قراءة في كتاب “القوش عبر التاريخ” الجزء الثاني

بقلم سامي بلو
قراءة في كتاب “القوش عبر التاريخ” – الجزء الثاني

06/ 07 / 2017
http://nala4u.com

تناولنا في الجزء الاول من هذا المقال اهمية هذا الكتاب، حيث يعتبر النواة الاولى لتوثيق تاريخ بلدة تمتد جذورها في اعماق تاريخ بين النهرين، وهي شاهد على فترة عظمة اشور، وشاهد على انهيار تلك الامبراطورية التي امتدت لحوالي عشرة قرون، لتعتبر اطول امبراطورية عرفها التاريخ البشري على الاطلاق. القوش حاضرة الاله سين إيل قاش، ومسقط رأس احد انبياء التوراة الصغار، فيها دون النبي ناحوم نبؤته عن سقوط نينوى الواردة في سفره من كتاب التوراة، سفر ناحوم. والقوش كما ذكرنا هي حلقة مهمة في تاريخ كنيسة المشرق، ومركزا لكرسي بطاركتها الاجلاء من البيت الابوي. والقوش الراوية للتاريخ من خلال كتابات ابنائها التي وصلتنا، تحكي للاجيال وللعالم ما تعرض له هذا الشعب من ظلم واضطهاد وقتل وتهجير على امتداد تاريخيه المسيحي.
ان عدم الوضوح، والضبابية التي اكتنفت افكار المؤلف في بعض المواضع من الكتاب، او تلك الاضافات التي تمت من قبل عائلته، لن تمنعنا من الاشادة بمادة الكتاب، التي اصبحت مصدرا يقتبس منه حتى الانفصاليون من ابناء الكنيسة الكلدانية، اولئك الذين تمنوا لو ان هذا الكتاب لم يصدر، سواء في طبعته الاولى او في الطبعة الثانية التي أرقتهم كثيرا، ولم تزل.
في هذا الجزء من مقالنا سوف نتناول بعض النقاط التي رصدناها، بقصد النقد البناء، او من اجل التوضيح او لتصحيح لبعض المعلومات بغية تلافيها في الطبعة القادمة من قبل الاخويين بابانا.

  1. ورد في تقدمة الكتاب بان الانسان عاش في هذه البلدة طيلة سبعة وعشرين قرنا على اقل تقدير. وباعتقادي إن هذا الرقم متواضع جدا، ولا شك بان الاستاذ يوحنان قد اعتمد الكتاب المقدس في تقدير هذا الرقم، وتحديدا نبوءة ناحوم الذي عاش في القوش قبل سقوط نينوى، او اثناءها. ولو استثنيا احتمال ان الانسان سكن كهوف ومغارات هذه البقعة قبل الحياة الجماعية في بداية تكوين القرية، فان ما اورده المؤلف في صفحة 33 حول رأي القس ماروثا حكيم في تفسير اسم القوش يمكن اعتماده مصدرا تاريخيا، ونظرا لاقتران اسم القوش باسم الاله الاشوري (ايل قاش)، اذا لن نبتعد عن الحقيقة لابل نكون ادق لو قلنا بان القوش كانت مأهولة لما يزيد عن خمسة وثلاثين قرنا.
  2. ورد في صفحة 57 “كانت بيوت القوش موزعة شرقا ضمن الصعدة الجبلية الى الشمال من بيت هرمز گوزينا الصفار (وكانت سابقا تعرف – قلاياثا) وفي منطقة قورزي و(ﮔوﭘا مگورگما) ” . إن تحديد موقع قلاياثا ليس دقيقا، وحسب ما اعرفه، وما سمعته من والدي الذي ارتقى هذا الجبل مئات المرات من النيسم الذي يمر بمنطقة (قلاياثا)، ليطل من ثم على (وادي (گلي) قاشا حنا)، قبل ان يصل قمة الجبل، فان (قلاياثا) تقع الى الشمال الشرقي من بيت هرمز گوزينا وفوق المغارة التي نطلق عليها (ﮔوﭙﻳثا درابي رابا)، أي الى الشمال من (گاري ددبا).
  3. اللغــــة: في الصفحة 63 وما بعدها يتحدث المؤلف عن لغة القوش، واستخدم في مجرى الكلام مصطلح “اللغة الاشورية الكلدانية”. ان هذا المصطلح غير مستخدم على الاطلاق من قبل علماء الاثار، او من قبل اي باحث في اللغات القديمة ولا اعلم من اين جاء المؤلف او الاخوين بابانا بهذا المصطلح. لقد اطلق علماء الاثار واللغويين تسمية (البابلية – الاشورية) على اللغة التي يتحدث عنها المؤلف، وهي اللغة الاكدية نفسها .
    يستطيع القارئ ان يلاحظ عدم وضوح الرؤية لدى المؤلف فيما يخص اسم اللغة المستخدمة في القوش، سواء اللغة الفصحى المستخدمة في الطقوس الكنسية، او اللغة الدارجة المستخدمة في الحياة اليومية من قبل الشعب. فتارة يقترب من اسمها الصحيح، حيث نقرأ في الصفحة 65 “أما بقية الاناجيل فقد ترجمت الى السريانية في القرن الاول للكنيسة والان هذه اللغة هي لغة طقوس الكنيسة للكلدان والسريان والنساطرة والموارنة والملباريين…..” وفي الصفحة 66 يقول المؤلف عن اللغة الدارجة “وان الدخيل في لهجة القوش يكاد يكون هو ذاته في معظم قرى الناطقين بالسريانية في سهل نينوى وغيرها من القرى الجبلية.” اذا لغة القوش الطقسية والدارجة هي اللغة السريانية، بينما نلاحظ ان المؤلف يبتعد عن التسمية الصحيحة لهذه اللغة ويطلق عليها اسم اللغة الكلدانية في مواضع اخرى من الكتاب، وهذا ما يربك القارئ، ويبعد مادة الكتاب عن نهج البحث العلمي.
  4. ورد في الصفحة 67 تحت عنوان “القومية” ما يلي “ومن هنا نرى اسم الكلدان يدخل ثانية في حياتنا وتسمّينا به، وتأيد ذلك في عهد البابا بولس الثالث ويوليوس الثالث في زمن يوحنا سولاقا بن دانيال بلو الذي رسم بطريركا (1553 – 1555) باسم بطريرك بابل على الكلدان”. وليس لي تعليق على ما ذكره المؤلف عن اسم الكلدان، فلسنا هنا بصدد مناقشة هذا الموضوع، ولكن يلاحظ بان المؤلف يقع هنا في نفس الخطأ الشائع بين معظم كتّابنا فيما يخص عنوان البطريرك سولاقا بلو. حيث أن يوحنا سولاقا بلو رسم في روما بطريركا باسم (بطريرك الموصل في آشور الشرقية). فقد دأب بطاركة كنيسة المشرق في صور ايمانهم المرسلة الى روما في السابق على تسمية انفسهم بالجاثليق بطريرك المشرق، حتى نصل الى يوحنا سولاقا الذي اسبغت عليه روما لقب “بطريرك الموصل في اشور الشرقية”.
  5. ورد في الصفحة 86 في اخر فقرة من العنوان “محلات القوش” بان حي الشهداء والذي يجمع الاراضي المستملكة لعوائل ضحايا الحرب العراقية الايرانية يقع شرق محلة سينا، والصحيح بان الحي يقع غرب وجنوب محلة سينا.

“يتبع الجزء الثالث”

سامي بلّو

للمزيد; انقر على الرابط ادناه

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الارشيف, المقالات واللقاءات, كتب , تاريخ. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.