صُوَر وصُوَر ….. وصُوَر

شذى توما مرقوس
صُوَر وصُوَر ….. وصُوَر

06 / 01 / 2009
http://nala4u.com

بقلم شذى توما مرقوس
كانون الثاني ــ 2009 

موضوعٌ بسيط ونبيل القصد والغرض في توجُهِهِ ، مُتعدد النتائج سلباً وايجاباً في خلفياتهِ ولواحقهِ ، فأعياد الميلاد ورأس السنة نبعُ فَرَحٍ وسَعادة ودعوة للاحتِفال اجتماعياً وكنسياً وأيضاً على صعيدِ الأوطان والعالم حتَّى وأن كانت القلوب مُتخمة بالأَلَم والحُزْن وأن كانت الظروف المحيطة قاسية وغيرعادلة وأن كانت الأوطان في محنة ، هو دعوة لتَحمُّلِ الآلام وقبولها بمحبَّةٍ وفَرَح …… يُعبِر الأفراد عن أَفراحِهم بالاجتِماعات العائلية والزيارات والاحتِفالات الكنسية وأيضاً الاحتفالات الجماعية ، كُلٌّ بما تسمح له البيئة التي يعيش فيها والظروف التي تحيط بهِ والمجتمع المتواجد فيهِ والذي يُحدد مقاسات الاحتفالات ونوعيتها …. إلخ ، يغدو الفَرَح عاماً ومُشتركاً وهُنا ما يُهِمُّنا الحديث عنه هو إِحْدَى  مظاهر احتفالات الجاليات المسيحية العراقية في مُختلف بلدان المهجر وتحديداً نشر صُوَر احتفالات هذهِ الجاليات على صفحات المواقع الالكترونية ، القصد واضح : اشاعة الفرحة في القلوبِ ودعوة الآخرين لتقاسُمِ هذهِ الأَفراح معاً ولو من خلال مُطالعة الصُوَر المنشورة رغم ضغوطات الحَياة الكَثِيرة والقاسِية غالباً في الغُربةِ والتي يَصعُبُ على البعيدين تَصوُّرها واسْتِيعابها فيَظُنُّون أن المهجر هو نعيم ورخاء في رخاء وهي فِكرة تنقصها الحَقِيقة وتلفها السطحية فأَيْنَما يعيشُ الإِنْسان تكون له همومه وأَحزانه وصعوباته وأيضاً أَفراحه وسَعادته وتكتسب هذهِ الأُمُور المرافقة لحَياةِ الإنْسان صِفاتها وميزاتها وقوالبها من المجتمع الذي يَحْيَا فيهِ وتَخْتَلِفُ أسْبابها باخْتِلافِ المجتمعات ……..                               
إِذنْ الصُوَر المنشورة هي رسالة هدفها التواصل مع الآخر وطمأنة الأَهْلِ والأقارِبِ والأحباب في الوَطَنِ أو في البلدانِ الأُخرى على الأَحْوال وتسكين القلق الناتج عن بُعدِ المسافات والفراق ، تَماماً كالمكالمة الهاتفية أو الرسائل المُرسلة بالبريد أو عِبر الأيميل ولكن بقالبٍ آخر مُخْتَلِف وجَدِيد أَنْجَبَته تقنيات العصر وتطوره .                                   
المُتعارف عليهِ أن الأفراح هي قصد الربّ وهديتهِ للبَشَرِ وهو يُشاركهم أفراحهم وأيضاً آلامهم ، لكِنّ أفكار البَشَرِ تتباين في هذا الشأن فالبَعْض يَنظُرُ إلى أفراح الآخرين وكأنّها آثام فتكون في نظرهِ القُبلة ذَنْب لكِنّ الشجار والتشابك بالأيادي والبغضاء والتلفظ بأسوأ الكلمات والحقد وغَيْرها كَثِير تَسْقُط عن قائمةِ الآثام وتُعدُّ صِفات بشريَّة بحاجةٍ إلى تقويم ومُعالجة ليس أَكْثَر وهي في كُلِّ الأَحْوال أَمْرٌ بشريٌّ قائم وجاري ومُسلَّمٌ بهِ ، ليس محموداً ولكِنَّهُ أَمْرٌ واقع ومقبول وقد تتعالى الصيحات ضِدَّهُ بَيْنَ الفينة والأُخرى لكنّها لا تلبث أن تخرس وتصمت ………….                                                                           
لنشر الصُوَر جوانبهُ السلبية مع الآسف فبقدر ماتُسعِد الأَهْل والأَقارِب والأحباب وتُهدهد قلوبهم راحةً وسكينة على احبائهم من هؤلاء المُغتربين تخلق لهم مواجهات ومضايقات في محيط العمل والجامعة والمدرسة والشارع من قِبَلِ الآخر الذي لا يَفْهَم هذهِ الرسالة ويُخطِئُ في ترجمةِ معانيها ومقاصِدها فيجيدُ الانتقاد ويحترف الاسْتِهزاء وهذهِ عينات منها ( تشتكون القتل والتهجير ومُكابدة الصُعوبات في حِينِ اقرِباءكم واحباءكم واهاليكم في بلدان المهجر لاهمّ ولاغمّ لهم سوى الرقص والغناء والأكل والشرب ، كَيْفَ تقولون إنّهم يفكرون فيكم وهم لاهون عنكم باحتفالاتهم رقصاً وغناءً ، موائدهم عامِرة بَيْنَما لاينظرون إلى فراغِ موائدكم ،  ثُم اللِّبْس غَيْر المُحتشم …… إلخ من انتقادات أُخرى ) وكأنّ الفَرَح في بَعْضِ أشْكالِه آثام شَدِيدة وأَيضاً اللِّبْس يَدْخُل في قائمة الآثام إِن تعدى الشروط والحُدود المرسومة لهُ من وجهة نظرِ هؤلاء  ………                       
الفَرَح هدفٌ سامٍ ونبيل وجميل ولما لا والإِرادةُ الإِلَهِيَّة كما يُشاع هي سَعادة الإنْسان ، وأيضاً اللِّبْس هو حُرِّيَّة شخصيَّة وما الضرر من أن يرتدي أَحدهم عِدَّة  قُمصان فَوْقَ بَعْض بَيْنَما يرتدي آخر قميصاً خفيفاً واحِداً فضفاضاً أو ضيقاً ، بكمين أو بدونهما ، لكِنّ الأَمْر ليس في نظرِ البَعْض الآخر هكذا ممن يطوون ارتداء المرأة لـ  ” تنورة قصيرة ”  تَحْتَ قائمة الآثام وطَرِيقاً إلى جهنم بَيْنَما احتِقار الآخرين والتمييز بَيْنَهم على أساسٍ عرقي أو ديني أو سياسي أو طبقي واذلالهم لايندرجُ في قائِمةِ الآثام ، وضَرْبُ الرَّجُل لزوجتهِ هو أَمْرٌ مألوف ولاعِقاب يَطالَه وبالتالي فهو ليس أَثِماً وقُبْلَة مُتبادلة بين حبيبين تُثيرُ غضب ونقمة هؤلاء أَكْثَر من مشهد اقتتال بَيْنَ شخصين أو سلب حقُوقِ الفُقراء والمَساكِين .                                                                                     
أما في مَجالِ الأنترنيت فلقد وضَّحَ البَعْض أنّ هُناك من يَسْتغِلون هكذا صُوَر للإساءةِ إلى المسيحيين بأَشْكالٍ مُخْتَلِفَة  ……. ذكرَ شْخصٌ آخر إنّ الُمتربصين ذهبوا إلى أَبْعَد حدود الإساءة ببيع أشرطة حفلات الجاليات تَحْتَ عناوين مُسيئة جِدَّاً ، آخرون عبروا عن قناعتهم بأنّ الاحتفالات والصُوَر هي أُمُور خاصَّة وشخصيَّة ومن الخطأ عرضها على الملأ وطرحها أَمام أنظار الجَمِيع وتحويلها إلى مُلكٍ مُشاع وعامّ لأنّها بذلك تفقدُ خصوصيتها .                                     
عن قراءةٍ لهذهِ الجوانب ثقُلت الجُعبة بالأسئلة : ــ                                     
 ــ هل على الجاليات المُغتربة مُراعاة الجانب السلبي لنشر هذهِ الصُوَر فتتبع خطاً آخر أَكْثَرُ تحفُّظاً وحذراً فتُقلَّل الصُوَر المنشورة أو تُخضِعها لعملية انتقاء مُعينة وماهي حُدُود هذا التحفُّظ ونهجه ؟                                           
ــ هل الأفضل تجاهل كُل هذهِ السلبيات والقفز فَوْقَها والحِفاظ على المنهج المألوف والاسْتمرار فيهِ دُوْنَ أَيِّ اعتبار لهذهِ الأعراض الجانبية وبهذا تُجبَرُ هذهِ الفئات ولو على المدى البعيد على تَغْيِيرِ قناعاتهم بفعلِ آليَّة تطوُّر المجتمعات خصوصاً وإن أفراحاً كهذهِ  لايُمكن تصنيفها في خانةِ الآثام ؟   
ــ هل إن المسيحيين مُجبرين دائماً على تقديم التبريرات لكُلِّ تصرفاتِهم   وإعْطاء التوضيحات ومُراعاة قناعات أَطْراف غَيْر متعاطفة معهم وغَيْر مُتفهِّمة لهم تُحاوِلُ دائماً الانتقاص منهم والإساءة إليهم ؟                       
ــ لماذا يُوضع المسيحيين مَوْضِع شَكٍ وإتْهامٍ لمُجرّد إنّهم مُخْتَلِفُون عن هذا الآخر والاخْتِلاف ليس ذَنْباً ولماذا لايُحاولُ الطرف الآخر تقبُّل الاختِلاف وهل على المسيحيين أن يُبادروا بالخطوةِ الأولى في هذا المجال ؟                   
ــ ماالذي يراه المغتربون مفيداً في هذا الشأن ومارأي الأَهْل في الوَطَنِ ثُم ماذا يمُكن للمواقع الالكترونية أن تُقدِّمه في هذا المجال ؟                       
أسئلة وأسئلة ………..                                                                   
  قد يَظُنُّ البَعْض إن هذا الموضوع لا يستحقُ الالتِفات إليهِ ومُناقشتهِ لأنّ      هُناك قضايا وهمُوم أَكْبَر وأَهمّ وقد تكون لآخرين وجهة نظر مُخالفة باعتبارِ أن المضايقات الناجمة عن هذا الحال مُستمِرَّة بالإضافة إلى كونها فُرصة ممنوحة مجاناً للفئات المُتربصة بالمسيحيين ودُوْنَ قصد والتي تقوم باسْتِغلالها ضِدَّهِم ( ضِدّ المسيحيين ) والإساءة إليهم بتعمُدٍ …….               
كتبتُ عن هذا الموضوع اسْتِجابةً لطلبِ بَعْضِ الإِخوة والأخوات من القُراء والَّذِين رغِبوا في بسطِ اهتمامهم بهذا المُوضوع أَمام الآخرين والتعبير عنه ،  وما ورد في المقال من حديثٍ عن المضايقات والإِحراجات في محيط العمل أو الجامعة أو المدرسة والشارع هو جزء مما عايشوه وواجهوه وكذلك الحديث عن اسْتِغلال هذهِ الصُوَر للإساءة إلى المسيحيين كان من ضمن همومهم ومعاناتهم ، وأَرْجُو أن أكون قد وُفِقت ولو إلى حَدٍ ما بنقلِ صُوْرَة واضِحة عن اهتمامهم بهذا الموضوع الذي قد يُشاركهم فيه الكثيرون …….
كُلَّ عام والجَمِيعُ بخيرٍ مع التمنيات بأنّ تكون سنة 2009  سنة سلام ونعمة  ومحبَّة وتسامُح وتفاهم للعالمِ أَجمع …….                                           

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الارشيف, المقالات واللقاءات. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.