ولم يفصح المارشمعون لاحد عن غايته من هذا الاتفاق الذي تم بين الكنيستين الانكليزية والاثورية بل بقي مضمون الاتفاق سرا غامضا الى يومنا هذا وكان (مستر براون) ممثل الكنيسة الكنتربرية (الانكليزية) قد جاء الى قوجانس وبنى لنفسه فيها بيتا بجوار دار المارشمعون روئيل وكانت سرمة خانم بنت اخ المارشمعون روئيل قد تتلمذت على يده مع العلم انه كان يساعد عائلة المارشمعون ماديا وعندما مات المستر براون سنة 1910 م ودفن في قوجانس بدا الخلاف بين الاخوة الثلاث واشتد بينهم النزاع حول حق المارشمعونية وتوزيع التركة المالية لمستر براون وارباح المارشمعونية المتاتية من العشائر والكنائس ألآثورية التي جلبت لهم الغنى والثراء .
وعند وفاة المارشمعون روئيل سنة 1903 م رسم بنيامين ابن شقيقه قبل وفاته الذي اغتاله سمكو في ايران سنة 1918 م خلفا له رغم صغر سنه وكان لكل من عائلة اسحاق وناثان اسقف منذور يتامل ان تؤول اليه المارشمعونية بعد وفاة المارشمعون روئيل الا ان آمالهم خابت لان عائلة بنيامين كانت تحضى بتاييد معظم الناس طالما كانت موائدها منصوبة لكل طارق سواء كان كرديا او آثوريا او موظف حكومي وكان نمرود (عميد اسرتي اسحاق وناثان واحد المطالبين بالمارشمعونية لعائلته) قد سافر الى الموصل ومعه الاسقفين ربما للاتصال بالكنيسة الكاثوليكية بغية الاتفاق معها على غرار اتفاق المارشمعون روئيل مع المستر براون والكنيسة الانكليزية .
ومنذ مجيء المارشمعونية الى منطقة هكاري سارت على نفس النهج الذي كان سبب الخلاف والانشقاق في الكنيسة الشرقية في القوش . تخلت عن قوانين الكنيسة خاصة فيما يتعلق برسم البطاركة وتعدى ذلك الى رسم المطارنة والاساقفة بالطريقة نفسها فجعلت انتقال هذه الرتب الدينية العليا (وراثية) بعد ان كانت تنتقل عن طريق الانتخاب فانحصرت في عوائل معينة فقط ولكن لبغية الحد من سلطتها في هذا الشان اشترطت العشائر عدم جواز رسم البطريرك الا بعد الحصول على موافقة جميع الملوك (جمع مالك) ورؤساء وكهنة العشائر ألآثورية وبقي هذا الشرط معمولا به الى سنة 1920 م حيث اهمله المطران مار يوسف خنانيشو عندما قام برسم ابن اخته ايشا داؤود البالغ من العمر 12 سنة فقط مارشمعونا بتاييد قلة ضئيلة من ألآثوريين وبحماية الانكليز …
كان المارشمعون يزور العشائر ألآثورية مرة كل ثلاث سنوات بترخيص من الاميرالكردي للتداول مع رجال الدين في امور تتعلق بادارة الكنيسة وتنظيمها وكان على كل فرد من ابناء هذه العشائر ان يتبرع له بمناسبة تلك الزيارة مبلغا قدره 50 بارة على اساس 17 بارة لكل سنة كمساعدة مالية له واستمر هذا التقليد حتى سنة 1842 م …
تدمير العشائر ألآثورية :
لقد تم تدمير العشائر ألآثورية ما عدا عشيرة جيلو التي دفعت فدية وعشيرة باز التي عفي عنها لان افرادها كانوا بنائي الاكراد على يد بدر خان بك امير بوطان ونوري بك امير هكاري وزينل بك امير البروار … اذ كانت الكنائس والاديرة ألآثورية في منطقة هكاري تملك اراضي زراعية وكان امير هكاري يستغلها لمصلحته حيث كان يؤجرها عن طريق المزايدة لمدة ثلاث سنوات لافراد العشائر ألآثورية لقاء مبلغ من المال وكمية من محاصيلها الزراعية من الرز والسمسم يدفعها له هؤلاء الافراد حتى سنة 1842 م حين شعرت العشائر ألآثورية بانه ليس من الحق والعدالة ان يتصرف الامير باملاك كنائسها واديرتها التي هي ملكها وهي الاولى بالتصرف بها لذا امتنعت كل من عشائر ديز وتياري العليا وتياري السفلى وتخوما من تسليم املاك كنائسها الى الامير الذي غضب جدا لذلك واعتبر الامر تمردا عليه وتحديا لسلطته ومكانته وعزم على معاقبتها والانتقام منها . وبما ان عدد رجال العشائر ألآثورية في امارة هكاري كان مقاربا لعدد رجال الاكراد فيها وقوة ألآثوريين القتالية افضل لذلك لم يتجرا امير هكاري (نوري بك) على التحرش بها اكنه استنجد بكل من امير البوطان بدرخان بك وزينل بك امير البروار لتدمير العشائر ألآثورية فصادف هذا الطلب رغبة في نفس الاميرين المذكورين للانتقام من العشائر ألآثورية التي اوقعت بهما خسائر كبيرة في معارك سابقة اضافة الى ان بدرخان بك كان يسعى لتوحيد الامارات الكردية تحت نفوذه وقيادته لذلك كان يطمح لازالة كل العراقيل عن طريقه فقبل العرض بسرور لقاء حصولهما ظاهريا على غنائم وقسم من املاك ألآثوريين
وعليه قام الامراء الثلاثة (المتحالفون) بجمع جيش جرار من اتباعهم قوامه عشرات ألآلاف من المقاتلين كما تذكر اغلب المصادر (كان لعامل الدين اثر كبير في تحشيدهم) وكان هذا الجيش احسن تسليحا واكثر تنظيما مقارنة بالمقاتلين ألآثوريين اضافة الى ان عددهم يفوق المقاتلين ألآثوريين بعدة اضعاف وكانت استراتيجية الامراء المتحالفين تقضي بتطويق كل العشائر المراد تدميرها في آن واحد من كل الجهات ومن ثم الانفراد بالهجوم عليها الواحدة تلو ألآخرى مع الاستعداد لتغيير الخطة وضرب اي عشيرة تتحرك لنجدة العشيرة المهاجمة لذلك اضطرت كل عشيرة آثورية لمقاتلة المهاجمين على انفراد وضمن جبهتها المواجهة للاكراد او البقاء في الاستعداد لمواجهة الهجوم الذي يتوقع حدوثه في اي لحظة .
لهذه الاسباب كان من المستحيل وضمن تلك الظروف اتحادهم او توحيد قواتهم او تبادل النجدات وتوجيهها لصد الهجوم في نقطة معينة من الجبهة لان ذلك سيكون على حساب اخلاء (افراغ) نقاط اخرى من جبهتهم التي يسهل حينئذ خرقها لذلك كان (حكم الاضطرار) ان تقاتل كل عشيرة بامكانياتها الذاتية وعلى ارضها دون ان تتمكن من التحرك لمساعدة شقيقتها المجاورة او ان تتوقع العون منها ….
الهجوم على عشيرة ديز :
بدا الهجوم الكردي على قرية قوجانس مقر الكرسي البطريركي التي تركها المار شمعون اوراهم والتجا مع عائلته واهل القرية الى جبال وقلاع عشيرة ديز القريبة دون قتال . استمر زحف القوات الكردية نحوعشيرة ديز واخذت تدمر وتحرق القرى ألآثورية وتقتل من فيها فتحصن الرجال المقاتلون الشجعان من هذه العشيرة في قلاعهم المنيعة وقاتلوا الاكراد المهاجمين قتالا مريرا وخاصة في قلعة ديز الشهيرة التي كان المارشمعون واخوته معتصمين فيها . الا انه بعد قتال شديد ودفاع مستميت اضطر المارشمعون للهروب ليلا متجها نحو الموصل لرفع الشكوى ضد الاكراد امام الوالي التركي . اما اخواه دنخا وبنيامين فبقيا مع بعض المقاتلين في القلعة يقاتلون ببسالة ليس لها نظير حتى نفذت ذخيرتهم وتعطلت مقاومتهم للمهاجمين الذين كانوا يتفوقون عليهم عددا وعدة فدخل الاكراد القلعة وقتلوا واسروا الكثير من ابناء هذه العشيرة الباسلة ومن ضمنهم القس صادق شقيق المارشمعون ووالدته وهكذا تم تدمير هذه العشيرة الصغيرة بعد ان قاتلت القوات الغازية المتفوقة عليها بعشرات المرات قتالا مريرا تضرب به الامثال .
الهجوم على عشيرة تياري العليا :
في شهر تموز سنة 1843 م بعد ان تم تدمير عشيرة ديز توجهت قوات بدرخان بك نحو عشيرة تياري العليا بغية تدميرها فطوقتها من جميع الجهات وكان مقاتلوا هذه العشيرة قد اخذوا لهم مواقع دفاعية في جبالها المنيعة لمواجهة هجمات القوات الكردية المتفوقة عليهم عددا وعدة فوقع قتال مرير بين الطرفين في تلك الجبال والوديان وسقط في ارض المعركة مئات القتلى من الجانبين . لم يكن لمقاتلي هذه العشيرة الباسلة اي امل في النجاة لذا استماتوا في القتال حتى انهارت مفامتهم بعد ان ادى كل مقاتل واجبه بشرف وامانة الى ان سقط شهيدا في ميدان القتال ودفاعا عن كرامته وارض اجداده وبقي مالك اسماعيل (مالك اسماعيل هذا ليس مالك اسماعيل والد مالك ياقو بل هو جده) رئيس العشيرة محاصرا مع ثلاثة من رجاله في احدى المواقع الحصينة وقاتل ببسالة حتى نفذت آخر اطلاقة له وجرح . وعليه اضطر للاستسلام على شرف بدر خان بك فاقتيد الى مقره في منطقة عينا كومتا (العين السوداء) الواقعة على حدود عشيرة تياري العليا مع عشيرة تياري السفلى حيث كان بدرخان بك مجتمعا برؤساء الاكراد .
احضر مالك اسماعيل امام المجتمعين وبعد جدال حام وموقف شجاع من مالك اسماعيل نهض بدرخان بك وشهر سيفه فضرب عنق مالك اسماعيل وقتله غدرا ضاربا عرض الحائط الاخلاق والقيم العشائرية السائدة …
لتكملة في الاجزاء الاخرى
المصادر :
الدكتوركراندالمبشر الامريكي الذي كان شاهدا على هذه المعارك
تاريخ ألآثوريين لمؤلفه بنيامين ارسانس
تاريخ آشور في زمن المسيحية لمؤلفه يوناثان بيت سليمان
بولص يوسف ملك خوشابا