هل نحن عبيد أم أحِباء الرب؟

بقلم مسعود هرمز النوفلي
هل نحن عبيد أم أحِباء الرب؟

20 / 04 / 2010
http://nala4u.com

في هذا الموضوع يشرح لنا أحد المفسّرين للكتاب المقدس بقولهِ ” ليس من وجه للمقارنة بين العبد والصديق ، فقد يحب السيد عبده ويترفق به ، لكنه لا يسمح له بمشاركته أسراره الخاصة. العبد يتقبل الأوامر الصادرة من سيده ، وليس له حق الحوار بل يلتزم بالتنفيذ ، لا يعرف ما وراء هذه الأوامر من هدف في ذهن سيده ، له أن يطيع طاعة عمياء ” ، أتمنى أن نكون أصدقاء مع أي سيّد ومع أي مسؤول وأن يكون لنا اشتراكاً فعلياً في مُناقشة كل قرار يخُصّنا وأن نقوم بتنفيذ ماهو صالح ونافع لأجل المصلحة العليا لشعبنا ، ولكن هل نرغب أن نكون أحراراً أم عبيد ؟ يقول لنا الرب في الأنجيل المقدس :

” أنتم أحبّائي إذا عَمِلتُم بما أوصيكُم بهِ ، أنا لا أدعوكم عبيداً بعد الآن ، لأن العَبدَ لا يعرِفُ ما يَعمَلُ سيّدُهُ ، بل أدعوكُم أحِبّائي ، لأني أخبرتُكُم بكُلِّ ما سمِعتُهُ من أبي ….” ” انجيل يوحنا 15 : 14 ” .

الجُملة الأولى أعلاه شرطية فيها حِوار واضح بين طرفين ، المقصود بها ، بأن كل من يعمل بوصايا وتعاليم سيدنا يسوع المسيح سيكون حبيباً ومحبوباً عندهُ بمحبة صادقة خالية من الغش ، أما العكس ، فان الذي لا يعمل بالوصايا سيكون غير محبوباً ولا يُمكِن اعتباره حبيب الرب . أنها جُملة منطقية يفهمها الغالبية وخاصة الذين درسوا منطق الرياضيات ، إذا الشرطية يُمكن توضيحها بمثال سهل وبسيط كأن نقول ” أنت تنجح في الأمتحان إذا تقرأ وتجتهد وتدرس جيداً ” ، بعبارة اخرى ستكون نفس الجملة صحيحة في حالة النفي كأن نقول ” أنت لا تنجح في الأمتحان إذا لاتقرأ ولا تجتهد ولا تدرس جيداً ” .

بهذه الكلمات ينقلنا يسوع من الأعمال التي نقوم بها على الأرض الى الوصايا السماوية التي أعطاها لنا ، إذاً الأنسان لا يكون من أحِبّاء الرب إذا لا يعمل بالوصايا الإلهية أي بما يوصيه هو بالذات . فعندما يكون المسيحي من أحِباء الرب ، سيكون صديقاً مُخلصاً لتعاليمه وهذه الصداقة لا يُمكن تجزئتها الى أنواع أو درجات مختلفة من الصداقات فإما نكون أصدقاء حقيقيين ومَحبتنا للرب قوية أو لا تكون ذلك اطلاقاً ، أي لا يوجد بَيْنَ بَيْنْ ، نحن رفاق الرب ومحبتنا له بدرجة قلبية واحدة لا اثنتين ، نلتقي مع الرب في الحزن والفرح ، في العمل والدراسة ، في التخطيط الى المستقبل وتقرير المصير لغدٍ أفضل . عندما نلتقي مع الرب في هذه الخصال عند ذلك تكون خُططنا ناجحة ومُثمرة وتُؤثر في المجتمع ومنها نحصل على ما نُريد بالقوّة الروحية الغير مرئية التي تُساعدنا وتُرشدنا الى الطريق السليم ونصبح أحراراً وليسى عبيداً وننال ما نبتغيه في تقرير مصيرنا وتوحيد صفوفنا وبناء كل المستلزمات الضرورية لحياتنا في الوطن بشراكة تامة مع الجميع . عندما نعمل بارشادات الرب ونصائحه ونعيش ما يعطيه لنا بكل تضحية في الأخلاص والمودّة والتعاون مع القريب بكل ما يرضى به الرب عندئذٍ يعطينا الجزاء على ما نعملهُ وهذا الجزاء سيقودنا الى أن نحب الجميع ونعمل كل ماهو صالح ومفيد وأن نتصرف في أعمالنا وحياتنا بكل الفضائل والحسنات التي تقودنا الى الوحدة والتلاحم المصيري وكسب الآخرين وبهذا تكون قوتنا مُجتمعة مُتكاملة وبدون اكراه أو أجبار وإنما بالأقناع والتآلف والتآزر .

عندما يخبرنا الرب ويَقُصُّ علينا كل ما سمعهُ من الآب ونقبل منهُ ذلك بايمانٍ كامل ، عندئذٍ تمتلئ عقولنا بالذكاء الخارق والمحبة اللامُتناهية والأخلاص للآخر بأقصى درجات الوفاء والتضحية بالغالي والنفيس ، ولكن متى يكون ذلك ؟ سيكون في حالة واحدة فقط إذا نعمل بوصاياه وارشاداته فقط وليس بقوّتنا الشخصية وتحركاتنا ، وهذه تتبع الجُملة الشرطية أيضاً ، أما العكس فسيكون الويل علينا وتأكلنا الحسرات والآهات ونبقى أسرى وعبيد وخَدَمْ مذلولين وخاضعين الى الغير وتكون حريتنا ناقصة وإرادتنا مسلوبة وقراراتنا غير صائبة ولا نتوقع أن نصل في يوم من الأيام الى المرحلة التي نستطيع بها أن نأخذ حقوقنا أو أن يُساعدنا الآخر في نيلها ، إذا لم نَتكرّم على أنفسنا ، لا نترجى الكَرَمْ من غيرنا لنا ، سنبقى مثل الشخص المُعاقب المسجون النادم على أعمالهِ ينتظر الأفراج عنه ليتحرر من سجنهِ ويعمل لحياته من جديد وهو الذي يقوم بتقويم وتصليح مسيرتهِ وقد يدركه الوقت وينتهي !! محبتنا للرب يجب ان تكون بقلوب صافية ونقية وبدون غش وتزلّف ، إذا لا نعمل من أجل تجديد حياتنا فسنبقى عبيداً وحالتنا يُرثى لها وسوف نبقى نتخبط ولا نعرف طريقنا الصحيح وأهدافنا المستقبلية كشعب وكجزء من الكيان العراقي ، لأننا باقين في حالةٍ لا نعلم خُطط وأعمال سيدنا وبذلك ستنطبق علينا الجملتين الثانية والثالثة في أعلى الصفحة أعلاه ، لا يرغب المسيح أن نبقى عبيد وإنما أن ندرك ونعرف ونفهم كل ما يقوم به هو من أجلنا ، ولكنّهُ يُحذّرنا من أنّ الويل سيأتي لنا بالنتيجة التي نستحقها من عدم تنفيذ الجملة الأولى ، وهنا نحن باقين فعلياً نُراوح في مكاننا وحالتنا مثل العبيد لا نستطيع أن نتحرر لنصل الى عالم جديد يُحقق ذواتنا وكياننا الحُر ، عالم الحرية كما نتوقع لا تعطيه لنا أية جهة ، علينا أن نوفّر الحقائق للشعب بأية ريحْ تأتي علينا ، إننا لا نفهم ما يريده الرب من عندنا وكذلك لا نفهم ما يريده الغير من عندنا ، ولِساننا باقي مُقفلاً لا يُحرّكُه القلب مهما اشتدّت نبضاتهِ لأن أعصابنا حينذاك ستبقى مشلولة ومُقيدة وكما يقول المثل يدنا تبقى تحت الحجر!! ومن حَقْ الرب أن يُحرِمنا من كل ما سمِعَهُ من أبيه السماوي لأننا قُمنا بخيانتهِ والأبتعاد عنهُ . والسؤال الآن هو : هل نحن عبيد أم أحرار؟

مسعود هرمز النوفلي
20/4/2010

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الارشيف, المقالات واللقاءات, دين. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.