بقلم شذى توما مرقوس
الأمانة في نقل النصوص
08/ 02 / 2008
http://nala4u.com
…….في ظلِ تزايد عدد
المواقع على صفحات الأنترنيت أصبح نقل النصوص أمراً متداولاً وأحياناً لحدّ
المبالغة ….. فما أن تتصفح موقعاً حتى ترى بعض منتدياتهِ وقد أُتخِمت
بالنصوص المنقولة ( أشعار ، قصص ، قصائد ….. الخ )…. معظم هذهِ النصوص
مُجردّة من أسماء كُتّابها الأصليين وكأنّ كاتب النص لاحق لهُ في أنتساب
نصهِ اليهِ ….. وأستغربُ حقاً كيف يمكنُ لشخص أن يقوم بنقل نص كامل طويل
أوقصير بينما يصعبُ عليهِ نقل أسم كاتبهِ المكونّ من كلمتين أو ثلاثة أو
ذكر المصدر المنقول عنهُ …… أحياناً يتعطفُّ ناقل النص على القراء بكلمة
ـــ منقووووول ـــ فهذا بعضٌ من كرمهِ ومنّة على القراء أما أن قررّ أن ذلك
ليس ضرورياً ينتصبُ النص يتيماً باحثاً عن صاحبهِ الحقيقي بين الكثير من
الأسماء التي تناقلتهُ في مواقع عديدة وفي كل مرة يمُنح أسم كاتب جديد
ويُترك الخيار لقارئ النص في أختيار كاتب النص من بين الأسماء التي مرت
عليهِ ….. الا يكون هذا تجنّي على الكاتب الحقيقي للنص وأجحاف لحقهِ وكذلك
أجحافاً بحق القراء …… يذهبُ بعض ناقلي النصوص الى ابعد من ذلك فيحذفون أسم
كاتب النص الحقيقي ويضعون أسمائهم بدلاً عنهُ وهذا تحديداً يُسمى ـــ سرقة
ـــ ويقومون بالرد على تعليقات القراء بأعتبارهم أصحاب النصوص الأصليين
وكُتّابها ……
أنّ
من شروط نقل النصوص الأمانة التامة والأمانة الزامية وليست أختيارية …..
هذهِ الأمانة تُلزِمُ ناقل النص بأدراج أسم كاتبهُ الحقيقي أو المصدر
المنقول عنهُ ( جريدة ، مجلة ، كتاب ، موقع ألكتروني أخر…… الخ ) …… ليس
فقط شروط نقل النصوص تقتضى الأمانة وتعتبرها شرطاً مُلزِماً بل الأديان
كذلك توصي بالأمانة أبتداءاً من أصغر الأمور الى أكبرها ومن لايكون أميناً
لايمكن لهُ أن يكون مؤمناً صادقاً ومن يؤتمن في القليل يوصى لهُ بالكثير
ومن لايمكنُ أئتمانهُ في القليل فما لديهِ أيضاً يؤخذُ منهُ أما من الناحية
الأخلاقية فأحترامُ الأنسان للأخرين كما أحترامهُ لنفسهِ يلزِمانهُ
بالأمانة وبما أن الأمانة مطلوبة في أصغر الأمور وأكبرها وعلى أختلاف
أشكالها هكذا يكون على ناقل النص ألتزام الأمانة التامة وأرفاق النص بأسم
كاتبهِ الأصلي لا مُجرداً مِنهُ أو ذكر المصدر المنقول عنهُ ….. أي أنّ
الناحية الأخلاقية والدينية تُلزِمان ناقل النص بالأمانة ……. أما على صعيد
المواقع الألكترونية فكم من المواقع خسِرت مصداقيتها في عيون قُرائِها
ومتابعيها وأعضائِها بسبب أشخاص لم يلتزموا الأمانة في نقل النصوص ….. فكيف
يُمكن للقارئ أو العضو أو المتابع أن يضع ثِقتهُ في مواقع تحتضنُ سارقي
النصوص ولاتُحاسبهم على الأقل بتنبيههم أو أيقاف عضويتهم أن تطلب الأمر
لمُجرد أنّهم أعضاء بينما يسهُل على هذهِ المواقع التضحية بمتابعيها
وزوارها وخسر ثقتهم فيها ……
سرقة النصوص
لايمكنُ أعتبارها ” غلطة ” ” وجلّ من لايُخطئ ” كما يظنُ البعض …. سرقة
النصوص هي أجحاف دامغ بحق الكاتب في أنتساب نصهِ اليهِ وسرقة لثمار أفكارهِ
وموهبتهِ وانتقاصٌ منهُ بوضعهِ في موقع الشك أمام الأخرين حتى يثبُت
أنتساب نصهِ اليهِ ويُحسم الأمر وغالباً لايُحسم الأمر ويبقى مُعلقاً
والمواقع على صفحات الأنترنيت زاخرة بشكاوى من كُتّاب تعرضت كتاباتهم
للسرقة ……ليس مُعيباً أن لايمتلك شخصاً ما موهبة الكتابة فبالتأكيد قد
حباهُ الرب بمواهب أخرى ولكنّهُ من المُعيب جداً أن يقوم بسرقة نصوص
الأخرين وأنّ دلّ هذا على شئ فأنّما يؤشر على أسوأ مافي دواخل هذا الشخص
وعلى سارقي النصوص مراجعة أنفسهم فأنّ كانوا قد حُرموا من موهبة الكتابة
فليبحثوا عن مواهبهم الأخرى بعيداً عن سرقة جهود الأخرين وعصارات تفكيرهم
ونصوصهم ….. فحبلُ الكذبِ قصير وقصيرٌ جداً ….. وليتفكروا في قلوبهم بأنّ
سرقة نصوص الأخرين هي إساءة لُكل الأطراف أبتداءاً بكاتب النص الحقيقي
مروراً بالجمهور ( من قُراء ومتابعي مواقع وأعضاء ) وانتهاءاً بأنفُسِهم
وحين يُقدِم أحد ما على سرقة نص أحد الكُتّاب فأنّما بفعلتهِ هذهِ يخدعُ
نفسهُ أولاً وكل الأطراف ثانياً …… من هذا المُنطلق سرقة النصوص ليست قضية
خاصة بين كاتب النص وسارِقهُ بلْ هي قضيةُ كل القراء فالكاتبُ يكتبُ
لقُرائِهِ وهم ثروتهِ الحقيقية وحين يقوم أخر بسرقة نصوصهِ فهذا يعني
إِنّهُ قد سرق الكاتب مجهوده وموهبتهُ وقراءه…… فالنص المكتوب يكتسِبُ
قيمتهُ الحقيقية من خلال تفاعل القُراء معهُ وبهذا يكون القارئ طرفاً
مُهماً في هذا الموضوع ــ سرقة النصوص ـــ وقد أصابهُ الأجحاف والخداع
تماماً كما أصاب كاتب النص الحقيقي من سارق النص …….
نقل النصوص أمراً لا يُمكنُ
الأستهانة بهِ فالأمانة واجبة ولازمة ومطلوبة وأرفاق النص بأسم كاتبهِ
الحقيقي ضرورة يُشارك كل ناقلي النصوص في الحفاظ عليها أحتراماً للقراء
وللكاتب على حدّ سواء وهذا لايتحقق الا بالتزام الأمانة ثم الأمانة ثم
الأمانة التامة في نقل النصوص …… وما قيل عن نقل النصوص ينطبقُ على نقل كل
المواضيع الأُخرى المُختلفة من مقالات وتأمُلات وقصص وأحداث وأخبار وأبحاث
…… الخ وأن صعبُ على أحدٍ ما تصورّ أهمية هذا الأمر ومدى حساسيتهِ وقللّ من
أهميتهِ فليتصور كيف يكون شُعورهُ أنّ أستحوذ أخر على ما هو عزيزٌ جداً
عليهِ فيقدرُّ مدى الألم والمضرّة التي تلحقُ بكاتب يُسرَقُ نصهُ ……
وللحديث في موضوعٍ كهذا لهُ الكثير من البقية …….
بقلم شذى توما مرقوس
2008