“الحكيم والعقيم” الجزء الثالث

بقلم عدنان شمعون
الحكيم والعقيم 3
ashamon62@yahoo.com
2017-10-17

17/ 10/ 2017
http://nala4u.com

بواسطة سامي هاويل/ سدني
” الحكيم والعقيم” الجزء الثالث من مقال الزميل عدنان شمعون


للأطلاع على الجزئين السابقين أرجو النقر على رابطيهما التاليين.

http://nala4u.com/2016/04/02/%d8%a7%d9%84%d8%ad%d9%83%d9%8a%d9%85-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%b9%d9%82%d9%8a%d9%85-%d8%a7%d9%84%d8%ac%d8%b2%d8%a1-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%88%d9%84-%d9%85%d9%86-%d9%85%d9%82%d8%a7%d9%84-%d8%a7%d9%84/

http://nala4u.com/2016/04/03/%d8%a7%d9%84%d8%ad%d9%83%d9%8a%d9%85-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%b9%d9%82%d9%8a%d9%85-%d8%a7%d9%84%d8%ac%d8%b2%d8%a1-%d8%a7%d9%84%d8%ab%d8%a7%d9%86%d9%8a/2/

اشراقة يوم جديد تطل الشمس باشعتها الذهبية على القرية النائية منادية سكانها بالنهوض والسعي وراء لقمة العيش ومعلنة عن ولادة امال جديدة علها تجد الطريق الى دواخل ابنائها الذين صار اليأس ظلا يلازمهم اينما اتجهوا .

  باكورة ذلك الصباح وبعد ليل طويل بدأت الحياة تدب في القرية وبدأ سكانها يخرجون الواحد تلو الاخر مدججين باسلحة الفلاحة التقليدية، فمن احزمتهم التي تطوق خصرهم تتدلى المناجل والفؤوس وعلى اكتافهم حاملين المعاول والمجارف  متجهين الى الحقول والبساتين التي تحيط بالقرية كطوق اخضر ليضيف جمالا الى جمالها .

  لقد تعود اهل القرية صباح كل يوم  وهم في طريقهم الى اعمالهم ان يمروا بالشيخ وهو جالس كعادته على عتبة المنزل ليلقوا عليه تحية الصباح، لكن ذلك اليوم لم يكن الشيخ موجودا على العتبة كعادته في كل صباح، فظنوا انه ما زال في سريره يغط في نوم عميق .
في طريق العودة كان المشهد نفسه حيث لم يتغير، فبدأ القلق يدب في نفوسهم وراحوا يتسائلون اين عساه يكون يا ترى؟ فدخل بعضهم المنزل للتأكد من سلامة الشيخ، وعند البحث في كل ارجاء المنزل لم يجدوا له اي اثر لكن كان هناك على احدى الطاولات مظروف مكتوب عليه “وصيتي الى اهلي واحبائي”  فقام احدهم بفض المظروف ليجد فيه وصية مكتوبة بيد الشيخ الجليل، وهذا ما جاء فيها :

كثرة الكلام عن شيء يثبت الحاجة اليه
اللسان حجر عثرة في طريق الحكماء
لا احد يريد الاصغاء فالكل لديه ما يقول
القلم يكتب واللسان ينطق وشتان ما بينهما
العين ترى والاذن تسمع والاثنان مستقبلان
القلم يرسم الحرف جميلا ليثير العين حتى يكون دائما على مرأها
واللسان يلوي الحرف ويجعله خفيفا ليسهل للاذن استقباله
لهذا حينما قررت الاقلام دخول المعركة سبقتها الالسنة الى ميادينها
الذي تكل عيناه من القراءة، لا تجهد اذانه من السمع
والذي يغمض عينيه ويصم اذانه يكون لسانه سليطا كسيفا ذا حدين
الاستماع الى كلمة واحدة خير من النطق بالف كلمة
وقراءة كلمة من كتاب خير من الاستماع الى قراءة الف كتاب
الجهل عنوان للتخلف، والتخلف مصيبة الامم الجاهلة
الحكماء اذا تكاثروا وتنافروا تعسرت المشورة وتجزئت كلمة الحق
والزعماء اذا تعددوا وتنافسوا تشتت خطاب الامة وتشرذمت وحدتها
ان الفرق بين الحق والواقع هو ان الاول ثابت والثاني نسبي ولا يمكن ان يكون النسبي مقياسا للثابت فما هو لكم لا يمكن ان يكون لغيركم الا اذا تنازلتم عنه طواعية
الواقع لا يمكن ان يؤثر على الحق لان المتغير لا يؤثر على الثابت الا اذا كان الثابت هشا
فكيف تصنفون حقكم ؟
ايهما ايسر لكم ان تغيروا حقكم الثابت الشرعي بذريعة الواقع النسبي المتغير ام ان تغيروا الواقع النسبي المتغير بذريعة حقكم الثابت
خير للانسان ان يموت في محاولة لتغيير الواقع من ان يعيش فيه وهو لا يطيقه
لا تسكتوا ولا تكلوا عن المطالبة  بحقكم ما دامت انوفكم تستنشق الهواء
لا تهنوا ولا تتنازلوا ما دمتم اصحابه
في مسيحيتكم الهكم يحارب عنكم
وفي اشوريتكم حجارتكم تحارب عنكم
متى ستحاربون عنكم ؟ 
اذا نطقت الحجارة تكون كلماتها اكثر صلابة من جوهرها
فكونوا كالحجارة في المطالبة، وفي الحرب كونوا كجوهرها
قطرة من ماء النهر خير من مياه البحار التي لا تروي العطش هكذا ايضا العالم كله لا يسع من تغرب عن داره
احبوا الحياة حتى يحبكم خالقها لانكم بذلك تضمنون ابديتها ولا تحبوا الموت لان حياتكم كلها ستكون صحوة له ويكون ايضا ابديتكم
تعلموا الصبر لتبتعدوا عن الغضب
فمن الصبر القرار الصائب، ومن الغضب كل القرارت الخاطئة
كل شيء في زمنكم صار للبيع الا الانسان فهو يعطى مجانا فوق البيعة
فلو بعت الكرامة عليك ان تعطي شخصا فوق البيعة مجانا والغيرة شخصين والشرف ثلاثة اشخاص والدين اربعة اما الضمير فكل الشعب سيكون فوق البيعة
من يقرأ التاريخ يبني حاضرا مزدهرا ومستقبل اكثر ازدهارا
ومن يعيش فيه يكون جاهلا بحاضره ومستقبله يكون مجهولا
لا تيأسوا ولا تملوا في السعي وراء النجاح، ففي المحاولة يكمن اثنان، الفشل والنجاح
اذا كان للموت قيامة فللكبوة الف قيامة
لسعتكم حرارة الصيف فتمنيتم الشتاء فقرصتكم برودته فحنيتم الى الصيف
تتغير الفصول وانتم لا تتحركون ساكنين
لا تتغيرون ولا تبذلون حركة نحو التغيير فان تغيرتم فنحو الاسوأ لان طرق السوء لا عوائق فيها
القاعدة تقول في التجمع قوة وفي الكثرة تسلط
اما انتم فاذا تجمعتم تفرقتم شيعا واحزاب وفي كثرتكم قلتكم لهذا يلازمكم الضعف
اذا بدأ الشقاق تواتر جيل بعد جيل، وانتم تواترتم شتاتكم من ابائكم وستورثونه ابنائكم وبدورهم سيورثونه احفادكم
شبيه الشيء منجذب اليه، هذا ما قاله الاولون
انتم في كل شيء متشابهون، فلماذا تتنافرون ؟
لو كانت مصيبة لصغرت وانتهت، ولو كانت شدة لتقويتم بها، ولو كانت بلاء لتعلمتم منها الصبر
لو كان داء لوجدنا له الدواء، ولو كان وباء لطال ايضا اعدائكم
انها بالحقيقة نكبة حلت عليكم وحرب باردة ابتليتم بها وانتم اصحاب القرار في وضع اوزارها
في العائلة يتم بناء اساس اي امة، وبالاخلاق يتجذر وجودها وبالمحبة تتقوى اواصرها
كل بيت تنعدم فيه المحبة، ينعدم فيه وجود الله
المكان الذي لا وجود لله فيه يدعى جحيما
فبماذا توصفون مكانكم
الكراهية والمحبة لا ينضحان من كأس واحدة
فكما الظلمة والنور لا يلتقيان، هكذا المحبة والكراهية
ليس بالضرورة ان تحبوا العالم اذا احببتم انفسكم
لكن اذا كرهتم العالم، كرهتم انفسكم لا محال
املأوا قلوبكم بالمحبة واجعلوا من بيوتكم فردوسا حتى لا تكون حياتكم جحيما
لان كل شيء ابتدأ بالله والله محبة
فلتكن بدايتكم من هنا
معرفة الله شيء والايمان به شيء اخر
ومعرفة النفس شيء والايمان بها شيء اخر
بالمعرفة ندرك الحقائق ونفهمها حتى نؤمن بها، وبالايمان نحرر طاقاتها الكامنة
فهل انتم مؤمنون ام انكم ما زلتم في طور المعرفة ؟
السواعد القوية تصنع التاريخ والسواعد المرتخية تعيش فيه
اعملوا بجد واجتهدوا في اعمالكم باسم ثالوث العمل المقدس الاولوية والالتزام والحضور
كونوا منتجين لتحفظوا بمكانتكم تحت الشمس
لان الذي لا ينتج يستهلك، والمستهلك الغير منتج يكون هو نفسه في طريقه الى الاستهلاك
لحظة من العمل تعادل زمنا لمستقبل زاهر، ولحظة من الكسل تعادل لحظة في ماض سحيق
احذروا عجلات الزمن الساحقة، وتفادوا سيفه البتار
اذا كانت لدغة عقرب البراري موجعة، فان لدغة عقرب الساعة قاتلة لا محال
احتكموا الى المرآة  كشريعة تكشف عيوبكم
لان المستور مهجور وكل مستتر بعيد عن العين والفكر
اذا كنت غبيا فهي مشكلتك، اما اذا كنت غبيا ومسؤولا فهي مشكلة الجميع
اترك ما هو ليس لك لاصحابه وارض بما تستحق واعمل ما هو عليك
ينتهي الكون اذا تغيرت هندسته قيد انملة
هكذا كل منكم يجب ان يكون في مكانه الصحيح، وعدا ذلك نهايتكم ستكون محتمة
سياستان دمرتا اوصال امم وهي دون علم
الميكافيلية سلبت صاحب الحق حقه
البراغماتية شرعت للمغتصب ما هو ليس حقا له
حينما قررتم عبور البحر مشيتم عليه، وحينما غطستم فيه شرعتم في بناء السفن وانتم في الاعماق
خطوة الى الامام لها الف حساب والف خطوة للوراء دون حساب
عجائب الامور اختبرت، وعن المعجزات سمعت ومنها ما رأته عيناي
لكن معجزة المعجزات رأيت فيكم
وطنكم كبحر هائج تتلاطم امواج الغرباء على صخور شواطئه
ووسط عبابه رأيتكم كماء اسنه تنتظروا على امل ان تتلقفوا حجرا تلقيه يدا مجهولة لتبدأوا حركة خجولة وسط صخب الامواج العاتية
كسرتم قوانين الطبيعة ومنها قانون الفعل ورد الفعل، لان ردود افعالكم لم تعادل ابدا افعال اعداءكم
في المرارة علاج لكثير من الاسقام، فلماذا لا تنفعكم مرارتكم ؟
احتكموا الى عقولكم في تدبير اموركم مع الغريب
احتكموا الى قلوبكم في تدبير اموركم مع اخوتكم
احتكموا الى عقولكم وقلوبكم في تدبير اموركم مع خالقكم
المسامحة في حالة الضعف تسمى خوفا
المسامحة في حالة القوة تسمى اقتدارا
فكيف تقولون سامحنا اعدائنا وانتم في قمة الضعف ؟
اصحوا من غفوتكم، افيقوا من سباتكم وغفلتكم والا فات الاوان
انتفضوا على عدوكم الداخلي اذا اردتم النصر
انتفضوا على عقمكم اذا اردتم ان تنموا وتزدهروا
او ابقوا عليه ليكون سبب نهايتكم

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الارشيف, المقالات واللقاءات. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.