صفحة المهى (9) حوار مع د.انطوان صبري/الجزء الثاني

بقلم شذى توما مرقوس
صفحة المهى (9) حوار مُطوَّل ومُفصَّل مع د. انطوان صبري البنا- الجزء الثاني

16 / 04 / 2018
http://nala4u.com

صفحة المهى / 9

( سلسلة صفحة المهى لأخبار الشأن الحيواني وعالم الطب البيطري )
من أجل عالمٍ متوازنٍ وسليمٍ وأجمل

حوار مُطوَّل ومُفصَّل مع د. انطوان صبري البنا / الجزء الثاني
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حوار وإعداد وتقديم : شذى توما مرقوس
الجمعة 1 / 12 / 2017 م ــ الأربعاء 7 / آذار / 2018 م .

القارئات العزيزات / القُرَّاء الأعزَّاء ، أتواصلُ معكم لمُتابعة الجزء الثاني من الحوار مع الأُستاذ القدير البروفيسور د. انطوان صبري البنا ، مع عميق الشكر لتعاونه .
شُكراً للمتابعين والمُتابعات .

( 8 )
شذى / الحدث الكبير والخطير كان دخول مرض الطاعون البقري إلى القطر ، حدثنا عن دورك في التصدي لهذهِ المِعضلة ؟
د. انطوان /  دخل مرض الطاعون البقري من خلال نقل قطيع من الجاموس الهندي عن طريق صفوان والكويت بطريقة غير شرعية إلى القطر ، على إثرها انتشر المرض في الجاموس في منطقة الفضيلية والذهب الأبيض ، وأدى إلى نفوق أعداد كبيرة من الحيوانات المُصابة ، وأنتقل المرض إلى الأبقار وفي جميع محافظات القطر  ، وكان هذا حدثاً خطيراً وهائلاً .
مشاركتنا الأولى كانت تشخيص الفايروس المُسبّب وعزله وتوصيفه ، ثم مُشاركتنا في عضوية اللجنة العليا للسيطرة على المرض في وزارة الزراعة ــ الهيئة العامة للبيطرة بإعطاء المشورة الفنية والنصائح العلمية اللازمة ، كما شاركنا في تقييم برامج التلقيح المختلفة للأبقار والعجول وتم تحديد البرنامج الأفضل من البحوث مع طالبي د. خزعل الماجدي ( من وحدة تحضير لقاح الطاعون البقري ــ المختبر البيطري سابقاً ) ، وباستخدام اللقاح المُكثف وبجهود الجميع أصبح بالإمكان السيطرة على المرض عام 1995 م تماماً في القطر كُلَّهُ ، كما شُخِّصَ فايروس الطاعون البقري في غزلان الداما والمفلون المُستوردة في مُسيَّج روضة المها في منطقة الدورة بعزل الفايروس في خلايا الزرع النسيجي وتشخيص مستضداته في الغدد اللمفاوية المسارقية للحيوانات الهالكة وبمشاركة الكادر العامل معنا في شعبة الفايروسات الدكتورة نضال عبد المهيمن والدكتورة شوني ميخائيل  .
وفي دراسة مُشتركة مع الشركة العامة للبيطرة وبإشرافي المُباشر وإشراف مدير الشركة قامت طالبتي حنان صائب بتنفيذ البحث والذي شمل دراسة وبائية وفايروسية عن مرض طاعون المُجترات الصغيرة ( PPR )  ، وأشرت نتائج هذه الدراسة إلى انتشار واسع للفايروس المُسبِّب في معظم محافظات القطر حيث تمّ عزل الفايروس وتشخيصه .
بعد هذهِ الفترة حدث تغيير جُزئي في توجهاتي الأكاديمية ، وكنتُ راغباً في المُشاركة بميادين العمل الأصلية للطبيب البيطري ، وهذه الرغبة لم تأتِ بشكل عفوي وإنما نتيجة لمُشاركاتي السابقة في حقول العمل ، وحينها عام 1986 م عرضت عليّ الشركة العامة للبيطرة والثروة الحيوانية ترأس لجنة فنية لاستلام أبقار حلوب من عرق هلوشتاين بعدد 5000 بقرة ضمن العقد الأمريكي وكان المطلوب تطبيق المواصفات المتفق عليها مع الشركة المُصدِّرة للحيوانات والتأكد من خلوها من الأمراض السارية والمُعدية والمُحافظة عليها بعد استلامها وحجرها ، ثم تحصينها ضد الأمراض المُعدية الموجودة في العراق ، وتوزيعها على محطات الأبقار الكُبرى لانتاج الحليب .
قبل استلامي مسؤولية رئاسة اللجنة أصيبت وجبات من هذهِ الأبقار بمرض الطاعون البقري وهلكت أعداد منها لعدم كفاءة الحجر البيطري ، وبموجب ذلك تم اختيار إحدى المحطات الكُبرى كمحجر وطُبِقت عليها الوسائل الصحية اللازمة لمنع تسرب الأمراض إلى الحيوانات المُستوردة ، فتم تحصين الحيوانات لكل وجبة في اليوم الأول لاستلامها ضد الأمراض السارية والمُعدية المحلية من الطاعون البقري ، الحمى القلاعية ، الحمى العرضية و عفونة الدم النزفية ، وفعلاً بفضل هذهِ الخطة التي اتُبعت بقيت هذه الحيوانات الثمينة بمنأى من الأمراض الوبائية والمُستوطنة .
في أيار عام 1987 م عرضت عليّ إدارة محطة أبقار النصر في الصويرة العمل فيها كأستشاري للمحطة على إثر انتشار مرض الطاعون البقري في قطعان العجول فقط ، هذا العرض أخذ من تفكيري قسطاً كبيراً باعتباره مسؤولية جديدة تُضاف على عاتقي إلى جانب عملي كأستاذ في الكلية ، العمل الذي لا يمكنني التضحية به أو التخلي عنه لأنه هدفي الأساسي في الحياة ، قررت تحمّل المسؤوليتين ( كأستشاري وأستاذ ) بتوزيع وقتي بين الحالين ، فاتفقتُ مع إدارة المحطة على التواجد فيها بعد انتهاء عملي في الكلية بالإضافة إلى أيام الأستراحة والعطل الرسمية .
قبول هذا العمل كان العامل المهم لعدم تركي الوطن وهجرتي للخارج كما فعل الكثير من أساتذة الجامعات في ذلك الوقت لمحدودية الرواتب وضعفها حيث كانت لا تزيد عن 200 دولار شهرياً .
التزامي بالعملين ترك أثره على راحتي ومتابعة أمور عائلتي ، وتحملت حينها زوجتي الغالية الكثير من المسؤولية ، ورغم كل ذلك كنت مقتنع تمام الاقتناع بأن ذلك سيفتح أمامي مجالات كبيرة وباهرة في العمل الميداني والبحث العلمي ، وفعلاً كان المشرفون على المحطة متفتحون ويرغبون بمواكبة التطور ، وهذا ساعدني في بتحقيق الأهداف المرجوة ، وفعلاً  بدأت ُ العمل بإشرافي على معظم الأعمال وخصوصاً جانب تشخيص الأمراض والسيطرة عليها ومتابعة أعمال الأطباء البيطريين ووضع برامج خاصة للسيطرة على الأمراض المُعدية باستخدام اللُقاحات من اليوم الأول لولادة العجول وحتى تُصبحُ حيوانات بالغة وحلوب ، فتمّ السيطرة على مرض الطاعون البقري منذ عام 1988 م في محطة الأبقار ، وتمّ توفير الكثير من المعدات الحديثة للتشخيص ( وعن طريق الاستيراد في حالة عدم قدرة الدوائر البيطرية على توفيرها ) منها : مُعدات فحص السل ومرض جونز ولُقاحات لا تتوفر في القطر ، بالإضافة إلى تنفيذ بحوث طلبة الدراسات العليا والمُستوحاة من المشاكل الموجودة في المحطة ، وإيجاد الوسائل المُناسبة لحلها والسيطرة عليها .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 ( 9 )

شذى /  ماذا كانت المشاكل الأخرى الرئيسية في المحطات والحقول ، والتي قام طلبة الدراسات العليا بتنفيذ البحوث عنها ؟
د. انطوان /  من المشاكل الرئيسية التي تمّ التركيز عليها ودراستها هو الإسهال القاتل في العجول الحديثة الولادة ، ومن هذهِ الناحية اتجهنا لتشخيص المُسبِّبات والأمور الصحية والإدارية التي يستوجب اتباعها وتوفيرها في قاعات إيواء تلك الحيوانات الصغيرة ، وكانت البداية في التركيز على انتقال المناعة من الأمهات إلى عجولها ، و ذلك يستوجب إعطاء العجول الكمية الكافية من اللبأ ( السرسوب أو الكولستروم  ) حال ولادة العجل ولمدة ثلاثة أيام ، أما من ناحية المُسبِّبات المرضية فقد تمّ تشخيصها مُختبرياً وكانت سموم جرثومة الاشيريشيا القولونية ( أي كولاي ) وفايروس الروتا ، وفي أحيان أخرى بروتوزوا الكريبتو اسبوريديا ، ولأجل تقليل الخسائر من سموم الجرثومة تم توفير ( وعن طريق الاستيراد ) أمصال مناعية مُضادة لتلك السموم لتقوية مناعة اللبأ للأمهات ، وكانت نتائج هذهِ المادة جيدة في تقليل شدَّة الإسهال ، لكن انخفضت بعد فترة من الزمن ، ولأجل ذلك خططنا للبحث في دراسة لإحدى طالباتي ( المرحومة زنوبيا مهدي ) في إيجاد بديل آخر ، لأن هناك مُسبِّبان يشتركان في إحداث الإسهال في نفس الوقت وهما فايروس الروتا وجرثومة الاشريشيا القولونية ، وفعلاً قمنا بعزل فايروس الروتا وتنقيته من براز العجول المريضة ، وكذلك استخلاص سموم الجرثومة من البراز أيضاً ، وبعد عمليات مختبرية عديدة تم تحضير لُقاح من كلا المُسبِّبين المرضيين وأُعطي للأبقار الحوامل ، والذي أدى إلى ارتفاع المناعة في اللبأ لتلك الأبقار والذي أُعطي للعجول بعد ولادتها ، وكانت نتائج هذهِ الدراسة مُشجعة جداً حيث قلَّلت حالات الإسهال وشدَّتها بنسبة عالية في العجول المُمنَّعة مع انخفاض واضح في أعداد الهلاكات ، كما تم تحضير عُدد تشخيصية سريعة لفايروسات الروتا التي تصيب  العجول والاطفال الرضع  في دراسة طالب الدكتوراه  يونس حويش .

بالإضافة إلى الإسهال تمّ تشخيص حالات مرضية شديدة أخرى في العجول ، خصوصاً بعد الشفاء من الإسهال ، وهي إصابات تنفسية تؤدي إلى التهاب في القناة التنفسية ، وفي النهاية إلى التهاب رئوي ، قُمنا بتشخيص وعزل تلك المُسبِّبات وخصوصاً فايروس الخلية العملاقة التنفسي
( Bovine  Respiratory  Syncytial  Virus )
 ( دراسة د. شوني ميخائيل اوديشو ) .
وفايروس البارا انفلاونزا ــ 3
( Bovine Para – Influenza -3 ) 
 ( دراسة د. عائدة برع علاوي ) .
وجراثيم أُخرى أهمها جرثومة الباستوريلا ( دراسة طالب الماجستر بشار الحديثي ).
ولأجل ذلك تمّ استيراد لُقاح للسيطرة على جميع المُسبِّبات الفايروسية للإصابات التنفسية في عجول وأبقار المحطة ، وهذا اللُقاح يحتوي على مُستضادات فايروس الخلية العملاقة التنفسي وفايروس البار ـ انفلاونزا ــ 3 وفايروس الإسهال البقري وفايروس التهاب الأنف والرُغامي البقري .
وفي حديث مع أخصائي أمراض الأطفال في مستشفى الطفل المركزي ــ الكرخ ، الدكتور المرحوم طارق الداهري عن الإصابات التنفسية الشديدة في العجول ، أخبرنا بانتشار حالات تنفسية شديدة أيضاً في الأطفال الرُضع خصوصاً في فصل الشتاء تتمثل بارتفاع حرارة الجسم ، ورشح والتهاب في القصبات والقُصيبات التنفسية ، وبمساعدة د. طارق تمكنّا من الحصول على مسحات من البلعوم والأنف للأطفال المُصابين ، وتمكنّا في الكلية من تشخيص المُستضدات وعزل فايروس الخلية العملاقة التنفسي البشري ، وتشخيص أضداد هذا الفايروس في أمصال الأطفال المرضى الذين يراجعون تلك المستشفى ( دراسة الطالبة د. شوني ميخائيل اوديشو ) .
إن هذهِ النتيجة المُهمة تعتبر الأولى في العراق لتشخيص هذا المُسبِّب للحالات التنفسية في الأطفال .
ومن الحالات الأُخرى التي تمّ ملاحظتها في محطة أبقار النصر هو الإسهال المائي والمُزمن في الأبقار الكبيرة العمر ، مما يؤدي إلى الهزال الشديد ويُعجِّلُ في نبذ تلك الحيوانات ، فسارعنا إلى تشخيص مُسبِّب هذهِ الحالات (  في دراسة الطالب ميثم إحسان وتحت إشرافنا ) ، وتمّ عزل المُسبِّب وتشخيص الجرثومة شبيهة السل (  Para Tuberculosis ) ، والمُسبِّبة لمرض جونز ( Jones Disease )  من مسحات بطانة الأمعاء ، ومن براز الأبقار المريضة بالإضافة إلى تشخيص أضداد هذهِ الجرثومة في أمصال تلك الأبقار ، و تعتبر هذه الدراسة الأولى في القطر بعزل الجرثومة و توصيفها و تشخيص أضدادها في الابقار ، وهكذا قمنا بنبذ الأبقار المُصابة بالسرعة المُمكنة وإبعادها عن القطيع  وعن العجول الحديثة الولادة وعدم إرضاعها لبأ أمهاتها المُصابة ، ونعتقد إن مصدر هذهِ الإصابة هو الدولة المُصدِّرة لتلك الأبقار لأن أعراض هذا المرض لا تظهر إلا في الأعمار الكبيرة فقط ، فلذا نوصي بالتأكد من خلو الحيوانات المستوردة من الأمراض السارية والمُعدية .

ـــــــــــــــــــــــــــ

( 10 )

شذى / من المشاكل الرئيسية في العراق كان مرض الحمى القُلاعية المُنتشر في الأبقار والأغنام وغيرها من المجترات ، ماذا كانت تجربتك في هذا المجال ؟
د. انطوان / مرض الحمى القلاعية والمعروف بـ ( أبو لسين ) ، هو أحد المشاكل الرئيسية في العراق ، يصيب الأبقار والأغنام وغيرها من المجترات ، وهذا المرض معروف قبل ستينات القرن الماضي في العراق ،  أول دراسة قمنا بها كانت عام 1988 م عن مرض الحمى القلاعية في الغزلان العراقية الهالكة بالمرض ، حيث قمنا بعزل وتوصيف الفايروس وتحديد نمطه من النوع O ، وهي الدراسة الأولى في العراق لإصابة الغزلان ، أما الدراسة الثانية فكانت بالاشتراك مع طالبة الماجستير سوسن عبد الستار السامرائي عام 1989 م ، وكانت حول عزل وتوصيف الطفرات الحساسة للحرارة لفايروس الحمى القلاعية للنمط O  ، وكان الهدف من هذهِ الدراسة هو استخدام الطفرات الضعيفة المعزولة كلقاح ضد الإصابة ، وأثبت كفاءتهُ فعلاً في الفئران ، علماً إن اللُقاح العراقي الذي كان يُحضر في مركز الدورة للحمى القلاعية كان أفضل من اللُقاحات الأجنبية في ثمانينات القرن الماضي لأن هذا المركز متطور من ناحية الأجهزة والكفاءة العلمية للعاملين فيه ، إضافة إلى استخدامه أنماط مصلية للفايروس قريبة أو مُماثلة للفايروس الذي يُسبِّب المرض في القطر لكن ؛ في التسعينات أُغلق هذا المركز ، ثُم دُمِر نهائياً من قِبل فرق التفتيش لربط المركز بإنتاج عوامل بايولوجية ، بعدها بدأت الصحة الحيوانية باستيراد اللُقاح من شركات ومناشئ مختلفة خصوصاً بعد انتشار أوبئة شديدة دخلت القُطر عن طريق حيوانات حيّة من تركيا عام 1998 م وأدت الإصابة إلى هلاك في الأغنام والماعز ، كما أُصيبت الأبقار ، قمنا بعزل وتشخيص الفايروس بأنه من نمط O أيضاً ، وبموجب ذلك تمّ التركيز على اللُقاحات المستوردة وتعيين كفاءتها لصد الفايروسات الضارية المُنتشرة خصوصاً في محطات الأبقار ، ولأجل ذلك تمت الدراسة في محطة أبقار النصر بمشاركة طالب الماجستير براق كامل عبود  حيث تمّ تحديد اللُقاحات المُفضَّلة وبرنامج التلقيح في الأبقار والعجول من خلال قياس مستوى المناعة باختبارات مصلية كفحص الاليزا والتعادل المصلي ، وكذلك قياس مناعة اللبأ من الأبقار المُلقحة ، لكن حسب النتائج المختبرية والحقلية إن المناعة تعتمد على النمط وتحت النمط وللتغيرات التي تحدث في الفايروس نتيجة الطفرات أو الاتحاد الوراثي في الفايروس الحقلي ، ونتيجة لذلك تمّ إجراء دراسة التغيرات الجينية أو الوراثية التي حدثت في فايروس الحمى القلاعية الحقلي الذي ينتشر في العراق من خلال دراسة طالب الدكتوراه أمين أحمد صبار .
كما شاركنا في المؤتمر العالمي للحمى القلاعية عام 2009 م في الباراغواي من خلال عرض جميع النتائج التي توصلنا إليها عن المرض وانتشاره والفايروس المُسبِّب في القطر وعرضنا بوستر في قاعة العرض الخاصة للمؤتمر ، علماً إننا كُنّا الوحيدين من قبل الدول العربية والمجاورة بالمُبادرة بهذهِ الفعالية المُميزة والتي لاقت استحسان باحثين وخُبراء من منظمة  OIE .

ـــــــــــــــــــ
( 11 )

شذى  / تركيزكم على دراسة الإصابات التنفسية كان واحداً من مساعيكم ، ما هي التفاصيل التي أحاقت بعملكم هذا ؟
د . انطوان /  منذ عام 1998 م  بدأت دراساتنا تتجه نحو الإصابات التنفسية التي تُصيب الإنسان والحيوان بالإضافة إلى الفايروسات التي قمنا بتشخيصها سابقاً ، وفي هذهِ المرة كان التركيز على أعراض الإصابة بالانفلونزا الوبائية ، حيث تمّ عزل وتشخيص فايروسات انفلاونزا الإنسان نظراً للتعاون المًشترك مع د. رمزية الخياط ( من مختبرات الصحة المركزي ــ وزارة الصحة ) ، من خلال دراسة طالبتي سُرى علي حيث عُزِل فايروس انفلاونزا الإنسان نوع A ونمط  H3 N2  ، وكذلك نوع B من بشر يعانون من الانفلونزا ، كذلك وبنفس الوقت عُزِلَ وشُخِّصَ فايروس انفلاونزا الخيل من خلال الوباء الذي انتشر في حظائر خيل السباق ( العامرية )  في بغداد وحُدِّدَ نوع الفايروس بأنَّهُ A أيضاً ومن نمط H3 N8  ويرتبط بعلاقة مع فايروس الإنسان A ، وفي دراسة أُخرى عُزِلَ وشُخِّصَ فايروس انفلاونزا الدجاج H9 N2  ( دراسة أمين أحمد صبار ) الذي أحدث إصابات تنفسية شديدة في الدجاج وكذلك إنخفاض في الانتاج ، كما شًخِّصت أضداد هذا الفايروس في دم البشر الذين كانوا باتصال مُباشر مع الدجاج المُصاب ، كما تمكنّا من تحضير لُقاح مبطل من هذا الفايروس في دراسة للطالب ليث محمد صالح ، وتمّ دراسة فعالية هذا اللُقاح مُختبرياً وحقلياً وأثبتَ كفاءتهُ .
وفي دراسة سابقة وبالتعاون مع د. فؤاد الشيخلي ( أُستاذ أمراض الدواجن ) شًخِّصَ لأول مرّة في القطر المُسبِّب لمرض التهاب القصبات المُعدي في الدواجن ، وذلك بعزل الفايروس وتشخيصه مختبرياً من خلال بحث طالب الماجستير حسين علي عباس .
وفي عام 1997 م سُجِّلَ في دول جنوب شرق آسيا ( هونكونك ) انتشار فايروس انفلاونزا الطيور من النمط H5 N1  الشديد الضراوة والذي أدى إلى هلاكات عالية في حقول الدواجن ، كما انتقل الفايروس إلى العاملين في مجازر الدجاج وسًجِّلت بعض الوفيات من المُصابين ، حينها حذَّرت منظمة الصحة العالمية من حصول وباء يجتاح العالم كله نتيجة التحول ( التغير ) الذي حدث في فايروس  H5 N1  الذي كان يُصيب الدواجن فقط ، وفي حينها سُجِّلت حالات شديدة في حقول الدواجن في شمال العراق وأُصيبت شابة في منطقة رانيا وتُوفيت بفايروس H5 N1 الذي شُخِّصَ من قِبل منظمة الصحة العالمية ، وعلمنا إن الإصابة انتقلت إليها من دجاج تربية بيتية .
بعد ذلك انتشر فايروس انفلاونزا الخنازير في الإنسان من النمط H1 N1  في العديد من بلدان العالم ومنها العراق ، ولأجل ذلك تشكلت لجنة فنية للانفلونزا في ديوان وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ضمت أساتذة من كليات الطب البيطري ، والزراعة وكلية الطب ، وكنتُ أحد أعضائها ، ثم رئيس تلك اللجنة ، كذلك تشكلت لجان مُشابهة في وزارتي الصحة والزراعة كان الهدف من عملها التنسيق فيما بينها وإعطاء التعليمات اللازمة في حالة اجتياح المرض ، كذلك العمل على إنشاء مختبرات مرجعية للانفلونزا في العراق لتشخيص الفايروسات والتغيرات التي قد تحصل فيها ولكن ؛ مع الأسف لم تتوفر الظروف الملائمة اللازمة للبدء فيها بالرغم من توفر الرصيد المالي في ذلك الوقت .
ــــــــــــــــــــــــــــ
( 12 )

شذى / رسالتك للماجستير عام 1976 م كانت عن : ( صلة فايروس سرطان الدم بأورام الثدي في القطط ) 
Association of Feline Leukemia Virus with Mammary Tumors in Cats .
كيف جاء اختيارك لهذا الموضوع بالذات ؟
د. انطوان / كان هدفي منذ توجهي للماجستير هو دراسة فايروس يُحدِثُ سرطان أو أورام سرطانية ، ولذلك درست إمكانية فايروس سرطان الدم في القطط على إحداث سرطان الثدي فيها ، فقمتُ بعزل فايروس سرطان الدم وتشخيصه مختبرياً من ورم الثدي للقطط المُصابة في خلايا زرع نسيج حي طبيعي للبشر والقطط ، و تشخيص الفايروس فيها بواسطة المجهر الالكتروني ، كذلك تمكنتُ من تفكيك خلايا سرطان الثدي مباشرة وتنميتها مُختبرياً ورؤية الفايروس المُسبِّب لتحول هذهِ الخلايا الخبيثة بدون اللجوء لعزل الفايروس .

ــــــــــــــــــــــــــــ
( 13 )

شذى / الأورام أخذت  نصيباً وافراً من اهتمامك ودراساتك وبحوثك …..
د. انطوان / هو كذلك ، ولهذا اتجهتُ للبحث في حالات منتشرة كثيراً في الأبقار ، وهي الأورام الحليمية البقرية ( Bovine Papilomatosis )  ، والتي تظهرُ على مناطق مختلفة من الجلد ، وقد تكون بأحجام كبيرة وخبيثة ومنتشرة ، المُسبِّب لهذهِ الأورام هو فايروس حُليمي ، ولأجل ذلك كان اهتمامنا هو السيطرة على هذهِ الحالات وعلاجها ، وفي أول دراسة لنا نفذتها معنا طالبة الماجستير ( أسيل زكي خزعل ) ، كان السعي لتحضير مادة بايولوجية تدعى الانترفيرون ، والمعروف عنها إنها من المواد المثالية لمنع تكاثر الفايروس داخل الخلايا ، وتُثبط تكاثر الخلايا السرطانية المُتحولة ، تمّ تحضير هذهِ المادة في خلايا زرع نسيجي بقرية بعد تحفيزها بفايروس نيوكاسل الضعيف الضراوة ، وبعد تركيزها وقياس فعاليتها مُختبرياً استُخدِمت هذهِ المادة في علاج الأبقار المُصابة وذلك بحقن المادة تحت الجلد وحول الأورام ، وبعد ثلاثين يوماً من الحقن ضمُرت الأورام وتلاشت من الجلد ، وتُعتبر هذهِ الدراسة الأولى في القطر بتحضير الانترفيرون محلياً واستخدامه في علاج الأورام الحُليمية في الأبقار .
كما تمّ في دراسة ثانية لعلاج هذهِ الأورام تحضير لُقاح من خلايا الورم الحُليمي ( دراسة محمد عبد الله ) بعد تفكيك خلايا حية من الورم وتنميتها على شكل نسيج ثُم إبطال حيوية الفايروس والخلايا الحُليمية باستخدام الفورمالين واستُخدِم هذا المنتوج كلقاح بعد الحقن تحت الجلد في الأبقار المُصابة بالأورام وأثبت كفاءة عالية عند مقارنته باللُقاح التقليدي الذي يُحضر من الورم مُباشرة ، كما تمّ دراسة الفايروس المُسبِّب وتحديد وصمته الوراثية . 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 14 )

شذى / كان لك تعاون مع منظمة الصحة العالمية في مصر ، ماذا يمكنك أن تقول لنا عن ذلك ؟
د. انطوان /  في 21 تشرين الأول عام 2007 م التحقتُ بالزمالة العلمية في وحدة الأبحاث الطبية الأمريكية رقم ( 3 ) ، في القاهرة ( النمرو 3 ) ولغاية 28 تشرين الثاني 2008 م ، علماً إن وحدة النمرو ( 3 ) تعتبر المختبر المرجعي لمنظمة الصحة العالمية ، والذي يعمل فيه خبراء وعلماء من كل بلدان العالم والمسؤول عن تشخيص الأمراض الوبائية التي تظهر في بلدان أفريقيا والشرق الأوسط وأوربا وروسيا ، وكانت تلك الفترة ذات فائدة كبيرة لتطوير معلوماتي خصوصاً في التشخيص الجزئي للفايروسات وأهمية ذلك في التشخيص السريع والدقيق للعوامل المرضية بالإضافة إلى خبرتي التقنية السابقة في الطرق الأخرى التي كنّا نعتمدها في التشخيص والبحوث التي نقودها في مختبر الفايروسات في بلدنا العزيز .
أصبحتُ مسؤولاً في تنفيذ الدراسة العلمية لتقييم التشخيص الجزئي للفايروسات التنفسية ، ولأجل ذلك أجريتُ الدراسة على ( 450 ) عينة تمّ جمعها من أطفال يعانون من إصابة تنفسية والتهاب رئوي في المستشفيات المصرية ، كشفت النتائج باستخدام تقنية الحامض النووي ( PCR  ) عن وجود خمسة فايروسات تنفسية هي : الانفلونزا ، فايروس الخلية العملاقة التنفسي ( RSV  ) ، ميتانيومو فايرس ( Metapneumo virus   ) ، فايروس ادينو ( Adeno virus  ) ، راينو فايروس ( Rhino virus   ) ، بالإضافة إلى قيامنا بتصنيف فايروس ( RSV  ) والذي تمّ تشخيصه في  نسبة عالية من الحالات .
كما جُمعت ( 150 ) عينة براز من أطفال رضع ( في العراق ) يعانون من إسهال شديد بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية ، وقمنا بتحضير هذهِ العينات وفحصها لفايروسات الروتا (  Rota virus  ) بتشخيص الحامض النووي (  PCR  ) لهذهِ الفايروسات ، وأظهرت النتائج إن نسبة عالية من هذهِ العينات تحوي هذهِ الفايروسات ، كما قمنا بالتصنيف الجيني لها ، إن استخدام الطريقة الجزئية للتشخيص وتصنيفها هي الأولى لهذهِ الفايروسات في القطر وذات أهمية كبرى لاختيار اللُقاح الذي يُستخدم في القطر لكبح انتشار الإسهال الذي تُسبِّبه هذهِ الفايروسات في الأطفال الرضع .
كما قُمتُ مع الكادر العلمي في معهد النمرو بالمُشاركة في ورشة العمل التي أُقيمت في ارمينيا للفترة من 29 حزيران ــ 2 تموز من عام 2008 م بتيسير الفحوصات المُختبرية لمشاركة ( 35 ) عالم عراقي ، وكان عنوان الورشة : ( الاستجابة المتكاملة للصحة العامة في مواجهة الأوبئة ) .
كما قٌمت بتهيئة وإعطاء سلسلة محاضرات ( مُحاضرات عن الفايرولوجي التطبيقي )  للكادر الفني في قسم الفايرولوجي والأمراض المُشتركة في المعهد .
ولخبرتي الواسعة بفايروس الخلية العملاقة التنفسي (  RSV ) بنوعيه البشري والبقري ، تم استدعائي من قِبل إدارة معهد المصول واللُقاح البيطري في العباسية لإلقاء محاضرة عن فايروس (  RSV  ) وفايروسات تنفسية أُخرى .
قام معهد النمرو بتمديد فترة زمالتي لسنة أُخرى ، لكنني عُدتُ للعراق لعدم موافقة عميد الكلية ورئاسة الجامعة على هذا التمديد لكون فترة التفرغ العلمي مُحدَّدة بسنة واحدة فقط .
بعد رجوعي للقطر قمتُ بإلقاء محاضرتين ( سمنار ) بحضور عميد الكلية وأساتذة الكُلية وطلبة الدراسات العليا في كلية الطب البيطري عن البحوث التي قُمنا بتنفيذها خلال فترة التفرغ العلمي عن الفايروسات التنفسية وفايروسات الروتا العراقية وتصنيفها ، والتقنيات الحديثة التي قُمنا بالاستفادة منها وإتقانها أثناء التفرغ ، كما شاركتُ في إلقائها في المؤتمر الطبي البيطري الذي انعقد في الكلية في تلك الفترة ، والفائدة الكبيرة انعكست في بحوث طلبة الدراسات العليا حيث قمنا بإدخال هذهِ التقنيات في بحوثهم ، ولقد أُهديت لنا نوعين من أجهزة فحص وتشخيص الحامض النووي الفايروسي (  PCR  ) من مُنظمات علمية ، وهي الآن موجودة في مختبر الفايرولوجي ــ كلية الطب البيطري ــ جامعة بغداد ويستفاد منها الأساتذة وطلبة الدراسات العليا في بحوثهم . 
ـــــــــــــــــــــــــــ

يُتبع …….

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الارشيف, المقالات واللقاءات. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.