بقلم د. جميل حنا
إستمرار إبادة المسيحيين في العراق
10 / 12 / 2010
http://nala4u.com
يعيش المسيحيون في أوضاع مأساوية بالغةالخطورة في بلدان الشرق الأوسط وخاصة في العراق منذ سنوات عديدة . ويكاد الوجود المسيحي أن ينتهي في هذه المنطقة من العالم إذا استمرت الأمور على هذه الوتيرة , من ارتكاب الجرائم بحقهم .حيث.يتعرض المسيحيون إلى حملة إبادة دينية واثنية منظمة . يقتلون على يد الجماعات الإرهابية الإسلامية , والإسلام والعالم الإسلامي والأنظمة العربية والنخب السياسية والمثقفة ووسائل الأعلام في غالبة في صمت مخزي أمام هذه المأساة والأعمال الإجرامية التي ترتكب باسم الله والجهاد (الله بريء من هذه الأفعال الشنيعة )للقضاء وإنهاء الوجود المسيحي والمسيحيين الآشوريين الذين هم جزء أساسي وأصيل من سكان العراق منذ فجر التاريخ .والصمت في هذه الظروف الأليمة التي يعيشها المسيحيون من قطع الرؤوس وفرض الجزية والإجبار على اعتناق الإسلام بحد السيف أو أرغامهم على الهجرة وترك وطنهم التاريخي وعمليات السلب والنهب للممتلكات والبيوت وخطف النساء وتفجير الكنائس يعد جريمة نكراء يدينها كل إنسان يملك مثقال ذرة من الأخلاق . منذ أربعة عشرة قرنا طاعون الإرهاب مستفحل في بلاد ما بين النهرين . وخلال هذه القرون الطويلة يتعرض المسيحيون إلى حملة إبادة منظمة . ونتيجة هذه الأعمال البربرية والقتل الجماعي والفردي أصبح عدد المسيحيين لا يتجاوز عشر السكان بعدما كانوا يشكلون الغالبية الساحقة من السكان قبل بدء الغزوات الإسلامية و مجيء الإسلام وفرض نفسه بحد السيف على سكان بلاد الرافدين ودول ا لشرق الأوسط . وتلك المبادئ التي طبقت بحق المسيحيين منذ أربعة عشرة قرنا تستخدم اليوم في العراق (أسلم تسلم )القتل, اعتناق الإسلام , دفع الجزية, الاستيلاء على الممتلكات , خطف النساء , إرغامهم على الهجرة .
أربعة عشرة قرنا ومسيحيي الشرق يعانون من الإرهاب والاضطهاد وقدموا ملايين الضحايا لأجل الحفاظ على عقيدتهم الدينية وكيانهم القومي وبناء أوطانهم بروح التضحية والإخلاص.اليوم دول العالم وتحديدا بعض الدول الغربية يعاني منذ عدة سنوات من جزء يسير جدا من الإرهاب يكاد لا يذكر قياسا مع الإرهاب الذي مورس بحق أبناء الأمة الآشورية بتسمياتهم المختلفة على مدى قرون طويلة .وما حصل من مجازر إبادة بالغة الخطورة في بلدان الشرق الأوسط وخاصة ما يحصل اليوم لم يدفع بهذه البلدان للإحساس بمآسينا أو أي يقظة ضمير لديهم أو التضامن مع المسيحيين الشرقيين والوقوف بجانبهم في محنتهم المأساوية .
إن حملات اضطهاد المسيحيين اخذ منذ القدم مسلكا واحدا هو القضاء عليهم بمختلف الوسائل . و المسيحيين الذين يعيشون في الوسط الإسلامي في أغلب الأماكن والأزمنة يشعروهم بالمذلة والخوف والرعب والإرهاب والسيف المسلط دائما وأبدا على رقابهم , وأشعارهم بأن حياتهم لا قيمة لها لدى المسلمين .وأنهم عرضة للقتل متى ما شاء المسلمون أو القبول باعتناق الإسلام . وفي كل المراحل الزمنية والانتكاسات التي كان يعيشها المسلمون في بلدان الشرق الأوسط كانوا يصبوا كل غضبهم على المسيحيين أبناء المنطقة الأصيلين بحجج لا تمت إلى الحقيقة بأي صلة باتهامهم عملاء للغرب أو أنهم غير مخلصين لأوطانهم .وهؤلاء الإرهابيين وكل القتلة متناسين الحقائق التاريخية بأن المسيحيين هم أصحاب الأرض الحقيقيين وهم يقطنون هذه الأرض حتى قبل مجيء الإسلام غزاة إلى بلاد ما بين النهرين والشرق الأوسط بآلاف السنين .
والحقائق التاريخية تثبت بأن المسيحيين أوفاء لأوطانهم وقدموا كل التضحيات الجسيمة من آجلة
والحقائق التاريخية تثبت على مدى الصراع العربي الصهيوني من الذي خان مصالح الوطن . والحقيقة التي نعيشها اليوم في العراق ليس المسيحيون هم الذين سهلوا احتلال العراق من قبل الجيوش الأمريكية بل المسلمين . ومن تدرب ويتدرب على يد الموساد الإسرائيلي ومن هم المتسلطين الحاكمين في العراق ليس هم مسيحيين بل مسلمين عرب وكرد . من جلب القواعد الأمريكية إلى الدول التي يحكم فيها الإسلام هم المسلمون ,والعديد من الأنظمة في الدول العربية محمية من قبل أمريكا بطلب من المسلمين . وبالتأكيد لا نعني بأن كل المسلمين هكذا , بل أنة رد على هؤلاء المتعطشين لدماء الأبرياء من الإرهابيين والمتعصبين والمؤيدين لهم .ومن يقف ضد هذه الجرائم علية إنكارها وإدانة مرتكبيها . واتخاذ موقف موحد من قبل المرجعيات الدينية الإسلامية على اختلاف مذاهبها إصدار فتاوى صريحة تحرم على المسلمين قتل المسيحيين , أو فرض الجزية عليهم أو اضطهادهم أو إجبارهم على اعتناق الإسلام وحرمان أي نوع من الممارسات اللاإنسانية التي تمس أمان واستقرا وسلامة المسيحيين في العراق وكافة بلدان الشرق الأوسط .والصمت على القتل والإرهاب وعدم التبرئة منة تأكيد على الموافقة . وفي هذه الحالة نتساءل مع كل المؤمنين الحقيقيين الصادقين في العالم . أين التسامح الديني الذي ينادى بة ؟أين الضمير الإنساني ؟أين القيم الدينية والسماوية ؟
ومواقف الأحزاب العلمانية السياسية في العراق والدول العربية والأنظمة التي تدعي العلمانية ليس أفضل حال بكثير من المتدينين المتعصبين وذلك أما بسبب حالة الضعف التي يعانون منها ,أو ربما خوفا من الأنظمة أو من المتطرفين والإرهابيين الإسلاميين وعدم وجود أنظمة علمانية ديمقراطية .وما يصيب المسيحيين من قتل وتهجير يصيب كل المجتمع وهو خسارة للوطن. ولذا نعتقد بأن إعلان هذه القوى عن تضامنها وبذل كل ما بوسعها لوقف قتل المسيحيين والدفاع عن الحقوق القومية المشروعة للشعب الآشوري يعد خطوة في الاتجاه الصحيح . واتخاذ مواقف تضامنية وإجراءات سياسية وعملية تضع حدا بإيقاف الأعمال الإرهابية ضد المسيحيين , وإرساء الأسس الديمقراطية بين أبناء مختلف الأديان والقوميات المكونة للنسيج الوطني , وإلغاء التمييز العنصري الديني والقومي بحق المسيحيين الآشوريين. والإعلان باعتبارهم مواطنين متساوين في الحقوق والواجبات مع كافة أبناء الوطن,و كذلك اعتباره شعب أصيل وأساسي في كيان المجتمع وتثبيت ذلك في دساتير دول الشرق الأوسط .
أن الأوضاع المأساوية التي آلت إلية أوضاع المسيحيين في العراق ليس سببه فقط الاحتلال الأمريكي وإنما الجزء الأعظم منة بسبب المواقف العنصرية للحكومات المتتالية على السلطة تحت حماية الاحتلال الأمريكي وما قبلة . والدستور العنصري الذي أقر كان نكسة لكل القيم والمبادئ الديمقراطية بالنسبة للشعب الآشوري . وما يعانيه المسيحيين من قتل وإرهاب وتهجير وتدمير الكنائس وقتل رجالات الدين المسيحي , نحمل مسؤوليتها إلى رئيس الوزراء نور المالكي ورئيس العراق جلال الطلباني والبرلمان العراقي ودولة الاحتلال أمريكا .لأن حماية المواطنين من الاعتداءات الإرهابية هي من واجبات السلطات الحاكمة الوطنية والأجنبية . وتأمين حماية المسيحيين من الذبح والاضطهاد , والتمييز العنصري والديني والقومي يأتي من خلال تغيير النظرة لهم كفصيل أصيل وليس كجالية وتثبيت حقوقهم الكاملة في الدستور أسوة بالعرب والكرد وفي الأوضاع الحالية على السلطات الحاكمة أن تتراجع عن تقاعسها المتعمد تجاه كافة أبناء الوطن بدون استثناء . وتباشر بإرسال قوات أمن وجيش يتمركز في المناطق التي يتعرض فيها المسيحيون لمجازر إبادة بشعة .
أن مسلسل الأجرام الذي يرتكب بحق أبناء الأمة الآشورية بانتماءاتها المذهبية المختلفة من أبناء الكنيسة الكلدانية , والكنيسة السريانية الأرثوذكسية والكنيسة المشرقية والموارنة وكافة مكونات هذه الأمة هدفها واحد هو القضاء على الوجود المسيحي في المنطقة . وهو استمرار لمذابح الإبادة العرقية التي اقترفها السفاحان محمد الراوندوزي الكردي وبدر خان الكردي في القرن التاسع عشر , والعشائر الرجعية الكردية أثناء الحرب العالمة الأولى . هذه الجرائم المأساوية التي ينفذها أعداء الله بحق الآشوريين لم يميزوا بين أبناء هذا المذهب أو ذاك , الكل مستهدف بغية إنهاء العقيدة المسيحية والكيان القومي لهذا الشعب .وأن تدمير الكنائس وتفجيرها يصب في خدمة تحقيق هذا الهدف الإجرامي المشين.
د. جميل حنا