بقلم مسعود هرمز النوفلي
أهداف ودلائل الرقم ثلاثة في الكتاب المقدس (ج1)
10 / 03 / 2011
http://nala4u.com
يمكننا أن نرى ونكتشف بسهولة استخدام الرقم ثلاثة في الأيمان المسيحي، وخاصة في معناه الروحي بالدلالة على الله الذي هو عندنا الآب والأبن والروح القدس، الله هو الثالوث في الكتاب المقدس، الأقانيم (الكيانات) الثلاثة جميعها تُمثل وتُشخص كياناً واحداً من ثلاثة أضلاع أو أوجه إن صحّ التعبير.
لنرى رموز هذا الرقم العجيب ومدلولاته في بعض فقرات الكتاب المقدس (العهد القديم):
1- في سفر التكوين 18 نقرأ بأن الله أرسل الى أبينا ابراهيم ثلاثة ملائكة مُبشّرين سارة زوجته بأنها ستحبل وتلد ابناً وهي في شيخوختها طاعنة في السن، جاءت الملائكة لهدف البشرى وفقا لارادة الله، وكعمل مهم استراتيجي، وهو ان ابراهيم ستخلفه أمة عظيمة مؤمنة من نسل هذا المولود المعجزة. الأمة المؤمنة ستكون نورا للعالم بعد الوثنية. وهذا ما حصل فعلاً لقد تم الأنتقال من مرحلة الظلام الى مرحلة النور الجديد وهي نقطة التحول الكبرى في ذلك الزمان التي جاءت عن طريق الثالوث الملائكي.
2- كان لنوح ثلاثة أبناء، حام وسام ويافت. لقد سار نوح وعاش بحسب إرادة الله وكان رجًلاً باراً وصدّيقاً ولهذا من المحتمل أو من المؤكد بأن الله قد أنعم عليه الكمال بأولاده الثلاثة الذين سيخلفون آبائهم. لو نقارن هذه المرحلة فيما قبلها وبعدها سنلاحظ الهدف نفسه وهو الأنتقال والتحول والتغيير الكلي في البشرية من الأسوأ والى الأفضل ، من الخراب النفسي، الى التجدد الروحي والأنساني، في الأخلاق والعمل والتوجه نحو الرب، هذا التحول يؤكد لنا هدف الثالوث أيضا في ثلاثة أبناء لنوح.
3- سفر التكوين 40 يتحدث عن تفسير الأحلام حيث قام يوسف بتفسير حلم رئيس السقاة ورئيس الخبازين وكانت الأحلام تدور عن رؤية ثلاثة قضبان وثلاث سلال وكان التفسير بأن رئيس السقاة سيطلق سراحه من السجن بعد ثلاثة ايام والآخر سوف يُقطع رأسه بعد ثلاثة أيام، وتحقق ما قاله لهم يوسف، هنا نلاحظ تكرار الرقم نفسه، القضبان تنتج العنب ومنها الشراب والسلال فيها انواع اطعمة فرعون وربطها مع ثلاثة أيام، فما هو الهدف من ذلك؟ المشهد فعلاً غريب وله دلالات متشعبة عن الحدث ويبقى الثالوث هو المحور. رئيس السقاة اكتسب حياة جديدة بعد السجن وتحول من السجن الى الحرية أما الآخر الشرير فان استحقاقه جعل من فرعون مصر ان يُعاقبه وتم ذلك لِما كان يستحقه من الشر، هذا التحول جاء بعد ثلاثة ايام لمغزى واحد وهو أن القرار النهائي حدث في الفترة المحددة للثالوث وكل ما حدث هو بنفس الفترة، اطلاق سراح أو الموت أو الخلاص أي الجنة أو الجهنم والعدالة، الى …أخ.
4- سفر الخروج 2 يعطينا أمراً مهماً آخر وهو بعد ولادة موسى، حيث قامت امه باخبائه ثلاثة اشهر وبعدها وضعته في سلّة البردي في النهر، موسى يبقى محبوساً ثلاثة اشهر وبعد تلك الفترة تطلقه امه لأمر الله والى المصير المجهول ومن هنا نلاحظ المهمة الأخرى للرقم الثالوثي العجيب. موسى مسجون بارادة امه وفجأة تُقرر الأم تحريره واطلاق سراحه بعد ثلاثة أشهر، رُبما سائل يقول لماذا الرقم ثلاثة؟ وهنا من المحتمل أيضا بأن الثالوث يدخل في المسألة ونقل موسى من الظلام الى النور والحياة الجديدة التي كان الله قد خططها وبارادته جاء كل شئ وفقاً لهذا الثالوث الرهيب وبنفس المفهوم الذي شاهدناه في الفقرات الأخرى اعلاه. الله انقذ موسى ليتربى في قصر فرعون العدو الذي أراد قتل كل اطفال بني اسرائيل وبعدها يدور الفلك ويقوم موسى بتخليص شعبه.
5- أبناء اسرائيل يذهبون في السفر لمدة ثلاثة ايام في البرية بعد الخروج وهم يذبحون ذبائحهم للرب لكي لا يُصيبهم الوباء أو السيف والموت، هل كانت الفترة رمزاً للفداء بالرب والخلاص؟ أعتقد لها علاقة وثيقة ايضا ولكن من الصعب تخيّلها. يُجاهدون ويُقدّمون الذبائح المطلوبة لكي يُنجيهم الرب من الدمار والهلاك، بعد ثلاثة أيام يحصلون على النتائج التي غيّرت كل مجرى حياتهم وتاريخهم وبدأوا من جديد وانتقلوا من المصير المجهول الى المصير المعلوم ونلاحظ دخول الثالوث معهم على طول الخط.
6- الرب يأمر موسى ليمد يديه نحو السماء لكي يُنقذ بني اسرائيل وفعلاً عمل موسى بارادة الرب ووقع ظلام دامس على ارض مصر لمدة ثلاثة أيام، الخروج 22 : 10 – 23 ، ماذا يعني لنا ذلك؟ أن الشعب المصري كان يعيش في ظلام وعكسه الشعب المؤمن بالله وهو الشعب الأسرائيلي آنذاك حيث كان يؤمن بالله وهذا يُمكننا ربطه بالرقم الثلاثة وهو النور واسم الله الثالوث وهو عمل مقصود من الخالق حتماً.
7- سار بني اسرائيل ثلاثة أيام في البرية بعد الخروج من مصر، تذمّر الشعب على موسى ولكن كان الفرج بعد ذلك، خروج 15 : 22 ، السير بعد الخروج في طريق مجهول للمصاعب والوحشة وكل ما تملكه البرية من مواصفات، لقد شعر الشعب بالخوف والضيق وعطشوا ولم يُشاهدوا سوى ماءاً مُراً، ولكن بعد ثلاثة ايام جاءهم الفرج والرحمة من رب العالمين عندما استطاع موسى تبديل الماء المر الى الماء الحلو الصافي بعد أن وضع غصن الشجرة فيه كرمز للتغيير والتبديل، هذه الحاثة مع ذلك الوقت أعطت روحاً جديدة واندفاعا قويا لدى الشعب بان الله لا يتركهم وهو المنقذ لهم، وما الثالوث الا رمزاً آخر للواقعة المهمة في التاريخ والأيمان.
8- سفر العدد 10 : 33 يعطينا دلالة ثلاثية اخرى وهي مسير الشعب لمدة ثلاثة ايام بتابوت العهد. السير بهذه الفترة ماهو إلا دلالة قوية للحدث الذي سيأتي مُستقبلاً ألا وهو قيامة الرب بعد ثلاثة أيام، حتى يصل تابوت العهد الى الهدف والمكان المخصص له أحتاج تلك المدة والسير الصعب على الأقدام والتعب الشاق وهكذا قيامة الرب لم تكن سهلة وإنما صادفتها الزوابع وانشقاق الهيكل والخوف وبالنتيجة انتصر الرب على الأعداء كما انتصر موسى وجماعته على الصعوبات والآلام. الثالوث مرة اخرى.
9- سفر يشوع 1 : 11 يقول الرب بعد ثلاثة ايام تعبرون الأردن وتدخلون أرضاً ستبقى ملكاً لكم، أيضا هنا المدة المهمة لتغيير الحالة والوصول الى الهدف وهو الأرض. بعض آباء الكنيسة يؤكدون أن الطعام الذي كان مع الشعب وتم تهيئته فعلاً لمدة ثلاثة ايام يُعتبر التحول والعبور الى ارض الميعاد والوراثة، بالأيمان بما لديهم ورجائهم واندفاعهم خلّصهم وأوصلهم سالمين بمحبة الله وهنا يمكن ان نربط ذلك روحياً بالقربان المقدس الذي به سنصل الى الحياة ولكن بشرط أن نثق بالثالوث الذي قال عنه مار بولس الرسول أي الأيمان والرجاء والمحبة.
10- سفر دانيال 3 : 23 هناك ثلاثة رجال يرميهم الملك الوثني في النار وبدلاً من ان يلتهمهم الحريق ظهرت للمُشاهدين اعجوبة وخلاص. هؤلاء الثلاثة اصبحوا رمزاً مهماً في الأنتقال من الوثنية الى الأيمان، لم تُصيبهم النيران التي أمر بها الملك نبوخذنصر باتقادها سبعة اضعاف الوقت المقرر بحيث مات الجنود الذين القوا الشبان الثلاثة في النار من شدة اللهب وشُعاعه، اما الشبان فلم تصيبهم الأذية ولا حتى الحروق البسيطة وخلّصهم الله وهُم داخل الأتون المتقدة، بالأضافة الى ذلك فأن القيود التي كانوا قد أوثقوهم بها قد حُلّت وتحرروا منها ومجّدوا الله وهُم بين النار، القصة هي شهادة رائعة حقيقية وحية للأيمان والثلاثة سيبقى الرمز الحقيقي للخلاص من الموت الى القيامة والشهادة والى الأبد.
الى اللقاء في الجزء الثاني ورموز اخرى ودلائل للثالوث
مسعود هرمز النوفلي
10/3/2011