بقلم مسعود هرمز النوفلي
بين الرعاة والرعية صارت غنمي مأكلاً
23 / 01 / 2012
www.nala4u.com
المقدمة
سأتحدث عن الراعي الأنساني والراعي الإلهي أو الذي يُمثّله على الأرض وبعض الواجبات الخاصة بالراعي من النوعين وعلاقة ذلك بما يحدث للرعية الان.
الراعي الأنساني الزمني
كما هو معلوم، بانه ذلك الشخص الذي يقوم بالسهر على أغنامهِ وتيوسهِ وكباشهِ وحملانهِ، فهو الذي يقوم باروائهم وتغذيتهم وحمايتهم من الذئاب والحيوانات المفترسة وأحياناً يأخذ المرضى منهم الى العيادة البيطرية، وكذلك يقوم بمساعدة النعاج في الولادة، هذا الراعي يذكره الكتاب المقدس عند ولادة الرب يسوع في بيت لحم وقصة الرعاة معروفة.
الراعي الإلهي الأبدي
هو الله بشخص المسيح، وهو كما يقول الأنجيل “الراعي الصالح”، هذا الراعي يقوم بتمثيله على الأرض الرعاة الكهنة والمطارين والبطاركة، يوصيهم الرب وينصحهم ببذل النفس بدل الرعية كما يُعلّمنا القديس يوحنا بالقول في 10 : 11 “أنا هو الراعي الصالح، والراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف”. هؤلاء الرعاة يتعبون كثيراً في خدمتنا وتوجيهنا وتعليمنا طُرق الحياة الصحيحة كالصلاة والصوم ومحبة القريب ومحبة العدو ومساعدة المُرضى ومُختلف الطرق التي تقود الأنسان الى المثالية والكمال حتى لا يخطأ البشر ولا يُسيطر الشيطان على أفكارهم وحياتهم، انهم يقودون البشرية في اتجاه عمودي نحو الله وبإتجاه افقي نحو القريب وفق جميع الآيات المذكورة في الكتاب المقدس وتوجيهات الكنيسة.
الرعاة لحماية الرعية
الرعاة من النوعين يقومون بحماية الرعية من كلِّ أذية ومُشكلة، ففي الحالة الأولى لو شاهد الراعي كبشان يتناطحان ومن المحتمل أن يموت أحدهم بنطحة قوية تأتيه من الآخر وكأنهم في ملعب مُناطحة الثيران في أسبانيا، فإنه يتدخل وبسرعة البرق لكي يفض النزاع بين الحيوانين لكي ترجع غنمه الى التصالح والهدوء، وهنا طبّق واجبه في هذه النقطة من أجل رعيتهِ وينتهي الموضوع والتقاتل.
في الحالة الثانية، يُمكنني أن أقول بأن من واجب الراعي الثاني التدخل الفوري مثل ما تدخّل الراعي الأول عندما يُشاهد غنمه تُنهش وتُبدّد من قبل الغير أو فيما بينهم. وكذلك على الرعاة جميعاً التدخل الفوري عندما يُشاهدون حالات كثيرة مثل حالات التناطح بين الأكباش أعلاه من أجل إعادة الأمور الى نصابها. الرعاة الحقيقيون ينتفضون لحماية الرعية ولا يتركوها سائبة لكي يقضي كبشٍ على آخر وهم يتفرجون، أو تيسٍ على آخر، أو بين الغنم أنفسها، عندما تتزاحم وتتقاتل أحياناً على الماء أو الشعير أو الحصة. الراعي يترك التسعة والتسعين ويذهب وراء الضال، الراعي يُفدي نفسه ويسكُب دمه للضعيف ويجبر المكسور ويعمل مع الكل بالعدل والأنصاف ولا يتهاون أبداً. الراعي بحكمته لا يُعاقب الآخرين، بل يكون عنصر الوفاق والتفاهم والجمع وليس المُبدّد. الراعي يغفر ويؤسس للمُصالحة مُعتمدا كلام الرب عندما كان على الصليب ” يا أبتِ أغفر لهم”. الراعي ليس ذلك المعلم أو المربي الذي يعمل باجرته. عملهُ أسمى بكثير، وإذا أصبح أكاديمي فما هو الفرق بينه وبين المعلم او المسؤول المدني؟ الراعي يتفنّن بالخدمة وكأن رعيته وإخوَتهِ في الأيمان جميعاً مثل حدقة عينهِ.
عندما يترك الرعاة الغنم عندها نقول لا راعي ولا رعية والكل سواسية. الرب يتوعد هؤلاء الرعاة، ويُبشرّهم بالعقوبة. وفي هذا الصدد ينطبق قول النبي إرميا على هذه الحالة في 23 : 2 حيث يقول” لِذلِكَ هكَذَا قَالَ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ عَنِ الرُّعَاةِ الَّذِينَ يَرْعَوْنَ شَعْبِي: أَنْتُمْ بَدَّدْتُمْ غَنَمِي وَطَرَدْتُمُوهَا وَلَمْ تَتَعَهَّدُوهَا. هأَنَذَا أُعَاقِبُكُمْ عَلَى شَرِّ أَعْمَالِكُمْ، يَقُولُ الرَّبُّ.”
وفي سفر حزقيال 34 : 8 نقرأ ” حَيٌّ أَنَا، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ، مِنْ حَيْثُ إِنَّ غَنَمِي صَارَتْ غَنِيمَةً وَ صَارَتْ غَنَمِي مَأْكَلاً لِكُلِّ وَحْشِ الْحَقْلِ، إِذْ لَمْ يَكُنْ رَاعٍ وَلاَ سَأَلَ رُعَاتِي عَنْ غَنَمِي، وَرَعَى الرُّعَاةُ أَنْفُسَهُمْ وَلَمْ يَرْعَوْا غَنَمِي،”.
كيف يسمح الرعاة للبعض من افراد الرعية بالتهجم على الآخرين؟
للأسف مقالات البعض تُنشر في مواقع مسيحية وأبرشيات. فأين دور الراعي؟ وهل تفرح أيها الراعي بتمزيق أبناء شعبك ولمصلحة مَنْ؟ أين أنت وصفات الراعي الصالح؟
لنقرأ ما كتبه البعض ضد إخوَتهم من أبناء شعبنا المظلوم
الكاتب الأول والأخلاق
أحد الأخوة بدأ بالتهجم على أخيه والسبب الوحيد لأنه لم يذكر كلمة مار أو سيد أمام رجل الدين وإذا كان قد ذكر مار مثلاً، فهو مؤدب وخلوق والعكس فهو غير مؤدب وليس له تربية. في الحقيقة يشمئز الأنسان عندما يقرأ ما هو مكتوب في مقالتهِ. هذا الكاتب يتدرج في النصائح من جهة والطعن والهجوم من جهةٍ أخرى، ينسى بأن الذي يتهجم عليه هو من أبناء جلدته، وعمّه كاهن مشهور في الكنيسة وأغلب أقربائه من الرجال هُمْ شمامسة ولا أروع منهم في الأخلاق والتربية واللغة والألحان والأيمان. إن رب المجد يقول لك من ثمارهم تعرفونهم، أليست هذه أثمار أولئك الذين تتكلم عنهم وكُلّهم أمامك؟ المطران مار شليمون وردوني قال في حديثه الأخير أن غالبية الشعب مع الوحدة وأنت تقول العكس وتُكيل التهم على كُل مَنْ يُخالفك ولا يؤيدك و تُشبّههُم بالحشرات القطط والفئران. هل تعلم بأن الذين تُهينهم فيهم من الآباء الكهنة والمطارين والعلماء وأغلبهم كلدان؟ كيف تُبيدهم بقاتل الحشرات؟ وهل تتصور بأن الراعي سيسمح بإبادة أبنائهِ بالمبيد؟
سؤال الى الراعي: كيف تسمح لمثل هكذا مقالة في واجهة موقعك الأبرشي؟
كل من ينصح غيره في حقول التربية والأخلاق، عليه أن يكون أول المُتمسكين بفضائل الأخلاق والتربية. وهنا لابُد أن نُؤكد بأن السلوك السيئ هو إنحراف وليس تصويب، هو غلطة لأنها تركت آثاراً سلبية على نفوس إخوتك وشعبك، والكثيرين انتقدوا هذا الأسلوب الهدّام لأنه ليس من أجل التصحيح بقدر ماهو ذم وقذف وتشهير ليس لمن تقصده وهو شماس قدير، وإنما الى عمّه الكاهن والى أفراد عائلته الكبيرة وعشيرته وهو من بلدتك “يمّي دسورايي”. وبدلاً من أن تربح وتكسب البعض فقد خسرت والى الأبد بهذا الموقف وهذه العجلة.
حسناً عملت البطريركية بعدم نشر مقالتك بين المقالات الأخرى وهكذا عملت مع عدّة كُتاب لا يلتزمون بقواعد النشر.
مقالة الكاتب الثاني وهو يتحدث عن العدو ويقول في العنوان: عدو الكلدان…..
الكلام الجارح والباطل على هذا وذاك وما يقوم به البعض من أمثالك، ليست من أخلاق المسيحيين والسبب حتى لو كان فلان عدوّك فالأيمان يأمرك ويفرض عليك بأن تحبه وتحترمه إذا أنت مسيحي مؤمن بما يقوله الرب. هل تتصور بأن الرعاة يفرحون بما كتبته؟ رُبما البعض، وإلا، ما كانوا يسمحون بنشرها في مواقعهم. كلماتك كلّها إهانة وبالتالي تنعكس سلبا عليك وعلى كُل الذين يكتبون هكذا مقالات مع الأسف. أين أنت وتعاليم المسيح الذي يقول إحبوا بعضكم بعضاً؟
لعلمك اخي الكاتب، في الدولة الديمقراطية لا يوجد فرق بين هذا وذاك إلا من ناحية الأخلاص والتفاني بالعمل ومن يتكلم عن الطائفة والقومية يُحتقر جدا ويُحاسبهُ القانون وخاصة أنت في أمريكا. علينا التكاتف والتلاحم ولا نصبح مثل الآخرين الذين مع الأسف بدأوا في تخريب العراق وتمزيقه بالحصص الطائفية والأثنية. هل تسمح أنتَ أن نزول وننقرض من بلدنا بأية حجة كانت؟ وماذا استفاد شعبنا من المناصب سابقا حتى نستفاد من هذا المنصب؟ من حق الآخرين إن كانوا مسيحيين أو غيرهم في نفس المنصب، فماذا تقول لهم؟ الديوان ليس حكراً على طائفة، الأثنين من الكلدان، وكل واحد له جماعة ومعارف وللأسف خلقت البطريركية صراعاً جديداً بين الكلدان أنفسهم، لقد بدأ البعض بالأحاديث الغير لائقة وكلّ ذلك هو من أجل التفتيت والتجزئة أكثر وأكثر والآخرين يضحكون علينا لأنهم يرغبون في تفرقتنا وفصلنا الواحد عن الثاني. كُنت أتمنى أن لا أقرأ هكذا بيان من البطريركية وهي بمقام الراعي الأول والصالح. أتمنى أن تأخذون مائة منصب وليس هذا فقط، وثُمّ ماذا؟ هل سيعيدون لكم امبراطوريتكم وارضكم؟
حسناً عملت البطريركية بعدم نشر هكذا مقالة للكاتب الثاني لكي يعرف بأن الأيمان يجب أن ينتصر وكل من يرغب في التشويه والتخريب بين أفراد الشعب الواحد عليه أن يتعلم أصول الكتابة وهذا هو درس لكل من يتلاعب من أجل المصالح وينكر جزء من كيانه وشخصيته.
الكاتب الثالث ولدغات الثعابين
الله الله الله على هذه التعابير التي تنعكس عليك قبل غيرك، لماذا يا أخي؟ هل ترتاح عندما يقول عليك أحد الأشخاص بأنك حية أو ثعبان؟ وخاصة أنت مشهور في الطعن والتجريح في كتاباتك، كان الأفضل لك أن توضّح هل كانت اللدغة سامة أم لا، وهل تسمّم البعض، وما هو حجم التسمم وماذا كانت نوعية الثعبان وغير ذلك، انها امور مُحزنة حقا لشعب سينقرض وكُل الكتاب هُم خارج الوطن وحاملي الجنسيات الأجنبية ويتباهون بجوازاتهم وقومياتهم الجديدة.
وحسناً عملت البطريركية مع الكاتب الثاث بعدم نشرها لهكذا مقالة في موقها وهي اشارة لكي يتعلم هذا الكاتب وغيره أدب الكتابة وأخلاقها، ويبقى السؤال: كيف ومتى يتعلم هكذا إنسان؟
الخلاصة:
الرعاة الأعزاء، أين دوركم وكباشكم تتناطح في ملعب الثيران؟ إقرأوا حديث النبي حزقيال 34 : 18 ” حتى لا تؤكل غنمكم وتصبحون رعاة بلا غنم!
مسعود هرمز النوفلي
23/1/2012