بقلم آشور بيث شليمون
لماذا هذا التزوير لتاريخنا الآشوري يا نيافة المطران سرهد جمو؟!
07/11 / 2013
http://nala4u.com
من المؤسف قوله، أن هناك كثيرا من الكتاب وخصوصا من رجال الدين يحاولون عبثا تزوير تاريخنا وتعويضه بتاريخ آخر لا يمت الينا بصلة لا من قريب أو من بعيد.
ومن هؤلاء مع إحترامي الكبير نيافة المطران سرهد جمو حيث في مقال طويل نشر له عدة مرات وتحت عنوان ” الهوية الكلدانية في الوثائق التاريخية ” .
ومن الطريف أن نيافته يستشهد بالسواح الغربيين بغية التأكيد على وجود ” الكلدان” حيث هؤلاء السواح زاروا المنطقة في أواخر القرن الثالث عشر وما يليه، في وقت لم يبق بما يسمى بالكلدان وغيرهم في الجنوب نتيجة الغزو العربي الإسلامي وذلك في أوائل القرن السابع الميلادي وما بعده نتيجة الأسلمة والتعريب.
كما والتاريخ يشهد أن الكلدان كانوا إحدى الأقليات البشرية من سكان الجنوب حول الخليج العربي/ الفارسي ومنهم على سبيل المثال: الفرس،اليونان، العيلاميين، الآراميين، القطريين/ قطر، العرب وغيرهم كما جاء ذكره في كتاب :
Hagarism, The Making of the of the Islamic World- by Patricia Crone & Michael Cook- Cambridge University Press 1977 p 57
هذا ما يؤكده أيضا مدرس اللغات السامية في مصر ” أ. ولفنسون ” حيث قال بالحرف الواحد:
” والحق أن بابل كانت – كما يدل عليها لفظها العبري والعربي – خليطا من أمم مختلفة متبلبلة النزعات والميول.
بينما في بلاد آثور/ آشور الوضع يختلف تماما حيث يقول: ” لذلك استطاع الآشوريون الذين كانوا أمة واحدة وعنصرا واحدا أن يتدخلوا في شؤون بابل ويبسطوا نفوذهم عليها شيئا فشيئا “.
التاريخ يشهد عما يسمى بالفتوحات/ الغزوات العربية الإسلامية والتي تؤكد حول التغيير الديموغرافي الكبير الذي حصل لبلاد الرافدين وخصوصا في الجزء الجنوبي منه قبل القرن الحادي عشركما نوهنا به أعلاه، حيث غدا المجتمع برمته إسلاميا وعربي اللسان.
وفيما يلي ما جاء به نيافة المطران سرهد جمو وعلى ألسنة السواح أو رجال الدين الكاثوليك:
أولا، إن الرحالة ماركو بولو يشهد على ما تقوله تلك المصادر عند ذكره عن رواية التي فيها الخليفة العباسي (1225 ميلادية ) حاول إحراج المسيحيين باتخاذه مقولة السيد المسيح التي تقول: ” إذا فيكم إيمان بقدر حبة الخردل تستطيعوا أن تنقلوا الجبل من مكان الى آخر” الخ وما عليهم أن يبرهنوا على ذلك عمليا وإلا –
يرجى العودة لقراءة الخبر من كتاب ماركو بولو – وما حدث .
وإذا تصفحت كتابه:
The Travels of Marco Polo, Penguin books 1979 page 53
حيث يذكر أن هذه القصة وقعت أحداثها ما بين بغداد والموصل ما يؤكد أسلمة وتعريب الجنوب عن بكرة أبيه كما قلنا أعلاه:
The miracle which I will relate to you took place between
Baghdad and Mosul .
والتخبط يظهر على أشده عند نيافة المطران جمو ، حول وجود الكلدان على لسان
سائح آخر تحت اسم ” ريكاردو دي مونتي كروجي ” والذي كتب مذكراته سنة 1292 حيث يذكر بدوره عن وجود النساطرة وهم كلدانا كما يدعي ويصدقها نيافته بنفسه، في وقت الرحالة ماركو بولو الذي زار المنطقة في نفس الوقت لم يذكر عن الكلدان أطلاقا، بل كل ما قاله هو عن وجود النساطرة واليعاقبة!!
والطامة الكبرى أن هذا السائح تحدث عن الكرد والذين يصفهم بالكلدان، شيئا لم نسمعه من زائر آخر أو على ألسنة الآباء المسيحيين البتة، كي نصدق هذا الرحالة الغريب .
كما يستطرد نيافته عن وجود رحالة آخر ألا وهو جوفاني الراهب الدومنيكي الإيطالي ( 1404 ميلادية ) والذي يبعث الإستغراب أنه ذكر عن وجود ” بلاد كلدو ” وهي في الجنوب الشرقي من فارس، والتضارب والتخبط هنا يحدث عند قوله وهي نقطة في أقصى الشمال من مملكة الكلدان – التي تبدأ من مدينة تسمى ” مراغا ” وهي تمتد جنوبا حتى بحر المحيط ومدينتهم الرئيسية بغداد.
والمعروف في تلك الفترة لم يكن للكلدان أية مملكة! أما إذا كان هذا السائح مستشهدا بمملكة الكلدان القديمة من خلال الكتاب المقدس/ العهد القديم فمثل هذه المعلومات لا أرى فيها أية قيمة بذكرها على لسان سائح والتي هي مجرد مأخوذة من مصدر آخروهو الكتاب المقدس. ولكن على ما يبدو أن نيافته يريد بصورة او بأخرى – خلط الأوراق وخلط التاريخ – كي يبرهن على وجود الكلدان الشيء الذي ليس هناك من ينكره وخصوصا قبل الميلاد باكثر من 500 عام. ومن ثم لا ادري ما هو سبب حشك مدينة ” مراغا ” الكردية والتي تقع في أقصى الشمال، شرقي بحيرة أورمية – إيران في الموضوع؟!
على كل، من المعلوم للجميع أن الدولة الكلدانية أتت نهايتها وخصوصا بمساعدة الذين تحالفت معهم لإسقاط الأمبراطورية الآشورية ألا وهم الآراميون وذلك عام 538 قبل الميلاد ولم تقم لها قائمة منذ ذلك التاريخ. بينما صحيح أن الأمبراطورية الآشورية سقطت منذ 612 قبل الميلاد ولكن بقيت كدويلة تحت السيطرة الفارسية حينا والرومانية حينا آخر وللبرهان على ذلك هناك مصادر عدة عن وجود هذه الدويلة الآشورية واكبر دليل على ذلك من المصادر الرومانية نفسها – في عهد الأمبراطور الروماني تراجان/Trajan ( 117 ميلادية ) – والمصادر الرهاوية وعلى لسان ” أبجار اوكاما ” الذي كتب عدة رسائل منها الى الأمبراطور الروماني Tiberius وأخرى ل” نارساي ” ملك بلاد آثور/ Assyria التي جاءت في كتابات كاتب أرمني وهو MOSES of CHORENE .
وإضافة إلى ما تقدم أستشهد مما جاء في كتاب ” دفقات الطيب – مطبعة الراسي، زحله- لبنان 1961 ” من تأليف كلي الطوبى مار أغناطيوس يعقوب الثالث، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق عن هذه الدويلة الآشورية :
” كانت المملكة الفارسية في القرن الرابع الميلادي مقسمة إلى عدة إمارات أو ولايات على رأس كل منها عامل يقيمه ” ملك الملوك ” الفارسي ويسمى ( ملكا/ܡܠܟܐ ). وكانت (آثور/ ASSYRIA ) احدى هذه الولايات وقاعدتها نمرود” .
أما الشيء الذي يدعو الغرابة، أن نيافة المطران سرهد جمو يعتمد بالدرجة الأولى على هؤلاء السواح الغرباء والذين يستشهد غالبا بكتاباتهم في وقت ليس بإمكاننا التأكد بما يقولونه لأنه ليس بمتناولنا تلك المصادر والتي في الغالب مكتوبة باللغة اللاتينية ما عدا كتاب الرحالة ” ماركو بولو ” الذي لم يقل شيئا عن الكلدان البتة، بل وصف المسيحيين بتسمياتهم المذهبية كما قلنا أعلاه أي بالنساطرة واليعاقبة شيئا لا غضاضة فيه، حيث شعبنا كان مؤمنا بالمسيحية إلى درجة أن كل الفروقات العرقية قد ذوبتها المسيحية كي يتسموا جميعا ب ” السريان ” من أي نحل أو قوم .
والمؤسف قوله، لا ادري لماذا مطراننا( مار سرهد جمو )يدير ظهر المجن على الآباء المسيحيين وخصوصا في بلاد آشور الذين ذكروا عن ديمومة الشعب الآشوري في الشمال ما لا يجد القارىء ذكره عن الكلدان البتة !
أما ذكر الكلدان في كتاب الخودرا التي يقيمون الدنيا ولا يعقدوها المتكلدنون الجدد، ما هي إلا حادث ( في القرن الرابع الميلادي ) وقع فعلا في الجنوب – موطن الكلدان – ولا في الشمال موطن نيافة المطران وموطن الأمة الآشورية !
كما هناك شكوكا واضحة في مقال نيافته، فيما جاء به على لسان رئيس أساقفة السلطانية ” جوفاني الراهب ” الذي زار المنطقة في سنة 1404 ميلادية. ولكن الغريب أن هذا الراهب الدومينيكي يقول ما يلي: ” هناك شعب كثير من العرب والكلدان والسريان والنساطرة والأرمن والكاثوليك .. ” وهنا الإلتباس على أشده وهو وجود العرب، الكلدان، السريان، والأرمن، ولكن الضبابية حول ما يعنيه هذا الراهب ب ” النساطرة والكاثوليك ” شيئا لا يقبله المنطق السليم !
ومن الجدير ذكره، في وقت المطران سرهد جمو يستخلص في عدم وجود ذكر التسمية الآثورية أو الآشورية – وهو على قناعة بأن التسميتين هي واحدة – ولكن لجأ إلى هذا الأسلوب مع احترامي بغرض لتشويش القاريء البسيط حول وجود الشعب الآشوري كأن تشكك في تسمية الشعب العراقي بقولك الشعب العراكي( جيم مصرية ) أو الشعب العراقي.
ولكن نيافته يدحض نفسه من خلال المقال ذاته وهاك ما قاله حرفيا:
” إن التسمية الآثورية وردت كذلك لماما في غضون القرن السادس عشر الى جانب التسمية الكلدانية، ولكنها وردت على لسان أصحابها (؟ ) وردت دوما بمعنى الإشارة الى المنطقة الجغرافية التي انحسرت اليها المسيحية في بلاد النهرين عهدئذ ” انتهى الإقتباس
وهنا نسأل نيافته، إذا كان ذكر ” الأثورية ” معناه الجغرافي، إذا لماذا لا تكون ذكر ” الكلدانية ” من الناحية الجغرافية أيضا ؟! ومن ثم أليست الإشارة الجغرافية دليل على آثورية المنطقة سكانيا وجغرافيا مثلما الفرنسي ينسب الى فرنسا ( المنطقة الجغرافية ) ! كما أنك تؤكد على ورودها من خلال مقالك بالذات كما يظهر للعيان حيث قلت، ” وردت على لسان أصحابها! وفي هذه الحالة نقول من هم أصحابها؟ غير الشعب الآشوري بدون منازع .
والخلاصة، رغم أني أستطيع أن أكتب الكثير فيما يزيل كل الشكوك التي يثيرها البعض حول ديمومة واستمرارية الأمة الآشورية ولكن أكتفي بأن أسأل نيافته، هل قرأت يا نيافة المطران قصيدة العلامة ” كيوركيس وردا الأربيلي ” حول تقريظه لبطاركة كنيسة المشرق والتي تنوف على مائة بيت حيث يذكر فيها كثيرا من الشعوب وبالأخص شعبنا الآثوري في خمس أبيات منها والتي ليست من الناحية الجغرافية فحسب، بل ومن الناحية القومية أيضا – علما أنه لم يذكر الكلدان شعبا أو جغرافية- في وقت هذا العلامة عاش حتى مطلع القرن الثالث عشر( 1225 ميلادية ) قبل أن يحط المبشر البريطاني ويغرام المنطقة بأكثر من ستمائة سنة، والذي كل المتكلدنين الجدد يشيرون تسميتنا الآشورية إليه أي من قبل هذا المبشر اللعين كما يصفه أحد هؤلاء المتكلدنين وهو رجل دين حصيف بدوره!
أم أنك لا تعرف البتة عن هذا العلامة ، وفي هذه الحالة ستكون المصيبة أكثر بكثير، ولكن في حال لك علما به. وهل يا سيادة المطران مقالك هذا إذا يعبر عن الحقائق التاريخية التي ما أحوجنا معرفتنا بها ؟!
إن الإنطباع الوحيد الذي يستخلصه القاريء مع احترامي لك عند قراءة المقال هذا وهو أنك تطمس وجود الشعب الآشوري كما تزور التاريخ برمته وهي مأساة بحد ذاتها والتي لا تصدر من رجل عادي علماني بل من رجل دين للأسف !
وهنا أضع للقراء وفي اللغة السريانية كما جاءت على لسان قائلها عن وجود الأمة الآشورية شعبا ووطنا ألا وهو العلامة كيوركيس الأربيلي :
ܘܡܪܝ ܡܐܪܝ ܐܬܘܪܝܐ // ܡܢ ܛܘܗܡܐ ܚܠܐ ܟܘܢܝܐ.
ܘܥܒܕܝܫܘܥ ܐܬܘܪܝܐ // ܕܡܢ ܓܢܣܐ ܛܘܗܡܢܝܐ .
ܕܗܘܐ ܒܐܬܘܪ ܥܠܠܢܐ // ܘܐܬܩܬܠܩ ܐܝܟ ܩܢܘܢܐ.
ܒܐܬܘܪ ܡܒܥܬ ܝܘܠܦܢܐ // ܘܐܬܡܢܝ ܒܣܝܣܪܬܐ ܕܟܐܢܐ.
ܘܥܒܕܝܫܘܥ ܡܐܢܐ ܓܒܝܐ // ܕܡܢ ܐܬܘܪ ܟܪܟܐ ܦܐܝܐ.
وفي الختام، اولا المعذرة في عدم استخدام الحركات حيث هي معدومة عندي لسبب أجهله، ولكن لمن لهم إلمام باللغة بوسعهم قراءتها بكل سهولة.
ثم هذا العلامة، يشير بوضوح لا إلى المنطقة الجغرافية فحسب، بل يشير إلى الشعب الآشوري بنفسه بكل فخر واعتزاز، على سبيل المثال تجد ذلك في البيت الثاني ومن ثم يستخدم العبارة التي استخدمها كثيرا الآباء المسيحيين بوصف البلاد الآشورية ب ” مطلب العلوم ” وبقولهم ذلك طبعا يصفون الشعب وليس جغرافية المنطقة ، والتي جاءت في البيت الرابع من القصيدة.
تنويه: يرجى النقر على الرابط ادناه لقراءة مقال المطران سرهد جمو بالكامل :
http://www.baqofa.com/forum/forum_posts.asp?TID=42356&get=last#255179
وختاما، لقد صدر في هذه الأيام عن نيافته مقال آخر تحت عنوان ” قضية معاصرة – كفن تورينو ” ومما جاء في مقدمته :
” ان ما يجدوني الى الدخول في هذه الموضوع الشائك هو ثلاثة عوامل: الواحد علمي والاخر ايماني والثالث تاريخي. الاول هو ان كفن تورينو يمثل لغزاً حيّر العلماء المعاصرين بالرغم من كل ما توفره لهم التقنية الحديثة من وسائل لكشف اسرار المادة. والثاني هو: ان هذا الكفن قد يقدم دليلا حسيا اعجازيـا يعكس بدقة مجسمة حادثةَ تعذيبِ وموتِ، وربما قيامةِ المسيح الرب. والثالث: لانه قد يكون لهذا الكفن الاحجية علاقة بتاريخ كنيسـتنا الكلدانية حسب نظرية بعض المؤرخين المتتبعين للموضوع “.
وهنا يذكر نيافته: السبب في الدخول في الموضوع هو عوامل ثلاثة ومنها كما يقول – قد يكون لهذا الكفن الأحجية علاقة بتاريخ كنيستنا الكلدانية حسب نظرية ( بعض ) المؤرخين المتتبعين للموضوع !
بعد قراءة المقالة بالكامل نيافته لم يسلط الأضواء عن ماهية هذه العلاقة ولا عن هؤلاء ( بعض ) المؤرخين ، علما أنه لم يكن كنيسة كلدانية بالمرة في ذلك الوقت وحتى بشهادة المتكلدنين أنفسهم من أمثال المطران لويس ساكو وماذا عن تلك العلاقة – حيث هي موجودة – بالفعل مع الكنيسة التي كانت في بلاد آشور كما ذكرت الروايات أن الملك أبجر ملك الرها/ أديسا كتب عدة رسائل في أيام السيد المسيح ومنها الى الملك الاشوري ” نارساي ” والرسالتين الأخريين واحدة الى الأمبراطور الروماني طيباريوس والثانية إلى أرداشيس ملك الفرس كما ذكرنا أعلاه.
وختاما، نقول وحتى أنت يا نيافة المطران للأسف تلجأ في تحوير وتزوير تاريخنا الآشوري؟!
آشور بيث شليمون