بقلم د. جميل حنا
الاعتراف بمذابح الشعب الآشوري مطلب وحق إنساني
20 / 04 /2011
http://nala4u.com
في الذكرى الثالثة والتسعون لمذابح الإبادة العرقية الجماعية التي ار تكبتها السلطات العثمانية التركية مع حلفائها من العشائر الرجعية الكردية والأفواج الحميدية , ضد الشعب الآشوري بمختلف طوائفه ومذاهبه من أبناء الكنيسة السريانية الأرثوذكسية والكلدانية والمشرقية, والتي ذهب ضحيتها أكثر من نصف مليون شهيد :
في هذه المناسبة الأليمة نتذكر شهداء مذابح (سيفو ) أي الذين قتل بالسيف في أعوام الحرب الكونية الأولى 1914-1919 والجرائم الفظيعة التي نفذت للقضاء على الوجود القومي والديني لأبناء الأمة الآشورية , وإلغاء كيانه كشعب ذو حضارة وثقافة عريقة, مدت البشرية وكافة ثقافات الشعوب الأخرى بعلومها المتقدمة من علم الفلك والملاحم الفلسفية الدينية والاجتماعية والحكم والعلوم التطبيقية في كافة مجالات الحياة … .
بهذه المناسبة المريرة في قلب كل فرد من أبناء شعبنا المخلصين والأوفياء لدم وروح الشهداء من الآباء والأجداد . نقف أمام ذكرى الفاجعة الكبرى نستعيد ونتذكر الأحداث التاريخية خلال أعوام المذابح لنستخلص منها الدروس العملية لتحقيق أهدافنا بالكفاح والإرادة الصلبة ,والسير في طريق الفداء والتضحية .وبالمواقف الجريئة لكي نستطيع التطلع نحو مستقبل أكثر أمان خال من مجازر الإبادة ومن محاولات إلغاء وإنهاء وجودنا الديني والقومي في وطننا بلاد ما بين النهرين آشور .
والتأكيد على استمراريتنا وعدم استسلامنا لواقع الأمر الظالم ,ولا إلى محاولات السفاحين عبر التاريخ وكل المجازر التي نفذوها بحق شعبنا لم تستطع إنهاء وجودنا القومي . وما زلنا شعب حي يقدم التضحيات الجسيمة في وطنه الأم لأجل الحفاظ على أرثة التاريخي والحضاري , وكيانه كشعب له هوية انتماء قومي مميز في الانتماء الوطني الصادق وفي اللغة والثقافة والتاريخ والعادات والتقاليد ,وكشعب بني أحد أعظم الحضارات العالمية على أرض آشور منذ أكثر من خمسة آلاف عام .
الذاكرة الجماعية لأبناء هذه الأمة تحفظ في أفكارها وسلوكها الحياتي وكافة أعمالها الفكرية والأدبية والثقافية, ومختلف أنشطتها وفعالياتها المختلفة في الوسط الاجتماعي الديني والعلماني ذكرى مذابح الإبادة في عام 1915 .وحاضرة بقوة لما لها من دلالات عميقة وتأثير كبير في أنفسنا لفظاعة وبشاعة المجازر التي ارتكبت ضد أعداد هائلة من أبناء شعبنا كادت أن تنهي وجودنا من على أرضنا التاريخية بلاد ما بين النهرين آشور .
ولكن العثمانيين الأتراك الذين ارتكبوا المجازر يتنكرون لجريمتهم البشعة . وهم يبذلوا قصارى جهدهم بمختلف الوسائل المتاحة لهم من ترغيب وترهيب لكي يرغموا أبناء أمتنا التخلي عن فعالياتهم السياسية والدبلوماسية على الساحة الدولية, وإيقاف كل الأنشطة الداخلية التي نقوم بها لأجل ألاعتراف بالمجازر. وقد استطاعت الدولة التركية بإيهام البعض من أبناء أمتنا وبعض القوى السياسية ,بأنها بريئة من اقتراف المجازر بحقنا . وتعمل على محو ذكرى المجازر من ذاكرة شعبنا.ناسية بأن الذاكرة الجماعية للشعوب أقوى من كل أساليب العنف والأغراء ,وأقوى من كل أولئك المغرضين السائرين وراء المخطط التركي لأجل مصالحهم السياسية والشخصية الضيقة. ومنذ قيام الدولة التركية الحديثة 1923 تحاول كل الحكومات المتعاقبة على السلطة السياسية حتى يومنا هذا بإنكارها ارتكاب المجازر بل تظهر للشعب التركي بأنها الضحية من خلال وسائل أعلامها وتحريف الحقائق التاريخية وتدريسها في المدارس ,وذلك بزرع الروح العنصرية تجاه الشعوب غير التركية والمسيحيين وخاصة تجاه شعبنا , وكادت بأن تنجح اللجان التي أنشأتها الدولة بهدف إتلاف كل الوثائق الصادرة آنذاك عن السلطات العثمانية المتعلقة بالمجازر قبل الحرب الكونية الأولى وحتى بعد انتهاء الحرب . وكل المحاولات البائسة والأموال الطائله والطاقم البشري والأفراد الذين استخدموا لم يستطيعوا طمس الحقائق التاريخية . وباءت هذه المحاولة بالفشل الذر يع من خلال ما تبقى من وثائق كثيرة متفرقة داخل وخارج الدولة التركية, ومن خلال بعض الوثائق التي شاهدة النور من الأرشيف التركي ذاته, خلال السنوات المنصرمة. ولم تنطلي هذه المحاولات الفاشلة على كل أبناء الشعب التركي , ولا على محوها من ذاكرتهم, بالرغم من كل الجهود التي بذلوها في هذا المضمار . بل نجد بعض الشرفاء من الكتاب والصحفيين والمثقفين وبعض أساتذة الجامعات وبعض الناس العاديين يطالبون دولتهم الاعتراف بالمجازر التي ارتكبوها بحق الأرمن والأشوريين والمسيحيين عامة .
وأما بالنسبة لأبناء الشعب الآشوري أنهم ينظرون بعيون وأفكار حائرة إلى تلكأ الدول الغربية قاطبة بعدم اعترافها بالمجازر التي ارتكبتها تركيا بحق هذا الشعب . وحيال ما تدعيه من قيم إنسانية ونبذ للعنصرية وإدانة لمرتكبي المجازر العرقية , والكيل بمكيالين ,وذلك بمعاقبة كل من يتنكر لمذابح اليهود في بعض البلدان الغربية .والكثير من هذه الدول تملك وثائق وحقائق دامغة في أرشيف دولهم حول هذه المجازر وخاصة ألمانيا وإنكلترا وفرنسا . فما عليها إلا أن تكشفها أمام وسائل الأعلام وأمام الباحثين لدراستها . وإذا كان هذا الأمر يتعذر على هذه الدول القيام به لأسباب سياسية ومصالح اقتصادية أو لأسباب مادية بحتة لا تريد تخصيص الأموال اللازمة لإخراج هذه الوثائق من الأقبية المظلمة, أو فسح المجال وتسهيلها أمام الباحثين من أبناء أمتنا. وإما فما عليها إلا قراءة ودراسة كل الوثائق والملفات التي قدمتها لجنة متابعة إبادة الآشوريين( سيفو )العالمية إلى برلمانات هذه الدول والى برلمان إتحاد الدول الأوربية والى الأمم المتحدة وأمينها العام والمنظمات العالمية المهتمة بقضايا المجازر والى الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وأستراليا وبلدان أخرى خلال عشرة الأعوام المنصرمة منذ تأسيس هذه اللجنة .هذه من ناحية ومن ناحية أخرى في أي إطار يمكن وضع مواقف ثمانية عشرة دولة اعترفت حتى الآن بمذابح الأشقاء الأرمن التي ارتكبها الأتراك بحقهم وبحقنا في نفس الفترة الزمنية وفي نفس الظروف وضمن السلطنة العثمانية خلال الحرب العالمية الأولى . أبناء أمتنا الذين عانوا من المجازر ينتظرون مواقف إنسانية من الدول الغربية قائمة على الأسس والقوانين والأنظمة العالمية التي صاغوها بأنفسهم في المؤسسات الدولية , والاعتراف بمجازر الشعب الآشوري . وكذلك ندعو الدولة التركية الاعتراف بالمجازر التي ارتكبتها ضد شعبنا ومنحة حقوقه القومية.
د. جميل حنا