بقلم د. جميل حنا
قتل المسيحيين في العراق وعقيدة الإرهاب 2-2
10 / 10 / 2010
http://nala4u.com
الوضع العالمي وتأثيره على الشعب الآشوري !
في زمن التحولات والأزمات العالمية الكبرى والصراعات الخارجية بين مختلف القوى العالمية لفرض هيمنتها و نفوذها في بقاع مختلفة من العالم كان الشعب المسيحي في دول الشرق الأوسط وخاصة في بلاد ما بين النهرين وبلاد الشام يدفع ثمنا باهظا بسبب هذه الأزمات والصراعات .كما حصل أثناء الحملات الصليبية التي شنتها الدول الغربية ما بين أواخر القرن الحادي عشر إلى العقد الأخير من القرن الثالث عشر (1096-1291 )عل منطقتنا للتخلص من أزمتهم الاقتصادية والاجتماعية , ومن الصراعات الداخلية على السلطة والنفوذ ببين الملوك والأمراء من جهة وبين بابا روما الذي كان يحكم أوربا .وللتخلص من أزمتهم الداخلية تم تجهيز حملات استعمارية باسم الدين أطلق عليها المحلات الصليبية للسيطرة على بلاد المقدس والمنطقة ولأسباب أخرى تتعلق باحتلال المسلمين لأسبانيا ومحاصرة المسلمين لأوربا واحتلال بيت المقدس .لسنا بصدد بحث هذه المسألة وأسباب الحملات الصليبية وإنما للتأكيد بأن أزمات ألآخرين كيف كانت سببا في مآسي المسيحيين المشرقيين . أثناء هذه الحملات الاستعمارية تعرض المسيحيين المشرقيين إلى اضطهاد فظيع على يد الصليبيين ومن ناحية أخرى عانى الكثير على يد المسلمين وهم ما زالوا عرضة للاضطهاد بحجة هذه الحملات وبسبب الاحتلال الاستعماري للمنطقة في عهود لاحقة .وقبل انتهاء هذه الحملات التي دامت قرابة مائتي عام من بدءها .وفي بقاع أخرى في البراري المنغولية وما وراء جبال القوقاز كانت تتهيأ جحافل غزوات جديدة للسيطرة على بلاد ما بين النهرين وبلاد الشام فكانت الغزوات المنغولية التترية التي تركت تدميرا شبة كامل للمنطقة وخاصة على الوجود المسيحي حيث إبادة منهم أعدادا هائلة ودمرت أديرتهم وكنائسهم وأحرقت كتبهم الدينية والفلسفية والتاريخية وكتبهم العلمية وكل ما يمت بصلة لحضارتهم العريقة وتدمير البنية الاجتماعية والاقتصادية. وفي غفلة من الزمن استولى العثمانيون القادمون مع جحافل المغول والتتار على بلاد ما بين النهرين والشام وأجزاء أخرى من العالم حتى نهاية الحرب العالمية الأولى1918 .أن العثمانيين الذين فرضوا سيطرتهم على أجزاء واسعة من آسيا وأفريقيا خلال ما يقارب أربعة قرون من الزمن كان له أثر مأساوي على الشعب الآشوري المسيحي بسبب الظلم الذي مارسه المحتل . وبسبب الصراع الدائر آنذاك بين الدول الغربية على تركة الجل المريض الإمبراطورية العثمانية التي فقدت سيطرتها على أجزاء واسعة كانت تحت سيطرتها في البلقان وفي أفريقيا . وعندما اندلعت الحرب العالمية الأولى في عام 1914 -1918 بين ألمانيا المسيحية وحليفتها الدولة العثمانية التركية المسلمة من جهة وبين دول الحلفاء إنكلترا وفرنسا وروسيا القيصرية , ارتكبت السلطات العثمانية مجازر إبادة عرقية جماعية بحق الشعب الآشوري بمختلف مذاهبهم من أبناء الكنيسة السريانية الأرثوذكسية والكنسية الكلدانية والكنيسة المشرقية . وكان الهدف المخطط له من ارتكاب هذه المجازر الوحشية القضاء كليا على هذه الأمة وإنهاء وجودة القومي والديني من على أرضة التاريخية التي كان سكن فيها قبل سبعة آلاف عام من مجيء الاحتلال العثماني .قدم الشعب الآشوري أكثر من نصف مليون شهيد سقطوا على يد الفيالق الحميدية والعشائر الرجعية الكردية المتحالفة معها باسم الجهاد على الكفرة المسيحيين .وكان الصراع القائم بين دول المحور من جهة وبين الحلفاء واندلاع الحرب بينهم حجة أستغلها العثمانيون للانقضاض غدرا على أبناء هذه الأمة ز وما أن وضعت الحرب أوزارها قسم بلاد ما بين النهرين بين المستعمرين الجدد إنكلترا وفرنسا بحسب اتفاقية سيكس-بيكو في عام 1916 وبقي جزء كبير من الأرض التاريخية تحت السيطرة العثمانية التركية إلا أن الصراع بقي قائما بين هذه الدول لرسم الحدود بشكلها النهائي . ونتيجة هذا الصراع قدم الانكليز الشعب الآشوري ضحية على مذبح مصالحة الاستعمارية وخانوا العهود التي قطعوها على أنفسهم بمنحه الحكم الذاتي وتحقيق حقوقه القومية عندما تضع الحرب الكونية أوزارها, بل بالعكس من ذلك افتعلوا المؤامرات وحرضوا على ارتكاب مجازر جديدة ضده لكي يتخذوا منها حجة لإطالة أمد بقائهم في العراق والتدخل في شؤونه, والمحافظة على مصالحهم الاستعمارية . ونتيجة هذه المؤامرة قامت وحداة من الجيش العراقي بقيادة بكر صدقي الكردي وبعض العشائر العربية والكردية في السابع من آب 1933 بارتكاب مذبحة بشعة ضد أبناء هذا الشعب الذي ذهب ضحيتها أكثر من أربعة آلاف شهيد في سيميل وآلاف المهجرين إلى سوريا ومناطق أخرى في العراق .بعد الحرب الكونية الأولى أصبح الشعب الآشوري ووطنه مقسم بين كيان دول عديدة وكان الثلث الأول من القرن العشرين مليء بالماسي بالنسبة لأبناء هذه الأمة ., نتيجة الأطماع الاستعمارية . بعد هذه المرحلة المؤلمة بدء من تبقى من هذا الشعب بلملمة صفوفه ومداواة جراحة العميقة . وما أن خرج العالم من الحرب الكونية الأولى حتى بدء يحضر نفسة للحرب العالمية الثانية . التي وقعت بين 1939-1945 بين ألمانيا النازية الهتلرية وحلفائها اليابان وإيطاليا من جهة وبين إنكلترا وفرنسا والاتحاد السوفييتي وأمريكا . وبعد الحرب العالمية الثانية شهد العالم تحولات جذرية في النظام العالمي الجديد .حيث أصبح العالم ثنائي القطب كان محورة الاتحاد السوفييتي ودول أوربا الشرقية والصين والأخر أمريكا والدول الغربية. وكانت دول العالم تتأرجح بين هذين المحورين والبعض الأخر كانت تربطه علاقات اقتصادية وسياسية وعسكرية وأمنية ودفاعية مميزة بهذا القطب أو ذاك . بعد انهيار الاتحاد السوفييتي في بداية القد الأخير من القرن الماضي , وبعد هزيمته في أفغانستان على يد حركة طالبان الإسلامية المتطرفة والمجاهدين الإسلاميين المتطرفين من الدول العربية بقيادة بن لادن بالدعم المادي والسلاح والخبرة العسكرية والمخابراتية الأمريكية.بعد ذلك أصبحت أمريكا الدولة العظمى الوحيدة في العالم, ولم تستطع القيام بالمهام أو الدور الذي كان يقوم بة الاتحاد السوفييتي والمعسكر الاشتراكي بممارسة التأثير السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي في إنحاء عديدة مختلفة من العالم.ولجأت أمريكا إلى استخدام القوة العسكرية وكافة الضغوط السياسية والاقتصادية على دول كثيرة في العالم . وأعلنت الحرب في أماكن عديدة في العالم كالبلقان على صربيا في بداية العقد الأخير من القرن الماضي وحرب الخليج الثانية على العراق .
كانت بلاد ما بين النهرين محط الأطماع الاستعمارية في كل العهود بسبب موقعها الاستراتيجي وخيراتها النفطية . والقرن الحادي والعشرين دشن بعملية إرهابية في الحادي عشر من أيلول عام 2001 ضد أمريكا على مركز التجارة العالمي والبنتاغون بواسطة طائرات مختطفة من قبل إسلاميين متطرفين ز والذين نفذوا هذه العملية الإرهابية كانوا حلفاء أمريكا منظمة القاعدة بزعامة بن لادن.وأثر هذه العملية الإرهابية تم غزو أفغانستان من قبل أمريكا . وأعلنت القاعدة ضرب الصليبيين ومصالحهم أينما كانوا في العالم بالقيام بعمليات إرهابية .واتخذت أمريكا من محاربة الإرهاب وأسلحة الدمار الشامل ذريعة لاحتلال العراق في التاسع من نيسان. ومنذ ذلك الحين يتعرض المسيحيون العراقيون إلى حملة إبادة دينية وقومية , دون أن يحرك الغرب وأمريكا آي ساكن للدفاع عن المسيحيين الذين يذبحون بحجة الانتماء الديني المشابه لأمريكا ودول الغرب واتهامهم بالعملاء . ولكن يعلم الإرهابيين قبل غيرهم إن الذين تعاونوا مع أمريكا والغرب كما فعلوا هم سابقا , ليس إلا بعض القوى الممثلة لفصائل شيعية وبعض الأشخاص من السنة والحزبين الكرديين بزعامة الطلباني والبرزاني وهم الذين جلبوا القوات الامبريالية المتحالفة مع الصهيونية العالمية ويدفع الشعب العراقي بكافة أطيافه من الفقراء والكادحين والأبرياء تضحيات جسيمة بسبب التواجد الأمريكي وسياسة السلطات الحاكمة المتعاونة مع المحتل .ولكن أكثر الشعوب تعرضا للظلم والاضطهاد هم الشعب الآشوري المسيحي , حيث لم تبذل الحكومة العراقية أي جهد لحمايتهم من مجازر الإبادة الجماعية , لأن ذلك يصب في خدمة مشاريع بعض الأحزاب الكردية الرجعية المتعصبة لإنهاء الوجود القومي للشعب الآشوري والاستيلاء كليا على أرض آشور .وأمريكا لا تهمها من شأن المسيحيين أي شيء لأنهم لا يدخلون في معادلاتهم الإستراتيجية في الدول العربية والإسلامية. أن وجود المحتلين الأمريكان والصهاينة في العراق هو بدعم بعض القوى الإسلامية أنفسهم لا دخل للمسيحيين في هذا الشأن . ولذلك لا يوجد أي مبرر لقتل المسيحيين العراقيين . وما ارتكاب العمليات الإرهابية من قبل المنظمات الإسلامية الجهادية بحق المسيحيين العراقيين إلا دليل قاطع بأنة نابع من صميم عقيدتهم الدينية . لأن المسيحيين العراقيين أبرياء من المحتل الأمريكي الصهيوني والاحتلال , كما أن الله بريء من كل العمليات الإرهابية التي ترتكب باسمه , لأن الله محبة وسلام وأمان واطمئنان وليس كما يريده المجرمون القتلة من ذبح الرؤوس وقتل الأبرياء والمؤمنين وتفجير دور العبادة والمدارس والجامعات والأماكن العامة .
د. جميل حنا