غبطة البطريرك!! ما بين البيان الختامي للرابطة ونظامها الداخلي “سقطت الوحدة”

بقلم سامي هاويل
غبطة البطريرك!! ما بين البيان الختامي للرابطة ونظامها الداخلي “سقطت الوحدة”

07/ 07 / 2015
http://nala4u.com

منذ أن أعتلى غبطة بطريركنا الجليل مار لويس روفايل الأول ساكو السدة البطريركية في كنيسة بابل على الكلدان، رفع شعار ( الوحدة، الأصالة، التجدد ) وقد أستبشرنا خيرا، ولا زلنا، وكلنا على دراية تامة بالمشقات التي واجهها ويواجهها غبطته، سواءً كانت في إطار إصلاح المؤسسة الكنسية أو على مستوى مواجهة الأنفصاليين المدعومين من قبل بعض الأكليروس في الكنيسة الكلدانية، هؤلاء الذين لا زالوا مستمرين على نهجهم في بذل الغالي والنفيس لكي يسوقوا على أننا ننقسم الى قوميات مختلفة، لغايات سيكون الزمن كفيلا في كشفها على العلن وفي الهواء الطلق، وقد أفلح غبطته الى حد كبير في إصلاح ما توجب إصلاحه وهو مستمر في ذلك، ولكن ربما هذه المرة جاءت رياح التقسيم بما لا تشتهيه سفن بطريركنا المبجل، لن أدخل في تفاصيل البيان الختامي والنظام الداخلي وما يعتريهما من مطبات، ولكنني لا أكاد أصدق كيف وافق غبطته وهو المعروف بنهجه الوحدوي على أعتبار الكلدان أمة قائمة بحد ذاتها كما تشير المادة الثانية من النظام الداخلي، وكيف مرر الفقرة السادسة من البيان الختامي التي تشير الى تعاون هذه الأمة المزعومة مع ( الآشوريين والسريان والأرمن….. !!! )، فقد جاءت هذه الفقرة لتؤكد ما ورد في النظام الداخلي للرابطة على أن روابط الكلدان مع الآشوريين والسريان هي روابط مسيحية فقط، وهذا واضح وضوح الشمس في رابعة النهار، حيث يقف المؤتمرون على نفس المسافة من ناحية الأنتماء العرقي بينهم كأُمة كلدانية وبين الآشوريين والسريان والأرمن ! ( مع جل أحترامنا للأخوة الأرمن ) ولكن كل الحقائق والدلائل التاريخية والتي غبطة البطريرك ملم بها بشكل كامل ودقيق، تشير الى أن هناك روابط عرقية وقومية مشتركة بين أتباع الكنائس ( الكلدانية والسريانية والمشرقية بشقيها ) ولا تتوفر بينهم وبين الأخوة الأرمن.

خمسة وخمسون مندوباً أغلبيتهم لا يفقهون التاريخ، ولا يتقنون لغة الأم، ولم يكن لهم يوما دورا قوميا بارزاً حتى لو كان تحت التسمية الكلدانية، دعاهم غبطة أبينا البطريرك مار لويس ساكو، ليقرروا مصير الكلدان وأنتمائهم القومي ؟ تاركاً الكثيرين من الخيًرين والوحدويين والحريصين من أتباع الكنيسة الكلدانية خلف أبواب بناية المؤتمر التأسيسي للرابطة. فهل حقاً الكلدان أمة قائمة بحد ذاتها لا تمت بصلة الى الآمة الآشورية ؟؟، وهل الكلدان حقا لا تربطهم أواصر مع الآشوريين والسريان غير الأنتماء المسيحي ؟؟. إذا كان غبطته قد غض الطرف على ذلك، فما الجدوى من الوحدة الكنسية التي أعلن أستعداده للتنازل عن السدة البطريركية من أجلها؟؟، حيث الوحدة التي نتوق إليها هي وحدة هذه الأمة بالدرجة الأولى، أما إذا كانت الوحدة مبنية على أساس مسيحي فقط، فأنا ساقولها بصريح العبارة أرى بأننا في غنى عنها، خاصة عندما جعلها غبطته مشروطة بالشركة مع الكنيسة الرومانية!!، ويصر غبطته على هذه الشراكة في الوقت الذي يعيش تجربة مريرة تعكس مدى رغبة مؤسسة الكنيسة الرومانية في الهيمنة على قرار ومقدرات كنيستنا الكلدانية.

ثمة حقيقة لا يمكننا إغفالها أو القفز عليها، وهي الصراع الطائفي داخل الأمة الآشورية، هذا الصراع الذي يخفيه عرابيه خلف شعار التسميات، ولكننا بالنهاية نؤمن بأننا أمة واحدة ننتمي جميعنا الى ذات العرق القومي، ولا يمكن أن نرضى بغير ذلك، ولكن ما تم إقراره والموافقة عليه بالإجماع كما هو مذكور في البيان الختامي للمؤتمر التأسيسي للرابطة الكلدانية، هو سابقة خطيرة جداً، لم يتبناها بشكل رسمي الأكليروس في الكنيسة الكلدانية من قبل.

نحن بدورنا نعيد ونقول لكافة مندوبي مؤتمر الرابطة الكلدانية، وفي مقدمتهم الآباء المطارنة والكهنة الأجلاء وعلى رأسهم غبطة البطريرك مار لويس ساكو، أنطلاقاً من أعتبار هذا المؤتمر يعنينا طالما عقده أخوتنا بالدم، وبإشراف إحدى أكبر كنائسنا:

إننا نرفض وبشكل قاطع ما ورد في الوثيقة الصادرة من المؤتمر التأسيسي للرابطة الكلدانية ونظامها الداخلي، فنحن أمة واحدة تجمعنا كل الخصال والمقومات التي تشير بشكل قطعي الى أننا قومية واحدة، ونطالب أبناء أمتنا من أتباع الكنيسة الكلدانية ليدلوا بدلوهم في هذا الحدث التاريخي الخطير، فهي مسؤوليتهم التاريخية.

إننا نؤمن بأن أنتمائنا القومي هو آشوري بأمتياز، ولكننا في نفس الوقت ندرك جيدا ما يدور في أروقة هذه الأمة ونتفهم موقف أبناء الكنيسة الكلدانية عندما يرفضون أنتمائهم الى الأمة الآشورية، ونحن على أطلاع تام على كل الأسباب التي قادتنا الى الفرقة والقطيعة لعقود.

وفي نفس الوقت لا يمكننا فرض الأنتماء القومي الآشوري على أي فرد من أبناء أمتنا في أية كنيسة أو طائفة كان، ولن نقف في طريق أي نشاط يزعم رواده بأنه قومي خارج إطار الآشورية التي يعتبرونها تسمية، ونؤكد بأننا رغم أختلافنا الفكري سنكون حريصين على إبقاء الأواصر القومية بيننا بأعتبارها من مقدساتنا، ولكن شريطة أن لا يضعوا فواصل قومية بين ابناء الأمة الواحدة. فإذا كنا مختلفين في أنتمائنا القومي بحسب ما ورد في النظام الداخلي للرابطة، هذا يعني بأن ما يجمعنا هو الأنتماء الديني، وهو بحد ذاته يحدد المسافة بيننا على أنها ذات المسافة بين بعضنا البعض وبين أية أمة أخرى تعتنق المسيحية، والأنكى من ذلك فلو وضعناه في الإطار القومي يؤكد بأننا قوميتان منفصلتان، والعلاقة التي تجمعنا هي نفس العلاقة بيننا وبين الأكراد أو العرب أو الفرس أو الأرمن أو اية قومية أُخرى، أما بدعة ( الشعب الواحد) التي وردت في البيان الختامي والنظام الداخلي، ليست إلا محاولة للتمويه، أقتبسوها من خطابات الأحزاب القومية الآشورية التي حاولت ولا زالت لتسويق التسمية المركبة لغايات شخصية وحزبية على حساب القضية الآشورية، وهذا المصطلح ليس إلا ضحكا على ذقون أبناء الأمة الآشورية. فهل يرضى أبناء الكنيسة الكلدانية رغم كل ما يدور من خلاف تسموي، بما صدر عن الرابطة الكلدانية ؟؟.

أخيرا نطالب متمنين من غبطته، إعادة النظر بدقة ومسؤولية وحذر حول ما صدر عن المؤتمر التأسيسي للرابطة، فهي مسؤولية قومية ومسيحانية وتاريخية تقع بالدرجة الأولى على عاتقه، ومن بعده كافة المطارنة والكهنة الحاضرين في المؤتمر، ومن ثم بقية المندوبين. حيث أبعاده تصل الى مديات خطيرة، ومن شأنه أن يجهض كل المحاولات التوحيدية، سواءً كانت على الصعيد القومي أو الكنسي، ولا شك في أنه سوف يفتح جراح عميقة تضاف الى سابقاتها، التي حتما ستقود الى المزيد من التشرذم والقطيعة والأنصهار وتخدم مصالح أعداء الأمة الآشورية على أختلاف كنائسها وطوائفها.

سامي هاويل- سدني
7-7-2015

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الارشيف, المقالات واللقاءات, دين. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.