أهداف ودلائل الرقم ثلاثة في الكتاب المقدس (ج2)

بقلم مسعود هرمز النوفلي
أهداف ودلائل الرقم ثلاثة في الكتاب المقدس (ج2)

29 / 04 / 2011
http://nala4u.com

تحدثت في الجزء الأول المنشور في عدة مواقع عن استخدام الرقم ثلاثة في الأيمان المسيحي في العهد القديم، وخاصة في معناه الروحي بالدلالة على الله الذي هو عندنا الآب والأبن والروح القدس.

في هذا الجزء سنقرأ رموز هذا الرقم العجيب ومدلولاته في بعض فقرات العهد الجديد التي تُمثل خلاصة عهد الله مع البشر:

1- انجيل متى 12 : 40 يذكر لنا قصة يونان في بطن الحوت ثلاثة أيام وثلاثة ليال، هكذا سيبقى ابن الأنسان ثلاثة ايام وثلاثة ليال في بطن الأرض ويقوم. عندما طلب الكتبة والفريسين من الرب لأعطائهم آية، أجابهم عن آية يونان والسبب لأن كلامهم واسئلتهم كانت بنوع من الخدعة والمُكر والأستهزاء وكانوا يتهمون الرب بأنّ فيه شيطان، ولهذا جعلهم يعيدون الحسابات والتفكير في الثالوث لربط الحادثة القديمة مع درب الآلام والقيامة، والجواب كان شديداً ومُباشراً كي يفهموا أن الخلاص هو بالثالوث فعلاً، والرب أشار الى انه يعمل بمشيئة الآب كما عمل يونان وفق الخطة المرسومة لهُ وهو في بطن الحوت عندما آمن بغاية الله في خلاص البشر في نينوى.

2- أنجيل متى 18 : 20 يذكر لنا بالقول ” أينما اجتمع اثنان او ثلاثة باسمي، كُنت هناك بينهم “، هذه الآية توضح الرقم المهم وهو الكمال في حضور الرب مع الأثنان أو أكثر، المسيح مع الكنيسة أي الشعب مع الرب في الصلاة والتضرع والتأمل في قدرة الخالق، عندما يحضر الرب مع الأثنين يكون الكمال ولا غيره أي يصبح الثالوث هو المحور الى الأبد بكلمات الرب.

3- يسوع يقول انقض الهيكل وابنيه في ثلاثة ايام، يوحنا 2 : 19. لم يفهم الشعب الحاضر بماذا يتكلم الرب ولم يستسيغوا حديثه، علماً بانه كان يتحدث عن هيكل جسمه وليس عن الهيكل الحجري والبناء، بعد القيامة اكتشفوا الحقيقة وتذكروا ما قاله لهم وآمنوا وبهذا نلاحظ عمل الرب الأستراتيجي في نقل الافكار من الواقعة الأرضية الى الواقعة السماوية وكل ذلك يربطه بالرقم ثلاثة وهو الثالوث فعلاً .

4- أعمال الرسل 9 : 9 تعطينا آية مهمة جداً عن حياة الرسول بولس بالقول ” فبقي ثلاثة أيام مكفوف البصر لا يأكل ولا يشرب “. لماذا لم يبقى يومين أو اربعة أو خمسة؟ ولماذا الرقم ثلاثة؟ انها الحكمة الإلهية التي تنقل مار بولس من الظلام الى النور ومن الجوع الى الأشباع، انها اشارة واضحة لعمل الله في الأنسان ويُمكننا ربط الموضع مع الموت والقيامة عند الرب يسوع، انه الثالوث الذي يجب ان يكون محور قضيتنا الى الأبد وهو الله.

5- الرؤية التي رآها مار بطرس في أعمال الرسل 10 : 13 – 16 ” وجاء صوت يقول له : يا بطرس، قم واذبح وكُل. فقال بطرس: لا يا رب! ما أكلت في حياتي نجساً أو دنساً. فقال له الصوت ثانية: ما طهّره الله لا تعتبره أنت نجساً! وحدث هذا ثلاث مراتٍ، ثم ارتفع الشئ في الحال الى السماء.

صوت الله يدعو الرسول الى أن يذبح ويأكل ثلاث مرات، بالرغم من اعتراض القديس فقد فهِمَ المغزى من الرؤية، ان ما يعطيه الله للأنسان هو الصحيح ولا غيره ابداً، أعطى الى مار بطرس تعاليم إلهية بأن الذي يُطهّره الله يكون نظيفاً مثل الزلال ولا يُمكن اعتباره اعتيادياً أبداً انه صوت الله على الأرض وفي قلب الأنسان، الملاحظ هنا تكرار الرقم ثلاثة أيضا وربط الموضوع بالثالوث وهو الله المثلث الأقانيم.

6- ثلاثة رجال يطلبون بطرس في سفر اعمال الرسل 10 : 19. بدأ بطرس في التفكير العميق في معرفة المغزى من الطلب ومن الثلاثة بالتحديد، ان التأمل بعمق وربط الحدث برؤية عميقة يعطينا الأندفاع والشروع في العمل الذي يدعو اليه الرب وهذه الدعوة جاءت من ثلاثة وهو الإله الواحد الذي نؤمن به، الآب والأبن والروح القدس وهنا أيضا تعطينا الآية مغزاً رائعاً لكي نحسب بأفكارنا بأن الرب هو مَعنا ولا يتركنا وهو يقول لنا قُمْ واعمل وهو يبارك.

7- نقرأ في رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس 13: 13، والآن يبقى الأيمان والرجاء والمحبة، وأعظم هذه الثلاثة هي المحبة. بالأيمان يصل الأنسان الى الهدف ويتحقق له ما يُريد وخاصة في الجانب الروحي ورؤية الله في السماء وعندما يتحقق ما يصبو اليه عندها يدخل الرجاء المطلوب في تحقيق الرغبة وفي اعلان شأن الأيمان وكل هذا لن يكون إذا لم تكًن عند الأنسان المحبة الفائقة لقريبه وصديقه وكل ما يراه، في المحبة نصل الى الهدف وهي التي تعطينا القوة لنبقى مُتمسكين في الرجاء للمستقبل ولهذا يُؤكد الرسول الى أن المحبة هي أقوى الثلاث، بالمحبة نقترب يومياً من فكر الله ومحبته للبشر وتدريجياً تنصهر محبتنا فيه والى الأبد وكما نعلم بأن الله محبة ولهذا سوف نكون نحن معه في المحبة أي سيصبح الأنسان المتمسك بالأيمان والرجاء والمحبة مثل الله ويصبح الأنسان المحبة وبنفس المفهوم. هنا الثالوث والرقم ثلاثة واضحٌ جداً.

8- رسالة يوحنا الرسول الأولى 5: 7، والذين يشهدون هم ثلاثة. الروح والماء والدم، وهؤلاء الثلاثة هُم في الواحد. نلاحظ هنا دور الرقم ثلاثة وهُم الشهود، لم يقُل الروح القدس فقط أو المعمودية أو الموت والقيامة وإنما الثلاثة يشهدون، لماذا؟ أراد الآب ان يعطي الدرس لنا بقوله في يوم التجلي “له اسمعوا” وفي يوم المعمودية بقوله “هذا هو ابني الحبيب” وفي وقت الجلجلة والصليب علامات من السماء بقوة المسيح وبنفس الوقت وصايا المسيح للتلاميذ ولنا عن الفداء وبهذا أجتمع الثلاث ليشهدوا للحق الذي حرر البشر.

9- سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي 21: 13، من الشرق ثلاثة أبواب، ومن الشمال ثلاثة أبواب، ومن الجنوب ثلاثة أبواب، ومن الغرب ثلاثة أبواب. التأكيد على الثالوث يعطينا دلالة مهمة جداً وهي أنَّ مَنْ يُؤمن بالأقانيم يستطيع الدخول الى حضرة الآب من أي باب ومن أية جهة، لم تأتي إعتباطاً هذه الأرقام وإنما جاءت بصورة مُنسقة كي نُفكّر ونؤمن بأن الله هو الثالوث ومنه تأتي القيامة الجسدية نحوالعُلا ولا تكون لنا قيامة ودخول السماء إذا لم نأخذ من المفهوم الثلاثي خلاصة روحية وطريقاً خاصاً لوصولنا الى الله.

10- الرقم ثلاثة وتكراره بكثرة ما هو إلا الدليل الذي يُمثل ارادة الرب وعمله حيث صلى الرب يسوع ثلاث مرات في بستان الزيتون قبل واقعة الصليب. أخذ معه ثلاثة تلاميذ وهم بطرس وأبني زبدي في البستان. بيلاطس يرغب في فك أسر الرب ثلاث مرات. لقد وقعت حادثة صلب الرب مع رجال اثنين آخرين وكان العدد ثلاثة. كُتِب على الخشبة “يسوع الناصري ملك اليهود” بثلاث لُغات العبرانية واليونانية واللاتينية. مار بطرس ينكر الرب ثلاث مرات. وقعت الحادثة في الساعة الثالثة صباحاً. بقي الرب ثلاثة أيام في القبر قبل القيامة. الواقفات عند الصليب ثلاث نساء، أمنا مريم العذراء وأختها امرأة كلوبا واسمها مريم أيضاً وكذلك مريم المجدلية، انظر يوحنا 19 : 25. بعد القيامة حاور الرب مار بطرس وقال له ثلاث مرات ” هل تُحبّني “. أيضاً هناك مثل آخر وهو الشجرة التي لا تُثمر حيث قال الرب للكرام: لي ثلاث سنوات وأنا أجيئ الى هذه التينة أطلب ثمراً، فلا أجدُ، فأقطعها. انظر لوقا 13 : 7. انجيل مرقس يعطينا دلالة اخرى وهي أن الرب أخذ بطرس ويعقوب ويوحنا وصعد معهم الى جبلٍ عالٍ لرؤية حادثة ايليا وموسى وهناك اقترح بطرس بان تُصْنع ثلاث مظال واحدة الى ايليا والأخرى الى موسى والثالثة الى يسوع، السؤال هو لماذا هذا التكرار والأصرار على الرقم ثلاثة؟

نستنتج من هذا كلّه بأن هناك هدفاً مهماً جداً وهو الأشارة والتعريف بِ الله الثلاثي الأوجه ومن ثم إرادة الله الآب بإبنهِ يسوع كي يكون مثله في الرقم ثلاثة وأخيراً فان العلاقة تُشير أيضاً الى الروح القدس العامل بين البشر وخاصة حضور الرب مع شخصين في الصلاة وهو بينهم كما يذكر لنا الأنجيل، وكل ذلك لن يأتي عرضياً وإنما بصورة مُنسّقة ومتدرجة للوصول الى معرفة الذات الإلهية ودورها في الخلق والحياة الأرضية وقوانينها التي تدعونا الى الحياة الأخرى في السماء. منذ ولادة الرب وقيامته حيث تظهر العلامات البارزة فمثلاً زار الطفل يسوع ثلاثة ملوك مجوس في مغارة بيت لحم وقدموا له ثلاث هدايا التي كانت الذهب واللبان والمُر، أما الله الآب فنراه يتكلم ثلاث مرات من السماء كما في متى 3 : 17 ومتى 17 : 5 ومثله ” هذا هو ابني الحبيب الذي به سُررت وفي يوحنا 12 : 28 يقول ” يا أبي مجّد اسمك، فقال صوت من السماء: مجدّتُه وسأمجّده “، انها أفكار للمناقشة والتأمل وشكراً لكل من يقرأ.

مسعود هرمز النوفلي
29/4/2011

لمتابعة الجزء الاول; انقر على الرابط ادناه

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الارشيف, دين, كتب , تاريخ. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.