شيخ من الناصرية ‏وأول درس في الزنزانة / قصّة قصيرة

صورة ارشيفية

بقلم جان يلدا خوشابا
شيخ من الناصرية ‏وأول درس في الزنزانة / قصّة قصيرة

02 / 02 / 2021
http://nala4u.com


غرفة  صغيرة   بثلاثة  أمتار طولاً  وبمترين عرضاً  غرفة غير مريحة ورائحة  نتنة  لا شباك  فيها ولا هواء  نقي 
أخذوني إليها البارحة وحبسوني مع شخص آخر أكبر سناً  مني  شخص كبير العمر  تبدو عليه  ملامح التعب والضرب والإهانة 

دون كلمة  دون حرف أو سبب معروف لي  أخذوني  من أمام  باب  الكلية حيث كانوا ينتظروني كما يبدو
ثلاثة رجال يرتدون ألوان الزي الجامعي المعروفة  مثل اي طالب أي  السترة الزرقاء والسروال  الرصاصي
قلت : من أنتم ؟  وماذا تفعلون ؟ أنا طالب  هنا ….  ولستُ بغريب ؟ أو عابر سبيل      
قالوا :  نعلم هذا … لنا معك  حوار قصير وبعض الأسئلة  وبعدها تعود  لمحاضراتك
قلت : أسئلة عن ماذا يا إخوان ؟  يا زملاء ؟  أن كُنتُم زملاء !!! 
فقالوا : لا تتكلم كثيراً   واصْبِر ولا تخاف  بل امتثل  للأوامر  ولا تستعجل الأمور 
فقلت : لكن ما الأمر أرجوكم !!! 
فقالوا : أصمت
لكنني  لم  أصمت بل كُنت  اصرخ  واستغيث   

وعلى بعد خطوات  وبعد تقريباً  ثلاثة دقائق وضعوني في  السيارة  وكانت تويوتا بيضاء هذا آخر ما  رأيت لانهم  وضعوا على رأسي  قطعة  قماش وأحكموا على فمي بقطعة  أخرى وبعد عدت ضربات على  وجهي  ورأسي سكتُ بعد أن  غبتُ  عن الوعي  

وما أن فتحتُ  عيني حتى كُنتُ في هذا الزنزانة مع  ذلك الشيخ  الوقور 

سألني الشيخ : ما أسمُك يا ولدي 
ترددت بالإجابة  فقد كُنتُ  بالحقيقة مرعوباً ،   مندهشاً ،   خائفاً  
وسألني  مرة  أخرى  واُخرى  ولم  أجب  حتى  رأيته  يقدم  لي  منديلاً  
وقال :  أسمي  ياولدي  صابر … 
        وأنا من  الناصرية  فلا تترد أو تخاف 
         خذ المنديل  وأمسح  دمعك  أولاً   واطمئن
فقلت : أين  نحن يا شيخ  ؟ 
فقال : في إحدى بنايات الأمن العام 
فقلت : ماذا … ؟  ولماذا … ؟ أنا هنا 
فقال : لا أعلم … ياولدي  لكن أصبر  ففي الصباح  رباح 
فقلت : لكن يا شيخ  أهلي  لا يعلمون أين  أنا  
       وأنا طالب في الصباح وأعمل في المساء كي أعيل أهلي

أبتسم الشيخ  وتنهد  وكادت   عيناه  تدمع  وقال  بصوتاً  كله  ألم  وحسرة  وعذاب 
أنا هنا  يا ولدي مُنذ  أسبوعين    ولي زوجة وسبعة  أولاد أصغرهم قد يكون بعمرك 

فقلت : ولكن ماذا  فعلت أنت   يا شيخ  ؟ وما هي جريمتك ؟ ولماذا تبدو مكسور القلب والخاطر 
فقال : لم أفعل شي ياولدي 
        جريمتي أنني أحببتُ  ……  بلدي   
فقلت له : وهل هذا جريمة ؟ 
فقال : بالنسبة لي  لا   وألف لا   ….. وبالنسبة لهم نعم . 
عندها تعلمت الدرس الأول  والأهم   
أن حب  الْوَطَن   جريمة    عِند   البعض  !!!!!

جاني والبقية تأتي
01 / 02 / 2021

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الارشيف, ثقافة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.