بقلم غســان يونان
مجـددا التـسـميـة تـقـرع مـضاجـعـنــا
17 / 06 / 2012
http://nala4u.com
أحيـانـاً يمـر الفـرد أو المجمـوعـة أو الشــعب بمـرحلـة نســتطيـع
تسـميتهـا بـ: “حـالـة الركـود أو الضيـاع”. وكلمـا كـبُـر بيكـار الحلقـة
تلـك، كلمـا زادت المرحلـة تعـقـيـداً وخلطـت الأمـور ببعضهـا البعـض وباتت
الحلـول بعيـدة المنـال حتى يـُقـال عنهـا بالمرحلـة المصتعـصيـة أو مرحلـة الإفـتراق.
وهنـا (ولا زلت في صلب الموضوع الذي أنا فـي صدد كتابته) لفت نظـري ما كتبـه أخينـا تـيري بطـرس تحت عنوان: “التعداد العام للسكان، وموقف سياسينا، ابلحد افرام ساوا مثالا!”
وكـأن موضوع التسـميـة عـاد مـن جـديـد يـدك بنيـان القـوميـة الآشــوريـة
ويشـتت مســتقبل الأمـة ككــل. فـإذا ما فكـر المرء أحيـانـاً بصـوت عـال،
وصفـوه بالمتطـرف أو الإنعـزالـي. أمـا وإذا فكـر بصـوت خافت لا يسـمعـه
أحـد وانقطـع تمـامـاً عـن أخبـار هـذه الدنيـا ومجريـات أمورهـا، قالـوا
عنـه بـأنـه إنسـان مخلـص وعاقـل يريـد الوحـدة ولـو أتت مركبـة مـن أكثر
مـن ثلاث تسـميـات لشـعب واحـد.. المهـم أن لا يعـرقـل المـرء المسـيرة
(النضاليـة) التي يعتقـد البعـض بأنهـا السـبيل الأوحـد للـوحـدة، بينمـا
هـي فعـلا الســبيل الوحـيـد الـذي مـن خـلالـه يُضرب الهيكـل مـن الـداخـل
لينهـار علـى رؤوس كـل مـن فيـه دون تـمـيـيـز!
لـستُ
فـي صـدد تأييـد هـذا المقـال مـن هنـا أو مجابهـة ذاك المقـال مـن هنـاك،
وإنمـا الحقيقـة يجب أن تـُقـال مهمـا كـانت صعبـة وقاسـية، خـاصـة إذا
كـانت الأمـور تتعلـق بمصـير شــعب بأكملـه وبتـاريـخ عـريق عمـره مـن عمـر
الزمـن.
فموضـوع التسـميـة مفتـوح علـى مصراعيـه وهـو قيـد التـداول
منـذ مـا بعـد سـقوط النظـام الدكتاتـوري فـي العـراق، ـ نعم منـذ مـا بعـد
السـقوط ـ فقبلهـا وعلـى مـر مئـات الســنين – مـن قبل – لـم نسـمع أو
نقـرأ أقلـه مـن الـداخـل، بدعـاة التقســيم وتزويـر التـاريـخ وتحويـر
الحقـائق وفـرز الشــعب الـواحـد إلـى أجـزاء وأقســام كمـا هـو جـار
اليــوم.
فللـذين يعتـقـدون (ومن أيـة جهـة كـانوا) بـأن العـدد هـو المقيـاس
الـذي مـن خـلالـه يتمكنـون مـن تزويـر التـاريـخ واللغـة والهـويـة ومـن
خـلالـه أيضـاً يتمكنـون مـن نبـش قبـور شــهـداء الأمــة منـذ آلاف
الســنين وحتى يومنـا مـن أجل العبث بهـا ليسـهل عليهـم تغـيير مسـار
التـاريــخ، هـذا التـأريـخ الـذي لم ولـن يتجـرأ أحـد علـى تزويـره وتحريف
مسـاره لأنـه مكتـوب بدمـاء ودمـوع شــهداء الأمـة ككـل.. مخطئـون
ومضلـلـون هـؤلاء الأقـزام لأنهم لم يقـرؤا التـاريـخ يومـا كمـا يجب..
أمـا وبالنسـبة للمقيـاس الـذي يتطلعـون إليـه، فهـو بالنوعيـة وليـس الكميـة..
وهـل إذا كـانت نتيجـة التعـداد الـذي يدعـو إليـه هـذا الطرف أو ذاك فـي
هـذه الطائفـة أكـثر مـن تلـك، هـو إثبـات علـى المقـدرة ولـو دسـتوريـاً
علـى تغـيير مســار التـاريـخ؟!
هـذا المبـدأ الأحـادي لفظـه التـاريـخ
البشــري منـذ آلاف السـنين وسـيلفظـه اليـوم أيضـاً، والنصـر الوحيـد
لشــعبنـا، هـو بتكـاتـفه وتعـاضده وتآخيه تحت الإســم القـومـي الآشــوري،
لأنـه (أي الإسـم القومـي) ليـس حكـراً علـى طـائفـة دون أخـرى أو
مجمـوعـة دون أخـرى، وإنمـا السـبيل الوحيـد فـي المحـافظـة علـى الإرث
الحضـاري العـريق الـذي بـه نفتخــر وإليــه ننتمـي.
فـي الختـام،
دعـوتـي إلـى كـل مؤسـسـات شــعبنـا، بضـرورة العـودة إلـى الـذات إلـى
الضمير إلـى الأصـالـة إلـى الجـذور التـاريخيـة المتجـذرة فـي تـاريـخ
المنطقـة، كمـا وإلـى نكـران الـذات والمصـالـح الظرفيـة والحسـابـات
الضيقـة. وبنفـس الـوقت، نـداء خـاص إلـى الشــعب بكـل أطيـافـه، بضـرورة
رفض ونبـذ الأفكـار التقسـيميـة التي يحـاول البعـض زرعهـا تحت عناويـن
وشـعارات ظاهـرهـا بـرّاق وباطنهـا مليء بالســموم والأحقـاد.
وعلينـا
التسـاؤل بصوت عـال: هل يتـوجب علينـا التفكـير بصـوت خـافت، – كـي لا
نـزعج أحـداً أو نخســر مـن هـو بالأســاس سـبب التقـهقـر فـي معظـم
المـراحـل – ونـرى أمـام أعيننـا البـيت مهـدد بالـدمـار علـى كـل
سـاكنيـه؟!.
غســان يونان
23/ تموز/2010