وداعاً ابونا رغيد ووداعاً عناق الأجراس والمآذن

بقلم نشوان جورج
وداعاً ابونا رغيد ووداعاً عناق الأجراس والمآذن

05 / 06 / 2007
http://nala4u.com

لا تخلف الحروب سوى الكراهية .. بديهية عرفتها كل شعوب الأرض على امتداد التاريخ.. ولم يشهد التاريخ المعاصر بلداً كالعراق شهد ثلاث حروب وحصاراً وبضعة معارك صغيرة في أقل من ربع قرن. لكنه مع ذلك قاوم الكراهية والعنف، وبقي شعباً متعايشاً على الرغم من الدمار والحروب والقمع الذي مارسته السلطة السابقة.
عاش المسيحيون والمسلمون منذ انتشار الإسلام جنباً إلى جنب بمودة وسلام واحترام متبادل حيث كانت تربطهم نقاط أساسية مشتركة من العادات والتقاليد الاجتماعية والقيم الإنسانية رغم الاختلاف الديني بينهم.
كان هناك قرانٌ بين منارات الكنائس والجوامع فبينما كانت المآذن تُكبِّر كانت أصوات الأجراس تتداخل معها لتتحد في تسبيح الله تعالى لكن للأسف هناك من لم يُرد أن يستمر هذا التسبيح والعيش بسلام ووئام.
كان هناك من كان يترقب يوم زرع الفتن والحقد، بدل السلام. وزرع الباطل، بدل الحق، وقد تحقق لهم هذا اليوم، وهاهو القتل والتهجير والدمار بدل الحب والسلام والوئام.
ازدادت المحنة على المسيحيين وخاصةً في منطقة الدورة الواقعة في منطقة الكرخ جنوب بغداد فقد نجحت الجماعات المسلحة في تغيير التركيبة السكانية هناك، بعد عقود من التعايش بين الأهالي الذين يشكلون خليطا من السنة والشيعة والمسيحيين.
وفي تطور خطير لهذه المنطقة فقد بدأ المسلحون بطرق أبواب العوائل المسيحية مطالبين بالجزية منهم أو اعتناق الإسلام أو ترك منازلهم بمحتوياتها.

تكتظ منطقة الدورة بالبساتين والمزارع التي تغطي المدينة بسعفها وخضارها إلا أنها لم تعد تثمر تمرا بعد الآن، بل سيارات مفخخة، وقتل وتهجير.
ورغم كل الطلبات والندآت إلا أن الحكومة لم تأبه لأي من هذه الأصوات وكأن المسيحيين ليسوا أبناء هذه الأرض التي وإن عدنا إلى تاريخها لوجدنا المسيحية فيها قبل أي دين آخر.
ومع الأسف لم يأتي لقاء رجال الدين المسيحيين مع رئيس الحكومة بأي نتائج ايجابية وكانت الـ (100) مليون كافية لإسكاتهم.
وها هي نتائج السكوت تظهر في مدينة الموصل بمقتل هؤلاء الأبرياء.. ما ذنب الأب رغيد كي يقتل في ربيع شبابه وهو الذي علقت عليه الكنيسة آمالا كبيرة في المستقبل وما ذنب الكنيسة كي تفقد خيرة رجالها.
مهما كانت الأعمال التي يقوم بها الإرهابيون ضد المسيحيين اليوم لا تستطيع أن تخمد النور المسيحي في هذه البلاد لان ترابها ممزوج بدماء الشهداء المسيحيين من أمثال الأب بولص، والأب رغيد، والشمامسة، والشهداء الآخرين منذ مئات السنين وسوف تبقى منارات كنائسها شامخة وأجراسها تقرع للسلام.

نشوان جورج
المانيا/ برلين

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الارشيف, المقالات واللقاءات, دين. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.