الـوجــود الآشــوري وتحديــات المرحــلة (3)

بقلم سامي هاويل
الـوجــود الآشــوري وتحديــات المرحــلة (3)

22 / 02 / 2012
http://nala4u.com

كـان أنبثــاق الأتحــاد الآشـوري العالمــي فـي عـام 1968 فــي المهجــر مطـلب وحاجــة ملحــة أمـلته ظـروف التشتت والأغتراب التــي ألمــت بــامتنــا الآشــوريـة, فجــاء بفكــر ناضــج ورؤيـة صحيحــة وواضحة ولــدت من رحــم الأمـة الآشـوريـة فـي محــاولة لأدلــجة الفــكر القومــي السياسي الآشوري المعــاصر, حيث أعيـدت ملامـح القضــية الآشوريــة مــن جديــد ووضعـت اللبنات الأولـى لهـا, فتــم أختيار العلـم القومـي وتحـديـد يــوم الشهيــد ورأس السنـة الآشورييـن,وقــد تفــاعل معــها المجتمــع الآشوري وتبناها وشرعنها لتكون رمــوزا للأنطلاقــة الجـديــدة بعد أن أرغـم الزمـن الرديء بكل معضلاته المختـلفة أبنـاء الأمـة الآشـوريـة تـرك وطنهــم واللجوء الــى البلــدان الغربيــة بحثـا عـن الأمــان والعيــش الكريــم. فلعبـت هــذه الأنطــلاقة دورا رياديــا فـي حمايـة أجيــالـنا مـن الأنصهــار في المجتمعــات المتقـدمة واعــادت الثقــة والأيــمان بالنفـس وزرعـت أمــل العــودة مـن جــديد الـى الـوطن (آشــور) فـي نفـوس الكثيريــن بأعتبــارنـا أمـة حيــة تعيــش حاضـرها بقسوتــه وتعمــل لمستـقبل أجيـالهــا. وفــي خطـوة مـوفقــة تــم تـوحيــد الأنديـة الآشـورية فـي أميركـا وأستراليــا لتنضوي تحت مظلـة الأتحــاد الآشـوري العــالمــي , بينــما كانـت الأنـدية الآشوريــة فـي أوروبــا متأثـرة بشكـل كبيــر بالمنظمـة الآثوريــة الديـمقراطيــة ومـا أن أصبحــت المنظمــة عضــوة فــي الأتحــاد الآشـوري العـالمــي دخـل أتحــاد الأنــديــة الآشــوريــة فــي أوروبــا تحــت مظــلة الأتحاد هــوا ألآخــر. هــذا الفكـر القويــم كــان لـه تـاثيـرا كبيــرا علــى آشوريـي المهجــر فأنخـرط الكثيــر منهــم في صفوف الأتحــاد. ولكــن هــذه المسيـرة تعثــرت بسبــب أتســاع قـاعــدة الأتحــاد وتقسيــمه الــى أقاليــم بحكــم أنتشــار أبنــاء أمتنــا فـي دول مختــلفـة وبعيـدة عــن بعضــها البعــض ممــا أفقـد قيـادته السيطــرة علــى فروعــه المنتشـرة فــي هــذه البــلدان, بالأخص بعـد أن بدأت قيـادات بعــض هــذه الفـروع بأتخــاذ مــواقـف أرتجــاليــة سأهمــت بشكل كبيــر في اضعــاف الأتحــاد وأبعــاده عــن أهدافــه المـرسـومــة, فبـدلا من العمــل لتحقـيـق القيـادة المـرجوة لـلأمـة الآشـورية التــي كــانت أحـد أهداف ألأتحــاد التــي أقرهــا فـي المـؤتمــر المنعقــد فـي عـام 1987, بـدأت بعـض الشخصيــات المتنفــذة فــيه بلعــب دور تلـك القيــادة ونتيــجة ذلـك جعلـه ينحــرف عــن الــطريــق الــذي حــددتـه هيئتـه التــاسيسيــة. ولعـل ولادة الحركــة القوميـة على أرض الــوطن المتمثلـة بالـحركة الديمقراطية الآشوريــة بالأخـص بـعد عــام 1982 أثنــاء أعـلان الكــفاح المســلح كـان لهــا دورا مــؤثرا عـلـى الأتحاد الآشــوري العــالمــي, فقـد تبايـنت وجهــات النظـر فــي قيــادتـه حـول تعــريف هــذا النشــاط القومــي الفتــي, فأعتبــره البعــض بأنه الممثــل الشــرعـي الـوحيــد علــى أرض الوطــن بينــما رفــض آخــرون ذلــك دون أن يصــل الطــرفان الـى حـل مناســب. وفــي ســياق ذلــك بــدأت مـحاولات المؤيــدين فــي الأتحــاد لفكــرة الممثـل الأوحـد بالأتصــال بقيــادة الحــركــة فــي عـام 1984 تمهيــدا لــوضع ميثــاق عمــل لأقــامة قيـادة مشــتركة وتوحــيد الخطــاب القــومي والسياسي, ولكنهــا لـم تكــلل بالنجـاح فــي بــدايـة الأمــر, وبقيــت هــذه المعضلــة فــي صفــوف الأتحــاد لحيــن أنعقــاد المؤتمــر الثــامن عشــر حيـث أقتــرح المؤتمــرون تشكيــل الــذراع السيـاســي لتبنــي المهام السيــاسية على الصعيــد القومـي في محــاولــة لأقــامـة جبهــة قوميــة شــاملة تشــمل كافــة فعاليتنــا الســياســية في الــوطن والمهجــر, فتــأسس الــذراع السيـاسي فــي 27-28/11/1993 شـرطا أن يلتــزم بقــرارات قيــادة الأتحــاد الآشوري العــالمي. هــذه العمليــة كــانت بمثــابة خــضوع الجبهــة القــومية التي سيعمــل الذراع السيــاسي لأقــامتها لمقــررات قيــادة الأتحــاد, فلـم يلاقــي هــذا الطــرح ترحيبــا في صفــوف الجبهــة القوميــة التــي تشكلــت فــي الـوطـن عــام 1993 بيـن الحــركة الديمقــراطية الآشــورية وحـزب بيت نهـرين الــديمقراطـي /عــراق والمنظمــة الأثوريــة الــديمقــراطيــة والــذراع السيــاسي للأتحــاد الآشــوري العــالمي, ومن الجــانب الآخـر وبحكــم وجــودهــا علــى أرض الــوطن والــدعم والمـؤازرة الكبيــريـن الــذي لاقتــه الحــركـة الــديمقــراطيـة الآشـورية جعلــها صـاحبـة القـرار علـى الأرض, وهكــذا أصـبح الــذراع السيــاسي بيـن مطــرقة الأتحــاد الآشــوري العــالمي وسنــدان الحــركة الديمقراطيــة الآشورية فتعـثر العمل الجبهــوي فــي الوطــن والمهجــر نتيجــة الصــراع بيـن هـذيـن الطـرفيـن للأســتحواذ علــى السلطــة والقــرار, فأنهـارت جبهــة وتشكلــت أخـرى وبحــكم التعــاطـف الكبيــر الــذي لاقتــه الحــركـة كثفــت نشـاطهـا لأقــامـة مـكاتب لهــا في المهجــر فـي محــاولــة للســيطرة علــى زمــام الأمــور هنــاك أيضــا فأنقســم الشــارع القــومي الآشــوري الـى مؤيــد ومعــارض وادخــل الــقرار القــومي والعمــل الجبهــوي فــي هــذه الـدوامــة لسنيــن عـديـدة أستــمرت لـحد يـومنــا هــذا, وقــد أنعكــس ذلــك سلبيــا علــى المســيرة القــوميــة وأضــاع فرصــة ثمينــة أخــرى كمــا حصــل في المــاضي القــريب وكــأن التــاريخ يعيــد نفســه. هــذا الصـراع يكمــن فــي عــدم نضـوج الفكــر القومــي لــدى المتنفــذين فــي قيــادات فعاليــاتنا السيــاسية وضعــف الأيمـان بأمكــانيــة تحقيــق شيء ملمــوس علــى أرض الــواقع أضـافـة الــى ذلـك الأفتقــار الــى القــرار الجمــاعي داخـل الهيئـات التنفيــذيـة لأحـزابنا, كمــا لعبــت قــوى محليــة خــارجيــة مـؤخـرا دورا مـلحوضا لتفويــت الفرصــة علــى الأمــة الآشوريــة فــي مرحلـة التغيير الحــاصلة في العــراق, وهــكذا شـل العمــل القـومي الصحيــح وزج بـه فــي نفــق الصراعــات الحزبيــة, لا بـل الأسـوء مـن ذلـك هــو أقحـام الثـوابت القوميــة وتسـويقها من أجل المصـالـح الحزبيــة والــذاتية, فاليــوم وكمــا هو واضــح أختفــت تمامــا القضيـة القوميــة الآشورية من الســاحة السيــاسيـة العراقيــة وكمـا ذكرت فـي مقالــتي الســابقة فقــد رضخـت أحـزابنــا السيــاسية في الــوطن للــواقع الشــاذ وهــي تعمل لفرضــه علـى المهجر الآشــوري مجتمعــا ومـؤسســات, بينمـا تحـول الأتحــاد الآشــوري العــالمي الى بقـايــا هنــا وهنــاك تنـاقـض بعضهــا البعض أحيــانا, وأحيانا أخـرى لا تتـوافـق مواقفهــم مــع الخطـوط العريضــة التــي تأسـس الأتحـاد الآشــوري الــعالمي عليــها, واليــوم تكــاد تكــون الســاحة السيــاسية القـومية الآشورية خاليـة بعـد أن أخـفقـت تيــارات أخـرى ملىء الفــراغ متـأثـرة بالمعطيات التي أفرزتهـا الصراعــات الحزبية وعـدم أمكانيتهــا هي الأخرى الألتـزام بالخطـوط العريضـة التي رسمتهــا. وهكــذا أصبحـت المســالة الآشوريـة أســيرة الصــراعـات الــداخليــة وألآنفـراد فــي القــرار السيــاسي ممــا جعلــنا نعــود مجــددا الــى نقطــة البــدايـة فــي محــاولــة لتــوحيد الخطــاب القــومــي لأعــادة القضيــة الآشــوريــة الــى مكانتــها ورفــد المسيــرة القــوميــة بأجيـال تكــون بعيــدة عــن الممــارســات المــذكـورة أعــلاه, وترســيخ الفكــر المبــني علــى الأسس والمفــاهيــم القــومية أمــلا فـي الــحفاض علـى وجـودنـا المهــدد.

ســامي هـاويل
سـدني/ أستراليا

للمزيد; انقر على الرابطين ادناه

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الارشيف, المقالات واللقاءات. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.