بقلم سامي هاويل
التسميات وتراث الاباء والاجداد / الأمبراطور البيزنطي الآشوري الأصل ليو الثالث
22/ 08 / 2013
http://nala4u.com
الى كل من يراوده الجنّ الأزرق ليلاّ وتتناوب في احلامه أباليس الفجر ليفيق صباحاً متوهماً بأن الآشوريون قد أُبيدوا عن بكرة أبيهم، أُهدي هذه الترجمة البسيطة.
الأمبراطور البيزنطي الآشوري الأصل ليو الثالث 717-741
ليو الثالث الآشوري توج أمبراطوراً للبيزنطينيين بين عاميّ 717م وحتى وفاته سنة 741م، وهو من وضع نهاية لفترة عدم الأستقرار، ودافع بنجاح عن الأمبراطورية ضد الأحتلال الأموي، كما أنه أنهى تبجيل الصور والرموز.
ليو، الذي أسمه الأصلي هو كانون، ولد في مدينة ماراش التركية، بحسب ما ذكره المؤرخ البيزنطي ثيوفانس، والذي قال بأن عائلة كانون أستوطنوا في تراقيا، حيث دخل في خدمة الأمبراطور جستنيان الثاني، عندما كان هذا الأخير يتقدم بأتجاه القسطنطينية على رأس جيش قوامه 15 ألف فارس من بلغاريا وذلك في سنة 705م.
بعد نصر بلوسمنك أُرسل ليو في مهمة دبلوماسية الى ألانيا ولازيكا لتشكيل حلف ضد الأمويين بقيادة الوليد الأول. وقد تم تعيين ليو قائداً للقوات في الأناضول من قبل الأمبراطور أناستاسيوس الثاني، فأنضم ليو الى زميله آرتاباسدوس، ومن ثم بدأوا بالتخطيط لإزاحة الأمبراطور ثيودوسيوس الثالث. وقد تزوج أرتاباسدوس من أنّة أبنة ليو حيث كان ذلك جزءً من الأتفاقية بينهم.
حصار القسطنطينية
دخل ليو الى القسطنطينية في الخامس والعشرين من شهر آذار- مارس عام 717م وأجبر ثيودوسيوس الثالث للتنازل ، وأصبح هو الأمبراطور تحت أسم ليو الثالث. الأمبراطور الجديد واجه مباشرة الحصار العربي الثاني على القسطنطينية والذي حدث في شهر آب من نفس السنة، العرب الأمويين المرسلين من قبل الخليفة سليمان بن عبد الملك، تحت إمرة شقيقه مُسيلمة بن عبد الملك. لقد أستغل العرب فترة الخلاف داخل الأمبراطورية البيزنطية، فتقدموا بقوة تعدادها 80 الى 120 ألف مقاتل يرافقهم أسطول ضخم في البسفور.
أناستاسيوس الثاني كان قد بدأ بالأستعدادات بحذر قبل ذلك بثلاثة أعوام، من جهة أُخرى فقد لعبت المقاومة العنيدة من قبل الأمبراطور ليو الثالث دوراً كبيرا في رد الغزاة. وثمة عامل آخر لعب دوراً بارزاً في هذا النصر للبيزنطينيين وهو أستخدامهم النار اليونانية، كما أن القوات العربية أصبحت فريسة للقوات البلغارية التي وصلت لإنقاذ البيزنطينيين. فقد كان ليو متحالفا مع البلغاريين، ولكن المؤرخ “ثيوفانوس المعترف” لم يؤكد فيما إذا كانوا يخدمون تحت إمرة تيرفال أم خليفته كرميسي البلغاري.
عدم تمكنهم من مقاومة الهجوم البلغاري وإخفاقهم في أختراق حصون القسطنطينية القوية، يُضاف إليها نفاذ إمدادات ومؤونة القوات العربية أضطروا الى فك الحصار في آب من عام 718م. ومن الجدير بالذكر فإن الخليفة سليمان قد توفي في العام الذي سبق فك الحصار، وخليفته عمر الثاني لم يحاول إقامة حصار جديد على القسطنطينية. وقد دام هذا الحصار قرابة سنة كاملة.
وهكذا بعد أن حافظ على الأمبراطورية من الأنقراض، شرع ليو لدعم وجهها الإداري والتي كانت تشوبها الفوضى في السنوات السابقة،ففي سنة 718م قمع تمردا في صقلية وأخر في سنة 719 لأتباع الأمبراطور المخلوع أناستاسيوس الثاني. لقد أمن ليو حدود الأمبراطورية من خلال دعوة المستوطنين السلافيين في المناطق المهجرة وأعاد الكفاءة للجيش. عندما جددت الخلافة الأموية غزواتها ما بين عامي 726 و739م، كجزء من حملات هشام بن عبد الملك، فقد وجه الأمبراطور ليو ضربة بشكل حاسم الى تلك القوات بالأخص في أكروينون سنة 740م. حيث كان قد أستكمل الجهود والترتيبات العسكرية بتحالفه مع الخزر والجيورجيين. وبعد أنتصاره ألتفت ليو الى الداخل وأجرى مجموعة من الأصلاحات المدنية، لعل أهمها كان نظام الضرائب الذي كان قد أصبح عبأً ثقيلاً على الأثرياء، وأهتم بعملية توفير السكن ، كما أنه أهتم بشكل خاص بالأُسر وأعادة بنائها. وطور القانون البحري والقانون الجنائي، لاسيما أستبدال عقوبة تشويه أو بتر الأعضاء الى عقوبة الأعدام في الكثير من الحالات، هذه الأجراءات تجسدت في مدونة جديدة تسمى أكلوكا ( الأختيار) وقد نُشرت في عام 726م. كما أنه أجتمع مع بعض المعارضة وكبار رجال الدين، وقام باجراء بعض التغيير على طراز هياكل البناء في منطقة بحر أيجه.
المروق ( تحطيم المعتقدات التقليدية)
لقد كانت عملية أجراء الأصلاحات التشريعية في المسائل الدينية من الأمور البارزة التي أهتم بها الأمبراطور ليو وعُرف بلقب ( كاسر الأيقونات أو الأصنام ) وعلى ما يبدو وبعد محاولة ناجحة ، فرض المعمودية على كافة اليهود والمونتنست ( المونتنست هي حركة مسيحية بدائية) في الأمبراطورية الرومانية فأصدر في سنة 722م سلسلة من المراسيم ضد عبادة الصور والتماثيل لإنهاء هذا العرف الخطير الذي كان قيد الأستخدام لقرون، وهذه كانت رغبة منه في تحسين الأخلاق العامة، فتلقى الدعم من الطبقة الأرستقراطية الرسمية والكثير من كبار رجال الدين، ولكن في نفس الوقت عارض هذه المراسيم قسم آخر من رجال الدين من علماء ورهبان بالإضافة الى رفض الشعب القاطن في الأجزاء الغربية من الأمبراطورية الأنصياع لهذه المراسيم. في سنة 727م تم سحق التمرد الذي أندلع في اليونان على أساس ديني من قبل الأسطول الأمبريالي وعلى أثر ذلك أستقال بطريرك القسطنطينية جرمانوس الأول بدلا من قبول المرسوم، فنصب ليو محله البطريرك أناستاسيوس السابع الذي وافق عن طيب خاطر على المرسوم الخاص بمسألة عبادة الصور والرموز، وهكذا قمع الأمبراطور ليو المعارضة العلنية في العاصمة.
في سنة 730-732م وفي شبه الجزيرة الأيطالية تحدى الباباوات غريغوري الثاني وغريغوري الثالث الأمبراطور نيابة عن مبجلي الصور والتماثيل، مما خلق صراعاً عنيفاً بين الطرفين، فأستُدعيت المجالس في روما وتقرر تحريم ولعن مبجلي الصور والتماثيل. وفي سنة 740م فصل الأمبراطور ليو رعية جنوب أيطاليا عن الباباوات والحقها ببطريرك القسطنطينية، ورافق هذا الصراع أستخدام القوة من قبل المعارضة في رافينا البيزنطية مما اضطر ليو أخيرا لإخضاعها عن طريق إرسال أسطول كبير ولكن الأسطول تعرض الى عاصفة مدمرة جاءت بالضد من مخططه وحالت دون أن يتحقق، وبذلك أصبحت جنوب أيطاليا خاضعة له وتحت سيطرته بينما بقيت رافينا البيزنطية على نفس طقوس عبادة الصور والتماثيل بشكل فعال وأنفصلت كلياً عن الأمبراطورية. في شهر حزيران من عام 741م توفي الأمبراطور ليو إثر إصابته بداء الأستسقاء.
سامي هاويل