الأمثال في توصيف الأحوال (2)

بقلم جورجينا بهنام
الأمثال في توصيف الأحوال (2)

14 /04 / 2013
http://nala4u.com

  • تواصل جمعيات حقوق الإنسان والمنظمات الدولية أداء دورها السامي حول العالم، وتسجيل التعديات التي يعاني منها بنو البشر هنا وهناك ما بين القتل والتعذيب والاضطهاد والتمييز العنصري والديني و الاثني فضلا عن الرق والعبودية وسواها من المعانيات، وتسجل المنظمات الإنسانية كل تلك التجاوزات وتضع أمام المجتمع الدولي سجلات الدول المختلفة في مجال حقوق الإنسان وتصنفها ما بين دولة تراعي تلك الحقوق وأخرى تغمطها، رغم التقدير العالي لدور منظمات حقوق الإنسان في لفت الأنظار وتوجيه الاهتمام نحو معاناة البشرية المعذبة في أرجاء الأرض، إلا أن الدول والأنظمة التي تتجرأ على انتهاك حقوق الإنسان لن تستحي من إعلان ذلك على الملأ، فالمثل يقول: (إن لم تستح فافعل ما شئت)، إذ لا رادع يمنعها، وتبقى الشعوب المسكينة التي تكابد الأمرين تردد في نفسها المثل الشعبي الذي يقول:
    (الـّي يعد العصي مو مثل الي ياكلها)
  • لا يختلف اثنان على أن ما ارتكبه القذافي وسواه من الحكام الدكتاتوريين بحق شعوبهم، وأحيانا بحق شعوب أخرى شقيقة أو صديقة، كان بكل المعايير الإنسانية جريمة بل مجموعة جرائم ضد الإنسانية لا يمكن أن يتغاضى عنها دين أو قانون أو أخلاق، لكن ذات الدين والقانون و الأخلاق لا يقبلون جميعا أن يتعرض إنسان مهما كان مجرما أو دكتاتورا وحتى سفاحا، لمثل ما تعرض له القذافي على أيدي الثوار الليبيين وما نقلته الينا وسائل الإعلام من صور بشعة لا بل مقززة، للانتهاكات التي مورست ضد عميد الحكام العرب وملك ملوك إفريقيا وإمام المسلمين، كما كان يحلو له أن يطلق على نفسه، مابين ضرب وإذلال وصل حد الاعتداء الجنسي كما أظهرت مشاهد الفيديو المسجلة بهواتف الثوار النقالة والتي غزت مواقع الانترنت، كأن تصوير الحدث كان جزءا من العملية الثورية، ثم تناولته كثير من وسائل الإعلام التي أكدت انه تعرض لاعتداء مهين فضلاً عن عرضه عاريا بعد موته أمام الزوار، كلها أمور معيبة صدرت عن الثوار وسلطت وسائل الإعلام الضوء عليها. ولكن هل كان من العدل في شيء أن يسام القذافي وقد جاوز عقده السابع بسنوات كل هذا العذاب والإذلال على أيدي الثوار الشباب؟ وهل من الأخلاق في شيء أن تعامل عدوك بنفس الطريقة التي سبق وكنت معارضا كبيرا ضدها وناضلت سنوات لتسقط حكمها؟ لتتحول أنت بنفسك إلى دكتاتور صغير مرشح لينمو ويكبر ويصبح مشروع دكتاتور اكبر واكبر.
    فهل كل من امسك زمام السلطة في يده تحول قطعا إلى دكتاتور؟ ناسيا الظلم الذي قاسى والكبت الذي حارب والشعارات التي رفع والعدالة التي نشد، ونسي انه:
    (ما صارلو بالقصر الا من امبارح العصر)
    كثير من الدول اليوم تشهد انتهاكات تفوق بأشواط انتهاكات الأنظمة التي أسقطتها ثورات ما اصطلح عليه (بالربيع العربي)، ففي تونس على سبيل المثال، أفادت نتائج استطلاع رأي قام بإجرائه “معهد سيغما كونسي” ونشرته صحيفة المغرب التونسية أن (42 %) من التونسيين يعتقدون أن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والأمنية في تونس كانت أفضل في عهد الرئيس السابق بن علي مما هي عليه الآن. وكذا السودان الذي رغم انشطاره إلى جزئين لم تهدأ فيه الأحوال وما زال وضعه في مهب الريح، واليمن يراوح في مكانه وشبابه يتساءلون لماذا نجحت الثورات هناك ووئدت لدينا او جيّرت لحساب آخرين؟ و السلطة الجديدة رغم تعديلاتها الأخيرة ليست بأفضل من سابقتها. وصولا إلى مصر التي وإن كانت شهدت ثورة معلوماتية موازية لثورة الشباب فيها، إذ تشير الإحصائيات إلى ازدياد عدد مستخدمي الانترنت بـ(1.9)مليون شخص بعد الثورة، لكن كل المؤشرات الأخرى تبدو مرعبة، فالفقراء ازدادوا فقرا والحريات باتت في أضيق نطاق وما قضية باسم يوسف الإعلامي الساخر التي أعادت إلى الواجهة المأساة التي تحياها حرية الرأي في مصر الا نموذج بسيط، صحيفة (ذا أوركال الأمريكية) علقت على ذلك بأن عملية إلقاء القبض عليه هي حيلة من الحكومة المصرية لإسكات الأصوات المعارضة لـ (مرسي) وحكومته التي ترى الصحيفة أنها يجب أن تتذكر أنها في السلطة فقط لأن المصريين اجتمعوا واسقطوا النظام الظالم السابق. والمثل يقول:
    (لو دامت لغيرك لما وصلت اليك)
    وأوضحت الصحيفة أن ما حدث هو هجوم واضح على الحقوق التي تعهد (مرسي) في مراحله الرئاسية الأولى أنه لن يخترقها، وكأن (كلام الليل مدهون بزبدة يطلع عليه النهار يسيح)، وأن ما حدث لـ (يوسف) يظهر أن منطقة الشرق الأوسط مازالت بعيدة عن منح شعبها الحرية الكاملة من الاضطهاد الحكومي. ولأسباب مجهولة أعلنت الحكومة تاليا أنها سحبت كل بلاغاتها ضد الصحفيين والإعلاميين.

وهكذا يبدو أن كل من جلس على الكرسي نسي انه من الشعب ونسي انه سـُجن وعذِّب واُذل، وراح يمارس بدم بارد ذات السياسات التي كان (يدعي) انه يناضل ضدها. ألا ينطبق على حالهم المثل الشعبي الموصلي يقول ما معناه:
( قالوا للحماة: يا حمى … اما كنتِ كنة؟… قالت: كنت ونسيت!).
أم أن لسان الشعوب دائما يقول:
(كلمن حكم بينا ظلم)
وربما ذلك المثل الآخر:
(لاحاكم ولا حكيم ..إلا وجه الكريم)

  • صارت الكهرباء او كما يطلق عليها البعض (ام المشاكل) كذلك بالفعل، وبات أمر عودتها إلى الوضع الطبيعي الذي تعيشه كل دول العالم المتقدم ونصف المتقدم، حلما يراود كثيرا من العراقيين، ولان الصيف الحار بات على الأبواب وما نسي العراقيون ما قاسوه من حره الشديد في الأعوام الماضية، وبعد أن (تقلـّوا وتشوّوا) على ناره الهادئة، جاءتهم قبل عام ونيف، تصريحات واحد من ارفع المسؤولين في الدولة في مجال الطاقة والكهرباء فأثلجت صدورهم، الذي أكد للمواطنين بأن الصيف القادم سيكون أكثر راحة للشعب العراقي وانه سيشهد تحسنا ملحوظا في ساعات التغذية الكهربائية، لا بل زاد على ذلك بأن العراق سيصدر تلك الطاقة إلى دول الجوار، بعد إنجاز المحطات العملاقة التي عاد المسؤول وأكد قبل أيام أننا سنشهد افتتاح واحدة منها كل شهرين أو ثلاثة في أسوأ تقدير لنصل في نهاية العام إلى تيار كهربائي متواصل دون انقطاع سوى في رزق أصحاب المولدات الأهلية التي قال مسؤول آخر أن نهاية العام الحالي ستكون نهاية الاعتماد عليها.
    بعد أن تمثل العراقيون طويلاً الحكمة التي تقول: (الصبر مفتاح الفرج) خلال سنوات من الأزمة وسنوات من البحث عن حل، لم تظهر أثناءها لهذه الأزمة أية حلول معقولة رغم المليارات التي صُرفت لإنشاء محطات توليد كهرباء عملاقة، والمليارات الأخرى التي صرفت لاستيراد مولدات صغيرة لكل منزل عراقي، لا يجوز أن يقال على تصريحات مسؤول رفيع:
    ( خليك ورا الكذاب لحد الباب)
    لكن يمكن أن يصلح المثل الذي نسمعه من إخواننا المصريين الذي يقول:
    (اسمع كلامك اصدقك أشوف أمورك استعجب!)

جورجينا بهنام
14/04/2013

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الارشيف, المقالات واللقاءات, ثقافة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.