بقلم جورجينا بهنام
قراءة في كتاب: احلام هميانة في الطقوس المندائية
12 /08 / 2012
http://nala4u.com
قد لا نجاوز الحقيقة إن قلنا ان هذا الكتاب، او الكتيب، الذي تصدت لاعداده المخرجة المندائية (كما تعرف نفسها على الغلاف)، احلام سعيد، إن قلنا عنه انه كتاب العائلة بإمتياز!.
يضم الكتيب بين دفتيه معلومات تعريفية عن الاخوة الصابئة المندائيين، وهو موضوع جد شيق وجدير بكثير من الاهتمام والمتبعة الرصينة، فالمتوفر من معلومات عن هذه الطائفة الدينية ومعتقداتها وكتبها المقدسة وطقوسها الاحتفالية وأعيادها وتراتب رجال الدين لديها الى آخر قائمة المعلومات، هو نزر يسير لا يتوافق وتاريخها الموغل في القدم وهي التي حاملة لواء واحدة من اقدم الديانات التوحيدية في الشرق الأوسط.
العنوان
تؤكد المؤلفة انه ليس ثمة علاقة، من قريب او بعيد، بين اسمها (أحلام) والعنوان المختار (أحلام هميانة في الطقوس المندائية)، ولكن تجدر الإشارة الى أن للمؤلفة برنامجا على قناة عشتار الفضائية يتناول نشاطات وفعاليات الاخوة الصابئة يحمل عنوان (هميانة) والهميانة جزء من لباس رجل الدين المندائي الا وهو الحزام، فهل تكون ترجمة العنوان (أحلام الحزام في الطقوس المندائية)؟!
المقدمة
جاءت المقدمة غريبة بعض الشيء، وربما مختلفة ومميزة عما هو مألوف في الكتب والمعتاد في مقدماتها، فقد جاء الاستهلال كالتالي:”اروم ان ادون في مقدمة هذا الكتاب موضوع(المخرجة احلام) الذي كتبته صحفية عراقية ونشرته في صحيفة الأهالي”.
ويبدو أن موضوع (المخرجة)جد مهم، فقد تكر على الغلاف و مواضع أخرى، فقد جاء في المقدمة:”أحلام اول إمرأة مخرجة من الطائفة المندائية (الصابئة) وقد خدمت الطائفة في تغطية أعيادهم ومناسباتهم وإبراز خصوصية الطائفة المندائية دينيا وثقافيا واجتماعيا كجزء من نسيج المجتمع العراقي”. وتتوالى على اربع صفحات تفاصيل اللقاء الذي قدم الكثير من المعلومات عن (المخرجة احلام)، لكنه لم يخل من الاخطاء الطباعية مع شيء من اخرى نحوية وقليل من الاملائية، فعلى سبيل المثال وردت العبارة التالية:”وزوجي يتفهم عملي، وكان متعاون وداعم لي، فأثمر زواجنا الذي يملئه التواقف والانسجام، عن بنتين اسمناهما، إتفاق وإنسجام”. وهي حافلة بالاخطاء(داعم ومتعاون: والصحيح داعما ومتعاونا لانه خبر كان، يلئه: والصحيح يملؤه، التواقف: والصحيح التوافق وهو عكس المعنى المراد كليا،اسمناهما : والصحيح اسميناهما). وذيّل اللقاء بتوقيع “صحفية عراقية” فمن هي هذه الصحفية العراقية؟ وهل هي مجهولة الهوية والنسب؟ وام انها تستحي من ذكر اسمها حتى ولو كان مستعارا؟ ام ان هناك اسبابا اخرى لعدم ذكره لانعلمها؟
وإستكمالا لتعريفنا بالمؤلفة، وليس طائفتها، هناك عدد من الصفحات في نهاية الكتاب عن السيرة الذاتية لها، وحفلت هي الاخرى بالاخطاء الطباعية واللغوية والاملائية، ومما يثير الانتباه فيه في فقرة الهوايات: متابعة البرامج باسلوب حديث، وماهو الفرق بين متابعة البرامج باسلوب حديث وآخر متخلف؟
مواضيع وعناوين
جاء محتوى الكتاب تحت العديد من العناوين الفرعية، التي حاولت أن تجيب على أسئلة من يريد أن يعرف المزيد عن هذه الطائفة، فهل وفقت في هذه المهمة؟ نترك الاجابة عن هذا السؤال للقراء. لكن المؤلفة حاولت ان تقدم للقارئ وبشيء من الاقتضاب والاختصار والتكثيف، بما يتلاءم ومتطلبات عصر السرعة الذي نحياه، ما امكنها اختزاله عن مواعظ للمندائيين وشذرات من تعاليم النبي يحيى(عليه السلام)، فيها الكثير من اوجه التشابه مع اسفار الحكمة التوراتية، وهي حكم عظيمة لكل إنسان وليس للمندائي وحسب، حرية بالمتابعة والاتباع.
وفي معرض اجابتها على السؤال:من نحن؟ ورد”نحن الصابئة المندائيون حاملي غرس التوحيد الاول، ابناء وادي الرافدين الاوائل، يمتد تاريخنا الى آلاف السنين، وقد اثرنا وتأثرنا بالحضارات التي مرت على ارض العراق” وفي موضع آخر نرى ان كلمة” الصابئة المندائيين مشتقة من الفعل الآرامي المندائي (صبا) ويعني اصطبغ اي تعمد او ارتمس في الماء الجاري، اما كلمة المندائيين فهي مشتقة من كلمة (مندا) وتعني في المندائية المعرفة او العلم وبذلك يكون معنى الصابئة المندائيون (المتعمدين العافين بدين الحق)”.
كما نتعرف على اركان الديانة المندائية التي تكاد تطابق أركان الإسلام وهي:
1-التوحيد. 2-التعميد 3-الصلاة 4-الالصيام 5-الصدقة.
فلا حج لديهم ولكن هناك التعميد، وتسترسل المؤلفة في ايضاح كل ركن من هذه الأركان كما ورد عنه في كتابهم المقدس (كنزا ربا)، فنلاحظ نقاط تشابه اخرى بين ماهو موجود في الديانة المندائية والديانات الاخرى، كفرض الوضوء قبل الصلاة الذي يسمونه (الرشامة)، ومبطلات الوضوء وتحديد اوقات للصلاة في الفجر والظهر والمغرب. اما فيما يخص الصدقة فتعاليمها تكاد تطابق ما ورد عنها في الإنجيل، وغير ذلك كثير كالايمان بالحياة بعد الموت، والايمان بوجود (المطهر)(وهو مكان الحساب والتنقية من الخطايا حسب المعتقد الكاثوليكي)، كما يحرمون اكل اللحوم في الصوم ويقدسون يوم الاحد،هذا فضلا عن اعتبارهم التعميد شريعة دينية أساسية. ولكن لهم ايضا(قبلة) إذ يتوجهون نحو الشمال لإيمانهم بأن “عرش الله او الجنة هي في شمال الكون الذي تعرج اليه النفوس في النهاية لتنعم بالخلود إلى جوار ربها”. مع التأكيد على أنها أول ديانة عرفت توحيد الخالق. ومع كل نقاط التشابه هذه فإن المندائية تحرم الختان وتراه تشويها للخلقة الكاملة التي منحها الله للإنسان.
وفيما يخص اللهجة المندائية فهي احدى لهجات اللغة الآرامية المتفرعة من عائلة اللغات السامية وهي اللغات التي احتلت مكانتها قديما في بلاد ما بين النهرين وسوريا وفلسطين وشبه الجزيرة العربية، والتشابه واضح بين مفرداتها، التي مازالت تستعمل في الطقوس الدينية،وفردات اللهجات السريانية التي مازالت متداولة الى يومن هذا.
من الملاحظ
• الماء عنصر اساس في الطقوس الدينية المندائية، وعلاقتهم بالنخيل علاقة صميمية.
• من غير الواضح من الذي اجاب على مجموعة الاسئلة التي وردت في نهاية الكتاب، وماهي المصادر المعتمدة وعلى اي اساس يرتكز فهل هو احد رجال الدين المندائيين ام ان المؤلفة قد اجابت عليها وفقا لمعلوماتها الشخصية واجتهادها اوبالعودة للمصادر الموثوقة؟
• وردت العديد من العبارات غير المفهومة بالنظر لصياغتها الضعيفة، وعلى سبيل المثال ورد التالي في معرض الاجابة عن سؤال:”هل خلقت حواء من ضلع آدم؟”، والجواب”حسب هذا المفهوم، تصبح حواء ثانوية في العنصر الانثوي ليس طارءا على الخليقة، عملية الخلق، وهذا ما ترفضه المندائية” والمقصود غير واضح، كما ان بعض المصطلحات كانت بحاجة لمزيد من التوضيح لإزالة اللبس وإعطاء المزيد من الفائدة.
• لو اردنا ايراد كل الاخطاء الطباعية والنحوية والاملائية وسواها لاحتجنا الى مقال مستقل.
• وضعت المؤلفة او (المؤلف) كما ذيلت، شكرها في نهاية الكتيب الذي اسدته اولا للقارئ على تصفحه لكتابها وثم للاستاذ كاوه محمود وزير الثقافة والشباب بحكومة اقليم كوردستان بشكل مقتضب ضمن خاتمة موجهة الى “القاريئ الكريم” لموافقته (الوزير) على طباعة هذا الكتاب، ذيلت المؤلفة خاتمتها بالعبارة التالية:”كما نعاهدكم ان نكون اهلا لخدمة هذا الوطن العريق” ما يذكرنا بالعهد
• أما كان يفترض إن يعرض الكتاب على لجنة متخصصة لمراجعته، قبل الموافقة على طبعه، ليظهر بشكل يليق بالطائفة وتاريخها أولا، وبكونه مطبوعا صادرا بمساعدة وزارة الثقافة، وطبع في مطبعتها وبمؤازرة إحدى مديرياتها العامة وهي مديرية الصحافة والنشر.
• يبدو أن خمس صور شخصية للمؤلفة على الغلاف الأخير للكتاب لم تكن كافية ولم تف بالغرض المرجو، فإذا بنا أمام صورة شخصية أخرى هي من حفل زفافها على الغلاف الاول، هذا فضلا عن أخريات بين دفتيه.
• مع شديد الأسف، كان الغلاف الأول ومثله الأخير، على درجة كبيرة من الفقر الفني والإبداعي، على النقيض مما هو متوقع والحال ان مصممه هو فنان تشكيلي يعتمد على موهبته وحسه الفني في ابتكار لوحاته الفنية وهو صاحب براءة اختراع محلية مسجلة باسمه في نمط ابداعي بالرسم على لوحة غير مستوية (لوحتان متعامدتان)، فمابالك به وهو يمهر هذا الغلاف باسمه وهو الفنان فضلا عن كونه زوج المؤلفة ورفيق دربها والاجدر به ان يقدم (كزوج وفنان) افضل ما عنده وهو يصمم غلاف كتاب يحمل موجزا عن ابناء امته المندائيين وعقيدته.
• وعود على بدء، ذكرنا في المقدمة ان الكتابان الكتاب يمكن ان يستحق لقب (كتاب العائلة) بإمتياز، فهل تعلمون لماذا؟ الجواب ستجدونه على الصفحة(2)، فالتصميم الفني لاكرم تريكو وهو زوج المؤلفة. والكرافيك لاتفاق اكرم وهي ابنتها الثانية (وإن خلا الكتاب من اعمال الكرافيك) . والمتابعة لانسجام اكرم وهي الابنة الثانية، وياحبذا لو أثمرت هذه المتابعة العائلية عن تفادي الهفوات العديدة التي وقع فيها.
• وأخيرا رب سائل يسأل: لماذا نعرض كتابا به كل هذه المآخذ؟ فيطرح سؤال آخر نفسه: لماذا طـُبع؟
جورجينا بهنام
12/08/2012