الاعـتراف بالخطـأ فضيلــة!…

بقلم غســان يونان
الاعـتراف بالخطـأ فضيلــة!…

01 / 03 / 2011
http://nala4u.com

إن المشـكلة التي تعيشـها مؤسـسات شـعبنا الآشـوري لا سـيما السـياسـية منهـا، تكمن في عـدم تحلي هذه المؤسـسـات بالقـدرة والكفـاية اللازمتين في تسـيير شـؤون وشـجون شـعبنـا وفي كافـة الميـاديـن.

فعنـدمـا نرى الحـالة المزريـة التي أوصلتنـا إليهـا قيـادات هكـذا مؤسـسـات، نُصـاب حقـاً بالدهشـة والغرابـة. فمن المؤسـف أن تكون نتيجـة التضحيـات والعطاءات على مـر عشـرات السـنين مخيبـة للآمـال ولم تحقق الحـد الأدنى من كل تلـك الشـعارات التي كانت ترددهـا أغلبيـة قيادات شـعبنـا والتي كانت تطالب فيهـا بحقوقنـا السـياسـية والإداريـة والاجتماعيـة والثقافيـة..إلخ على أرض الآبـاء والأجـداد.
فعندمـا حان وقت القطـاف، انقسـمت تلك القيادات على نفسـها وبات همهـا الأول والأخـير ـ إذا أرنـا إنصافهـا ـ كيفيـة الوصول أو الحصول على مكسـب شـخصي ظرفي هنـا أو هنـاك!. وكلمـا ضاقت بهـا الدنيـا (أي تلـك الزعامـات)، إلتجـأت إلى الشـعب من خلال التذكير بشـعارات، أقـل ما يقـال فيهـا: “باتت في حكم الخيـال!..”

ليـس بالغريب أو العـار، اللجـوء إلى الشـعب عنـد المحن، لا بل من الواجب والضـرورة، وفي معظم الأحيـان والفترات، لا سـيما الصعبـة منهـا والقاسـية كالتي نمـر بهـا اليـوم، أن يعـود المرء إلى أهلـه وأبنـاء شـعبـه في اتخـاذ القرارات التاريخيـة الصعبـة لا سـيما المتعلقـة منهـا بمصير الشـعب.
لكن أن تعـود تلـك القيادات إلى الشـعب فقط من أجل تمرير مشـروع خاص هنـا أو آخـر هنـاك، فتلك هي المصيبـة بعينهـا وتلـك هي الجريمـة الكبرى ليـس فقط بحق أبنـاء شـعبنا وحـقه المقدس وإنمـا أيضـاً بحق الآلاف من شـهداء أمتنـا الآشـوريـة وعلى مـر مئـات لا بل آلاف السـنين. هنـا تقع المشـكلة ومن هنـا يجب الإنطـلاق نحـو أي مشـروع قومي وطني بنـاء، وليس من منطلق شـخصي وظرفي لا يلبث التاريخ والواقـع والمنـطق أن يرميـه في جعبـة الزمـن.

نقـول هـذا، ليـس من قبيل الشـماتـة أو التجريـح أو حتى منطلق شـخصي، وإنمـا شـعور منـا بالمسـؤوليـة الوطنيـة والقوميـة تجـاه شـعبنـا وتجـاه تضحيـاتـه الجسـام.
فعنـدمـا نقرأ عن لسـان أحـدهم بعـدم الممانعـة في حال الاتفاق على منح أو إعطـاء منطقـة شـبه مسـتقلـة “لمسـيحيي العراق” نشـعر بطريقـة أو بأخرى، بعـدم بلوغنـا سـن الرشـد بعـد، فمجـرد رمي بالون اختباري بهـذا الحجـم، نرى وبكل أسـف كيف تلتهي أغلبيـة زعاماتنـا بهذا الطـرح ويذهب الكثير منهـا في التفسـيرات والتحليلات إلى أبعـد الحـدود في وقت أن هذا البالون ليس إلا مضيعـة للوقت، أجل مضيعـة للوقت كون قياداتنـا “الموقرة” نفسـها لم تتجـرأ ولو إعلاميـاً بطـرح هكذه أمـور علمـاً أنهـا حق وواجب وطني وقومي يجب أن يكون قـد اتفق عليهـا ضمن البيت الآشـوري ومنـذ زمن طويل.

فالشـعب الآشـوري على مختلف توجهاتـه السـياسـية وانتماءاتـه المذهبيـة كان ينتظـر طرحـاً قوميـاً وطنيـاً وليس مذهبيـاً أو دينيـاً يحقق الحـد الأدنى من طموحـاته وتطلعـاته، لكن تلـك الزعامـات لم تتجـرأ فعـلا من الإدلاء بهكـذا مطلب تاريخي واكتفت اللعب بعواطف شـعبنا من خلال ادعاءاتهـا المسـتمرة وضمن المجالس الضيقـة بأنهـا سـتطالب بكافـة الحقوق القوميـة لشـعبنا وذلـك أسـوة بباقي مكونـات الشـعب العراقي الشـقيق.
لكن سـرعـة تطورات الأمـور على السـاحـة، كشـفت حقيقـة أولائك “الأبطـال!” وبـات من المسـتحيل القبول بهـذا الواقـع الأليم الذي يعيشـه شـعبنـا. فبالعودة من أجل النظـر إلى نتيجـة السـنوات الأخـيرة التي جناها شـعبنـا ((هـذا الشـعب الذي لم يبخـل يومـاً في عطـاءاتـه المسـتمرة))، نجـد وبدون مبالغـة، أننـا كقوميـة آشـوريـة قـد تراجعنـا عشـرات السـنين إلى الوراء، إذ أمـسى البعض منـا يترحـم على الأيـام والسـنين الماضيـة بالرغـم من كل المآسـي والويلات التي ألمّـت بنـا..
فمـن غـير الجائـز والمنطق، وبعـد كل هـذه الهـزائـم التي مُني بهـا شـعبنا كقضيـة محقـة وعادلـة، أن يقبـل بهـذا الأمـر الواقـع الذي تم فرضـه تحت شـعارات وشـعارات ظاهرهـا براق ومضمونهـا المزيـد من الدمـاء والدمـوع بحق شـعب أصيـل بات اليـوم لاجئـاً في وطنـه ومنقسـمـاً على ذاتـه لا يرى أمـامـه خلاصـاً سـوى اللجوء إلى السـفارات الغربيـة هربـاً من واقـع أليم ومعيب فرضـه عليـه ممثليـه الذين جيءَ بهـم بالطريقـة المعروفـة وليـس كمـا كان متوقعـاً.

هـذا هـو واقـع الحـال، والاعتراف بالخطـأ فضيلـة.. فلتعـترف تلـك القيـادات بأخطـائهـا وتصرفاتهـا اللامسـؤولـة، لعلهـا تتمكن من إنقـاذ مـا يتوجب إنقـاذهـه، إن كان من ناحيـة إعـادة اللحمـة بين أبنـاء البيت الواحـد أو من حيث العـودة إلى الضمير والذات من أجل الاعتراف المتبادل فيمـا بين بعضهـا البعض وبالتـالي السـير قـدمـا نحـو تشـكيل نـواة “جبهـة قوميـة” تنـال ثقـة أبنائهـا وتنطلق يـداً واحـدة وقلبـاً واحـداً نحـو الهـدف المنشـود.

غســان يونان

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الارشيف, المقالات واللقاءات. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.