بقلم آشور بيث شليمون
نبذة من المآخذ على مقالة الأب ألبير أبونا ، ” من نحن ؟ وما قوميتنا ؟ ”
07/05 / 2013
http://nala4u.com
تمهيد
إن صيحات كثيرا من مثقفينا وكتابنا ترتكز اليوم على أن لا نضيع وقتنا الثمين على التسمية واشكالياتها العديدة ، ولكن مع الأسف نقول أنها لب المعضلة برمتها وبدون الوصول الى الحقيقة عن ماهية قوميتنا في عقر دارنا، أرى لمن العبث في تضييع وقتنا الثمين في أمور أخرى والتي هي في الحقيقة أمور ثانوية بالمقارنة مع مصيرنا القومي الآشوري . لأن الآشورية هي العامل الأوحد الذي يعطي لنا زخما واندفاعا وشرعية أكثر من أي شيء آخر .
لذا أناشد شعبنا الكريم وخصوصا في شمالي العراق / بلاد آشور أن يضع حدا للصيحات النشاز والمعادية لقوميتنا الآشورية والتي هي أساسا من صنيعة أعداء الآشورية التقليديين من الصهاينة – أولا من أمثال الصهيوني أحمد سوسة وجان جوزيف وغيرهما كثيرون وثانيا من العروبيين والوهابيين .
والآن تعالوا معا للاطلاع على مداخلتي المتواضعة حول ما كتبه الأب الوقور ألبير ابونا في هذا الموضوع الهام جدا –
لقد قرأت باهتمام بالغ مقالة الأب الفاضل ألبير أبونا والمنشورة على الأنترنيت ( عنكاوة دوت كوم ) بتاريخ 8 تموز/ يوليو الجاري . و نحن إذ نحترم رأيه حول الموضوع ، ولكن نختلف معه أحيانا حيث هناك كثيرا من النقاط التي ذكرها رأينا من الضرورة أن نسلط الأضواء عليها لتظهر أكثر جلاء وبهاء لما أصابها من إحجام أو تعتيم مع احترامي الكبير من قبل كاتبنا وأبينا الورع.
مع إحترامي للأب أبونا يبدو أن معلوماته التاريخية قديمة ولم يضطلع على المكتشفات التاريخية الجديدة والتي غيرت وستغير كثيرا مما كان معروفا منذ خمسين عاما وأحد هذه المكتشفات هي حضارة ” إيبلا ” المدينة التاريخية في شمال سوريا وقرب مدينة حلب التي فتحت آفاقا جديدة عن دور هذا الشعب الذي تعود أصوله على الأغلب الى العموريين أو الكنعانيين الذين امتد حضورهم حتى وادي الرافدين على سبيل المثال حضارة ماري والملك التشريعي العظيم حمورابي في بابل والأكثر أهمية حتى أن أحد من أبرزهم ألا وهو الملك الآشوري شمشي أداد أحد بناة الحضارة الآشورية ، والعلاقة الحميمة بين مملكتي إيبلا و آشور التي يمكن أن يقال أنتجت أول معاهدة دفاعية في التاريخ بين هاتين المملكتين . ( 1 ) ثم ما قدمته مكتبة آشور بانيبال والبحوث تسير على قدم وساق لكشف أشياء لم تكن معروفة ومنها وفق كتاب صدر حديثا ل – باتريك هانت ( 2 ) Patrick Hunt,Ph.D عشر اكتشافات التي غيرت التاريخ وأحدها مكتبة أشور بانيبال حيث من المحتمل أن ” الجنائن المعلقة ” ( 3 ) لم تكن في بابل بل في المدينة العظيمة ” نينوى ” كما جاء ذكرها في التوراة هذا من جهة .
أما من جهة أخرى من المعروف أن الحركة القومية الآشورية ليست حديثة العهد، بل تعود إلى مطلع القرن الماضي بحيث كان روادها الأوائل من كافة المذاهب المسيحية المعروفة ، الكلدانية والسريانية والنسطورية على السواء . ونحن لم نسمع في طوال تلك الفترة الزمنية أي نشاط قومي من هؤلاء إخوتنا تحت التسمية الكلدانية أوالسريانية * الذين كما يبدو قد أصابتهم الحمى القومية حديثا وخصوصا بعد الاحتلال الأميركي في عام 2003 حيث أخذ نشاطهم يزداد يوما بعد يوم . المشكلة عندنا ليست لرفضهم القومية الآشورية وهم من سكان بلاد آشور ܡܬܐ ܕܐܫܘܪ Assyria شمالي العراق بالذات، ، فهم أحرار وليس هناك من يقيدهم أو يردعهم من فعل ذلك. بل والأنكى إذ أن بعضا وأقول مشددا ومؤكدا بعضا منهم اليوم حتى يعتبرون آشور والآشورية للأسف عدوا لدودا لهم إثر كتاباتهم التي تجدها غالبا مشحونة بالحقد والكراهية .
.
أما أولئك الأخرون من إخوتنا الأفاضل السريان/ الآراميين والكلدان في الأقطار المجاورة وعلى سبيل المثال سوريا فهم دون أدنى شك ، عروبيو العقيدة واللسان إلى هذه اللحظة ، وهذا ما جاءت به دراسة أميركية تحت عنوان Syria , A Country Study تحت إشراف وزارة الدفاع الأميركية حيث قالت بالحرف الواحد عن المسيحيين في ذلك البلد :
” … ما عدا الأرمن والآشوريين كل المسيحيين السوريين يعتبرون أنفسهم بكل فخر عربا …” ( 4 )
إن نظرة خاطفة على مقالة الأب ألبير أبونا يمكننا أن نستخلص ما يريد تحقيقه استنادا لما قاله حرفيا ” _ فأنا بكل صراحة ، وبعد دراسات وبحوث مستفيضة ، أميل الى
اختيار القومية الآرامية ” ، ومن خلال قراءتك لمضمون مقالته هذه حيث يعزو ذلك لسببين اثنين وهما :
( 1 ) نظرا لدور اللغة الآرامية الهام حيث قال حرفيا : ” بل حازت على قصبة
السبق على لغات المنطقة، وفرضت نفسها على مختلف الصعد …. وكانت لغتهم
الآرامية العامل الأكبر الذي يوحدهم … ”
( 2 ) كما يرى أن الآراميين قد لعبوا دورا مزدوجا ، مرة في اسقاط الدولة الآشورية سنة 612 ق. م. وفي المرة الأخرى انضموا الى الأخمينيين وقضوا على الدولة البابلية سنة 539 ق. م.
إجابات دامغة ورادعة _
شخصيا، أكن كل الاحترام والتبجيل لأبينا الفاضل وكلي أمل أن صدره الرحب سيتسع لملاحاظاتي المتواضعة رغم أني لست في مكانته الثقافية المرموقة كي أقول باختصار مقتبسا ما قاله اثنان من أبرز الأساتذة في اللغة السريانية وذلك من الجامعة اللبنانية ألا وهما كل من أستاذ الدراسات السريانية فولوس غبريال ورئيس قسم الفنون والآثار كميل أفرام البستاني ( 5 ) عن اللغة السريانية : ” اللغة السريانية لهجة من لهجات الآرامية التي تصعد أصولها الى البابلية ( الآشورية ) القديمة والأكادية … ” الآداب السريانية – أعلام السريان ، الجزء الأول 1969 صفحة 17 وهذا ما أكده الملفان أبروهوم كبريال صوما ( 6 ) في كتابه الموسوم ” كتاب ثقافة السريان ” والمطبوع في بوينس أيرس – الأرجنتين سنة 1967 وذلك على صفحة 173 . وهذا ما أدركته شخصيا من خلال دراساتي الشخصية حيث تدل دلالة واضحة ودامغة أن اللغة الآرامية قد انقرضت أسوة بشقيقاتها البابلية الآشورية ، الكنعانية ، العمورية / لغة ايبلا وحلت مكانها اللغة الجديدة المسماة ” السريانية ” والتي ليست إلا لغة جديدة تكونت إثر اتحاد كل اللهجات السامية في الهلال الخصيب نظرا لتقاربهما ، والعاملان الموحدان في هذه العملية كانا : الأبجدية الكنعانية الجديدة ولا – الآرامية – أولا ومن ثم الديانة المسيحية السمحاء ثانيا وهذا يحدث في كل اللغات العالمية حيث لغة الملك جايمسJames مثلا للكتاب المقدس الإنكليزية أو لغة شكسببير هي غير اللغة الانكليزية في يومنا هذا . كما أن لغة شوسر Chaucer الإنكليزية التي تعود الى القرن الرابع عشر ستبقى غير مفهومة اليوم .
وللتأكد مما نقوله أقتبس النص التالي من ” موسوعة الكتاب المقدس ” ( 6 ) التي فحواها ما يلي : ” لقرون طويلة ناقشوا العلماء أصول المركبات ( اللفظية ) السامية الشرقية في خطاب التوراة / الكتاب المقدس . البعض ظنوا أنها آرامية الأصل ، ولكن الآن شاهد قوي أن هذه العناصر الأجنبية ( كمثال نبوة حزقيال ) بأنها بابلية أو آشورية الأصل .
والجدير بالذكر أن الأستاذان ( غبريال والبستاني) قالا ايضا وفي نفس المصدر : ” غير أن تلك المنازعات ( بين السلوقيين والفرثيين ) قبل الميلاد لم تؤثر على اللغة الآرامية ، بل كانت لها حافزا لتنتشر بانتشار القبائل المتكلمة بها ، في أرجاء آسية الغربية ، فتؤمن وحدة الدولة الآشورية ( لا الوحدة الآرامية ) . وما أحراك أبونا الورع أن تكون داعيا قويا لهذه الوحدة مجددا بين مختلف الطوائف المسيحية في العراق وخاصة في أرض آشور الخالدة / مات آشور ونترك الوحدة القومية في سوريا أن تكون أرامية بدلا من أن تكون دمشق قلب العروبة النابض وأن يكون بطريرك الروم الآرثوذكس بطريرك الآراميين من أن يكون ” بطريرك العرب ! ” كما هو للأسف سار اليوم .
أما دور الآراميين الخبيث والخياني مع احترامي لك أبونا الجزيل وللآراميين فيما إذا وجدوا، ذلك بناء لأقوالك في تحالفحهم مع الأعداء في أسقاط المملكة البابلية سنة 539 ق. م. وأخرى باسقاط أعظم دولة أمبراطورية سنة 612 ق. م. في كل الهلال الخصيب بحيث كانوا – حسب ما قلته حرفيا – فإنهم شكلوا شوكة مزعجة في أعين الدول الكبيرة والدولة الآشورية احداها بالطبع ، التي وضعت الانسان الآشوري على القارة الأفريقية عملية لم يحققها أحدا من شعوب الهلال الخصيب من قبل ولا من بعد الآشوريين ( 8 ) . وهنا أخالف ذلك إذ لم يكونوا ( الشعب الآرامي ) أي شيء بل مجرد عائق شاذ في الحضارة الانسانية ليس إلا ! أليس من الضروري إذا نحن أبناء بيث نهرين أن نكرم شعبنا الآشوري على الأقل في بلاده ، آشور الحقيقية / Assyria ومن ثم كذلك تكريم شعبنا واخوتنا الكلدان – ناطقي العربية – في جنوبي العراق والآراميين في سوريا وبذلك سترضي الجميع وتبعث الراحة والطمأنينة في نفوسنا .
كما ليس خافيا على أحد دور الآشوريين في بيث نهرين / العراق طوال قرون عديدة بانجازاتهم ومشاريعهم في بلاد آشور خاصة التي أينما تنظر تجد أبنيتهم وقصورهم الشاهقة تخالها تتحدث إليك كي تعوضها بشعب آرامي لا يمت فينا بصلة وليس له الا سلسلة من الاخفاقات والمؤامرات حتى في توحيد كيانهم الآرامي المبعثر هنا وهناك كما ذكرت بنفسك في مقالتك والآن تطلب كي تكون هذه التسمية المجردة والوهمية
تسمية لشعبنا في بلاد آشور ؟! عذرا يا أبانا الجليل ، الشعب الآرامي كما يظهر من تاريخه الطويل ليس الا شعبا مخربا و مشاغبا وأداة عميلة للآخرين – وهذا ما اكدته بنفسك حتى في يومنا هذا ولا يستحق أبدا المكانة التي تقترحها في بلادي مع إحترامي الكبير لك وللأراميين أنفسهم !
إن كاتب ومؤرخ بريطاني له مؤلفات عديدة عن بيث نهرين وخصوصا عن شعبنا الآشوري البابلي ، وهو H.W.F.SAGGS في كتابه الموسوم ” كان آشور عملاقا The MIGHT that was ASSYRIA ” هذا ما قاله في مقدمة كتابه حرفيا :
” … من إحدى المؤثرات الرئيسية على مسرح التاريخ العالمي هي – الأمبراطورية الآشورية والتي شكلت الخلفية ضد تكريس أنبياء التوراة . إشعيا ، وهو يعتبرأحد من أعظم الأنبياء ، وجد أن الأمبراطورية الآشورية استخدمت لهدف الله عز وجل . ” ( 9 )
أما من ناحية أخرى نرى كاتبا ومؤرخا آخر ألا وهو Georges Roux في كتاب له الموسوم ” العراق القديم / Ancient Iraq ” الطبعة الجديدة باللغة الانكليزية 1992 حيث تجده على الصفحة 275 وهذا ما قاله أيضا بخصوص الآراميين :
” … الآراميون سواء تجارا، فلاحين، رعاة، جنودا أم قطاعي الطرق لم يكونوا سوى بدو غير مصقولين / مهذبين كما لم يساهموا شيئا في حضارة الشرق الأدنى . ” ( 10 )
وأخيرا وليس آخرا ، وحتى لو فرضنا هذه الوحدة على أسس اللغة ولتكن آرامية – في وقت كما أشرنا أعلاه أنها – سريانية – انه لمن دواعي الأسف اليوم من كل المذاهب والطوائف المذكورة أعلاه ، نرى الشعب النسطوري ، الشعب الوحيد الذي لم يتخل عن قوميته ولغته الى اليوم والتي لا يتحدث بها فقط ، بل هي المستخدمة في الخدمات الكنسية وزد على ذلك ترى أن النسبة حتى عالية جدا باتقانها واستخدامها لدى المذاهب الأخرى السريانية والكلدانية والذين يؤمنون بالقومية الآشورية العتيدة منهم مما لا تجده بين المتمسكين الأخرين بأهداب الارامية والكلدانية !
وختاما ، لا أدري أية وحدة تنشد – يا أبينا الفاضل ؟ من خلال اللغة الآرامية في وقت ليس لها ناطقون اليوم في طائفتك ولا في الطائفة السريانية حيث اللغة العربية مع الآسف.
الشديد هي اللغة البيتية والكنسية ، هذا ما أكده المغفور له أدي شير رئيس أساقفة سعرد الكلداني الآثوري منذ مائة سنة في كتابه الموسوم كلدو( بابل ) وآثور . ( 11 ) أما إذا كانت اللغة لوحدها عامل التوحيد لشعب ما وفق إقتراحك يا سيدي، فإن اللغة العربية لها قصبة السبق لكم مع إحترامي يا ” ناطقي العربية ” في هذا المضمار دون غيرها !
* دعاة الآرامية يحاولون عبثا ربط مفردة ” السريان ” بالآرامية ، ولكن في الحقيقة ليس ذلك صحيحا، إذ أصل الكلمة آشوري – من آشوري / آسوري / أسريان ،
رغم أن كل السريان ليسوا آشوريين إذ جمعت هذه التسمية الجغرافية كل الشعوب في الهلال الخصيب من آشوريين بابليين ، آراميين ، إبلويين / عموريين ، كنعانيين وفينيقيين وكلدان وخصوصا بعد قبولهم المسيحية ، والجدير بالذكر أن أحد أهداف الآشوريين القدامى كان وحدة الهلال الخصيب وخصوصا في عهد الملوك السارغونيين.
…………………………….
المراجع :
( 1 ) Giovanni Pettinato, The Archieves of Ebla , Doubleday &
Company, Inc. Gordon City, New York 1981 p 103-104
( 2 ) Patrick Hunt , Ph.D . Archaeologist, Stanford University 2007
( 3 ) Stehany Dalley, http://en.wikipedia.org/wiki/Hanging_Gardens_of_Babylon
( 4 ) Syria , A Country Study – Copyright 1988 United States Government , p 98-99
( 5 ) فولوس غبريال وكميل أفرام البستاني – الآداب السريانية ، أعلام السريان ، الجزء الأول –
العصور الأولى من منشورات الجامعة اللبنانية ، بيروت 1969 ص17
( 6 ) أبروهوم عبريال صوما ” كتاب عن ثقافة السريان ” باللغة السريانية ، الجزء الأول – المطبعة السريانية – بوينس أيريس ، الأرجنتين 1867 ص 172-173
( 7 ) The Bible Almanac , Thomas Nelson Publisher , Nashville 1980 p 342-343
( 8 ) دو لابورت ، بلاد ما بين النهرين ( حضارة بابل و آشور ) تعريب مارون عبود ، دار الروائع الجديدة بيروت 1971 ص 280-282
( 9 ) H.W.F. Saggs , The Might that was Assyria , Sidgwick & Jackson , London 1984
( 10 ) Georges Roux , Ancient Iraq , New Edition 1992 , Penguin
Books p 275 and this is the exact text: “Whether merchants, peasants, shepherds, soldiers or bandits, the Aramaeans were originally UNCOUTH Bedouins and contributed NOTHING to the civilization of the Near East. “
( 11 ) أدي شير – تاريخ كلدو وآثور – المطبعة الكاثوليكية في بيروت 1912 المقدمة
آشور بيث شليمون