من الذي سينقذ سورية ؟

بقلم د.ابراهيم افرام
من الذي سينقذ سورية ؟

13 / 03 / 2012
http://nala4u.com

من الواضح أن رياح التغيير(( ما أطلق عليه الربيع العربي)) التي عصفت وتعصف وستعصف بالعديد من الدول العربية بشكلها الحالي وبمستجداتها اليومية المتصارعة تطرح أسئلة مشروعة للملايين من المواطنين من أبناء تلك الدول وغيرها من دول العالم ، تتمحور حول العديد من المفاهيم والأفكار و النظريات التي كانت سائدة وما تزال سائدة ، وكل محاولةٍ لمناقشتها كانت من المحرمات لا بل وذات عواقب وخيمة وكارثية لمن حاول ويحاول المجاهرة في نقذها و خصوصاً فيما يتعلق بتسلط النظم الاستبدادية والشمولية باستثناء بعض الدول التي لا يتعدى عددها أسابيع اليد الواحدة من محيطها إلى خليجها .
الضرورة تستدعي إعادة النظر في الكثير من القضايا الفكرية والثقافية والسياسية وفي سياقها التاريخي الذي أستمر لعقود من القرن الماضي وحتى يومنا هذا، حيث الوقائع على الأرض تثبت فشل تلك السياسات المبنية على ممارسة زرع وبث روح الخوف والاضطهاد والقمع والتهميش والقبضة الحديدية كوسيلة مثلى لمصادرة إرادة الشعوب وإلغاء وتجاوز رغباتها وشل حركتها وإقصائها كلياً عن المشاركة في أدارة البلاد ، فالبعض من تلك الأنظمة العربية سقطت وقدم الشعب المنتفض شهداءٍ وأريقت دماء ثمناً لإقصائها أما البعض الآخر من تلك الأنظمة ما زال يتغاضى ويتجاهل عن متطلبات الواقع والمرحلة العصرية الراهنة وما تحمله من استحقاقات للشعوب فهي تسعى جاهدة وبكل قوتها وثقلها وبأساليبها وعقليتها الاستبدادية ما زالت مستمرةٍ في سحق أرادة الشعب كالنظام الشمولي في سوريا المستند و المتسلح بسلطتة المتمثلة بأيدلوجية حزب البعث والذي لم ينفذ ولا شعاراً واحداً مما ينادي به رغم كونه محتكرا للسلطة ومنذ عقود ، حيث يحكم و ينفذ أجندته و برامجه وبكافة السبل الممكنة والإمكانيات المتاحة له وهمه الوحيد هو المحافظة على سلطته وبأي ثمن كان حتى ولو أدى به المطاف للقضاء على الشعب السوري برمته مروجاً لفكر و فلسفة ومنهج معين لنعت وإلصاق التهمة الجاهزة والحاضرة دائماً لكل من : يعارضه ، ينتقذه أو يحاول أن يثورعلى الواقع المخزي والمهان ليصنف من النظام ومؤسساته ليصنف في خانة العمالة للغرب والتآمرعلى الدولة وقائمة الاتهامات تطول…!.
بعد مضي عام على الثورة السورية وسقوط الآلاف من الشهداء من أبناء سورية فالثورة التي لا زالت محافظةٍ على سلميتها وفي المقابل لم يتهاون النظام السوري في استخدام كل الأساليب الغير مشروعة للقضاءعليها، لن ينقذ سوريا سوى أبنائها المخلصين وبلا تميز المؤمنين بترسيخ مفهوم وحدة سوريا الوطنية أرضاً وشعباً ويجب أن يكون المفهوم الأول عند المعارضة بكل أطيافها ومشاربها وعليها تقع مهمة إبطال وإفشال كل المشاريع التي من شأنها التفريط بهذه الوحدة مهما كانت هذه المشاريع ومهما كانت الجهات التي تقف وراءها،في الثقافات السياسية المعارضة لن تصادفك مقولة أو بند فكري يؤيد ويجزم بإمكانية التغير في أي دولة عبر نسف إرادة أبناء تلك الدولة وإمكانياتهم في تحقيق الأهداف الوطنية العليا والتعويل على العوامل الدولية فقط رغم أهمية هذه العوامل،هناك مسافة ما بين النزاهة والخيانة للوطن والعمالة للغير،هناك مسافة بين قبول الواقع بأشكاله وعيوبه وبين نقذ الواقع وعدم قبوله والانتفاضة عليه .

نعم الذي سينقذ سوريا هو شعبها الوطني الرافض لأي تدخل عسكري خارجي و مهما كانت الجهة المتدخلة سواء كانت إقليمية أو دولية،فإذا كانت هناك أية جهة تتعاطف مع الشعب السوري وثورته السلمية فليقف إلى جانبه سياسياً واقتصادياً وليمارس الضغوط على النظام السوري وليس بتسليح الثورة والدعوة للتدخل العسكري الخارجي، أنها دعوات تنذر وبكل آسف إلى تأجيج الصراع وإطالة أمد الاقتتال بين الأخوة وإعطاء الذرائع للنظام ليلعب أهم الأوراق التي بحوزته فهي أخطرها على الإطلاق المتمثلة بالتهيئة لحرب طائفية عرقية متعددة في سورية في حال وجد النظام نقسه ضعيفاً أمام معارضيه ولكي يكون للمعارضة تأثير مباشرعلى النظام لابد من أن تخطو خطوات سريعة من أهمها : تشكيل قيادة سياسية تضم التشكيلات المختلفة، نبذ الشقاق والتناحر والتقسيط لأنها من مسلمات النظام وثقافته السياسية ، نبذ المفهوم الطائفي وإلغائه من قاموسها فهذه الأمور يبثها النظام في أوساط المعارضة لإلهائها عن التوجه للهدف الأساسي في إسقاطه وإحداث التغير المنشود في السلطة الحاكمة عليها التوجه إلى مفهوم الوحدة الوطنية ليأخذ الجميع دورهم في عملية مشروع الخلاص .
الخوف على سوريا من أن تتحول إلى ساحة لتصفية الحسابات بين الدول الإقليمية والقوى العالمية فيحترق الأخضر و اليابس ويكون أول الضحايا المسيحيين في سوريا بشكل عام والأشوريون ( بكل تسمياتهم المذهبية التي تعتبر كنز ثمين) و إخوتنا الأرمن واليزيديين في الجزيرة السورية بشكل خاص والذين يشكلّون الحلقة الأضعف في المعادلة السياسية وذلك بغياب الدعم الإقليمي والدولي والذين من الممكن تكفيرهم بكل بساطة من الحركات الرادكالية الإسلامية كالقاعدة وأنصار الإسلام وجند الشام وغيرها والتي تؤمن بتطبيق الشريعة الإسلامية على المجتمع فيما إذا تسنى لها الإمساك بزمام الحكم ، هذه المجموعات المعارضة المتشددة والتي في أكثر الأحيان تتجه إلى القمع و الخشونة ، تتجه إلى السلاح بدلا من اللسان ولغة العصر،ألا يتطلب ذلك من المعارضة موقف حاسم وعلني وصريح بالنأي بنفسها عن تلك الحركات مما سيضفي شرعية أقوى وأوسع للمعارضة لتكون بحق مكون أساسي من مكونات الشعب السوري،أليس من الضروري أنباع سياسية الدخول في الحوار الوطني والذي يوازي ويساوي ولا يقل أهمية عن تقديم البرامج والأفكار والمطالب والمواقف فقط لعملية التغير.؟
الخوف من أن يصبح شعبنا ضحيةٍ لمشاريع وأجندات القوى القومية الكردية فهو اليوم بين مطرقة النظام وسندان تلك القوى، أليس من أبسط حقوق الإنسان هو الحق في الاسم والأرض والتـاريخ فهل نحتاج من غيرنا وممن يشاركنا العيش على أرضنا أن يمن علينا بحقوقنا… !؟ فنحن لم نرفض الإسلام كدين ولم نرفض العروبة كفكرة ، ولم نستثني الأكراد من النسيج الوطني ولكننا نرفض أن ندجّن كما يحلو لغيرنا و دون أن يكون لنا رأي في تحديد هويتنا وانتمائنا فسياسة الأمر الواقع التي فرضت علينا ومنذ آلاف السنين لا يمكنها أن تمحي أصالة شعبنا وعمق حضارة أمتنا الم يحن الوقت في إعادة النظر في الكثيرمن القضايا الفكرية والثقافية والسياسية للأغلبية ودكتاتوريتها …!؟ .
أنه نداء لكافة مرجعياتنا السياسية ومؤسساتنا الثقافية والاجتماعية وفعالياتنا القومية والدينية والتي كان بعضها وللأسف الشديد ظل بعيداً و شبه غائب عن قراءة الأحداث التاريخية والسياسية وبعيداً عن تحليل الأحداث ودراستها لاستيعاب الدروس والعبرمنها لدرء ألأخطار التي تواجهنا اليوم وبلا استثناء ، أنه نداء لهم أن تؤخذ رسائل التهديد التي يتلقاها شعبنا من حين لآخرعلى محمل الجد وأن لا يستخفوا بها علينا أن نضع الجميع أمام مسؤولياتهم القانونية والأخلاقية، كل هذا يحصل في ظل وجود سلطة قائمة لحد اللحظة بغض النظرعن نوعها فماذا سيحصل لشعبنا في حال سقط النظام وانهارت الدولة وعمت الفوضى الأمنية البلاد.. !؟
لا شك أنها أسئلة مشروعة أنها مخاوف أنها هواجس نعيشها لحظة بلحظة،علينا أن لا نتأخر في الدفاع عن أبناء شعبنا بكافة الوسائل المتاحة وحمايته من إي اعتداء والدفاع عن حقوقه القومية والديمقراطية المشروعة وفي الختام لا بد للتحرك سريعاً لخلق لجان طوارئ في الدول الأوربية لتقديم كافة أنواع الدعم المادي والمعنوي له ، وبقناعتي على عاتق اللوبي الآشوري الذي كثف نشاطه في الآونة الأخيرة بين يرفان وبروكسل وموسكو تقع مهمة التأكيد ومن جديد على مخاوفنا وهواجسنا ووضعها في ذمة الدول العظمى الدائمة العضوية في مجلس الأمن وبالأخص جمهورية روسيا الاتحادية والحكومة الأرمينية الشقيقة والاتحاد الأوربي والدول الإقليمية المحيطة بالوطن سوريا والأهم من كل ذلك كل المعنيين والحريصين على السلم الأهلي والوحدة الوطنية في وطننا سوريا.. !؟.

أبراهيم أفرام
13/03/2012

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الارشيف, المقالات واللقاءات. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.