دراسة وترجمة لكتاب (الاشوريون من نينوى الى سودرتاليا)

من اليمين; بينخس خوشابا هرمز, كتاب ;الاشوريون من نينوى الى سودرتاليا والمؤلف سفانتي لوند كرين.

دراسة وترجمة: بينخس خوشابا هرمز
تنقيح: كوركيس ميرزا برخو

الاشوريون من نينوى الى سودرتاليا
Svante Lundgren

19 / 06 / 2020
http://nala4u.com

المقدمة:
بحثا عن الهوية الاشورية:

الاشوريون في عدة جوانب هم شعب مبهم, ليس فقط لأن الأكثرية غير الأشوريين يعتقدون ان الاشوريين قد انقرضوا منذ فترة طويلة ولكن ايضا هناك الكثير من الاشوريين انفسهم يرفضون الاعتقاد انهم كانوا فقط اشوريين, بدلا من ذلك يسمون انفسهم سريانا, كلدانا, اراميون .

الشرق الاوسط هو منطقة نمو القومية والدين معا, وهناك على سبيل المثال الكلدان التابعين لكنيستهم يرون هذا الأنتماء تعزيزا للقومية, والكلدانية اصبحت مرادفة للشعب الكلداني. ولكن لا يوجد شعب كلداني ولكن بالطبع توجد كنيسة كلدانية. والكلدان هم الاشوريون الكاثوليك, والكلدانية هي الأنتماء الكنسي والأشورية هي الأنتماء القومي.

  • المترجم: أقرأ ايشعيا النبي الأصحاح 23 (13-14) ماذا يقول:

هوذا ارض الكلدانيين هذا الشعب لم يكن. أسسها أشور لأهل البرية. قد أقاموا أبراجهم دمروا قصورها. جعلها رمادا.

فالكلدان صفة أطلقت على العرافين والسحرة والفلكيين في بابل كما جاء في سفر النبي دانيال الأصحاح الثاني(1-3) وفي السنة الثانية من ملك نبوخذ نصر حلم نبوخذ نصر احلاما فأنزعجت روحه وطار عنه نومه. فأمر الملك بأن يستدعي المجوس والسحرة والعرافون والكلدانيون ليخبروا الملك باحلامه فأتوا ووقفوا أمام الملك. فقال لهم الملك قد حلمت حلما وانزعجت روحي لمعرفة الحلم. …

فأجاب الملك وقال للكلدانيين قد خرج مني القول ان لم تنبئوني بالحلم وبتعبيره تصيرون اربا اربا وتجعل بيوتكم مزبلة.

ونفس الأصحاح (10-13) أجاب الكلدانيون قدام الملك … ليس ملك عظيم ذو سلطان سأل أمرا مثل هذا من مجوسي أو ساحر أو كلداني…. لأجل ذلك غضب الملك واغتاظ جدا

وأمر بأبادة كل حكماء بابل. هذا بالنسبة للتسمية الكلدانية قبل المسيح, أما بالنسبة للطائفة الكلدانية الحالية سوف نوضحا في مكان اخر بالتفصيل. انتهى

هل يبدو هذا مربك! نعم ؟ وهوكذلك لدرجة أن الكثيرين من القريبين والمعنيين لا يعرفون ما هو الصح وباعتقادي الراسخ أن ممن يدعون اليوم انفسهم بالأشوريين لهم في الحقيقة الاساس القوي لهذا الأدعاء, وهذا الكتاب سيوضح لماذا.

البعض من ردود الافعال العامة بخصوص الهويات القومية, ان عالم الاجتماع الامريكي بندكت اندرسون اصدر عام 1983 كتابا في كتابه الموسوم حصول الحالة الكلاسيكية ويسمى الكتاب في الترجمة السويدية هذا تصور التضامن وهذا هو امتحان لتصور الدول وكيفية تشيدت هذه المجتمعات الغير طبيعية .

المجتمعات الطبيعية هي العائلة والأسرة والقرية, في هذه يكون للمرء علاقات وثيقة مع كافة الأعضاء الأخرين . والتضامن المبني ليس فقط ان يعرف المرء الاخرين عدا أن يعزز علاقته مع الاخرين, وأن الأمة هي مجتمع من هذا القبيل والتي تعطي شئ مشترك مثل الدين واللغة والتـأريخ والعادات.

اليوم نحن معرضين ان نرى العالم من خلال مفاهيم الدول والأمم, ولكن هذه ليست نفس الحالة فكانت قبل عام 1800 قوميات وولايات قومية وأصبحت مراكز لفئات حاكمة وتوابعها.

اذا كانت القوميات تصميم لتقوية الشعور المشترك هل هذا يعني انه حقا لا توجد قوميات حقيقية أو أن تأريخ القوميات قد اختلق؟ كلا هذا واضح كليا وعلى سبيل المثال هناك يوجد شعب سويدي وقومية سويدية . لكن هناك مفهوم وتصميم وجوهريا أن المرء قد خلق تاريخ مشترك بالرغم من أن الأيام السويدية قد بنت تجربة هذا التصميم وايضا يوجد عنصر في التأريخ السويدي وليس في كافة الجوانب امتثلت للحقيقة وانما الملامح الرئيسية في مفهوم القومية عموما جعلت للشعب السويدي تأريخا واضحا.

لقد ظهر القوميون الأشوريون في عام 1800 والمثقفون الأشوريون خلقوا مفاهيم مبهمة للشعب الأشوري ذات جذور مرتبطة بالأمبراطورية الأشورية تضم مختلف العقائد المتدينة ولكن قبل ذلك كان الناس قد عرفوا أنفسهم في المقام الأول على اساس الدين.

حتى اليوم يتميز الشرق الأوسط بالأنتماء الديني والأكثر أهمية من الأنتماء القومي والعرقي وأن الأشوريين رأوا أنفسهم مسيحيون قبل كل شئ وعلى العكس من الأكثرية في المحيط الأسلامي.

أن هوية الملة هذه والتي يكون المرء سرياني ارثذوكسي (يعقوبي), عضو في الكنيسة الشرقية (نسطوري) أو كلداني كانت فهي مهمة ايضا في بناء العلاقة بين الأعضاء لهذه الكنائس المختلفة ولكن لم تكن دائما جيدة. والفكرة هو أن جميع هؤلاء الناس يتشاركون في الهوية العرقية الأشورية تحديا جديدا ولحد ما تصميما كباقي الهويات القومية ولكن لم يكون هذا خطئا.

أن الشعب الأشوري يعيش اليوم منتشرا في عدة اجزاء من العالم وفي وطن الأم وضعه محرج, ومعظم اشوريي تركيا فروا بعيدا ما بين عامي 1970 – 1980 بسبب الحرب بين الحكومة والمقاتلين الاكراد. وفي العراق اطيح بصدام حسين عام 2003 واغلب الأشوريين العراقيين تركوا الوطن بسبب فوضى عارمة وارهاب طائفي. وعند كتابة هذا نرى ان اشوريو سورية تعرضوا الى نفس المصير المأساوي ولهذا يوجد اليوم الجزء الأعظم من الاشوريين في الشتات في امريكا,اوروبا,استراليا …الخ.

عندما قدم الأوائل من الأشوريين الى السويد عام 1967 الجميع سماهم وكذلك انفسهم بالأشوريين. ومن ثم نشأت صراعات الأسماء والتي قسمت الناس في عقود من الزمن. وفي أغلب الحالات النزاع قسم العوائل وأصبح بعض الأخوة يسمي نفسه اشوريا والأخر يتخذ له اسما اخرا. والسؤال الذي يسأله الكثيرون هل الأشوريين هم في الحقيقة اشوريون؟

هل توجد استمرارية بين الأشوريين القدماء والحاليين اليوم سورويي (سوريويي) بين نينوى وسودرتاليا؟

مؤسسة دولباني للأبحاث الأشورية في السويد اخذت في عام 2009 مبادرة على عاتقها لكي تعطي الفكرة وهي أن تطلب من الخبراء في التاريخ واللاهوت وعلم اللغة ليكتبوا عن مشروع نشوء الهوية الأشورية عبر الاف السنين. وبفرحة كبيرة استجاب الباحثون لهذه المسؤلية بشكل ايجابي. والأثنيين الأشوريين وغير الأشوريين من الباحثين من مختلف الدول يرغبون المساهمة وبشغف كبير في مشروع كتاب التراث الأشوري Arv The Assyrian. ونتائج الابحاث العلمية موسومة في كتاب في 13 مقال علمي, اغلب هذه الكتابات صدرت عام 2012 من جامعة ابسالا.

أن مؤسسة دولباني للابحاث الأشورية أرادت ليس فقط أن يكون هذا مشروعا علميا يسعد للباحثين في التأريخ والأسريولوجي عالميا. ولكن أرادت في الدرجة الأولى للجمهور الأشوري العريض وللاخرين الذين يمكن أن يحصلوا على هذه الأكتشافات المثيرة للأهتمام.

سئلت عما اذا كنت ارغب في أن اكتب كتابا مبسطا لحلقة قراء واسعة بالرغم من انني كنت تحت ضغوط والتزامات عديدة لم اتوانى واعتمد التحدي فهذا الكتاب هو النتيجة.

فهو لم تعتمد فقط على ما ذكر اعلاه من المختارات أو المختطفات ولكن ايضا لاعمال كثيرة اخرى واغلب المصادر المعتمدة موجودة في نهاية قائمة المراجع.

عندما قابلني الروحاني جوزيف كاجان في مايو 2013 في تلفزيون اسيريا اعطاني تسمية مؤلف الشعب المحبوب, وقد شعرت كثيرا بالمحبة من قبل الشعب الأشوري بسبب اهتماماتي بقضايا الشعب الاشوري وهذا الحب متبادل لان دائما المحبة تضمن الصدق. انني كباحث علمي وهذا الكتاب قاعدته معتمدة على المصادرالجدية للادب الثانوي هدفي هو التمسك التام بالحقائف.

ولاظهار النقاط سأتي بتحد للعروض في الذاكرة الجماعية الأشورية ومن المحتمل أن اضغط على اصابع قدمي المقرحة, وبهذا فأني مؤلف هذا الكتاب وعليه فأني مسؤول لما يحتويه.

مؤسسة دولباني للأبحاث الأشورية هي البادئ واتحاد الأندية الأشورية في السويد هم الناشرين من خلال شركة النشر لمطبعة دجلة, وهم يعتبرون ان هذا الكتاب مهم ولكن ليس بالضرورة الأتفاق معي في كل سؤال.

اني حصلت على الدعم والألهام من الكثير ولكن ثلاثة اود ذكرهم بالأسم وهم اسحق بيث سيمون الذي كان وسيطا مع المؤسسة وداعما لصدور هذا الكتاب وهانيبال رومانوس والمعتاد على قراءة كتبي ويجد دائما شيئا غيرصحيح وفي هذه المرة كان عليه قراءة سيناريوالكتاب قبل طبعه, وبهذا نأمل ان يكون عدد الأخطاء قليلة وانعدامها يكون في أفضل الأحوال. واوجين كورت هانينكي الذي درس مخطوطاتي وقدم تعليقات واقتراحات قيمة . اسحق هانيبال واوجين شكرا جزيلا لكم.

Lund,september 2013
Svente Lundgren

الأمبراطورية

الأشوريون هم شعب بلا وطن, ولكن ليس شعب لم يكن له وطن, فهناك منطقة اساسية واحدة تمثل وطن الام اشور, بالرغم من أن الأشوريين يمثلون الأقلية هناك والتي تشمل شمال ميسوبوتاميا (بيث نهرين) وحاليا هي ضمن هذه الدول تركيا وايران والعراق والألتقاء مع سوريا.

وميسوبوتاميا هي كلمة يونانية تعني أرض ما بين النهرين ويشير الى هذين النهرين بنهري دجلة والفرات. والاشوريون يدعون هذه المنطقة (بيث نهرين) والتي تعني نفس الشئ .

وهذه الكلمة مستخدمة اليوم بين الأحزاب السياسية الأشورية وهو أيضا اسما لفريق كرة القدم في سودرتاليا. الثقافات القديمة شرعت القوانين من حافات الأنهار, وأيصال المياه كان ضروريا لتطوير الزراعة وتربية الماشية, وقد نشأت الثقافات العالية قديما حول الأنهار الكبيرة مثل النيل وانهار الهند والصين مثل هوينك ويانكتسي, وعلى ضفاف نهري دجلة والفرات في ميسوبوتاميا (بيث نهرين) تطورت احدى أهم الثقافات العالية قديما وعادة كانت تسمى مهد الحضارة والمدنية .

في ميسوبوتاميا نشأت مدن صغيرة ثم تطورت الى ممالك المدن الى أن اصبحت دول ووقعت دائما في نزاعات مع الممالك الصغيرة وخلاصة القصة ادت هذه النزاعات الى نمو البعض وتلاشي الأخرين, والمملكة التي أصبحت أكثر مقاومة تركت بشكل ملحوظ أثار مهمة لها في التأريخ مثل سومر, بابل, أشور.

تواجدت سومر بشكل واضح وجلي في جنوب بيث نهرين ما بين حوالي 2000 – 4000 ق.م وأهم المراكز في سومر هي المدن اوروك والمدينة المعروفة في التوراة ب(اور).

ومع نهاية وجودها كانت قد اتسعت مملكة سومر لتشمل كل ( بيث نهرين) واجزاء كبيرة من ايران. في سومر وجد في احدى المرات ما بين لوحة فنية تعود الى 3300 – 3400,

كما وجد الأنسان نظام مدرسي مركزي كما في الجامعات التي تدرس الفنون, والرياضيات, المحاسبة, المسح, والموسيقى وفن الهندسة المعمارية .

وهذه مملكة بابل التي لها مركزها في منتصف بيث نهرين , وكانت تسمى حقيقة أكاد, وأستطاعوا اليونان تسميتها بابلونيا استنادا الى أساطيرهم وعاصمتها مدينة بابل. وأعتبرت الجنائن المعلقة في بابل من عجائب الدنيا السبعة بالرغم من ان الحفريات الأثرية لم تعثر عليها في هذه المدينة, لكن عالمة الأشوريات ستيفاني دالي من جامعة اكسفورد وضعت نظريتها المشهورة حول الجنائن المعلقة والغير موجودة في بابل وانما في العاصمة الأشورية نينوى.

  • المترجم

بعد 18 سنة من الدراسة ، إستنتجت الدكتورة استيفاني دالي ، الباحثة بدرجة شرف في جامعة أوكسفورد الى أن الجنائن كانت قد بُنيت من قبل الآشوريين في شمال بلاد ميزوبوتيميا -في العراق الحديث- وليس من قبل البابليون في الجنوب.ـوتعتقد السيدة دالي ان البحث الذي أجرته يبين ان الانجاز الهندسي والابداع الفني تحقق على يد الملك الآشوري سنحاريب ، وليس الملك البابلي نبوخذنصر.ـ

ان الأدلة المقدمة من السيدة دالي الخبيرة في اللغات القديمة للشرق الاوسط، تبينت من ترجمة النصوص البابلية و الآشورية المكتوبة باللغة المسمارية واعادة ترجمة النصوص اليونانية والرومانية من جديد. وقد تضمنت نصاً آشوريا من القرن السابع قبل الميلاد قد تُرجمَ بصورة خاطئة سنة 1920 – كما اكتشفت الباحثة – الأمر الذي قلل من قيمة و دقة ما جاء في بعض مقاطع النص المترجم وانحدر بها الى مستوى “الهراء المطلق”.ـ

وقد دُهشت الباحثة لتجد أن المللك الاشوري سنحاريب يصف” قصراً لا مثيل له” و”أعجوبة لكل الناس”ـ

ويستمر الملك في وصفه لعملية صُنع لولبٍ كبير بطريقة مبتكرة لصهر البرونز ، واستخدامه لرفع المياه – وهو بذلك يسبق أرخميدس باربعة قرون باختراع ما يُعرف اليوم بلولب أرخميدس لرفع الماء.ـ

وتقول السيدة دالي ان الاشوريين استخدموا نظاما معقدا من القنوات المائية والسدود لجلب المياه المنسابة من الجبال التي تبعد 50 ميلا وايصالها الى قلعة نينوى وجنائنها المعلقة. وفي النص الاشوري جملة تشير الى أن الماء كان يُنقلُ “طيلة اليوم”.

Svante Lundgren

دمرت مدينة بابل عدة مرات من قبل الأشوريين بحجة اخضاع التمرد البابلي ولكن المدينة شيدت وكانت تنهض من جديد, واخيرا وقعت تحت حكم الفرس ثم اليونانيين حتى تناقص شأنها وتلاشت.

أن مملكة بابل ظهرت في الفترات 500 – 2000 ق.م والمشهورة في نصوص قوانين حمورابي, والأهمية في المدونة القانونية هي انها أقدم من نصوص موسى في العهد القديم, وملحمة كلكامش والتي تحتوي على الحكايات الشهيرة بخصوص الطوفان وهي مشابهة لقصة الطوفان في العهد القديم.

بابل معروفة في العهد القديم من خلال غزو اورشليم في 586 ق.م وتخريب المعبد الأول فيها. ثم سبي جزء كبير من مملكة يهوذا والذي سمي بالسبي البابلي أو المنفى. وأنبياء العهد القديم مثل حزقيال ودانيال بدأوا في بابل وبالرغم من توقف التهجير القسري بقي الكثير من اليهود في بابل لأنها كانت مركزا مهما للثقافة وللديانة اليهودية لفترة طويلة.

تنويه (nala4u) ; الموقع يتبنى التسمية الاشورية كقومية وتاريخ ولغة .

هذه المقالة كُتبت في التصنيف ابحاث ودراسات, الارشيف, كتب , تاريخ. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.