بقلم د. جميل حنا
أساليب إبادة الشعب الآشوري
10 / 01 / 2011
http://nala4u.com
الحديث عن مذابح الإبادة العرقية الجماعية التي تعرض لها الشعب الآشوري حديث مرتبط بتاريخ طويل ملئ بالمآسي الكثيرة مند آلفين وخمسمائة عام عندما انهارت الإمبراطورية الآشورية البابلية. وبدء الغزوات الخارجية من فارسية وبيزنطية وإسلامية وهجمات مغولية وتترية وغزوات عثمانية كردية على بلاد ما بين النهرين .
خلال السيطرة العثمانية وحدها ارتكبت سبع مجازر رهيبة كان أفظعها بشاعة وإجراما التي ارتكبها العثمانيون الأتراك بالتعاون مع قوى العشائر الرجعية الكردية في 24 نيسان 1915 أثناء الحرب العالمية الأولى (سيفو) بذلك التاريخ انطلقت ابشع مجزرة ء إبادة جماعية منظمة في التاريخ البشري على الإطلاق لتقضي على وجود اكثر من نصف مليون شهيد من أبناء الشعب الآشوري بتسمياتهم المذهبية المختلفة , سقطوا ضحية سياسة الإبادة العرقية ما عدا الموتى بسبب المرض والمجاعة والحصار أضافه إلى الذين أرغموا على اعتناق الإسلام .
ومورست أبشع الفظائع الإجرامية بحق النساء والفتيات والأطفال التي يندى لها جبين الإنسان الشريف ،ويضاف إلى ذلك مئات الآلاف المهجرين قسرا من مناطق سكناهم التاريخية الأصلية منذ الآلاف السنين ، بسبب حرق وإبادة وتدمير مئات القرى وجرى تغيير ديموغرافي لمناطق سكنى الشعب الآشوري . نذكر على سبيل المثال لا الحصر : آورمي -هكاري – وان- نينوى (الموصل) نوهدرا(دهوك) آربيل -طور عابدين – نصيبين – آمد (ديار بكر ) اورهي (الرها ) .وما حدث خلال هذه الفترة فاقت كل التصورات الشيطانية وزادت بشاعة بما أقترفه بدر خان 1843 _1847 .
منفذي مجازر الإبادة العرقية بحق الشعب الآشوري يقللون من حجم مسؤوليتهم بارتكابها. الدولة التركية تدعي بان رحى الحرب كانت دائرة وان الشعب الآشوري والأرمن والمسيحيين بشكل عام كانوا حلفاء الإمبراطورية الروسية وإنكلترا . وان الذين نفذا المجازر هم الأكراد .
بينما يدعي الأكراد بأنهم نفذوا أوامر السلطة العثمانية التركية ، ولم يكن يملكوا آي إرادة حرة ، وما جرى من قتل لم يتعدى سوى بعض الحالات الفردية وكذلك مشاركة الأكراد لم تكن سوى مشاركة جزئية .
ولكن لمعرفة حقيقة من هو المسئول عن الإبادة وان كان هناك آي مبرر من قبل الطرفين لارتكاب هذه الجرائم البشعة , نذكر ببعض الشرائع والقوانين الدولية بهذا الخصوص . تؤكد الوثائق الصادرة عن الأمم المتحدة مثل (الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948 ، واتفاقية إدانة الإبادة الجماعية 1951 ، واتفاقية إزالة التفرقة العنصرية 1965 ) وغيرها من الوثائق الصادرة عن المؤتمرات الدولية والمنظمات المنبثقة منها التي تؤكد على حقوق الإنسان الأساسية وتدعوا لإلغاء التعسف الاستبداد الاضطهاد والتمييز.وتؤكد بأن ( لكل إنسان حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في هذا الإعلان , دون تمييز , كالتمييز بسبب العنصر أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو آي رأي آخر , أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو الثروة أو الميلاد أو آي وضع آخر , دون أية تفرقة بين الرجال والنساء … )
كما أعلنت الجمعية العامة 1946 بأنة ( بموجب القانون الدولي تعتبر إبادة الأجناس جريمة وهي تخالف روح وأهداف الأمم المتحدة ويدينها العالم المتحضر ) . وعدم الالتزام بها يعد انتهاكا صارخا لمبادئ حقوق الإنسان وعقبة تحول دون قيام علاقات ودية وسليمة بين الشعوب . وان ارتكاب مجازر الإبادة الجماعية في أوضاع الحرب والسلم تعتبر جريمة بحق الإنسانية . وتتعارض مع الوثائق الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة في 1948 وكل الوثائق اللاحقة ذات الصلة بهذا الخصوص .
كما تتعهد الدول الموقعة على هذه الوثائق بألا تقوم بتنفيذ المجازر , وتعمل على منع ممارسات التصفية الجسدية بحق أي فئة على أراضيها وتلتزم بتنفيذ جوهر المعاهدات الدولية بهذا الخصوص .كما حددت هذه الوثائق مفهوم الإبادة العرقية الجماعية المرتكبة بحق فئة ما بهدف القضاء علية أو جزء منة بأنها الأعمال الإجرامية والسلوكيات والقرارات المتخذة ضد فئة ما وحددتها بالإجراءات التالية :
أ-قتل أعضاء من الجماعة
(قتل وتصفية جسدية لأفراد مجموعة ما بسب الانتماء المميز المذكور في الوثائق الدولية كالقومية والدين …)
ب_ إلحاق الضرر النفسي والجسدي بأفراد المجموعة بسبب انتمائها
ج-إخضاع الجماعة ,عمدا ,لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادي كليا أو جزئيا .( أي تكريس ظروف معيشية صعبة بأساليب القوة أو سن بعض القوانين هدفها القضاء كليا أو جزئيا على فئة ما)
د-فرض تدابير تستهدف الحؤول دون إنجاب الأطفال داخل الجماعة . (إصدار قوانين تهدف إلى منع زيادة الولادة لأبناء فئة ما )
كما يعاقب القانون الدولي على التحريض المباشر و العلني على ارتكاب القتل وإبادة فئة ما ، والتآمر, والاشتراك , ومحاولة ارتكاب الإبادة تعد جريمة كمن يرتكبها. وتطبق هذه القوانين بحق كل من يقوم بأي فعل من الأفعال المذكورة سواء كانوا حكاما دستوريين أو موظفين عامين أو أفرادا عاديين .
الإبادة العرقية الجماعية ليست جريمة سياسية بل جريمة بحق الإنسانية , وتختلف عن بقية أنواع الجرائم بأن مرتكبي هذه الجرائم لا تزول عنهم مسؤولية الجريمة بالتقادم مهما طال الزمن ,وفقا لقوانين منظمة الأمم المتحدة وقراراتها و ستظل تتحملها الحكومات المتعاقبة على السلطة في الدولة .
انطلاقا من سياق تعريف جريمة الإبادة الجماعية نجد انطباقها على المجازرالإبادة العرقية التي نفذت بحق الشعب الآشوري بكافة مكوناته من أبنا الكنيسة السريانية الأرثوذكسية والكنيسة الكلدانية والكنيسة المشرقية في تركيا . جميع الوثائق المكتشفة تأكد بأن قرار الإبادة أتخذ في قيادة حزب الاتحاد والترقي قبل سنوات من اندلاع الحرب الكونية الأولى بالقضاء على الأرمن والمسيحيين بشكل عام لتحقيق أطماعهم الطورانيه . كان اندلاع الحرب العالمية الأولى فرصتهم المواتية لتحقيق ذلك وأصدرت الحكومة التركية الأوامر إلى الأفواج الحميديه التي هي بالأصل من العناصر الكردية والى العشائر الرجعية الكردية وقدمت لها السلاح اللازم لتنفيذ المجزرة بحق الشعب الآشوري .كانت تلك إبادة عرقية جماعية مدبرة مخططة ومنفذة حكوميا بمساهمة واسعة واشتراك مباشر وفعلي من قبل الغالبية الساحقة من العشائر الرجعية الكردية المتعصبة دينيا , وطمعا في الاستيلاء على الأراضي و الممتلكات والثروة وسبي النساء المسيحيات
أبيد أكثر من نصف مليون من الآشوريين وأكثر من مليون ارمني وهجرا وشردا اكثر من مليون ونصف من المسيحيين أثناء الحرب .إن قتل هذا العدد الهائل لا يعد حالات فردية ولا يعد بأي شكل من الأشكال مشاركة جزئية من قبل العشائر الرجعية الكردية بتنفيذ هذه المجازر وعلى ارض جغرافية شاسعة تمتد من اورمي إلى بحيرة وان والبحر الأسود إلى هكاري طور عابدين وديار بكر حتى البحر الأبيض المتوسط .وإذا علمنا بأن تواجد الشعب التركي كان نادرا في مناطق سكنى الشعب الآشوري ، وإنما الشعب الجارالجديد كان الشعب الكردي والجيش التركي كان على جبهات القتال يقاتل الأعداء الخارجيين. شهود العيان يحدثون بأن الأداة الفعلية بتنفيذ تلك الجرائم هم العشائر الرجعية الكردية المتعصبة دينيا.وهذه المشاركة لم تكن حتى في مصلحة كل الشعب الكردي. وهنا لابد من ذكر شيء هام آخر وهو أن بعض العشائرالكردية القليلة والأفراد قدموا الحماية للشعب الآشوري أثناء الحرب و لهم جزيل الشكر وجميل العرفان على عملهم الإنساني .
وفقا لوثائق الأمم المتحدة إن حالة الحرب لا يبرر التصفية الجسدية وإبادة شعب ما . والشعب الآشوري لم يكن طرفا في الحرب الدائرة رحاها بين السلطات العثمانية وحليفتها المانيا وبين الدول الحليفة روسيا و إنكلترا وفرنسا . الآشوريون كانوا من مواطني السلطنة العثمانية التركية وملتزمون بقوانينها ولم يثأر أو يرفعوا السلاح أو ينتفضوا ضد الدولة, بل كانوا موالين مسالمين .ولم يكن هناك أي مبررا بأن يرتكب الجرائم بحقهم لان دينهم المسيحي مطابق لدين القيصرية الروسية وإنكلترا وان لهم بعض المطالب من أجل بعض الحقوق الدينية والقومية .
لم يكن ليحدث هذا لولا الأحلام الطورانية ببناء إمبراطورية خالية من الأعراق والأديان غير التركية واستغلال حالة الحرب للقضاء على العنصر غير التركي وتصفيته جسديا . إذا كانت حالة الحرب تعطي ذريعة للبعض للقضاء على الفئات المميزة في المجتمع ، إلا أنة
في حالة السلم تكون مسألة التصفية الجسدية والقضاء على فئة ما اكثر تعقيدا والممارسات الهادفة إلى التصفية تأخذ أشكالا متنوعة بالتأكيد تبقى التصفية الجسدية في المقام الأول بقتل الأبرياء المسالمين لزرع الرعب بين صفوف أبناء الفئة المستهدفة , وتدمير القرى والممتلكات والاستيلاء عليها بهدف تهجير السكان الأصليين كما حدث للشعب الآشوري السرياني منذ عقود طويلة في العراق وتركية .
تقر وثائق الأمم المتحدة بأن ارتكاب آي ممارسات تهدف القضاء أو إلحاق الأذى بالحالة الجسدية والنفسية لفئة ما تعد جريمة إبادة جماعية .
لان الحالة النفسية تتجاوز الحالة الجسدية وتأخذ بعدا عميقا تمس كيان الوعي الثقافي الذاتي المميز للإنسان . ولأن الحالة النفسية التي تتمثل بالثقافة الروحية الدينية والدنيوية والعادات والتقاليد الراسخة عبر التاريخ لشعب ما أسمى من الجسد ، إذا فقد الإنسان هذه القيم فقد معنى وجودة بالنسبة للفئة التي ينتمي إليه . هناك علاقة جدلية قائمة بين الحالة النفسية بكل قيمها الإنسانية وبين الجسد وهذان الأمران متلازمان , ينطلق من واقع البيئة والظروف الحياتية بكل أبعاده الثقافية السياسية والدينية والاقتصادية وبعامل الزمن .إلا أن العوامل المأثرة بالنفسية التي تلحق بالناس من الصعب تحديد درجة تأثيرها سلبا أو إيجابا .
لان تقبل البشر وتعاملهم وردود أفعالهم تكون مختلفة بشأن التأثيرات والانتهاكات الدينية والنفسية التي تلحق بهم .كما حدث في بلاد ما بين النهرين وسوريا وتركيا وإيران للشعب الآشوري. خلال عهود طويلة الغالبية الساحقة تخلى عن دينة المسيحي بسبب القتل ومجازر الإبادة الجماعية والاضطهاد والتعسف والحرمان والتمييزالعنصري, لكي يحافظ على حياته وقسم كبير آخر من هذا الشعب قدم حياته دفاعا وقربانا لدينة وقوميته . البعض يتخلى عن قيمة الروحية والثقافية والعادات والتقاليد ولغة الأم تحت ظروف القهر والتعسف .وآخرون يقدمون كل تضحية ويبذلون كل ما بوسعهم للمحافظة على القيم الروحية الدينية والثقافية وخصائصهم القومية وتحقيق الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والمساواة بين أبناء الوطن.وبغض النظر عن ردود أفعال الناس بمقاومة أو عدم مقاومة تلك الانتهاكات والممارسات التعصبية القهرية الإجرامية , تعتبر انتهاكا فظيعا لحقوق الإنسان والمواطنة حسب المواثيق الدولية لأنها تمس قضايا أساسية جوهرية تخص الوجود القومي والديني للفئة المقصودة بإبادتها .
إذا القينا النظرعلى القوانين الوطنية في بلاد ما بين النهرين وتركيا وسوريا نجد بأن قوانينها تنص على المساواة بين المواطنين وحرية التعبير عن الرأي … . بينما في الواقع العملي نجد حرمان الشعب الآشوري أبناء قومية أصلية مكونة للنسيج الوطني من تعلم لغتهم الأم في المدارس وحرمانهم من جميع حقوقهم الثقافية والقومية بسبب انتمائهم القومي المميز والمغاير للقوميات الغالبية الحاكمة في هذه الأوطان .هذا الحرمان يعد تمييزا عنصريا وانتهاكا صارخا للقوانين الوطنية والاتفاقات الدولية .وجميع هذه الحكومات والقوى المسيطرة على أوضاع هذه البلدان أول ما
تهدف إلية هو القضاء فعليا على كيان هذا الشعب ثقافيا وتحطيمه نفسيا بزرع الرعب والخوف في نفسه ومن ثم صهره كليا ضمن القومية/القوميات الكبيرة.
إن وثائق الأمم المتحدة تطرح مسألة العوامل النفسية والثقافية وتعد جميع الانتهاكات اللاإنسانية بهذا الشأن جريمة , ولكن في الواقع الفعلي لا تولي أهمية جدية لهذه المسألة .جلا اهتمامها ينصب بالدرجة الأولى على الإبادة العرقية الجماعية بارتكاب القتل أي التصفية الجسدية .
صحيح إن موت الجسد هو موت للكائن الحي للإنسان ،ولكن لا يعني بالضرورة موت القيم التي آمن بها . وتبقى هذه مقارنة نسبية . حيث يمكن القضاء على النفسية بكل قيمها الذاتية الروحية والثقافية ويمكن القضاء على هذه القيم وإلحاق الأذى بها بدون إصابة الجسد . وذلك بطرق وأساليب مختلفة كثيرة تمتد من الترهيب والترغيب والمدرسة إلى وسائل الأعلام .لذا ليس صحيحا بأن العقل السليم في الجسم السليم لأنة يمكن القضاء على العقل على الوعي الفكري الروحي الثقافي القومي التاريخي لشخص ما ويبقى الجسد سليما .
وهذه الحالة لا تنطبق على الفرد فقط , بل ينطبق أيضا على شعب أو قومية أو فئة ما كما حدث للجزء الكبير من أبناء الشعب الآشوري خلال العهود الطويلة حتى وقتنا الحاضر . حيث فرضت علية إجراءات تعسفية ،وقتل وأرغم على اعتناق الإسلام ومن ثم شملته إجراءات التعريب والتتريك والتكريد . وتم القضاء علية نفسيا آي القضاء على الوعي الفكري والديني والقومي والثقافي واللغوي والتاريخي والعادات والتقاليد الخاص به , وبقي جسده يرفد دينا وثقافتا وقومية أخرى غير الذي كان علية بالأصل . وهذا النوع من الإبادة العرقية الجماعية لا يضر بالوجود الجسدي , بمسألة البقاء آي الحياة الجسدية وإنما يقضي قضاء تام على قيم الإنسان الثقافية الدينية والدنيوية وعلى وجودة القومي .ويعيش الإنسان مجردا عن قيمة الثقافية الخاصة وبهذا يقضى تماما على هذه القيم الإنسانية العائدة لهذا الشعب منذ آلاف السنين .
وهناك أساليب أخرى للقضاء على الشعب الآشوري بحرمانه من حقوقه الثقافية والتعلم بلغة الأم في المدارس وفرض قيود تعيق ممارسة التقاليد الخاصة والحرمان من وسائل الأعلام عدم الاعتراف بكيانه القومي المميز. بل بعكس من ذلك نرى هجمة شرسة بتزوير حقائق التأريخ , وسخر في سبيل ذلك كل الطاقات المادية والبشرية بدأ من المدرسة إلى وسائل الأعلام الحديثة واستخدامها للقضاء على الثقافات المختلفة والإنكار التام للتنوع الثقافي القومي للبلد وفرض الهيمنة المطلقة للقومية الكبرى على كافة أمور الدولة وفرض الثقافة الأحادية الجانب وعدم إفساح المجال للثقافات المغايرة وكبت الرأي المخالف وحرمانه من وسائل التعبير عن ذاته وقتل مشاعره القومية الخاصة وخلق روح العدمية تجاه ثقافته الأصلية وقوميته وتأريخه بحيث يغترب الإنسان عن ثقافة بني قومه .ويصبح في دائرة التابع لا حول ولا قوة له بل يتحول إلى أداة للقضاء على ما تبقى .وفرض الهيمنة
السياسية المطلقة بتكوين شخصية ذو عقلية تخدم مصالح القومية الكبرى ومصالح الأنظمة الحاكمة والقوى المسيطرة . هذه البرمجة الفكرية التي تعرض لها الشعب الآشوري , لم يدفع بالجميع لليقظة تجاه الأساليب والإجراءات التي تستهدف صهره والقضاء علية بتدميرالوعي الذاتي القومي . وذلك لأسباب القتل والمجازر والاضطهاد والترهيب الدائم الذي تعرض لها خلال تأريخه الطويل وخلق حالة اليأس واللامبالاة والعدمية لدى البعض . ومن ناحية أخرى كل الممارسات التعصبية واللاإنسانية التي تعرض لها الشعب الآشوري منذ عهود طويلة لم يلفت انتباه المؤسسات الدولية والرأي العام العالمي إلى محنته والتضامن معه .
إضافة إلى التصفية الجسدية والنفسية ، هناك أمر هام أخر آلا وهو التهجير القسري وبأساليب القوة أو بخلق ظروف حياتية غير طبيعية على كافة الأصعدة الثقافية والسياسية والاقتصادية والدينية والأمنية ، وتدمير القرى والممتلكات والتسلط عليها بالقوة مما يدفع بأبنائه للهجرة للحفاظ على حياته .ويهدف القائمون بهذه الجرائم خلق أوضاع جديدة قائمة على أساس التغيير للواقع الديموغرافي . ومن ثم تغيير الخارطة الجغرافية والاجتماعية بما يخدم المشاريع القومية الشوفينية للقائمين بهذه الأفعال الإجرامية .
التصفية الجسدية والنفسية والهجرة تهدف إلى أمر واحد هو القضاء وفناء الشعب الآشوري . لذا لا يمكن لأي منطق علمي وإنساني وقانوني الاعتراض على أن التصفية النفسية والهجرة لا تستوفي بكل معايير وشروط الإبادة العرقية الجماعية بما إنها تصب في مجرى واحد وتهدف إلى هدف واحد هو القضاء كليا أو جزئيا على أتباع شعب ما أو قومية عرق ,أثنيه أتباعدين ما .
ومن المهم التركيز على هذين الأمرين أيضا لأن الشعب الآشوري حتى اللحظة يعاني من الأمرين في كل أماكن تواجده ، على يد الحكومات والشعوب المجاورة التي يقتسم العيش معها على أرض الوطن .
خلال العقود الأخيرة وحدها دمرت مئات القرى وشرد عشرات الآلاف من أبناء الشعب الآشوري من أراضية التاريخيه في تركيا ، وكذلك الأمر بالنسبة للعراق تم تدمير مئات القرى وتشريد مئات الآلاف في عهد الديكتاتور صدام ،وفقط خلال العقد الأخير من القرن العشرين في ظل حكم البرزاني الطلباني هجرا أكثر من مائة وخمسون آلفا ومنذ احتلال العراق من قبل المستعمرين الأمريكان هجرا قسرا حوالي سبعمائة ألف من أرضهم التي سكنوها منذ آلا لاف السنين.ومن سوريا بسبب الظروف ألمعاشيه والحرمان من الحقوق الثقافية و القومية وغياب الديمقراطية الحقيقية وعدم الإحساس بالأمان دفع بعشرات الآلاف إلى الهجرة .
أن إيقاف هذه الإجراءات التعسفية من على الشعب الآشوري سيكون في خدمة الوطن ويعزز اكثر الوحدة الوطنية ودليل احترام القيم الإنسانية . ويتطلب ذلك من تركيا :_ الاعتراف بمجازر الإبادة الجماعية التي نفذتها بحق الشعب الآشوري خلال أعوام 1915 _ 1919 _ الاعتراف بحقوقه القومية كشعب أصيل على أرضة التاريخية والتعويض عن الأضرار التي لحقت بة ماديا ومعنويا .إعادة أعمار القرى والممتلكات وتسليمها لأصحابها الشرعيين من أبناء الشعب الآشوري و تقديم الحماية اللازمة للعائدين إلى أراضيهم .
وفي العراق أيضا إعادة الأملاك والقرى إلى أصحابها الشرعيين وخاصة في شمال العراق على أرض آشور وإلزام الأحزاب الكردية بإعادة الأراضي التي استولت عليها إلى أصاحبها من أبناء الشعب الآشوري بكافة تسمياتهم المختلفة. العمل على قيام إقليم آشور أو كحد أدنى إقامة الحكم الذاتي للشعب الآشوري على جزء من أراضيه التاريخية. إيقاف محاولات الترهيب والقتل لإجبار أبناء شعبنا على الهجرة . منح الحقوق القومية لأبناء شعبنا كاملة وأن يمارس نشاطه الثقافي والسياسي في إطار حماية وحدة التراب الوطني . التعلم باللغة الأم , منح وسائل إعلام لشعبنا دعوة الحكومات الوطنية بتدريس اللغة الآشورية السريانية في بلاد ما بين النهرين وسوريا باعتبارها اللغة الأصلية لدول المنطقة اللغة الوطنية . التوجه إلى المؤسسات الدولية وخاصة اليونسكو بالدفاع عن الثقافة والآثار و الكنوز الحضارية الآشورية . دعوة دول الإتحاد الأوربي وأمريكا للاعتراف بمجازر الإبادة التي ارتكبت بحق شعبنا . دعوة المؤسسات الدولية ذات الصلة بالضغط على تركيا للاعتراف بالمجازر التي نفذتها ضد شعبنا وإلزامها للمثول أمام محكمة العدل الدولية . إن مطالبنا هذه تأتي وفقا للقانون الدولي فما على الحكومات والدول إلا تنفيذ جوهر الوثائق الدولية, لإنصاف أهل الحق .
د. جميل حنا