بقلم غســان يونان
وهـل بالتبخـير أو التبجـيل تُصـان الحقـوق؟!…
11 / 04 / 2012
www.nala4u.com
إذا مـا تابـع المـرء واقـع الحـال الـذي يعيشـه شـعبنـا الآشـوري
عمـومـا ومؤسـسـاته السـياسـية خصوصـاً، فـإنـه ـ وبدون أدنـى شـك ـ
سـيندهـش لكل مـا يسـمعـه أو يقـرأه أو حتى يـراه فـي بعض الأحيـان. فلا
المؤسـسـات تتصرف كمـا يجب أن تتصـرف ولا حتى الشـعب يبـدي رأيـه كمـا يجب
أن يبـديـه وتحـديـداً عنـد كـل مفصـل تاريخي دقيق تمـر بـه قضيتنـا
وتُضـرب بعـرض الحـائط حقوق شـعبنـا المغتصبـة. فـلم تتعلـم قيـاداتنـا ولا
رجـالاتنـا من أخطـائهـا (هـذا إذا ما اعترفت بتلـك الأخطـاء) كمـا ولـم
تتعلـم أيضـاً من أخطـاء وتجـارب غـيرهـا.
إن الحـالـة المأسـاويـة
التي يعيشـهـا شـعبنـا في مواطنـه عمـومـاً وفـي العـراق خصوصـاً، تدعـوا ـ
وبشـكل سـريـع ـ كـافـة القيّمـين علـى الشـأن الوطني والقـومـي بأن
يتحـركـوا بـأسـرع مـا يمكـن وقبـل فـوات الأوان، من أجـل اتخـاذ الخطـوات
اللازمـة للحـؤول دون وقـوع المـزيـد مـن الكـوارث الإجتمـاعيـة
والإنسـانيـة وحتى القـوميـة التي يعـاني منهـا شـعبنـا وبشـكل يومـي
ومسـتمر، إن كـان من خـلال قتـل أبنـائنـا أو ذبـح رجـالات كنائسـنـا أو
تهجـير أهلنـا مـن موطنهـم الأصـيل..
إن الحـالـة المـأسـاويـة التي
يعيشـهـا أهلنـا في موطنهم الأصيل، هي أكـبر بكثـير مـن مصـالـح البعـض
الضيقـة التي يتمسـك بهـا وأهـم مـن المـراكـز الآنيـة التي يسـتجدونهـا
ويلهثـون خلفهـا. فـلا مصـالـح هـؤلاء البعض أعطت النتـائج المـرجـوة ولا
مـراكـز البعـض الآخـر الـذي حصل عليهـا من كمنحـة أو هبـة (من أسـياده)
منحـت بعـض الثقـة لأهلنـا وخففت عنهم هـول المـأسـاة.
فـطـالمـا بقيت
القيـادات (أو من تدعي القيـادة) بعيـدة عن متطلبـات أو مسـتلزمـات شـعبنـا
اليوميـة، وطـالمـا بقـي شـعبنـا الصبـور تحت رحمـة هـؤلاء الانتهـازيـين،
دون أن يقف (شـعبنـا) وقفـة واحـدة ويصـرخ بصـوت واحـدٍ قـائـلاً: “لا…
وألـف لا، لكـل مـا قُلتُمـوه وقـد تقولونـه مسـتقبـلاً!!”.
أجـل
طـالمـا تلـك الزعـامـات ترى وفي كـل يوم من يصفق لهـا ولكـل مـا تقـوم بـه
من أعمـال (إخفاقـات) على الصعيـد الوطني والقـومي، طالمـا سـتسـتمر
الحـالـة المترديـة التي يعيشـها شـعبنـا وسـيمر كـل يـوم أسـوأ من الـذي
سـبقـه.
مـن هنـا، نـرى بـأنـه آن الأوان للشـعب الآشـوري المعروف
ومنذ قـدم التاريخ بقدرتـه على التمرد والثورة (سـلميـاً) على كل مـا هـو
خـارج مصـالحـه الوطنيـة والقـوميـة. وعليـه، أخـذ المبـادرة مِـن يـد مـَن
أوصل مجتمعنـا إلى واقـع الحـال المخزيـة وإلى حـالة التقهقـر والإنهـزام
الـذي نعيشـه، وعـدم تـرك المجـال مفتـوحـاً لحفنـة من مصـاصي الـدمـاء
ليعيـثوا فسـاداً بمقـومـات وجـودنـا ويدكّوا ببنيـان حضـارتنـا.
إن
المطلـوب مـن كـل المخلصين والخـيّرين ومـن الأكـثريـة الصامتـة، حـزم
أمـرهـم وعـدم السـكوت عـن كـل الأعمـال المشـينـة التي يرونهـا وبالتـالي
وضـع حـدّ لهـذه المـأسـاة الداميـة للإنطـلاق معـاً ومجـدداً نحـو
المسـتقبل المشـرق الـذي ينتظـر أبنـاءنـا في أرض الآبـاء والأجـداد.
إن
المفصـل التـاريخي الـذي تمـر بـه منطقتنـا وليـس فقـط وطننـا، يدعونـا
إلـى عـدم التسـاهل أو التسـامح في القضـايـا المصيريـة، فتاريخ شـعبنـا
ليـس حكـراً أو ملكـاً لفئـة دون أخـرى أو لمؤسـسـة دون غـيرهـا، وعليـه،
يتوجب علـى شـعبنـا بشـكل عـام، أن يتصـرف بمـا يمليـه عليـه واجبـه الوطني
والقـومي تجـاه مسـتقبل أبنـائـه من جهـة وتجـاه دم ودمـاء ودمـوع
أجـدادنـا منـذ مئـات السـنين من جهـة ثانيـة.
نعم، إن الأمـور باتت
اليوم في يـد شـعبنـا، وعلـى شـعبنـا أن يتدارك ذلـك ويـأخـذ زمـام
الأمـور بيـده. فيحق لـه (أي الشـعب) التظـاهـر والاعتصـام والمطالبـة
بصـوت عـال أسـوة بباقي شـعوب المنطقـة، لكـن ضمن الأطـر السـلميـة
والديمقراطيـة التي ترعـاهـا وتصونهـا قـوانين ودسـاتير الـدول المتواجـد
علـى أرضهـا. فمـا ضـاع حـقٌ وراءه مطـالـب.
غســان يونان
29/10/2006