إذا أتفق كل المسيحيين على التسمية الآشورية فماذا سيحدث؟

بقلم الاشوري سامي هاويل
“إذا أتفق كل المسيحيين على التسمية الآشورية فماذا سيحدث؟”

11/ 10 / 2013
http://nala4u.com

هذا السؤال أورده الأخ لوسيان في مداخلته على مقال الكاتب والناشط الأخ آشور كوركيس الواردة في الرابط أسفل هذا المقال، وقبل أن أُجيب على سؤال الأخ لوسيان، كان لابد لي من توضيح بعض الأمور المهمة المتعلقة به لتكمل الصورة بشكل أفضل. وقد أخترتُ سؤاله هذا ليكون عنوان مقالي لأهميته، وفي نفس الوقت يأتي هذا المقال جواباً عليه.

الأخ الكريم لوسيان المحترم
تحية طيبة

القيادات الكردية، وبفضل كثافة الشعب الكردي السكانية، وما يتمتعون به من قوة ودعم خارجي، يفرضون تسمية ( كردستان ) على تلك الأرض، التي بالحقيقة وكما تشير كل الدلائل التاريخية القديمة والحديثة بأن أسمها الشرعي والتاريخي هو “آشور”، سكانها كانوا غالبيتهم الساحقة من الاشوريين، اليوم قل عددهم بسبب المذابح التي طالتهم والسياسات العنصرية التي مورست بحقهم، وجميعنا على دراية تامة بأن القيادات الكردية لن يفوتوا أية فرصة تسنح لإعلان الأستقلال، هذا ما تُلوّح به شخصيات قيادية كردية بين فترة وأخرى في العديد من المناسبات (وهنا أود التأكيد على أننا لا نقف بالضد من تطلعات الشعب الكردي المشروعة، شريطة أن لا تكون على حساب الشعب الآشوري أرضاً وهوية).

يعتبر أحد المعوقات الرئيسية الذي يقف في طريق مشروعهم هذا هو “صاحب الأرض”، وصاحب الأرض الشرعي هو الشعب الآشوري، ولهذا عملت القيادات الكردية على إقصاء الآشورية كقضية، فبدأوا بالتدخل في شؤوننا الداخلية، وعملوا على غرار أسلافهم العروبيين على خلق صراع داخل الأمة الآشورية، وليست بخافية على أحد محاولات بعض مؤرخيهم وكُتابهم لتزوير التاريخ، وأستمرارهم في سياسة تكريد الأرض الاشورية بكافة الطرق المتاحة، فقد أفلحوا الى حد ما في تحقيق هدفهم من خلال تدخلاتهم داخل الشان القومي الآشوري وعلى مراحل، أذكر منها.

1- إثارة البعض من أبناء أمتنا التابعين للكنيسة الكلدانية لرفض الآشورية كهوية قومية، وما دعم القيادات الكردية للسيد عبدالأحد أفرام لتأسيس الحزب الديمقراطي الكلداني، وعملها على أحضاره الى مؤتمر المعارضة العراقية في لندن عام 2002 إلا دليلاً على ذلك، وتمهيداً لتفعيل صراع التسميات بشكل أوسع ليكون أمراً واقعاً يقف عائقاً في طريق النهضة القومية الآشورية ويجب إضاعة الوقت والفرص لغرض معالجته. ولم يكن هذا كافياً لإقصاء القضية الآشورية، فجائت الخطوة التالية أنسيابياً وهي

2- بعد أن أثبتت التنظيمات الآشورية فشلها الذريع في الأرتقاء الى مستوى التمثيل القومي الحقيقي، أتجهت بوصلتها الى الداخل لحل إشكالية التسميات، فأرتكبت إثرها خطأً تاريخياً قاتلاً أسقط عنها شرعيتها القومية منذ لحضة أرتكابهم لذلك الخطأ، عندما أشتركت جميعها في مؤتمر التسمية المشؤوم المنعقد في بغداد في تشرين الأول من عام 2003 والمهيأ له من قبل كل من الحركة الديمقراطية الآشورية والمنظمة الآشورية الديمقراطية (علما إن هذا المهرجان الكبير حضره ممثلين عن جميع كنائسنا وعدد كبير من مؤسساتنا القومية من داخل وخارج العراق)، ومن الجدير بالذكر، أنه مسبقاً كان هناك تنسيق بين قيادة الحركة الديمقراطية الآشورية وبين نيافة المطران مار سرهد جمو ومار أبراهيم أبراهيم ومجموعة من أبناء أمتنا من الكنيسة الكلدانية لإعلان التسمية المركبة حلا للأزمة بحجة الوحدة، وتم تكليف السيد كنا لإدراجها في الدستور العراقي ( راجعوا على موقع اليوتيوب تصريحات السيد نوري منصور رئيس المنبر الديمقراطي الكلداني/ أميركا في إحدى الفضائيات أثناء حواره المباشر مع سكرتير الحركة الديمقراطية الآشورية السيد يونادم كنا حول موضوع الوقف المسيحي، للأسف لم أتمكن من توفير الرابط )، وأي وحدة !! أنظروا اليوم أين يكمن الصراع ؟ ( إنه بين تلك الأطراف المتفقة مع بعضها حينها) بينما في الحقيقة كان الطرفين يبحثان عن مصالحهم المؤسساتية وليس مصالح هذه الأمة ( ولن أُعلق على ماذا كانت مصالح الطرفين في هذا المقال، ربما سافعل ذلك في مقال منفصل ) وبالتالي جاء كل هذا لمصلحة التيارات العنصرية الكردية بالدرجة الأولى، لأنه تم الخلط بين الهوية القومية لأمتنا وبين تسمياتنا الطائفية (سوف أوضح في الختام هذه النقطة) أما الآن فدعنا ننتقل الى الخطوة الثالثة.

3- في السنوات القليلة الماضية نشط أعضاء الأتحاد العالمي للكتاب والنشطاء الكلدان وبشكل ملحوظ، بداية في حملة منسقة ومن خلال الكثير من المقالات التي ركزوا فيها على أن أبناء سهل نينوى ليسوا آشوريين، بل إنهم من القومية الكلدانية، وهذا يعني أنهم ليسوا ألأصحاب الشرعيين لتلك الأرض ، لأن أرض الكلدان هي في بابل وليس في آشور، وبذلك يصبح حالهم حال الأكراد وبقية سكان المنطقة، أي الجميع غرباء عليها ، وهذا ينصب في خدمة المشروع الكردي بالدرجة الأولى كونهم الطرف الأقوى، هكذا عمل أتحاد الكتاب والأدباء الكلدان بكل ما يمتلكون من قوة ليثبتوا أنهم ليسوا الأصحاب الشرعيين لهذه الأرض، متحججين بالدفاع عن القومية الكلدانية ضد صهرها في القومية الآشورية!!! وغيرها الكثير من العبارات المثيرة للأنتباه كاللإلغاء والتهميش والإقصاء، وتمسكوا بهذه الشعارات التي تمنحهم مساحة واسعة بين أبناء الكنيسة الكلدانية لكي يمرروا هذا المشروع الذي يخدم مصالح من تسلطوا على شعبنا وأرضنا وكل شيء نملكه، ولكن! بقي هناك أمر آخر مهم يجب توجيه ضربة له!، ألا وهو إن هناك مجموعة أُخرى من أبناء هذه الأمة يُقرون ويعتزون بأنتمائهم الآشوري، غالبيتهم من منطقة هكاري الواقعة ضمن المثلث الآشوري المعروف تاريخياً، والواقعة ضمن الحدود التركية حالياً، هكذا وللفور أطلق الأتحاد العالمي للكُتاب والأُدباء الكلدان العنان لإقلامهم، وشحذوا كل هممهم، وبدأوا بحملة جديدة منسقة ضد إخوتهم بالدم، في بداية الأمر بدأوا ينشرون في وسائل الإعلام المقروءة بأن إخوتهم هؤلاء ليسوا عراقيين، بل غرباء وفدوا الى العراق، وهم مجموعة من المتطرفين، مثيري المشاكل، مجرمين، دمويين، ناكري الجميل، وقائمة الأتهامات والإهانات طالت لتصل في بعض الأحيان الى المساس بالكرامة، أما الآشوريون القدامى فقد أُبيدوا عن بكرة أبيهم بحسب الأكتشاف الفريد من نوعه لإعضاء الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان، وعندما وجدوا أنهم لم يفلحوا، بدأوا يدعون بأن هؤلاء كلدان القومية متنسطرين، تارة هراطقة، وتارة أًخرى عبدة (الصنم آشور)!!!، وأيضا هنا قائمة الأتهامات تطول، وأخيراً بدأنا نقرأ هذه الأيام للبعض من الذين تأتي مرتبتهم أذيالاً لهذا الأتحاد بأن هؤلاء النساطرة هم من بقايا الأسباط اليهودية المسبيين، هذه الحملة مستمرة الى يومنا هذا، والغاية منها هو المحاولة للإثبات بأنه لا يوجد اليوم آشوريون على وجه المعمورة، وهذا يعني محاولة تغييب المالك الشرعي لهذه الأرض، وبذلك يحق للأكراد أن يسموها (كردستان) لأنهم يشكلون الغالبية القصوى عليها، مع إعطاء الضمانات لحماية المسيحيين والطوائف الأُخرى تماشياً مع العولمة وحقوق الإنسان ليثبتوا للعالم ديمقراطيتهم وأهليتهم لإدارة أنفسهم.

يبقى المحزن، والمؤلم، والمثير للتساؤل في نفس الوقت، هو أن غالبية المنتمين الى هذا الأتحاد إن لم نقل جميعهم لم يكن لهم أي نشاط قومي كلداني من قبل، ولم يهتموا لهذا الأمر يوماً، إلا قبل عقد من السنين، وظهورهم على الساحة جاهزين متفقين بهذه السرعة يخرج عن مباديء القاعدة العامة لتشكيل هكذا تجمع، ولهذا يُعتبر مُثيراً للتساؤل وخاصة هم سائرون على هذا النهج، وبالأخص إن أولى أولوياتهم هو العمل الأعلامي المكثف المعادي للآشورية، يدعون أنهم قوميون كلدان، ولكنهم لا يملكون مشروعاً قومياً ولا مطاليباً قومية كلدانية لحد هذه اللحضة، أليس هذا غريباً جداً!!!.

لنعود الآن الى ما ذكرته في النقطة الثانية لأُعلق عليه كونه سيكون الإجابة على سؤالك.
لقد أنطلقت نهضتنا القومية في العصر الحديث حاملة الآشورية كهوية، في حين لم تشهد أحداث التاريخ الحديث أي نشاط قومي ملحوظ تحت مسميات أُخرى في هذه الأمة، ولهذا فللآشورية (بغض النظر عن أحقيتها التاريخية) رصيد وإرث كبير من الأستحقاقات القومية المشروعة، سواءً كانت المتعلقة بالأرض والوجود، أو المتعلقة بالمعاهدات الدولية المنعقدة في عشرينات القرن المنصرم، وهكذا نجد بأن المذابح التي طالت هذه الأمة حملت طابعاً آشورياً، وتشهد كافة الوثائق المتعلقة بها على هذه الحقيقة، ولذلك عندما أُثيرت مسألة التسميات، وكثرت الدعوات الى إعلان تسمياتنا الكنسية كتسميات قومية مستقلة، وبعد ما أعقبها من عملية تركيب التسميات التي أدت الى إسقاط شرعية الآشورية كهوية، نلتمس بوضوح كيف أختفت قضيتنا القومية بسرعة من الساحة السياسية، وحل محلها أنتمائنا المسيحي ( مع أعتزازنا بأنتمائنا له)، وبما أن الأنتماء المسيحي لا يلتزم الأنتماء القومي وليست له صلة بالحقوق القومية، لذلك سوف تنحصر حقوقنا في إطار المواطنة التي يتمتع بها حتى الغريب في الوطن، وهكذا سنكون قد خسرنا فرصة ثمينة أُخرى لإحقاق حقوقنا القومية المشروعة ضمن العراق الموحد، وهكذا أيضا سنكون قد أضعنا كل أستحقاقاتنا القومية، بما فيها كل التضحيات المقدمة من أجل الحفاظ على أرضنا ووجودنا وحقوقنا.

والآن دعني أُثير هذه الأسئلة:

1-ماذا كان سيحصل لو كُنا قد أجلنا الخلافات الطائفية لحين تحقيق ولو البعض من أهدافنا القومية تحت الأسم الآشوري؟
2-هل كان ذلك سيلغي حق من يعتز بالتسمية الكلدانية أو السريانية أو الآرامية أو أساساً هل عمل أحد على منع الآخرين من الأعتزاز بهذه التسميات؟
3-لو كان هذا قد حصل ألم يكن وضع شعبنا أحسن بكثير من ما هو عليه الآن ؟
4-أليست الحقوق التي يطالب بها الآشوريين من أرض ولغة وتاريخ وهوية هي نفس حقوق الكلدان ؟

وفي الختام أدعوا من يعلو صراخه مدويا بأن “الآشورية” تسمية أطلقها الأنكليز حديثاً على النساطرة، الى قراءة ترجمتي لفصل من كتاب “الآشوريون بعد نينوى” والتي تقع في ستة أجزاء منشورة في عدة مواقع من بينها موقع عينكاوة وعلى منبر(تاريخ شعبنا، التسميات ) لكي يرى بأم عينه كيف كانت سارية الآشورية بين أبناء هذه الأمة بمختلف طوائفها الكنسية ومناطقها الجغرافية منذ سقوط نينوى وبأستمرار الى يومنا هذا.


تنويه; موقع http://nala4u.com يتبنى التسمية الاشورية.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الارشيف, المقالات واللقاءات. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.