لبــنان يعيـش حـالـة حـرب حقيقيـة!

بقلم غســان يونان ـ ألمانيـا
gyounan@gmx.de
لبــنان يعيـش حـالـة حـرب حقيقيـة!…

16 / 12 / 2010
http://nala4u.com

منـذ محـاولـة اغتيـال النائب والوزير اللبـناني مروان حمـادة مروراً باغتيـال رئيـس الحكومة اللبـنانية الأسـبق رفيق الحريري والنائب باسل فليحـان ورفاقهمـا والمناضل والمفكر اللبـناني جورج حـاوي والكاتب الجريء والشـجاع سـمير قصير والإعلاميـة البارزة في المؤسسة اللبنـانية للإرسـال مي شـدياق التي أنقذتها الرعاية الإلهيـة وصولاً إلى الجريمـة النكـراء التي أودت بحيـاة الصحافي والنائب اللبـناني جـبران تويني ومرافقيـه ((وذلـك يوم الإثنين الماضي (14/12/2005))، يتضح جليـاً بأن حربـاً شـبه معلنـة يشـنهـا البعض على كل من يحـاول ــ ولو بالوسـائل الحضاريـة المتمـدنـة ــ التعبير عن وجهـة نطره المخالفة لأرباب عهـد الوصـايـة الـذي أنهك المجتمـع اللبـناني ودمـر بنيتـه التحتيـة. إذ يتبين يومـا بعـد يوم، أن كل من يطالب بكشـف الحقيقـة والتمسـك بالحريـة والسـيادة والاسـتقلال الحقيقي، بات هـدفـاً لأعـداء الحريـة والكلمـة الجريئـة وبالتـالي بات وضع لبـنان الكيـان أمام مفصـل تاريخي خطـر وتهديدات خارجيـة هدفهـا الوحيـد تدمير لبـنان الرسـالة والقيم والمبادىء والكرامـة والحضارة.

وأمـا في الحروب العـاديـة، فالعـدو معروف والصديق أيضـاً معروف وبالتـالي لا يصعب توفير وسـائل الدفـاع  للحـد من الخسـائر والضحايـا بقـدر الإمكـان. أمـا الوضع المأسـاوي الذي يعيشـه المواطن اللبـناني منـذ السـنة تقريبـاً، [ناهيك عن الخمسـة عشـرة سـنة الماضيـة حيث الوصايـة كانت مفروضـة وقمـع الحريـات طالت الجميع دون اسـتثناء..] يدعو إلى المزيـد من اليقظـة والحـذر لدى كافـة اللبـنانيين والسـهر جنبـاً إلى جنب مع المولجين بحمايتهم وتأمين حياتهم. وبنفس الوقت، يتعين على الجهـات اللبـنانيـة المختصـة أن تكون العين السـاهرة على مواطنيهـا لتقي أبنائهـا من المخاطر التي تهـدد ليس حياتهم فحسب وإنمـا وجودهم ورزقهم وكرامتهم وسـيادتهم. لكـن المشـكلة تكمن في تأخر اللبـنانيين في طرحهـا حتى اليوم، ألا وهي الصراحـة المتبادلـة فيمـا بينهم كأبنـاء وطن واحـد ومصير مشـترك واحـد وتاريـخ واحـد ولغـة واحـدة.. وعـدم طرح الصراحـة المتعلقـة بمصير شـعب بأكملـه ووطن حر سـيد مسـتقل سـتؤدي بطريقة أو أخرى إلى عدم الثقـة فيمـا بين بعضهم البعض وبالتالي ــ تماماً كما هو حاصل ــ تقويـة وتغذيـة الولاء الخارجي لدى بعض الجهـات اللبـنانية أكثر ممـا هـو ولاء للبـنان الواحـد الموحـد لكل أبنـائـه وبمختلف انتماءاتهم وتوجهـاتهم، وهـذا أسـوأ وضع وأصعب حالـة يمـر بهـا اللبـنانييون. ففي خضم هـذه المعركـة أو الهجمـة البربريـة على لبـنان الوطن والكيـان يبـدو للبعض بأن أولويـاتـه للخارج أهم من الداخل ممـا سـيؤدي ــ لا سمح الله ــ إلى فقـدان الوطـن وتزوير التاريخ!.

من هـذا المنطلق، مطلوب من اللبـنانيين جميعـاً الجلوس على طاولـة مسـتديرة من أجل بـدء حـوار جـدي وبنـاء ضمن البيت اللبـناني الواحـد وعدم إفسـاح المجـال أمام أي تدخل خارجي، قريبـاً كان أم بعيـداً، ليصـار إلى طرح كافة الأمور والقضايا المصيريـة على طاولـة النقاش ولا بـد عندئـذٍ من أن يتمكن القادة اللبـنانيون والشعب اللبـناني من التوصل إلى قواسـم تاريخيـة مشـتركة تجمع فيمـا بين بعضهم البعض، وفي طليعـة هـذه القواسـم:
“التكاتف والتضامن ضد الحرب التي تشـن ضد فئـة دون أخرى أو بالأحرى ضـد هؤلاء الذين يطالبون بالسيادة والحرية والاسـتقرار والولاء التـام للبـنان السـيد الحـر المسـتقل والحفاظ على جوهر التعايش بين كافـة أبنـائه مسـلميـن ومسـيحيين”….

إن التهرب من تحمـل المسـؤوليـات أو التأجيل في إيجـاد المخـارج الكفيلـة في صـد هـذه الهجمـة البربريـة، سـوف يجعل ضرب الأهـداف أكثر سـهولـة من ذي قبل لأن التحصين الداخلي مفقود أو غير مرغوب في تحصينـه من قبل البعض تحت حجج وشـعارات بعيـدة عن الواقـع والمنطـق والعقـل، وهـذا ما يؤدي إلى المزيـد من الانشـقاق والاختلاف في المواقف والرؤى المسـتقبليـة للبـنان ممـا يجعـل أولائك المتسـترين في إعلان مواقفهم أو الإنسـحاب عند أخـذ القرارات المصيريـة أو غير المصيريـة كونهـا (أي هذه الأمور) غير موجودة في برنامجهم (آجندتهم) وبالتالي ليسـت من اهتماماتهم، فيمـا النصف أو ثلثي الشـعب اللبـناني الآخـر لا زال ينتظر الفـرج، نعم الفـرج، فربمـا قد يأتينـا هـذا الفـرج في يوم مـا أو سـنة أو قرن أو أكـثر، من يدري.؟!.. المهم لدى البعض أن هـذا الفـرج آتٍ. وكل هـذا الانتظـار في طرح الأمور والقضايـا المتعلقـة بمسـتقبل كل اللبـنانيين يصـار إلى تأجيلـه لئـلا يمـس فريق دون آخـر أو يطـال السـلم الأهلي (وأي سلم أهلي!) أو حتى لا يُمَـس بالوحدة الوطنية وأيـة وحـدة وطنيـة هي التي تغتـال قادتهـا ورجالات اسـتقلالهـا وأصحاب الكلمـة الحـرة؟.

غســان يونان
16/12/2005

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الارشيف, المقالات واللقاءات. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.