درس البتولية من تاريخ الكنيسة

بقلم مسعود هرمز النوفلي
درس البتولية من تاريخ الكنيسة

20 / 10 / 2010
http://nala4u.com

مقدمة
هناك حسنات عديدة لحياة البتولية في كنيسة المشرق ولنا من الأكليروس الذين نفتخر بهم في الحياة الكثير والكثير ومنهم من أصبح قديساً وطوباوياً وراعياً مثالياً ، ولكون حياتهم مُكرّسة للرب يعملون المعجزات والدليل على الأيمان والقداسة هو انتشار الأيمان المسيحي في كافة بقاع العالم وحتى أقاصي الأرض شرقاً وغرباً ، شمالاً وجنوباً . الروح القدس يدعو الكنيسة أي المؤمنين جميعاً لتصحيح كل ما هو غير لائق ، وفي هذه المقالة القصيرة سنقرأ الأيجابيات والسلبيات في الحياة البتولية وخاصة بعد الحوادث التي رافقت الكنيسة خلال الفترة القريبة الماضية من النواحي الأخلاقية والتربوية والتأثيرات النفسية على المؤمنين وعلاقتها مع الحياة الجنسية لبعض رجال الدين ، ومن أجل درء كافة الأسباب التي تُعرقل وتؤثر سلباً ، قُمت بكتابة هذا الموضوع القصير لكي نستفاد منه جميعاً حتى لو اقتضى التفكير والدراسة لالغاء أو تصحيح للقوانين النافذة من أجل المصلحة العليا . سوف نرى كم كانت الحياة مملوءة بالأعاجيب عند زواج الكاهن ومنها مثلاً ابن البابا أصبح قديساً وهو البابا الوارث وهناك نقاط مضيئة واخرى سلبية لنتعرف عليها والخلاصة في فقرتي الأستنتاجات والأقتراحات من أجل دفع عجلة الأيمان نحو الأفضل ، ولاننسى أن الرب قائد الكنيسة هو الذي يجعلها تنمو وتزدهر بالرغم من كل الصعوبات التي تُجابه مسيرتها وهو الذي يبارك كل عمل يكون من شأنه المحافظة على الوصايا السماوية وعمل الروح القدس بين المؤمنين .

لماذا البتولية في كنيسة المشرق

1- الأقتداء بالرب له المجد .

2- الأنسان الذي يقوم بتكريس حياته وأوقاته للرب من الأفضل أن يكون بتولاً ليتفرغ كُلياً الى الأعمال الأيمانية ونشر الدعوات وكلمة الله في الأنسانية .

3- البتول يكون تفكيره وتأمّله بالأمور الروحية قوياً ورُبما أفضل من غيره . ان البتولية لدى الكاهن هي رمز حي وبذرة للملكوت السماوي حيث يصبح وكأنه الملاك السماوي على الأرض وبين البشر .

4- البتول يكون متفائلاً وواثقاً من نفسه دائماً ولا تنتقل اليه سلبيات أخرى من الزوجة أو الأبناء كالمتزوج ويكون حُراً ومنفتحاً أكثر من المتزوج ورب العائلة .

حسنات كنيسة المشرق

1- الكنيسة لا تُمانع من رسامة كهنة متزوجين وكما نلاحظ الآن وجود آباء كهنة متزوجين وأباء كهنة عُزاب ولا ضرر في ذلك أبداً .

2- لقلّة الدعوات نلاحظ ان الكهنة المتزوجين هُم احد المصادر المهمة في رفد الكنيسة بالشمامسة والكهنة من ابنائهم ويقومون بأفضل خدمة دائماً . عموماً يصبح الغالبية من أولاد الكهنة المتزوجين من فصائل المُبشرين في نشر الأيمان ومن رجال الدين أيضاً ويُحافظون على استمرارية المسيرة الأيمانية التي تهُم المسيحية .

3- الكاهن المتزوج يقود الكنيسة بخبرات اضافية يكتسبها من قيادة عائلته الصغيرة وتُعتبر قوّة دفع له من حيث الأرشاد والتوجيه والتعليم والحفاظ على الحشمة واللغة والطقوس .

لنتعرف على جزء من تاريخ الباباوات في هذه المسألة قبل الأستنتاجات والخلاصة

ان كلمة البابا هي من أصل الكلمة اليونانية باباس التي تعني ألأب وقد أُستُخدمت منذ القرون الأولى للأحترام الخاص بالآباء الكهنة والأساقفة ولا زالت الكلمة مُستخدمة الى هذا اليوم عند الكاثوليك والأرثوذكس .

هناك على الأقل 28 من الباباوات كانوا رجالاً متزوجين قبل وصولهم السدة الباباوية بضمنهم ثلاثة من الباباوات كانوا أبناء باباوات أيضاً قبل صدور أمر البتولية في التاريخ الكنسي المصدر (1) ، مَنْ هم هؤلاء ؟ وما هي فترات خدماتهم ؟ مع طرائف أخرى لطيفة . علماً بأن بعض المصادر تقول بان الرقم هو أكبر من ذلك ويوجد على الأقل 39 بابا متزوجاً في التاريخ! المصدر (2) .

أسماء بعض الباباوات المتزوجين . المصدر (1) :

1- البابا الأول في الكنيسة والذي يُعتبر القديس مار بطرس هامة الرسل كان متزوجاً والدليل على ذلك الأنجيل المقدس الذي يذكر لنا ثلاثة مصادر عن حماة بطرس وعائلته في متى 8 : 14 ، مرقس 1 : 30 ، لوقا 4 : 38 .

2- البابا أنستاسيوس الأول من 399 لغاية 401م خَلفَهُ أبنه البابا القديس إنوسينت الأول من 401 والغاية 417م وكان متزوجاً .

3- البابا القديس هورميداس (أو هورميزداس في مصدر آخر) من 514 ولغاية 523م ، ابنه البابا القديس سلفيريوس من 536 ولغاية 537م . وكان متزوجاً .

4- البابا سيرجيوس الثالث من 904 ولغاية 911م ، ابنه البابا يوحنا الحادي عشر من 931 ولغاية 935م وكان متزوجاً .

5- هناك 13 بابا من المتزوجين وآبائهم كانوا كهنة أو مطارين وإذا أضفنا الباباوات الآباء الثلاثة اعلاه سيصبح العدد 16 بابا .

6- هناك 6 باباوات متزوجين بعد صدور قانون البتولية ( العزوبية) سنة 1139م في مجمع اللاتران الثاني وكان لهم أولاد وبنات وأحدهم البابا ألكسندر السادس من 1492 ولغاية 1503م والذي كان له عدد من الأولاد وأصبح اثنان من احفاده كردينالات في الكنيسة .

7- لم أشاهد في المصادر بابا متزوجاً بعد سنة 1585م وهو البابا الأخير باسم كَريكَوري الثالث عشر الذي خدم من 1572 ولغاية 1585م وكان له ولداً واحداً .

نقاط جوهرية واحصائيات . المصدر (2) :

1- قبل نهاية القرن العشرين بِ 25 سنة كان هناك حوالي 100 ألف كاهن كاثوليكي متزوج في العالم ، يُمارسون حياتهم الأيمانية بكل تقوى واندفاع وخدمة المؤمنين ونشر الأنجيل .

2- يوجد في أمريكا من بين كل ثلاثة كهنة واحداً متزوجاً والعدد يكبر والنسبة تزداد .

3- المسيحيون الأمريكان الكاثوليك يرغبون أن يكون الكاهن متزوج بنسبة 70% منهم .

4- قداسة البابا يوحنا بولس الثاني أشار الى نقطة مهمة جداً وقال ” ليست البتولية ضرورية لكي يكون الرجل كاهناً ” .

5- عدد كبير من الكهنة المتزوجين قد تركوا كنائسهم البروتستانتية والأنكليزية وألتحقوا مع الكنيسة الكاثوليكية نتيجة قرار الكنيسة الأنكليزية رسامة النساء للخدمة الكهنوتية .

6- المؤتمر الوطني للأساقفة الكاثوليك في أمريكا أشار الى زواج الكهنة وقال “أن الأزمة ستزداد سوءاً في السنوات القادمة” .

7- تم خلق نظام “تأجير الكاهن” في بعض المناطق وذلك لأقامة القداديس والخدمة بسبب قلّة الكهنة مع الأسف وهنا تأتي الضرورة القصوى لرسامة المتزوجين العلمانيين .

حوادث مهمة في تاريخ الكنيسة حول الزواج . المصدر (3) :

1- أغلب الآباء الكهنة في القرون الثلاثة الأولى للميلاد كانوا متزوجين .

2- في سنة 385م ترك البابا زوجته لكي يصبح بابا والسبب وجود قانون عدم جواز البابا أو الكاهن بالنوم مع زوجته .

3- أظهرت دراسة في القرن السابع في فرنسا بأن أغلب الكهنة متزوجين .

4- في سنة 1045م اي في القرن الحادي عشر أستغنى البابا عن البتولية وأستقال من سدة الباباوية من أجل الزواج وتَرَكَ الخدمة .

5- في سنة 1139م أي في القرن الثاني عشر تم الأعلان عن قانون البتولية بمرسوم خاص .

6- المصدر المذكور يعطي لنا أسماء ستة باباوات كان لهم أولاد وبنات بصورة قانونية بعد القانون الكنسي الخاص بالبتولية سنة 1139م ، اثنان منهم كان لهم عدة أطفال والثالث ثلاث بنات والرابع ثلاثة أولاد وبنت والخامس ثلاثة أولاد والسادس ولداً واحداً .

7- في القرن الخامس عشر كانت نسبة الكهنة المتزوجين بحدود 50% والأمر طبيعي جداً ومقبول لدى الشعب المؤمن .

الروح القدس والمسيرة

1- لنتذكر القديسين الذين دعاهم الروح القدس لتصحيح مسيرة الكنيسة مثل مؤسس الرهبنة الدومنيكية وتوما الإكويني وفرنسيس الأسيزي وكذلك المُصلحين مثل القديسة ترازيا الأفيلية ويوحنا الصليبي وغيرهم . الروح القدس ارسلهم ليصححوا اخطاء الكنيسة في القرن الثاني والثالث عشر الميلادي .

2- الأبطال الذين صمدوا واستشهدوا من أمثال المثلث الرحمة مار بولس فرج رحو والآباء المرحومين بولس اسكندر ورغيد ويوسف منهم العزاب ومنهم المتزوجين . هؤلاء نموذجاً ومثالاً حياً لنا في عوائلهم وكنائسهم ولا ننساهم أبداً .

الأستنتاجات والدروس

1- مما ورد أعلاه عن تاريخ كنيستنا باستطاعتنا أن نقول كما قال قداسة البابا الراحل ، كل من يرغب في الزواج قبل أن يصبح كاهناً يكون حُراً في الأختيار . وأعتقد شخصياً بضرورة زواج الكهنة الكاثوليك والغاء قانون البتولية ولا داعي لوجوده أصلاً والعودة كما كانت الكنيسة قبل صدور هذا القرار الخاص .

2- نتيجة التطور والعولمة والأنترنيت وازدياد الحرية الغير مضبوطة ومن أجل تجنب الفضائح الهدّامة يكون من الضروري جداً اعادة النظر في زواج الكهنة الكاثوليك . ورُبما سيأتي اليوم الذي تقر بهِ الكنيسة بأن قانون البتولية كان خطأً ويجب تصحيحه .

3- الزواج في بعض الكنائس يُعتبر حالياً شرعاً وقانوناً ولتحذو الكنيسة الكاثوليكية حذو إخوتنا الآخرين ولا ضرر بذلك أبداً والشواهد التي وردت في هذه المقالة والمصادر كثيرة جداً .

4- أحد الأختلافات المهمة بين الكاثوليك وغيرهم هو الزواج وإذا رغبنا في تعديل هذه النقطة فسوف نقترب من الوحدة خطوة واحدة على الأقل .

5- الكاهن المتزوج سيقود الكنيسة من منظور قيادته الى عائلته ويكون قدوة الى عائلته الكبيرة الذين هُم المسيحيين جميعاً بكلِّ كنائسهم ومذاهبهم .

6- إذا كان البابا متزوجاً والمطران والكاهن كذلك كما قرأنا في التاريخ ، فما هو الضرر أن يكون جميع من يُقْدِمْ على الخدمة الكهنوتية من المتزوجين بتشريع وانضباط خاص بهم ، واشير هنا الى طلب أحد الأساقفة النمساويين قبل فترة بضرورة الغاء حظر زواج الكهنة الكاثوليك ويُترك الأختيار لمن يرغب في البتولية أم لا .

وأخيراً أُقدّم الأقتراحات التالية لتطوير المسيرة الأيمانية :

1- قيادة الكنيسة مُطالبة بأن ترعى كهنتها روحياً أكثر وأشمل من خلال عمل الروح القدس باستمرار معهم لكي يواجهوا الأباحية بكل ثقة واطمئنان وإعادة النظر في قانون البتولية .

2- لكي تكون الكنيسة أماً لا تُضاهيها أمْ أخرى أقترح وضع أو انشاء صندوق خاص بتقاعد الكهنة ورعايتهم معنوياً ومادياً من أجل القضاء كُلياً على الحالة الموجودة عند البعض في جمع المال وادخار النقود بحجة عدم وجود ابناء أو عوائل مُعيلةً لهم مثل الآخرين .

نتمنى الخير والسلام والرب معكم .
مسعود هرمز النوفلي
20/10/2010

المصادر:

(1):

http://www.bessel.org/popes.htm

(2):

http://johnshuster.com/thirtynine_popes.htm

(3):

http://www.futurechurch.org/fpm/history.htm

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الارشيف, دين. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.