أربعة أخبار من القرن (21)

شذى توما مرقوس
أربعة أخبار من القرن الحادي والعشرين

02 / 06 / 2008
http://nala4u.com

بقلم : شذى توما مرقوس
 أبريل / مايس 2008

…….. القرن الحادي والعشرين قرن أستمرار التطور والعلم والتكنولوجيا والأكتشافات والرحلات الفضائية وهو أيضاً وبأسف قرن الأستمرار والأمتداد لكل الأجحافات والأنتهاكات التي عانتها المرأة لحقوقها على مرّ القرون الماضية والظلم الذي لحق بها على كل المستويات ، والذاكرة العراقية في هذا السياق لن تنفضّ عنها حادثة مقتل الفتاة ( د ) والتي قُتلت رجماً بالحجارة من قِبل أبناء طائفتها عام 2007 [ الخبر نُشِر كاملاً عن وكالة آكي الأيطالية في موقع بوابة نركال في 30 ــ 4 ــ 2007 تحت عنوان ــ  تطورات مفاجئة في مقتل الفتاة اليزيدية في كردستان ــ ] والذي أُعتُبِر سابقة خطيرة من نوعها وظاهرة جديدة يجب أحتوائها منذُ البداية .                                                                 
في المنحى ذاتهُ نقرأ في مقالة ( رجم النساء ) للكاتبة ــ هيام عودة ــ والتي نُشِرت في موقع الحوار المتمدن العدد 2255 بتأريخ 18 ــ 4 ــ 2008  المقتطفات التالية : ــ                                                                       

في ايران ، ينتظرُ عشرة نساء ورجلان تنفيذ الحكم بالرجم حتى الموت بتهمة ارتكاب الزنى ، وذلك حسب تقارير منظمة العفو الدولية .  ولمن ليس لديهِ فكرة عن طقوس الرجم ، فأنّها تبدأ بأنّ يتم غسل المحكوم عليهِ كما يُغسل الميت ، ويُكفن حيّاً بلفهِ بقماش أبيض ، ليُنقل بعد ذلك الى ساحة عامة يحتشدُ فيها مجموعة من الناس ، حيثُ يُدفن المحكوم في حفرة حتى خصرهِ أن كان رجُلاً وحتى كتفيها أن كانت امرأة ، ويبدأ هؤلاء الناس واولهم القاضي الذي أصدر الحكم برجم المحكوم بحجارة أُعِدت خصيصاً لذلك ، بحيث لاتكون كبيرة فتقتُل بسرعة ، ولا تكون صغيرة فلا تؤذي ، بل متوسطة الحجم ، وذلك لتُضمن أقسى درجة من التعذيب قبل الموت ، وهكذا تنهال الحجارة على المحكوم عليهِ من كل صوب ، فتتهشم عظامه وتتناثر دمائه تحت الضربات الى أن يلفظ أنفاسه الأخيرة ، وقد تستغرق هذهِ العملية الرهيبة نصف ساعة أو أكثر ، وذلك حسب قدرة المحكوم على التحمل ، وفي النهاية وحتى يتم التأكدّ تماماً من موت هذا المحكوم ، فأنّ أحدهم ينهال على رأسهِ بألة حادة لتسحقهُ سحقاً ولتُنهي بذلك حياة أنسان بطريقة لا أمرّ ولا افظع وهناك مقاطع فيديو على الأنترنيت لبعض عمليات الرجم والتي أشك في قدرة الكثيرين من البشر على تحمل مشاهدتها .                 

ـــ أنتهى نقل المقتطفات الصغيرة عن هذهِ المقالة القيمّة والتي تستحق الأطلاع عليها كاملةً لأهميتها البالغة . ــــ                                   

وبقصد البحث في كلمة ( رجم ) أعتمدتُ الباحث العربي في ذلك وهو ــ قاموس عربي عربي ــ ويشتمل على المصادر التالية : لسان العرب ، مقاييس اللغة ، الصّحّاح في اللغة ، القاموس المحيط ، العباب الزاخر ـــ نُطالعُ كلمة ( رجم ) بالشروحات التالية : ــ                                                                     

رجم ( لسان العرب )                                                                     
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ                                                         
الرَّجْمُ : القتل ، وإِنّما قيل للقتل رَجْمٌ لأنّهم كانوا إِذا قتلوا رجُلاً رَموْهُ بالحجارة حتى يقتلوه ، ثم قيل لكل قتل رَجْمٌ ومنهُ رجم الثِّيَبْينِ إِذا زَنيا ، وأصلهُ الرمي بالحجارة .  ابن سيده : الرَّجْمُ الرمي بالحجارة . رَجَمَهُ يَرْجُمُهُ رَجْماً ، فهو مَرْجوم ورَجِيمٌ.                                                                               

يعطينا الباحث العربي شروحات أكثر حول كلمة ( رجم ) أورِدُ هُنا بعضاً منها فقط  مُختصرة :ــ                                                                             
الرَّجْمُ : اللعن ، ومنهُ الشيطان الرَّجِيمُ أي المَرْجُومُ بالكواكب .                       
الرَّجْمُ : الهجرْانُ ، والرَّجْمُ الطَّرْدُ ، والرَّجْمُ الظن ، والرجم السَّب والشتم .       
الرَّجْمُ : القول بالظن والَحدْسِ ، وفي الصحاح : أن يتكلم الرجل بالظن ، ومنهُ قوله : رجْماً بالغيب .                                                             
والرَّجَمُ ، بالتحريك : هو القبر نفسهُ .                                                     
والرُّجْمةُ حجارة مرتفعة كانوا يطوفون حولها ، وقيل : الرُّجُمُ بضم الجيم ، والرُّجْمةُ : بسكون الجيم جميعاً ، الحجارة التي تُنْصَبُ على القبر ، وقيل هما العلامة . والرُّجْمة والرَّجْمة : القبر ، والجمع رِجامٌ ، وهو الرَّجَمُ بالتحريك ، والجمع أَرْجامٌ ، سمي رَجَماً لما يجمع عليه من الأحجار .                             

الخبر الثالث نشرتهُ ” القدس ” الأربعاء 30 ــ أبريل ــ 2008 عن مقتل فتاة بعمر 17 عاماً في البصرة حيثُ قام والدها بقتلها وكانت والدة الفتاة قد طلبت مُساعدة أخويها لردع زوجها عن قتل أبنته لكنّهما ساعداه عليها فوقف على رقبتها حتى خنقها ثُم طعنها فيها صارخاً  ” أنا أُنظفُ شرفي ” وقالت الصُحف أعتُقِل الأب وتمّ أطلاق سراحهُ بعد ساعتين وأن أعمام الفتاة بصقوا على جنازتها ، ووفق التقرير الصُحفي البريطاني فأنّ 47 امرأة ماتت في جرائم قتل في مدينة البصرة العام الماضي .                                                                     
أما الخبر الرابع فيأتينا من سوريا حيثُ أقدم شاب في العقد الثالث من العمر على قتل شقيقتهِ  ذات الثلاثة والعشرين ربيعاً وهي أم لطفلين على خلفية شكوكهِ اقامتها علاقة مع احد الرجال حيثُ قام بقتل  شقيقتهِ خنقاً بيديهِ وذلك ” غسلاً للعار ” فأزهق روحها  تحت أنظار طفليها وفي غياب زوجها الذي يقضي حُكماً بالسجن ولم يكنْ يسمح لشقيقتهِ التي قتلها بزيارة زوجها في السجن . وتحتلُ سوريا المرتبة الخامسة عالمياً فيما يُسمى ” جرائم الشرف ” .  [ يمكن مطالعة المقالة كاملة والتي منها يأتينا الخبر الرابع هذا في موقع الحوار المتمدن للكاتب مصطفى حقي / العدد 2272 / بتأريخ 5 ـ 5 ـ 2008   / المقالة بعنوان ــ القتل خنقاً وعلى الشبهة وفقاً للموروث الشرفي ــ ] ويذكر الكاتب في هذا المقال القيمّ مايلي : جريمة الزنى جريمة يُعاقب عليها بأبشع أنواع العقوبات عن طريق رجم المرأة الزانية وقد دُفِنت في الأرض سوى رأسها وينهال الجلادون على رأسها بحجارة حجمها وسط إِمعاناً بتعذيب الضحية … أنّها عقوبة همجية لم تعدْ تتناسب ومعطيات العصر والمشكل بُعد العقوبة عن العدالة .. فالمُجرم الذي يقتُل ويُزهق روح أكثر من أنسان يمكن أن يُفدى بالمال ولا تُطبق عليهِ عقوبة القتل قصاصاً والسؤال أيّهما أهم ومؤثر قتل الروح التي حرّم الله قتلها أم جماع امرأة … ولايمكن فداء الزانية بالمال لأنّها أُنثى … ؟!                                 
 ــ أنتهى النقل من المقالة المذكورة أعلاه ـــ               
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ           

كُلُ هذهِ الجرائم والتي على شاكلتها تشترك في كونها جرائم تُرتكبُ ضد المرأة وتكون ضحية لها ، كما أنّها تُرتكب بذريعة الدفاع عن الشرف ، ثُم أنّها تتمُ بلا مُحاكمات وأستناداً على الشُبهة ودون تأكدّ من حقيقة الوقائع وأعطاء الضحية فرصة الدفاع عن نفسها لدرءِ التهمة عنها فلا محاكمة ولا تحقيق في الأمر ولا شئ من هذا القبيل فالشكوك كافية للقتل وأزهاق روح أنسانة ……… أما القاتل البطل الذي حررّ الأمُة وهزم الأعداء فلا عقوبة تطالهُ وهو الذي قتل غسلاً للعار ودفاعاً عن الشرف . الآ تُعدُّ جريمتهُ نفسها بأزهاق روحٍ بشرية  في حدّ ذاتها عاراً ؟                                                                                           
قراءات كهذهِ تطرحُ أسئلة : لماذا القتل وكُل المُبررات مهما كانت قوية حُجةً وسبباً لن تُساوي روحاً واحدة أُزهِقت ؟ ولماذا تكون المرأة ضحية هكذا فظاعات؟ ومن يُخولّ الأنسان أيّاً كان حق الحُكم على أنسان أخر بأزهاق روحهِ ؟ وبأي حق يجعلُ الرجل نفسهُ قاضياً في حياة الآخرين من أُسرتهِ وقريباتهِ من النساء ؟ وأية فضيلة للرجل ليكون المُفضلّ لدى الله على المرأة ؟ ومتى آتى الرجل بهذهِ الفضيلة ، هل في حياةٍ أُخرى مجهولة لنا وقبل أن يُخلق فأستحق على أساسها التفضيل وأين هي هذهِ الحياة الأُخرى إِن وُجدِت وكيف هي ، خصوصاً وأنّ المعلومات التي توارثناها تُفيد أننّا جميعاً ذكوراً وأناثاً كُنّا في  العدم ؟                                                                                         
يرتكبُ الكثير من الرجال كُل يوم الكثير من الموبقات والآثام لكنّ لا أحد يشيرُ اليهم ولا تطالهم العقوبات ….. فلماذا ؟   لماذا يُصرّ الرجل على حمل المرأة كالعبء فوق كتفيهِ ……. فليُنزلها ليرتاح ويُريح ، فهي ليست مخلوقاً مُعاقاً ولها ساقين سليمتين وقادرة على المشي تماماً كما يمشي .  ليُعفي الرجل المرأة من قسوة نظرتهِ الدونية اليها وأحتقاره لها وأستصغارها فيعيش في سلام معها ويؤسس لعالمٍ جديد بعيد عن العنف والجنون ……. ألم يحنّ الوقت لأعادة النظر في مفهوم الشرف الرفيع الذي قال عنهُ أحد الشعراء مُفتخراً : ــ                   
لا يسلمُ الشرف الرفيع من الأذى ……………….. حتى تُراق على جوانبهِ الدماء

فبئس ما قاله هذا الشاعر وبِئس هكذا تفكير كمسلك لمُعالجة الأمور والقضايا . 

خاتمة : ـــ                                                                                       
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ                                                                         
” ثُم حضر أيضاً الى الهيكل في الصُبح وجاء اليهِ جميع الشعب فجلس يُعلِمهم ، وقدَّم اليهِ الكتبة والفريسيون امرأة أُمسِكت في زنى ، ولما أقاموها في الوسط قالوا لهُ : يامُعلم هذهِ المرأة أُمسِكت وهي تزني في ذات الفعل ، وموسى في الناموس أوصانا أن مثل هذهِ تُرجم ، فماذا تقولُ أنت . قالوا هذا ليُجرِبوهُ لكي يكون لهم ما يشتكون بهِ عليهِ ، وأمَّا يسوع فأنحنى الى أسفل وكان يكتُب بأُصبعهِ على الأرض ، ولمّا أستمروا يسألونهُ أنتصبَ وقال لهم : من كانَ مِنكُم بلا خطيئة فليرمِها بحجرٍ . ثُم انحنى أيضاً الى أسفل وكان يكتُبُ على الأرض ، وأما هُم فلمّا سمِعوا وكانت ضمائِرهم تُبكِتهُم خرجوا واحداً فواحِداً مُبتدِئين من الشيوخ الى الآخرين  وبقي يسوع وحدهُ والمرأة واقفة في الوسط ، فلمَّا أنتصبَ يسوع ولم ينظُرْ احداً سوى المرأة قال لها : يا امرأة أين هُم أولئِك المُشتكون عليكِ ؟ أَما دانكِ أحد . فقالت : لا أحد يا سيّد . فقال لها يسوع : ولا أنا أُدِينُكِ. اذهبي ولا تُخطِئي أيضاً . ”           يوحنا : الأصحاح الثامن / 2 ــ 12           

هذا النص معروفٌ لأغلبية البشر في العالم ……… كم من البشر عمِلوا بهِ وأخذوا مِنهُ العبر وفتشوا في دواخلهم عن الكثير مما يلوِثُها  فأمسكوا اليد قبل أن يهووا بحجارة مهما  كانت صغيرة على رأس المرأة ، أية امرأة .               
لا يليقُ بالأنسان أيّاً كان أن يُنّصِبّ نفسه دياناً للآخرين وحاكِماً في حيواتهم .   
إِننّا في القرن الحادي والعشرين وهذهِ الأخبار الأربعة تأتينا مِنهُ !!!!             
فياللعجب !! ……. وكم من القرون سيحتاجُ البشر ليتعلموا كيف يقرأون الواقع وكيف يتعاملون مع مُعطياتهِ بعدالة وحيوانية لائقة ( ولا أقولُ بعدالة وأنسانية لأنّ الحيوانات أثبتت إنّها أعدل وأقلُ وحشيةً بالكثير الكثير من الأنسان الذي يدعي إِنّهُ أفضل الكائنات والمخلوقات قاطبةً بينما تُشير أفعالهُ الى إِنّهُ أرذلها وأكثرها وحشيةً ودموية ) بعيداً عن أي أجحاف أو ظُلم أو أستضعاف للآخر .             .                                                   
 

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الارشيف, المقالات واللقاءات. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.