بقلم مسعود هرمز النوفلي
دروس من صلوات الشهداء في كنيستنا المشرقية (ج5)
28 / 09 / 2010
http://nala4u.com
في هذا الجزء سأتناول صلاة الشهداء التي يقوم المؤمنين بترتيلها يوم الأربعاء عصراً فقط والأبيات التي ترجمتها وأتكلم عنها موجودة في كتاب قذام واثر المطبوع في بغداد سنة 1998 في الصفحات 360 و 361 و 362 .
1- أعتبر الشهداء المُباركون الموت حسنةً كبيرة مثل التكريم والهدايا وقبلوا الجُلجُلة القاسية ، وبعد موتهم وزّعوا الطيبات وكل أنواع القوّة والأعاجيب .
الدرس: طريقة الأستشهاد القاسية والعذاب والألم أوصلت الشهداء الى السماء المنتظرة ليجلسوا مع خالق الكون ، ولهذا يعتز هؤلاء في الموت الذي أوصلهم الى النعيم ، وبعد ذلك الحدث يتخيّل الكاتب بان الشهداء يقومون بتوزيع ونشر الأعاجيب بين البشر ألطالبين منهم ، يقول بان طيّباتهم هي قوةً لنا ودَعْماً لأنتشار أيماننا وتقوية الروح المعنوية عندنا .
2- الشهداء الذين شاهدوا أن العالم باطلاً والحقيقة ثابتة ، تركوا البيوت والحاجات المنزلية ومواشيهم وقبَلوا محبة الله وأسلموا رؤوسهم للسيف وبهِ وَرَثوا الملكوت .
الدرس: يُقارن الشهداء بين الحقيقة والدجل والعالم الباطل ، أعطوا رِقابهم للسيف بقناعتهم عندما شاهدوا إعوجاج الفكر وانحراف البشر بحسب أهوائهم الخاصة ، عندئذٍ قرَّروا الخلاص والسير في الطريق الصائب ، طريق النقاوة والطهارة وتركوا كلَّ ما عندهم في بيوتهم من الممتلكات والأموال لكي يلتحقوا بالعالم الأبدي . هل نستطيع أن نترك كلّ شئ ونتبع الخُطى التي سار عليها الشهداء أم نضع أعيننا على العالم الزائل الى اليوم الأخير ؟
3- لبِسَ شهداء الحق سلاح الروح ونَزلوا الى المعركة ، جمعوا الشباب والأولاد ليُشاهدوا مالم يُشاهدوه ، الناس يتحَدّون الموت ويعجبهم أن يُقتلوا وهذه القوة تُسْكِت (تُخْرِس) الكلام .
الدرس: لم يتسلّح الشهداء بالخناجر والسيوف وإنما كان سلاحهم الوحيد الروح القدس الذي هو أقوى وأعظم من كل أنواع الأسلحة ، ثقتهم بالروح الذي يغلي في عروقهم جعلهُم يحثّون الشباب والأولاد ويُنادون عليهم أمام الجلادين ليتقدموا بفخر واعتزاز مُتحدّين الموت والقتل ومُندفعين بقناعة ، عملهم واندفاعهم كان يُخْرِس الملوك الوثنيين . ما أروع طريقة الشهداء .
4- قال الملك(يقصد نبوخذنصر) ، ثلاثة شُبان (فتيان أو أولاد) وضعنا في النار، والرابع بينهم كان يرشَّهُم بالماء ، وكُلّما كانت النار مُتّقدة أكثر( تعطي شُعاعاً أكبر) ، كانت وجوههم تشع أكثر ، مُبارك الله الذي رفع القديسين .
الدرس: قصة رمي الفتيان شدرخ وميشخ وعبدنغو في النار مشهورة في سفر دانيال ، بعد أن رماهُم في النار الملك الوثني نبوخذنصر وهو يُراقب عملية احراقهم أحياء ، شاهَدَ وجود شخص رابع في النار مع الفتيان يقوم برشِّهم بالماء ، هكذا هي الترتيلة في كُتبنا ، تم اعطاء الملك اعجوبة حتى يصحى من السُبات الذي فيه ، الشخص الرابع كان الملاك وهو يقوم بالعمل حتى يُشاهده الملك ومن أجل أن لا يُصاب الأولاد في النار . الشق الآخر من الأعجوبة حتى يرى الحاضرون كم هي قوّة الله (يهوة) الذي كان يعتبره الفتيان إلههُم ، هذه الترتيلة وُضعت وكُتبت بعد المسيح بقرون لكي تعطي القوة للأحياء حتى يستفادون منها وأن لا نُفرّق نحن بين شُهداء العهدين القديم والجديد وشُهدائنا اليوم كما قال الأب حبيب هرمز في مقالته المنشورة ، المعنى والغاية هي الشهادة من أجل الأيمان الحق والله هو الحق.
5- قال الشهداء لا نكفُر بابن الله ، نحن من زرع ابراهيم وأبناء الوارث اسحاق ، بسبب إله آبائنا نموت الموت الوقتي( الزمني) ونرث الحياة الأبدية ( السماوية) .
الدرس: لقد صرخ هؤلاء الشهداء أمام الشعوب الحاضرة وقت الأعدام وقالوا: لا لا لا نكفر بالرب ابن الله ، وأعطوا رِقابهم بفرح لنيل الشهادة في ذلك الوقت ليصبحوا قدوة لنا وأمثلة حقيقية عن معنى الشهادة ومعنى الأصالة والوفاء الى الآباء والأجداد وايمان آبائهم من ابراهيم واسحاق ويعقوب.
6- الملك الشرير كان يحترق من الغضب واسنانه تَصُكْ ، أخذ سكينة حادة وغرزها في جسد الشهيد الشاب مار قرياقوس الذي صبر بقوة الله ، لتكُن صلواته سوراً لنا .
الدرس: لقد تجاسر الملك الوثني وأستخفّ وأحتقر الشهيد وإله الشهيد بغضبٍ وأرتجاف وأسنانه ترتعش مُضطربة من الخوف وهو يُفكّر كيف يتخلّص من الشهيد ويقضي عليه ، وهكذا وهو في حالته الجنونية أخذ المعتوه سكينة ليقضي بها على الجسم الرطب وكأن الشهيد من ألد أعدائه ولكن كان شهيدنا قرياقوس صابراً هادئاً وقوراً وأسلم روحه بيد الخائن والغادر . صلوات الشهيد شفاعة لنا وقوّة لفضح الشرير والمتكبر والمتعجرف والأسد الهائج .
7- لقد قام الشهيد الجبّار مار بثيون أمام المجوس الوثنيين وهو يُؤجّج الحاضرين لكي لا يسجدوا للأصنام وأن يسجدوا لله الواحد الموجود في السماء والأرض وسلطانه القائم على العالم الى الأبد .
الدرس: كيف هي عقيدة الأنسان الذي يتحدى الحكام الوثنيين وهو بينهم ويعلم جيداً كيف سيقطعوه؟ مع كل هذا فهو لا يهاب أبداً ، لقد أنجز شهيدنا بثيون وصية الله بأن لا يكون لهُ إله غير الإله الحقيقي وأخذ يتلفّظ أمام الجميع ويقول لجمع المؤمنين أياكُم السجود للأصنام الفاسدة والباطلة ، عليكم السجود لله الواحد الخالق الحاضر والقائم الى الأبد . كم كان الشهيد شُجاعاً وقوياً وعظيماً ، هل نستطيع أن نحذو حذوه ؟
8- المسيح الذي صالح الأرض والسماء بدمه الطاهر ، يا رب وفِّق (إصلحْ) الكهنة والملوك (الرؤساء) لتترسخ ( لتثبت) كنيستك في قوّتك وبعلامة (نيشان) الأيمان نملك الأرض وبنعمتك أيها الرب الرحوم .
الدرس: يدعو المُرتّل ويطلب من الرب أن يوفّق ويُرَسِّخْ الأيمان والسلام والهدوء بين جميع الساكنين سويةً من الملوك آنذاك والكهنة من أجل مصلحة الكنيسة ودعم أسسها وقوتها التي هي علامة الأيمان على الأرض ، انه يطلب النعمة والوداعة من الرب يسوع الذي استطاع أن يُصالح بدمه الطاهر ما بين الأرض والسماء في وقت بقائه على الصليب . كم هي رائعة هذه المقارنة في الطلب والمصالحة من أجل عيش الأيمان بنعمة المسيح التي لا توصف .
9- بنعمتك أيها الرب الرحوم بارك وأحفظ (قدّس) هذا البلد والساكنين فيه من الشياطين والناس السيئين (الأشرار ) وَزِدْ ( كثِّرْ) فيه مستلزمات العيش الزمني والحُب (المحبة) والأمان والأتحاد وصحة الجسد والنفس .
الدرس: المواطنون الساكنون في البلد مسؤولون عن الأمان والحماية لأدارة كافة مستلزمات العيش الكريم لكل أبناء الشعب ، أن السلطة والقيادة هي من الله ، هنا نرى أن المُرتّل يطلب من الرب الرحوم أن يشفق ويرحم الأرض والبشر من كل أنواع الشر والمُخرّبين الذين قد يسيئون الى تقدم وتطور البلد ، إذا كان الوطن مُصاناً من هؤلاء عندها يعيش الجميع بأمان ويتقاسم الكل ما هو مقسوم بصورة صحيحة وتكون المحبة منتشرة بين الجميع بصحة جسدية ونفسية ، علينا نحن أن نطلب كذلك لكي تصل رحمة الرب وشفقتهِ الى عوائلنا وإخوتنا وأبناء شعبنا العظيم .
10- أطرد الشيطان العدو الشرير لكل أستقامة (أو الصدق والبرارة) من البيت الذي نحن فيه حتى لا يدخل فيه ويتسلّط عليه ، يا رب ثبِّتْ (قوّي) أساسهُ على حجر الأيمان وكَثِّر (زِدْ) فيه الحياة الأبدية .
الدرس: عندما يذهب رجل الدين المسيحي لمُباركة البيت الجديد يقوم بانشاد هذه الترتيلة التي يتضرّع فيها ويُصلي الى الرب كي يطرُد الشيطان والشر الذي هو العدو لكل أصحاب البيوت الشريفة ، واضع الترتيلة يترجى الرب أن يُغلق طُرق الشيطان ومداخل الدخول الى البيت حتى لا يستطيع التأثير على الساكنين في الدار ، ومن جهة أخرى يُناشد الرب كي يُقوّي أسس هذا البيت ويُثبتها على جذور الأيمان الراسخة ويُوطِّدْ قُدرتها بالأيمان الأبدي .
مسعود هرمز النوفلي
28/9/2010