بقلم سامي هاويل
عنكاوة ضمن سياسة التغيير الديمغرافي
22 / 05 / 2012
http://nala4u.com
لا يعتبر، على الاطلاق، ما جرى في عنكاوة من محاولات الاستيلاء على أراضيها، وآخرها مشروع الأبراج السكنية، إجراء رسميا يندرج ضمن إطار عملية الاعمار التي تشهدها المنطقة، بل يدخل في سياق حملة التغيير الديمغرافي التي شهدتها وتشهدها غالبية القرى والقصبات الآشورية منذ اندلاع ما يسمى بالثورة الكردية عام 1961 مرورا بقرار الحكم الذاتي في 1971، وعلى امتداد العقدين المنصرمين وذلك في مناطق عديدة ومتعددة، ومنها،على سبيل المثال لاالحصر، برواري بالا، زاخو، صبنا، نهلة، قرى سيميل وفيشخابور وتوابعها، وغيرها من المناطق الأخرى التي لازالت تعاني من جراء هذه التجاوزات اللاإنسانية، وتترنح تحت عبء المضايقات اليومية التي دفعت وتدفع سكانها الاشوريين إلى فقدان الثقة بوعود الجهات الكردية الرسمية المتكررة دون اتخاذ أي إجراءات حازمة على أرض الواقع. ففي بداية التسعينات من القرن الماضي كانت القيادات الكردية تتذرع، دائما، بأن جميع التجاوزات التي كانت تحصل آنذاك مردها غياب السلطة والقانون بسبب التدهور الأمني والتدفق السكاني الحاصل نتيجة الهروب الجماعي إثر الهجمات المتكررة التي كان يشنها الجيش العراقي على المنطقة الشمالية. ولكن كل هذه الذرائع والحجج انكشف زيفها وبطلانها بعد الأنتخابات التي جرت في عام 1992 وبدء استتباب الأمن وتشكيل الحكومة الكردية، وتحرر المؤسسات الرسمية من هيمنة الأحزاب لأننا لم نلحظ أو نلمس أي تغيير في المواقف بين هذه وتلك حيث لم يُتخذ أي اجراء ملموس يرمي الى رفع المعاناة التي تعيشها القرى والقصبات الآشورية في المناطق المذكورة آنفا. لا. بل اتضح جليا بان الحكومة الكردية تسير وفق نهج حزبي ممنهج يغلب عليه طابع التمييز العنصري والفئوي والقومي في كافة المحاور والمفاصل. وعوضا عن رفع الغبن والمعاناة عن أهالي تلك المناطق المنكوبة فقد بادرت القيادات الكردية إلى سنّ قوانين وشرائع وإصدار بعض القرارات انصبت معظمها، إن لم نقل كلها، في خانة تكريد الأراضي الآشورية بصورة رسمية مضمخة بمراسيم وقوانين تشريعية، وضمها الى وزارة المالية في حكومة الإقليم. وهذا واضح وجلي في عملية تشكيل لجان تسوية الأراضي في بداية السنة الماضية بغية الاستحواذ على ما يمكن قضمه من أراضي الآشوريين المهجرين.
لقد كانت الجهات الكردية الحزبية والرسمية ولا زالت تقف وتتفرج عن بعد عن كل الأماكن التي تحصل فيها المضايقات والتجاوزات لكي تظهر للرأي العام بأن مايحدث ليس سوى تصرفات شخصية بحتة ولاعلاقة للجهات الرسمية بها لامن قريب أو بعيد وذلك ابتغاء التستر على برامجها السرية الهادفة إلى تكريد الأرض والتاريخ والإنسان. في الوقت التي تحاول، عبثا، أن تلعب دور الحكومة الديمقراطية المنصفة والنزيهة وذلك من خلال التصريحات والتمثيليات البائسة والهزيلة التي مللناها وقرفنا منها لأننا ندرك جيدا بأنها لاتسمن ولاتغني مثلها مثل ما حصل أثناء حرق المحال التجارية في محافظة دهوك والأقضية التابعة لها والتي كانت شدتها في زاخو.
في خضم كل هذه التجاوزات الصارخة تأتي المواقف المائعة والتصريحات الباهتة والخجولة وغير المصحوبة بمواقف حازمة وفعالة إن لم نقل رادعة من قبل أحزابنا السياسية التي اختارت لنفسها تمثيلا لا يمت بأي صلة إلى القضية الآشورية قوميا لأنها ارتضت أن تنأى بنفسها عن المطالبة بالحقوق القومية والتعويض عنها بالمطالبة بالحقوق الدينية لذلك فهي تمثل المسيحيين في العراق بشكل رسمي وقانوني.
ولعل أبرز ما يثير الأستغراب والدهشة هو التوضيح الصادر مؤخرا عن (المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري) حيث ورد فيه:(التقت اللجنة مع السيد محافظ اربيل للبحث معه في مسالة الابراج الاربعة الذي وعد بأن جميع الشقق الموجودة في الأبراج ستباع الى أبناء شعبنا حصراً، وبأسعار مناسبة).
عندما يقف المرء على تفاصيل هذه الأحداث الجسيمة والرامية، عن قصد وسابق تصميم وإصرار، إلى اقتلاع جذور أمتنا الآشورية من أرضنا التاريخية وطمس كل مايمت إلى تاريخنا ووجودنا القومي بصلة. ويتحرّى بروية وإمعان جزئيات هذه العملية وأبعادها وتداعياتها الخطيرة، ويقارن بينها وبين ما ورد في إيضاح المجلس الشعبي فإنه سيقف عاجزا متلعثما عن التعليق يعتمل في نفسه الغضب العارم ممزوجا بالسخرية والاشمئزاز والقرف من هكذا قيادات تدعي، كذبا ونفاقا، تمثيل هذه الأمة في حين تنام على الضيم، وتغض الطرف عن كل الجرائم التي تقترف بحق هذا الشعب. ولست أدري فيما إذا كانت اللجنة التابعة لتجمع التنظيمات السياسية لشعبنا المثلث الأضلاع قد اقتنعت بما ورد في ايضاح المجلس الشعبي أم لا ؟. أم قد وصلت بهم اللامبالاة إلى الحد الذي يعتقدون فيه بأن أبناء أمتنا الآشورية هم دون مستوى إدراك خفايا مثل هذه الأمور؟. وإذا كان الاحتمال الثاني هو الصحيح فهذا يعني، بكل صراحة، قلة احترام للمجتمع الآشوري برمته، وضرب بكل تطلعاته وأمانيه عرض الحائط في سبيل الحفاظ على منصب يخجل من تبوئه كل أبي وشريف.
أيها السادة!
أنتم واقفون، الآن، أمام برنامج كردي عنصري بغيض يرمي إلى تكريد أراضينا وتاريخنا بشتى الأساليب والطرق الملتوية كما حصل في كافة قرانا وقصباتنا على مرأى ومسمع منكم ولم يتغير شيء سوى الهجرة المستمرة والمتواصلة لأبناء شعبنا الآشوري جراء هذه التجاوزات والمضايقات اليومية. فعن أي وعد لمحافظ بائس تتحدثون؟. أهالي عنكاوة يتآكلهم الغضب والألم، ويستغيثون ويتوسلون ويصرخون بأن يبعد الله عنهم هذه الكأس الكردية المترعة بالسموم قبل أن تسحب أراضيهم من تحت أقدامهم ولكن لا من سميع ولا من مجيب. وأنتم تحاولون بلسمة الجراح بالتذرع بوعود محافظ أربيل بأن بيع الأراضي ستنحصر بأبناء شعبنا قطعا!!!!. إن هذا الموقف يؤكد جزما الشكوك التي طالما كانت ولازالت تراود مخيلة معظم أبناء أمتنا الآشورية بأن الكثير من المحسوبين ممثلين شرعيين لشعبنا الآشوري ليسوا أكثر من أدوات ودمى بيد القيادات الكردية العنصرية تحركها حيثما وكيفما تشاء. ومن خلال هذه الدمى يمرّر الأكراد جميع أجنداتهم ومشاريعهم المشبوهة. ومن خلال مواقف هذه الدمى أصبحت القضية الآشورية جزأ من (المسألة المسيحية في العراق)، ومن ثم انمسخت مسألة الوجود المسيحي في العراق إلى (مسيحيي كردستان)، لتكون النتيجة الحتمية لهذه الولادات القيصرية تكريد الإنسان الآشوري وتاريخه وكيانه ووجوده.
يبدو أن هنالك ربيعا آشوريا يلوح في الأفق البعيد، ولكنه مقبل لامحالة. مقبل ليطهّر الساحة القومية من كافة المنافقين والانتهازيين والنفعيين والمتاجرين بقضيتنا القومية، ويفضح كافة المواقف والأساليب التي مورست طوال السنين الماضية ومدى خطورتها ومردوداتها السلبية على أبناء أمتنا الآشورية عامة وفي العراق بشكل خاص. لقد أتيحت الفرص، باستمرار، لكافة سياسيينا ليثبتوا جدارتهم في تمثيل القضية الآشورية. ولكن كان هنالك من فشل، وهنالك من تقاعس، وهنالك من باع، وهنالك من خان، وهنالك من بقي واقفا بصمود وإباء وشرف على حدّ السكين. لهذا فقد آن الأوان ليفرز الشعب الآشوري الراعي الصالح من الراعي الكذاب، والمناضل الشريف من الذي باع أرضه وقيمه مقابل حفنة من المصالح الآنية. فلن يكون، من الآن فصاعدا، لمن ساوم على المسالة القومية الأشورية مكانة في الساحة السياسية. هذا ناهيك بأن هنالك العديد من الشخصيات والمؤسسات الآشورية كانت ولم تزل منهمكة في جمع وتدوين جميع الأحداث والحوادث التي حصلت في السنين القليلة الماضية بشكل مفصل لكي يتم تعرية كافة المتآمرين والمؤامرات التي حيكت من قبل الأعداء ونفذت بالتعاون مع بعض الأبناء العاقين داخل البيت الآشوري. فعاجلا أم آجلا سيحال كل من تلاعب ويتلاعب بمصير الأمة الآشورية دون وازع من أخلاق أو ضمير إلى محكمة الشعب التي ستفرز الحنطة من الزؤان، وتعطي كل ذي حق حقه دون زيادة أو نقصان .
سامي هاويل
سدني/ أسترالي
*****************************
تنويه; موقع http://nala4u.com غير ملزم ما يسمى بكردستان .