من يقف وراء قتل المسيحيين في العراق والحقائق المرة؟

بقلم د.جميل حنا
من يقف وراء قتل المسيحيين في العراق والحقائق المرة ؟

17/ 06 / 2010
http://nala4u.com

يبدوان الواقع الأليم قد فرض على المسيحيين في بلدان الشرق الأوسط أن لايتحدثوا إلا عن القتل والإبادة العرقية والتهجير والمظالم والأضطهاد والحرمان من الحقوق القومية والتمييز العنصري الديني والأثني.ولذلك نرى الكثيرمن الكتابات التي تظهر على صفحات المواقع الألكترونية التي توفر فسحة أعلامية لأن يعبرالكتاب المسيحيون عن معانات أبناء دينهم وقومياتهم, وهذه ليست هواية مستحبة يفضلون ممارستها على الأطلاق.بل هذه الكتابات تفرضه الحقائق على أرض الواقع لتقدم صورة عن المأسي الفظيعة التي تمارس بحق المسيحيين. وهذه الكتابات ليست جميعها قادرة أن تعبر بشكل دقيق عن حجم المعانات, أو أنها لا تلقي آذان صاغية وأهتمام فعلي, أوأن تكسب تضامن شعوب تلك البلدان وقواها السياسية والثقافية والأعلامية وهيئات المجتمع المدني للوقوف إلى جانبها في محنتها, بأستثناء بعض التصاريح الصحفية وأصدار بيانات الإدانة. ويعتقدون أنهم بهذا الشيء يبرءون أنفسهم من الأعمال الأجرامية التي تنفذ ضد المسيحيين. وكذلك تهدف الكتابات إلى تبيان عمق الأخطارالرهيبه التي تستهدف إنهاء الوجود المسيحي والمسيحيين في بلدان الشرق الأوسط في ظل الأنظمة الأسلامية و(التسامح الأسلامي !!!؟) والأنظمة القومية العربية العنصرية التي تحرم أبناء كافة القوميات الأخرى من حقوقها الطبيعية.

يحاول الكتاب المسيحيون الأستفادة بالقدر المستطاع نشركتاباتهم على صفحات المواقع الألكترونية لأن وسائل الأعلام العربية والأسلامية لا توفر فرصة أمام الكتاب والأحزاب والمؤسسات الثقافية والدينية ان تعبرعن واقع حال المسيحيين إلا ما ندر.بل العكس من ذلك تحاول بعض وسائل الأعلام إظهار المسيحيين بمواطنين غير صالحين ومرتبطين بالغرب متناسين بأن الذين يحكمون في هذه البلدان هم العرب والمسلمون وهم من يتعاونون مع إسرائيل والصهونية والدول الغربية وهم من فتح المجال أمام القواعد العسكري الغربية لحمايتهم من شعوبهم ومن بعضهم البعض .والحقائق الحالية في العراق وغيرها من بلدان الشرق الأوسط يؤكد حقيقة من هم المرتبطين بالقوى والأجندات الغربية ومن هم الذين خانوا ويخونون الوطن والشعب حتى هذه اللحظة.هذه من ناحية وسائل الأعلام اما الكتاب والمثقفون والكتاب المسلمون والعرب وأحزابهم فمواقفهم ليست أفضل حال من وسائل الأعلام المرئية والمسموعة. إلا بأستثناء القلة الذين نكن لهم كل المحبة والتقدير ونثمن عاليا جهودهم المخلصة ودفاعهم عن الحق والحقيقة وتحملهم نقد أبناء جلدتهم لهم نتيجة دفاعهم عن المواطنين المسيحيين شركائهم في الوطن.

من يقف وراء قتل المسيحيين في العراق؟

قد تم مناقشة هذا الأمر على مدى السنوات الماضية وتعرضنا إلى هذا الموضوع في الكثير من كتاباتنا التي تم نشرها في العديد من المواقع الألكترونية. وما زال مجال بحث حتى وقتنا الحاضر منذ أحتلال العراق 2003 من قبل أمريكا وتقسيم الوطن بين المسلمين الشيعة والكرد والسنة. لأن مال المسلمين هو للمسلمين كما يعتقدون هم أي مال المسيحيين ونسائهم وأوطانهم وممتلكاتهم التي اغتصبوها منذ بداية الغزوات الأستعمارية الأسلامية في الثلث الأول من القرن السا بع الميلادي. ومن ثم غزوات المغول والتتر والترك العثمانيين والكرد الذين دخلوا بلاد ما بين النهرين قبل ستة قرون من الزمن. وكأنما المسيحي يولد لكي يقتل, ومنذ نشأة العقيدة المسيحية قبل ألفين عام منذ لحظتها الأولى يقتلون من أجل عقيدتهم وأيمانهم الجديد على يد اليهود والرومان والبيزنطيين والفرس.
بالتأكيد في هذه العجالة لسنا بصدد قتل المسيحيين عبر التاريخ وأنما فقط للتذكير ومن أجل إيضاح موقف المسيحيين من كان وراء قتل المسيحيين في تلك العهود.إذ كانت مواقفهم موحدة بشأن من هو القاتل ولم يكن هناك خلاف على ذلك بينهم حتى مجازر الإبادة الجماعية المرتكبة في بداية القرن العشرين ومجزرة سيميل, إلا ما يقارب العقدين الأخيرين عندما دخل مفهوم اللعبة السياسية والتحالفات المشبوه لبعض الأفراد أوالمؤسسات والأحزاب من بين الوسط المسيحي مع بعض القوى التي كانت السبب وأداة تنفيذ قتل المسيحيين على أساس المصالح الذاتية.وبسبب ذلك أنقسم المسيحيون على أنفسهم بصدد أسباب قتل المسيحيين في العراق وحول من يقف وراء قتلهم وتنقسم الأراء بحسب بعض الأمور التي يمكن أن نوجزها في النقاط التالية:

– الأحزاب السياسية وأختلاف أرائها السياسية وغياب المشروع القومي للغالبية الساحقة من هذه الأحزاب الذي وضعه قادة الأمة الآشورية بطوائفهم المختلفة في بداية القرن العشرين(مشروع وطن).
– قيادات الأحزاب التي تفتقر الى الحنكة السياسية والدبلوماسية وغياب القائد الكارزمي.
– إنقسام الكنيسة المسيحية إلى طوائف ومذاهب عديدة تأثر سلبا على وضعها.
– دور بعض رجال الدين السلبي من الحقوق القومية للمسيحيين في بلاد ما بين النهرين.
– ضعف التعاون والتنسيق بين المؤسسات الدنيوية والكنسية ,وتوزيع المهام بالشكل الصحيح من أجل حماية المسيحيين من القتل.
– إنعدام الصلة بين الكثير من الأحزاب حتى في القضايا المصيرية.
– تحالف بعض الأحزاب مع قوى خارج الصف القومي المسيحي على حساب المصلحة القومية لأبناء الأمة الآشورية بتسمياتهم المختلفة من أبناءالكنيسة السريانيه والكلدان.
– عامل الخوف السائد بين المسيحيين والتأثير الرهيب على أنفسهم,وتفاوت درجات الخوف بين الأفراد والمؤسسات.
– الجهل بحقيقة ما يجري من تخطيط مشاريع تستهدف أرض والشعب المسيحي بتقسيم أبناء الأمة الواحدة إلى أمم وشعوب.
– ضعف الوعي القومي واللامبالات لدى أوساط واسعة من الشعب,والمصلحة الشخصية.
– المواقف الأنتهازية والغير الصادقة لبعض الكتاب التي تعمل على تكريس الأنشقاق بين أبناء الأمة الواحده.

أننا نأكد على الثوابت على طرحناها في كتاباتنا على مدى السنوات الماضية بأن العمليات الارهابية التي ترتكب ضد المسيحيين في العراق هو بسبب النظام العقائدي الديني والقومي الشوفيني والسياسة العنصرية التي كرسها قانون إدارة الدولة العراقية المؤقته والدستور الدائم للعراق والائتلاف الحكومي الشيعي الكردي والارهاب الأسلامي المتطرف. لأن جميع هذه القوى تمثل نهج فكري قائم على التمييز العنصري وممارسة أفعال في الواقع العملي تخرق كل المعاهداة والمواثيق الدولية وأولها المساواة بين أبناء الوطن الواحد وهذا المنطق مغيب كليا في مفهوم هؤلاء.

عندما يستعرض المرأ واقع المسيحيين في العراق يكشف عن تخبط في الرأي والطروحات السياسية الصادرة عن أبناء ومؤسسات هذا الشعب, وتقييم للوضع السائد لايتفق في الكثير من جوانبة مع الحقائق على الأرض. يبدوا أن البعض يتناسى بأن المهمة الأولى لأي فرد هو الدفاع عن مصالح شعبه وتعرية الممارساة الخاطئة والأجرامية التي ترتكب بحق هذا الشعب, وليس تبرءة والدفاع عن الممارساة الخاطئة والأفعال الأجرامية التي ترتكب من قبل الأطراف المذكورة أعلاه. ليس مفيدا البحث عن إيجاد المبررات لهذا الطرف أو ذاك, وتمييع الأمور الخطيرة التي تمس وجود هذا الشعب الذي يسكن في وطنه منذ آلالاف السنين.ولنأخذ أحدى العمليات الارهابية كمثال على أختلاف والتناقض الكبير بين مختلف أفراد ومؤسسات هذا الشعب لحد لا يكاد يصدق.


أن العملية الارهابية الكبيرة التي نفذة ضد الطلبة الجامعيين في بغديدا في الثاني من أيار,كانت واحدة في سلسلة من العمليات الارهابية الكثيرة التي كان لها صدى أليم في نفوس المسيحيين في بلدان الشرق الأوسط وخاصة في العراق.لم تكن هذه العملية الارهابية كبقية العمليات الارهابية ليس لأن العمليات التي سبقتها أو تلتها أقل كارثية على المسيحيين. بل لأن هذه العملية كانت تحمل دلالات رمزية-المستقبل- كان أستهداف الطلبة الجامعيين رمز المستقبل والاستمرارية بمواكبة التطور في الحياة والحفاظ على الهوية القومية والدينية لهذا الشعب. بغض النظر من كان الفاعل والمستفيد من هذه العملية الارهابية كانت الرسالة الواضحة التي أرادوا إيصالها إلى المسيحيين أن لا مستقبل لكم في العراق على المدى الطويل.وكذلك أرادوا إيصال رسالة أخرى إلى المسيحيين بدون إستثناء مع أي طرف له تحالفات في الساحة العراقية بأنكم لستم سوى ورقة آنية تستعمل في أطار لعبة كبيرة قذرة حتى تتحقق الأهداف. وبعدها أما أن تقتلوا جميعا أو تهجروا قسرا أو الأسلمة أوالتعريب أوالتكريد أو التتريك هذه هي أحدى الخيارات أمامكم.

بالرغم من الهدف الواضح من هذه العملية البربرية التي أستهدفت كيان شعب بكامله بغض النظر عن التسمية التي يفضلها المسيحيين على الأخرى. إلا أن المسيحيين أنقسموا على أنفسهم حول من يقف وراء العمليات الارهابية في محافظة نينوى وتباينت الأراء على أسس غايات شخصية أو على أساس تحالفات قائمة مع هذه القوى أو تلك , وعلى هذا الأساس بدأة محاولة تبرءة هذا الطرف أو ذاك. وما ظهر من كتابات كان وما زال يبعث الألم في النفوس من ناحية وهي مدعاة للسخرية من ناحية آخرى. وهنا أورد مثال واحد فقط تقول أحدى الكتابات ان العملية الارهابية وقعت على بعد مائة متر من نقطة تفتيش الميليشيات الكردية التابعة للبرازاني, وكتابة أخرى تقول أن العملية نفذة على بعد ثلاثمائة متر من مفرزة الجيش في محافظة نينوى ومحافظها أثيل النجيفي. وقيل الكثير في هذا الصدد الذي يبين الشرخ العميق في الوسط المسيحي بدون الأرتكاز إلى الحقائق والتحليل الموضوعي الذي يأخذ بعين الأعتبار مجمل الوضع العراقي في الحسبان بدأ من الأحتلال ومن هوالائتلاف الذي يحكم العراق من يملك السلطة الفعلية من الجيش والميليشيات المدججة بالسلاح وقوات المخابرات(الأمن)واالمال والدعم الخارجي الأقليمي والدولي لا يمكن ان تكون هذه الأرارء تملك أي مصداقية بل تؤدي إلى مزيد من الأنقسام في الصف المسيحي.

وهذه تأكد على الجهل أو التجاهل في المعرفة السياسية واللعبة السياسية الحالية في العراق التي لا تعرف حدود أخلاقية أو إنسانية. وأنما تهدف إلى مزيد من سيطرة الأقوياء المتسلطين على الشعوب الأقل عددا من أبناء الوطن الذين لا يملكون ميليشيات الارهاب والقتل والسلطة والجيش والمال.وهذا الأنقسام يؤدي إلى إضعاف أمكانات الشعب المسيحي, ويشجع القوى المتواجدة على الساحة في الاستمرار في تصعيد هجومها وحملاتها وممارساتها بمختلف الاساليب التي تستهدف إنهاء وجوده.

أننا أوضحنا من هي تلك الجهات التي تستهدف إنهاء الوجود القومي والديني لأبناء الأمة الآشورية بتسمياتهم المختلفة.ولكن هناك دور سلبي من قبل بعض المؤسسات والشخصيات المسيحية نفسها, لأن التحليل الذي يقدمونه لواقعهم لايرتكزعلى الحقائق الميدانية والتاريخية والثقافية والسياسية فتساهم وبشكل غير مقصود تشجيع إنهاء الوجود القومي لهذا الشعب وإصهاره في بوتقة الشعوب الأخرى.لذلك نجد أن الأفراد والمؤسسات التي تدافع عن هذا الطرف أو ذاك في السلطة يشجع على إبادة المسيحيين بإرادة أو بدونها بعلم أو جهل.كل الأفراد والمؤسسات الدينية والسياسية الذين يقسمون الأمة الواحدة إلى شعوب وثقافات عديدة ويؤججون موضوع تسميات هذا الشعب لتمزيق وحدة الأمة.كل وسائل الأعلام التي تظهر المعتدي بالمنقذ, والتستر على الأعتداءات وأستيلاء الأملاك وممارسة الرعب بحق المسيحيين كل من يقف في هذا الصف يقف عائقا أمام الطموحات القومية للمسيحيين في العراق.ملاحظة بعض الأفكار المذكورة في هذا المقال قد أوردناه في العديد من كتاباتنا السابقة.

د. جميل حنا

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الارشيف, المقالات واللقاءات. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.