علم الآشوريات وتزييف الحقائق التاريخية (1)

بقلم د.جميل حنا
علم الآشوريات وتزييف الحقائق التاريخية – الجزء الاول

22 /05 / 2015
http://nala4u.com

آشورالوطن حقيقة تاريخية وأزلية في الكون,كما الشعب الآشوري حقيقة تاريخية وأزلية.بلاد آشور والشعب الآشوري عنوان ورمزأرقى حضارة وثقافة عرفها تاريخ الإنسانية.التي بنت أعظم حضارة مزدهرة على أرض بلاد ما بين النهرين.والحقائق التاريخية تنطق بها الحجارة والآثاروفن العمران والكتابات المكتشفة على أرضه.والمكتشفات العلمية والأدبية والفلكية والفلسفية وكافة العلوم الأخرى,التي منحت للبشرية جمعاء أعظم الخدمات الجبارة في سلم الرقي الثقافي والحضاري للإنسانية.والعلوم المزدهرة بكافة مجالاتها الأجتماعية والعسكرية وبناء الدولة والسلطة والقوانين والتعليم والفلسفة والآداب والفنون والعمران والعادات والتقاليد والأعياد والعائلة وعلوم البيئة والزراعة وأمورأخرى كثيرة كل هذه الأسس الحضارية فخر للإنسانية.وهذاالموروث الحضاري والثقافي لبلاد آشورفخروكنز وزينة يملىء به أشهر المتاحف ومعاهد الأبحاث التاريخية والجامعات العالمية العريقة.
وبالرغم من كل ذلك فحضارة الأمبراطورية الآشورية العظيمة وتاريخ شعبها العريق تعرض وما زال يتعرض حتى يومنا هذا إلى حملة شرسة للنيل من عظمتها وتشويه الحقائق التاريخية والحالية,من أجل الأستيلاء على الأرض والثقافة والتاريخ وأمجاد أبناء الأمة الآشورية.ومنذ آلفين وخمسمائة عام يتعرض أبناء الأمة الآشورية منذ سقوط كيانهم السياسي والوطني إلى مجازر إبادة التطهير العرقي على يد الغزات منذ العصور القديمة وكذلك الغزات الجدد منذ قرون عديدة وفي أيامنا هذه على يد قوى دينية وقومية عنصرية وأنظمة ديكتاتورية استبدادية ومنظمات إرهابية.كل هذه القوى العاتية عملت وما زالت تعمل على إنهاء الوجود القومي للشعب الآشوري على أرضه التاريخية في بلاد مابين النهرين وعلى أرض آشور.أن حملات التعريب والتتريك والتكريد والتفريس التي فرضت بقوة السلاح والقمع والإرهاب والإبادات وبقوانين السلطات القومية والدينية العنصرية الحاكمة.
وما زالت سياسات القمع والترهيب وفرض التغيير الديمغرافي والمشاريع القومية العنصرية في شمال العراق وعلى أرض الجزيرة السورية من قبل المنظمات الإرهابية والقوى القومية الكردية العنصرية مستمر للإستيلاء على ما تبقى من الأرض وأفراغ المنطقة من أبنائها الحقيقيين من الشعب الآشوري المكون الأصيل لهذه البقعة من الأرض منذ فجر التاريخ.
كل الأكتشافات الأثرية الجديدة والقديمة التي بدأت منذ آواسط القرن التاسع عشر وحتى آخر المكتشفات في شمال العراق على آرض آشور تؤكد الهوية الآشورية,حيث أعلن علماء ألمان كما ورد في وسائل الأعلام العالمية في شهر أيلول 2015 والموجود في الكثير من المواقع الألكترونية وعلى الغوغل العثور على مدينة آثرية تابعة للأمبراطورية الآشورية في موقع تل (قلعة ساتو) يعود تاريخها إلى فترة العصر الحجري والتي أزدهرت قبل 2900عام قبل الميلاد إضافة إلى مكتشفات أخرى كثيرة حديثة العهد.وكذلك المكتشفات الآثرية التاريخية في الجزيرة السورية حيث أعلنت البعثة الأثرية الأمريكية من جامعة شيكاغو في عام 2005 عن أكتشاف مدينة في تل حمو كارالأثري الذي يقع بالقرب من جبل سنجار على بعد خمسين كيلومترا نحو الجنوب الغربي وعلى بعد ستين كيلومترا من نهر جغجغ الذي يخترق مدينة زالين أو نصيبين الجديدة (القامشلي) يقدرتاريخها بسبعة آلاف عام.وكذلك الموقع الأثري في تل ليلان وتل حلف وريش عينو (رأس العين)وعلى ضفاف نهر الخابور وغيرها الكثير من المواقع ألتي تم أكتشافها في الجزيرة السورية.وأيضا وجود الكثيرمن المدن القائمة حتى اليوم في تركيا مثل آميد (ديار بكر) نصيبين,ماردين,مديات أورهوي(الرها) وغيرها من البلدات المنتشرة في جنوب شرق تركيا,وغيرها من اكتشاف الكثيرمن المواقع الأثرية في جنوب شرق تركيا الحالية وبالقرب من مدينة آميد (ديار بكر) مثل موقع قزل تبا وحصنو دكيفو (حصن كيف)وغيرها من المواقع الأثرية الأخرى وجميع هذه المدن والبلدات((الآن يقطنها أعداد قليلة من أبناءه الورثة الشرعيين من أبناء الأمبراطورية الآشورية وبمختلف طوائفهم الكنسية,حيث تم التغيير الديمغرافي لسكان هذه المناطق بفعل جرائم إبادة التطهيرالعرقي الجماعي التي أرتكبتها السلطات العثمانية التركية مع الغالبية الساحقة من العشائر الكردية)) والمكتشفات الأثرية تاريخها مرتبط بتاريخ الحضارة الآشورية حسب علماء الأثار والمنقبون والمأرخون من مختلف بقاع العالم.
وبالرغم من كل هذه المكتشفات الأثرية القديمة والحديثة ووجود شعب حي أحفاد وأبناء تلك الحضارة العريقة والورثة الحقيقيين الساكنين على أرض أبائهم وأجدادهم .ألا أن الشعب الآشوري وتاريخه العريق والأرض التاريخية له تتعرض إلى حملة من التزييف والدجل,تمارسها حركات قومية سياسية وثقافية كردية وعربية وتركية وقوى إسلامية متعصبة,والسلطات الحاكمة.حيث يشنون حملة من الدعاية الكاذبة وتحريف الحقائق التاريخية,وخاصة من قبل العديد من القوى السياسية العشائرية الكردية.وحتى بعض أحزابهم التي تدعى العلمانية ومنها اليسارية والماركسية, وكتاب من مختلف التيارات السياسية,ولا نعني الجميع,بل هناك قلة قليلة جدا لمن يتصدى لهذه الأفتراءت الباطلة.وهذه الحملة لا تندرج في أطار الدعاية السياسية فقط بل أنهم يشنون حربهم الهمجية على أرقى حضارة إنسانية, وبما أنهم لا يملكون تاريخ عريق وإرث حضاري وكنوزأثرية تؤكد إدعاءاتهم الكاذبة.لذا يقومون بتدمير بقايا الحضارة الآشورية وتشويه الحقائق ليصنعوا لأنفسهم أمجاد مزيفة في التاريخ بدون إي أدلة وبراهين حسية ملموسة, كما تملكها الحضارات والشعوب الأخرى كما هو الحال على سبيل المثال حضارة الفراعنة أو الهنود الحمرأو الحضارة الآشورية أو حضارات أخرى في مختلف بقاع العالم.
الهجمة الشرسة التي يتعرض لها الإنسان الآشوري وحضارته العريقة هي بهدف مسح تاريخ مشرق وثقافة إنسانية رائعة وإبداع فكري إنساني قائم على القيم والمبادىء الراقية التي تؤمن بالسلام والعيش المشترك وقبول الأخر المختلف وبروح التسامح وبقيم الحرية والعدالة والمساواة بين كافة البشروبكافة المواثيق والمعاهدات الدولية والاعلان العالمي لحقوق الإنسان.أن ما قامت به داعش من نهب وتدمير مدينة نمرود الآشورية الأثرية أحدى العواصم الآشورية القديمة الهامة,هوهجوم على أعظم الكنوزالأثرية والثقافية العالمية في العالم,وكذلك تحطيم آثار تدمرالتاريخية العريقة.وما قام به هذا التنظيم الإرهابي وكافة المنظمات الإرهابية الأخرى والميليشيات المذهبية والدينة والقومية لا يختلف كثيراعن المنظومة العقائدية الفكرية والسياسية المترسخة بين بعض الأعراق الغازية لبلاد مابين النهرين وبلاد الشام.بل هذه المجموعات وممارساتها الهمجية تعبرعن الجوهرالفكري المتخلف السائد في المنطقة العاجز عن مواكبة التقدم الحضاري والثقافي والإنساني الحاصل في العالم.وهذه القوى بذلت وبطرق مختلفة وحسب مقتضيات زمنية وسياسية بتدمير الحضارة الآشورية الفكرية والمادية منها.ولسوء حظ كل هؤلاء,ولحسن حظ أبناء الأمة الآشورية,عملت دول العالم المهتم ولو لأسباب عديدة خارج إطار هذا البحث لن اتطرق إليه,أستطاع إنقاذ كم هائل من الأرث المادي والفكري لهذه الحضارة الإنسانية الرائعة من الدمار.حيث نقل علماء الأثار الكثيرمن القطع الأثرية الشهيرة مثل تماثيل الثيران المجنحة والكنوزالذهبية والأحجارالثمينة والأختام واللقى المختلفة من آوان وألواح وقطع فخارية مليئة بالنقوش والكتابات وغيرها من أدوات كان يستعملها الإنسان في حياته اليومية.
التأثير الفكري والثقافي لحضارة بلاد مابين النهرين على الثقافة العالمية !
أساطير بلاد مابين النهرين والملاحم والقصص التي تم أكتشافها تقدم صورة واضحة عن الحياة الثقافية السائدة وعن المعتقدات الدينية,وظهورهذا التأثير في الأديان سواء الوثنية أوالسماوية منها كما يقال.ومثال على ذلك كتابة البابليكا التي كتبها بيروسيس كاهن معبد مردوخ بابل بالأغريقية حوالي عام 218ق.م.للملك أنطيوخي الأول,ليروي للإغريق تقاليد بلاد مابين النهرين الثقافة القديمة ويعرف هذا العمل فقط من خلال أجزاء متقطعة وردت لاحقا في أعمال كُتاب إغريق.”كذلك اجمع اليوم مؤرخو الحضارات او كادوا على ان حضارة الأغريق (الحضارة الهيلينية) أنما استمدت اصولها من حضارتي مصرالفرعونية وحضارات شعوب مابين النهرين وبالأخص البابلية- الآشورية منها.وقدم العديد منهم شواهد كثيرة على انتقال الآداب الآشورية البابلية إلى اليونان ليبنى على اساسها ادب الملاحم الشعرية الخالدة – في فترة تسبق الألف الأول قبل الميلاد.وقد بدا لهم بوضوح كاف ان شعراء الأغريق وأدباءهم الآوائل كانوا يلمون الماما كافيا بالقصص والملاحم والآساطير الآشورية – البابلية وأنهم تداولوها وتأثروا بها. وفي مقدمتها ملحمتا (كلكامش )و (اينوما إيليش).وكانت الآداب الغنية بتنوعها يحمل خصائص ومميزات المرحلة الزمنية ويعكس الواقع التاريخي والاجتماعي المختلف حسب الزمان والمكان.”ما كان ظهر هذا التأثير الثقافي في الأدب العالمي لولا أختراع الكتابة المسمارية التي سنأتي على ذكرها في أجزاء قادمة.”اختراع الكتابة المسمارية وتطويرها بشكل عام اتسعت لكل التعامل في الحياة-انما تم في بلاد ما بين النهرين(العراق اليوم) على يد( السومريين) و(الاكديين) في الألف الرابعة قبل الميلاد.طورها وارتقى بها البابليون والآشوريون وما أن جاء مطلع الالف الثالثة ق.م حتى صارت هذه الكتابة مع لغتها المتطورة الوسيلة الوحيدة للمكاتبات والمخاطبات في آسيا الغربية.استخدمها(العيلاميون) في ايران,و(الحثيون)في نهاية آسيا الغربية. و(الأوغاريتيون) على ساحل البحر المتوسط. و (الاورارتيون اىسلاف الأرمن) في القفقاس.جرت المحاولات الأولى لترجمة معظم القصص القديمة منذ حوالي قرن من الزمن.وكانت محاولات رائعة رغم عثراتها.عندها كان الناس يطالبون بتأكيدات على صدق الحقائق التي وردت في الكتاب المقدس لدعم المعتقدات الدينية المرتكزة على العهد القديم في مواجهة نظرية التطور.أما اليوم فلم يعد استعمال قصص بلاد ما بين النهرين مستندا لدعم الأصولية,بل لتأمين مواد للمقارنة بين ما ورد في التوراة وبين تقاليد الأغريق.وكذلك لدراسات أوسع تتعلق بتطور الحضارة البشرية.قليلون هم من الذين ينكرون اليوم أن بلاد ما بين النهرين القديمة لم تكن في جذور حضارتنا فحسب,وإنما تشكل جزءأً من عوامل واسعة الأنتشار ولها مساهمات قيًمة في القيم الإنسانية في الثقافة العالمية. أمااللغة التي كتبت بها القصص فقد كانت تتمتع بطواعية أكبر من اللغة الإنكليزية.”
.Chicago Assyrian Dictionary&Von Sodens Akkadisches Handwö-;-rterbuch
وكما ذكر تأثرت الحضارة الإغريقية بحضارة بلاد ما بين النهرين,والحضارة الأوربية أرتكزت على الثقافة الإغريقية وأرتقت على سلم التطور الحضاري والثقافي.
هذا البحث هو نتيجة أهتمام شخصي بالحضارة الاشورية وهوعلم خارج تخصصي العلمي ولذلك أعتبر نفسي متطفلا على هذا العلم,ولكن الذي شجعني على القيام بهذا العمل هو الدافع المعرفي والعلمي وحب الاطلاع منذ سن مبكر.في بداية العقد الأخير من القرن الماضي بينما كنت أتجول بين المكتبات في بودابست عاصمة المجر لشراء بعض الكتب وقع نظري على كتاب بعنوان ميسوبوتاميا للبرفسور(جوزيف كليما )المختص في حضارات الشرق.والذي له العديد من المؤلفات عن حضارة بلاد ما بين النهرين,منها أساطير بلاد مابين النهرين,ملحمة كلكامش.وهذا الكتاب ترجمه من اللغة الجيكية إلى اللغة الهنغارية آغ آندراش في عام 1983.وما أن وصلت إلى البيت بدأت أتصفح الكتاب,وقررت حالا بأني سوف أترجمه إلى اللغة العربية,وباشرت بترجمته من اللغة الهنغارية,وهذا الكتاب يتكون من إثني عشر فصلا,يقع في 320صفحة من القطع الكبير.الترجمه التي قمت بها للكتاب هي ترجمة بتصرف وبأختصار.وكنت أود أن يصدرما قمت بترجمته في كتاب مع صورالتماثيل والمجسمات والألواح المسمارية والجداول ولكن لأسباب خارج أمكاناتي المالية قررت أن أنشره على شكل دراسات وابحاث منفصلة عن بعضها.وفي هذا الجزء أو الفصل سأتناول موضوع نشأة علم الآشوريات وهذه هي ترجمة بعض الأجزاء من الفصل الأول والثالث مع بعض الأضافات الطفيفة جدا,التي لا تأثرعلى صياغة النص الأساسي.فيكون هذا البحث اجمالا نتاج ترجمة وأجتهاد شخصي يعتمد على مصادر ذو شأن علمي في هذا التخصص.وفي هذا البحث سأحاول تقديم عرض تاريخي على حيثيات وظروف تأسيس علم الآشوريات,متى بدأ الأهتمام به وما هي الدراسات والأبحاث التي تمت,وما زالت جارية حتى يومنا الحاضر.وسنحاول الإيجابة بأختصارعلى هذه التساءلات الهامة عسى أن نقوم بتقديم خدمة للمهتمين بهذا الشأن.وهذه هي الترجمة من الكتاب الأساسي القائم عليه هذا الجزء من البحث.
علم الآشوريات
كافة العلوم المتعارف عليها في العالم لها تسمياتها المتفق عليها عالميا كمثال على ذلك علم الفلك,علم الأحياء,علم الفيزياء….وهناك بالطبع علوم حديثة وعلوم تقليدية تكونت في مناطق محددة ومختلفة من الكرة الأرضية إلا أنه معترف بها على المستوى العالمي.وفي منطقة الشرق الأوسط تكونت علوم تقليدية قديمة ونذكرمن بين هذه العلوم التقليدية الشرق الأوسطيةعلى سبيل المثال علم المصريات,علم العربيات,علم العبرانيات,علم الساميات,كما يصنف ضمن هذه المجموعة أيضا علم الآشوريات بالإتفاق العام حسب معظم الباحثين والمؤرخين وباالطبع المختصين بعلم الآشوريات.”نسبة إلى الحضارة الآشورية التي نشأت على ضفاف نهري الدجلة والفرات.حيث تأسست أمبراطورية قوية ومدنية مزدهرة أمتدت إلى أكثرمن أربعة آلاف عام قبل الميلاد حتى إنهيار النظام السياسي في نينوى وبابل612-539.ق.م.”وأبناء الحضارة الآشورية ما زالوا يسكنون في بلدان الشرق الأوسط تحت تسميات شعوب مختلفة.إلا أنه ما زال قسم منهم يحتفظون بالتسمية الآشورية واللغة والعادات والتقاليد والأرض وهم يعيشون في العراق وسوريا وتركيا وإيران ولبنان والأردن وفلسطين وهم أيضا منتشرون الآن في أكثر من خمسين بلدا في العالم بسبب الإضطهاد الذي يتعرضون له في آوطانهم الأصيلة”.
المنقبون أكتشفوا الكثيرمن اللقى وكنوزالأثار وبقايا عمرانية في الآوابد التاريخية والتلال المنتشرة بكثرة في بلاد ما بين النهرين وبقايا المدن المندثرة تحت الركام.والتي كونت طبقات فوق بعضها البعض خلال مئات الأعوام بسبب الحروب المدمرة والكوارث
الطبيعية التي أجتاحت المنطقة,وتكون بفعل ذلك سويات عديدة لهذه الأوابد.إن البحث وإجراء الحفريات في مواقع هذه الآوابد التاريخية الذي بدأ منذ آواسط القرن التاسع عشر,وما زال جاريا في وقتنا الحاضر سيدوم كثيرا للكشف عن المخزون المادي والفكري و ذكريات الأمجاد الغابرة.وترجمة ما يتم العثورعليه من كتابات إلى لغات متداولة وسهلة الفهم للكثيرمن البشرمن مختلف الأعراق والأجناس في العالم.وفي هذا السعي للكشف عن المزيد من هذه الأثار والكنوز العظيمة يبذل اللغويون والباحثون للحاق بالتقدم السريع الحاصل في مجال العثورعلى المزيد من اللقى والكنوزوالألواح المكتوبة عليها لترجمتها من الكتابة المسمارية إلى اللغات العالمية الحديثة.إن علم الآشوريات مرى بمراحل طويلة حتى ظهوره مجددا بعد إنقطاع دام ما يقارب ألفين عام.ولذلك عندما بدأ الباحثون والمؤيدون لعلم الآشوريات بطرح الفكرة مجددا,تعرض هؤلاء إلى السخرية من قبل المختصين في فروع العلوم الآخرى خوفا من المنافسة.وقد صعب موقف هؤلاء المهتمين بهذا الفرع من العلم لعدم وجود نقطة إرتكاز للإنطلاق منها كما كان الحال في المصريات عندما أكتشف شامبليون تـفسيرالكتابة الهيروغلفية.وكان من الصعب التحدث في وقتنا الحاضرعن علم الآشوريات.لو لم يكن في العصورالغابرة لغة آشورية حية, لغة أمبراطورية عظمى, حكمت على مناطق شاسعة من العالم آنذاك. لغة تكلم بها أبناء الأمبراطورية,لغة كانت تدرس في المدارس يدرسها الكتاب والمعلمون.لما كان هذا العلم يتداول به في العالم لولم يكن هناك طلاب يتعلمون هذه اللغة من كتب الأحرف الأبجدية وكتب التعليم والحكم والأمثال ودفاتر الحسابات التجارية والصكوك العقارية وعلوم الفلك والطب والشرائع وغيرها من الكتابات الهامة في حياة المجتمع والدولة.
الحفريات الجارية منذ آواسط القرن التاسع عشر في بلاد ما بين النهرين،واكتشاف كمية هائلة من الآثار التي بواسطتها تم الحصول على معلومات غزيرة.استطاع الإنسان معرفة الكثيرعن تلك الحقبة التاريخية وعن تاريخ الشعوب التي سكنت هذه البلاد,ونمط حياتهم في المدن والأرياف والنظام السياسي والعسكري والاجتماعي والمعتقدات الدينية والعادات والتقاليد والأعياد والمسكن والمأكل كانت الإمكانات المتوفرة لفك معاني الرموز والكتابات المسمارية التي عثرعليها قليلة جداً وخاصةً في البدء.
” أولا,لعدم توفر الإختصاصيين،ومازال هذا النقص قائماً لأنه لم يتمكن من مواكبة تقديم الشرح،وتحليل رموزكتابة ما عثر عليه من الألواح الطينية أوالرقيمات المختزنة في كثير من مستودعات المتاحف العالمية.ثانياً,عدم توفر الإمكانات المادية. ثالثاً, أوربما
لأسباب أخرى ليس للقائمين عليها مصلحة,إلا بما يخدم مصالحهم”بما أن الورثة الشرعيين لهذه الآثار من أبناء الإمبراطورية الآشورية,لا يملكون كياناً سياسياً مستقلاً لرصد طاقات بشرية ومادية بدراسة تلك الآثار المكتشفة أو الكشف عن المزيد من الآثار المتراكمة تحت طبقات الأرض.وإن كان بعض أبناء هذه الأمة لعبوا دوراً ممتازاً بكشف ودراسة تلك الآثار مثل هرمزرسام وأخرون لاحقا.إلا أن آثار بلاد ما بين النهرين ستبقى ملك لجميع أبناء المنطقة، وكنزاً للبشرية جمعاء, تغرف منه مناهل العلم والمعرفة.هذه الحضارة العريقة التي منها انطلقت أسس المدنية وأشاع العلم والمعرفة في العالم.”
علم الأشوريات كإحدى فروع العلم تاريخه لم ينتهي حتى الوقت الحاضر.التنقيبات سوف تستمر والآثاريون سينقبون لزمن طويل بحثاً عن القيم الحضارية والمادية والروحية المختبئة تحت طبقات الأرض وفي التلال المنتشرة بكثرة في بلاد ما بين النهرين وعلى أطراف الأنهر التي نشأت على ضفافها المجمعات السكنية الأولى والباحثون واللغويون يحاولون مواكبة المسيرة بتفسيرما عثرعليه أو ما اكتشف من ألواح طينية وفك رموزها أو ترميم الأدوات الأثرية ذكرى بقايا تلك الحضارة.
وفق لكل المعطيات التاريخية وعلى اساس الأكتشافات الأثرية التي تم العثورعليها في بلاد ما بين النهرين في العشرات من المواقع المنتشرة في كل المناطق وخاصة في نينوى.حيث يعتبر الملك الحكيم المثقف آشوربانيبال واسع الأطلاع الذي أمتلك معارف كثيرة وأحب العلم والثقافة أب علم الآشوريات.منذ ذلك الزمن القديم مؤسس مكتبة نينوى الشهيرة عالميا الذي جمع فيها عشرات الآلاف من الألواح المكتوبة التي تحتوي على كنوز المعرفة في مختلف مجالات الحياة.التي كانت تعد مصدرا رئيسيا للمعرفة ومختلف العلوم لا يمكن تقديرها بأي ثمن ليس لمعاصريها فقط في ذلك الزمان,بل في عصرنا الحالي أيضا لكل الباحثين المهتمين بهذه الحضارة العريقة التي تعد كنز لايقدر بأي ثمن للإنسانية جمعاء.
ويستحق أن نطلق أيضا لقب أب علم الأشوريات الحديث على السيد هنري ك.راولينسون الذي عاش بعد آشور بنيبال بألفين وخمسمائة عام,الذي لم يكن يعلم شيء عن اللغة والكتابة المسمارية.وليس الفارق الزمني فقط يفصل بينهما,حيث كان لآشور بنيبال معلمون يفتخر بهم ويناقش معهم قضايا هامة,وتعلم القراءة والكتابة على يدهم كما يذكر في كتاباته التي أكتشفت في نينوى وسميت بأسمه.بينما كان راولينسون(H.C.Rawlisont) يواجه الصعوبات وحيدا في فك رموز الكتابة المسمارية,الذي لم يكن يعلم شيأُ عنها قبل الخوض في تفسيرها.
من الصعب أن نتصوركيف كان من الممكن أن يتغير مجرى التاريخ لواستطاع اسكندرالمقدوني أن يحقق طموحاته ويعيد بناء بابل لتكون عاصمة إمبراطوريته المترامية الأطراف.عندما دخل جيش الإغريق والموظفين والتجار بلاد الرافدين أخذوا بعين الأعتبار الفائدة التي يجنونها من معرفة الأحرف الآشورية,ومن جملة التعليمات التي أعطيت لجميع هؤلاء,جملة تقول (الفوائد النابعة من معرفة الحروف الآشورية).حيث المعلومات التي كانت بحوزتهم حسب التقاليد القديمة ان الامبراطورية الآشورية كانت قوى عظمى,استطاعت غزو أرض الفراعنة في يوم ما أرض مصر.إلا أنهم لم يملكوا المعلومات الكافية بأن اللغة الآشورية البابلية لهجات قريبة،من الأكادية.في ذلك الحين أصدرت الآوامر إلى المتجهين إلى المنطقة وخاصة المراسلين أوالمبعوثين وقوات الجيش المشرفين على قوى الأمن من تعلم وفهم كتابة الكلمات المسمارية وتعلم طريقة كتابة الأحرف المسمارية.ولذلك وضعت أساليب لكتابة الأحرف المسمارية الكلمات الأكادية و ترجمتها إلى الإغريقية.هذه الكتابات الإغريقية- الآشورية graeco- assyriacak تعتبردعما وسندا قويا لعلماء الآشوريات والمختصين في هذا العلم كأحد المراجع الهامة.
بلاد مابين النهرين كان موضع اهتمام وجذب النخبة المثقفة منذ العصورالقديمة.فلذلك نجد أب كاتب التاريخ هيرودوتس في نهاية القرن الخامس بداية القرن الرابع قبل الميلاد أولى أهمية كبرى لبلاد ما بين النهرين في كتابه حرب الإغريق – والفرس.وقد وثق معلومات احيانا غير دقيقة حصل عليها من مرافقيه حيث يذكر بأن داريوس أقام النصب او(المسلة )على شاطىء بوسبوروس وعليها الكتابة الإغريقية – الآشورية بأنه أقامها لذكرى حملته على السكيثيين.وقد أهتم مأرخون أغريق آخرون أيضا من ذلك العصربكتابة تاريخ بلاد ما بين النهرين, أمثال المؤرخين ثوكوديديس، اكتازياس الكنيري واسابيوس الصقلي، واقليموس وغيرهم من اللذين اهتموا ببلاد ما بين النهرين.كان استخدام المصادر المسمارية نادراً أو بشكل خاطئ أو يذكرونها بشكل غير صحيح حيث أن ديودوروس الصقلي مثلاً (قرن قبل الميلاد) يكتب عن كتابه شاميرام على صخرة بيهيستون بينما هي كتابة شهيرة لداريوس وتمثاله المحفور.تسيسرو يذكر في أحاديث توسكولومي سردينبال بالإغريقي( آشور بانيبال) وإنجازاته، ويظهر اسم آخر في معرفة علم الفلك البابلي الكاتب هوراتيوس ولكن كل هذه المؤلفات لم تساعد على ولادة علم الأشوريات. (numeri Babylonii)
بعد هذه الفترة خيم صمت طويل على حضارة بلاد مابين النهرين بأستثناء ما ذكر في التوراة,وذكريات عن دمار برج بابل العظيم واطلال نينوى وعن الطوفان وحروب الآشوريين,السبي البابلي لليهود.وبدأت الأخبار الجديدة تظهر مجددا عن حضارة بلاد ما بين النهرين عن طريق الحجاج إلى دول المشرق ومن المشاركين في الحملات الصليبية.وأن الأهتمام غير المشجع بدأ ببلاد مابين النهرين عندما جلبت بعض القطع الأثرية وبطريق الصدفة إلى آوربا,قطع من الأجروعليها كتابات ورموز غير معروفة,وألواح طينية,واحجارمنقوشة,وأختام أسطوانية وعليها علامات غير مفهومة,وبأعتبارها أشياء غريبة حملها هؤلاء الزوار معهم إلى آوربا.وكما في قصص ألف ليلة واليلة شبه البعض هذه الرموز بعض النمل.وفي بداية القرن الثامن عشر شبه الأنكليزي توماس هايد والطبيب الألماني انكلبرت كامبفر هذه العلامات الواردة من برسابوليس باالاهرامات.والبعض الأخر شبه الكتابة المسمارية وبطريق غريبة بالعلامات الصينية,وآخرون باالكتابة الهيروغلوفية وكان هذا الأعتقاد سائدا وبشكل جدي بين بعض الآوساط آنذاك.
وآخرون من أبناء المنطقة كتبواعن التاريخ القديم لبلاد ما بين النهرين ومنهم بيروسوس كاهن معبد بيل البابلي الذي شاهد النور أثناء فترة حكم اسكندر المقدوني.الذي كتب موسوعة من ثلاثة مجلدات بعنوان بابولونيكا ( Babyloniaca) التي أهداها إلى انطيوخوس الأول السلجوقي. في مؤلفه يكتب عن تاريخ بلاد ما بين النهرين ما قبل الطوفان حتى عهد اسكندر المقدوني.والكثير من الأخصائيين تعرفوا على أجزاء من هذا المؤلف الكبير بواسطة يوسفوس فلافيوس,وإيسيبيوس وأخرين(,Josephus Flaviu , Eusebios) …
ومع مرور الزمن بدأ يتضائل معرفة قراءة وتفسير الكتابة المسمارية شيئا فشيئا وحتى بعض التفسيرات بدأت تظهر بشكل خاطيء. حيث ذكر ديودوروس الصقلي ( Diodoros) في القرن الأول قبل الميلاد مثلا, بأن الكتابة على صخرة بيهوستون تعود للملكة شاميرام(سمير أميس) بينما هذه الكتابة تعود إلى داريوس.وفي أحد الحكايات الإغريقية توسكولومي يذكر سيسرو في أحاديثه سردانيبال باليوناني أي آشور بانيبال. كما ظهر في ذلك العصر هوراتيوس في معرفة التنجيم الفلكي البابلي مع ذلك كل تلك المؤلفات والإعتماد عليها فقط, لم يساهم بشكل فعال بولادة علم الآشوريات.
وبعد مرور هذه الحقبة من الزمن مضت قرون طويلة ولم يبقى من تلك الحضارة العظيمة سوى بعض الذكريات البسيطة يتداول بين الناس.وهذه الذكريات والأحاديث عن تلك الأمبراطورية العظيمة أنتقلت إلى الغرب بواسطة الحجاج والحملات الصليبية على بيت المقدس بعد هذه الفترة خيم صمت طويل على حضارة بلاد مابين النهرين بأستثناء ما ذكر في التوراة.وذكريات عن دمار برج بابل العظيم واطلال نينوى وعن الطوفان وحروب الآشوريين وأنتصاراتهم,السبي البابلي لليهود.وبدأت الأخبار الجديدة تظهر مجددا عن حضارة بلاد ما بين النهرين عن طريق الحجاج إلى دول المشرق ومن المشاركين في الحملات الصليبية.
الزوار الأوائل
كان الزوارمن آوربا العصور الوسطى إلى بلاد مابين النهرين نادرا وهم بالأحرى من الحجاج بهدف زيارة الأماكن الواردة ذكرها في الكتاب المقدس وخاصة بابل ونينوى.ولم يكن الزوار فقط من المسيحيين بل من رجال الدين اليهود الذين أظهروا أهتمامهم لتلك البقعة من الأرض.ومن أول الحجاج الأوربيين كان الرابي اليهودي من مملكة نافارا الأسبانية وذلك بين أعوام 1160-1173 قام بزيارة فلسطين وسوريا عبر تدمر والفرات حتى الموصل على ضفاف دجلة, وزيارة أطلال نينوى ,اصدر مؤلفا عن رحلته وبعد أربعة قرون من تلك الزمن في عام 1543صدر الكتاب باللغة العبرية وفي عام 1575 باللغة اللاتينية.وفي عام 1290 قام الراهب ريكولدو بنيني مونتي دي كروسي برحلة إلى الموصل ويذكر في مذكراته عن الرحلة” بعد رحلة طويلة وصلنا إلى مدينة نينوى العظيمة,التي شيدت بشكل شريط طولي رفيع على نهر الجنة على ضفاف نهر دجلة.وقد أروني تلك التل الذي وقف عليه يونان والنبع الذي شرب منه.وحتى يومن هذا يسمى بنبع يونان.لقد دمرت المدينة كليا,ولم يبقى سوى أثر الأسوار المدمرة.وفي وقتنا الحالي تم البناء مجددا على الطرف الآخر من ضفة النهرويسمى الموصل”وحوالي عام 1400 قام شيلتبرغر الألماني وكذلك ليونهارد راولف في عام 1573-1576 برحلة إلى بلاد مابين النهرين وغيرهم من الزواروكتب الجميع وصفا عن رحلتهم ومشاهداتهم وذكرياتهم عن أطلال المدن المدمرة وخاصة بابل ونينوى.
وأن الأهتمام غير المشجع بدأ يظهر مجددا ببلاد مابين النهرين والمشرق عموما.عندما جلب بعض الحجاج او الزوارإلى آوربا بعض القطع او اللقى لأثرية التي كانوا يشاهدونها بالصدفة وبأعتبارها كانت أشياء غريبة لهم قطع من الأجرالمكتوب عليه, والواح طينية,احجار منقوشة,وأختام اسطوانية وعليها علامات غير مفهومة.وكما في قصص ألف ليلة وليلة شبهة بعض النمل.وفي بداية القرن الثامن عشر شبه الأنكليزي توماس هايدThomas Hyde) (والطبيب الألماني انكلبرت كامبفرEngelbert Kampher) (هذه العلامات الواردة من برسابوليس باالاهرامات.والبعض الأخر شبه الكتابة المسمارية وبطريقة غريبة بالعلامات الصينية,وآخرون باالكتابة الهيروغلوفية.وكان هذا الأعتقاد سائدا وبشكل جدي بين بعض الآوساط آنذاك.ولكن واحدة من تللك المقاربات أو الأراء لامسة الحقيقة التي كتب عنها من برسابوليس بيترو ديلا فالي Pietro Della Valle))عام 1621م. في 21 أكتوبرمن بلاد فارس حيث كتب علينا قراءة الكتابة المسمارية كما هي الحال في كتابتنا يجب أن تقرأ من الشمال إلى اليمين.
فك رموز الأحرف المسمارية
ساهمت العلاقات الدبلوماسية بين الدول الأوربية وفارس جذب اهتمام بعض الدبلوماسيين والمهتمين بالآثارالقديمة من أوربا بإجراء تنقيبات تحت أنقاض خرائب المدن وبقايا التلال والقصور.وأنه من سخرية القدرأن يأتي أساس فك الرموزالمسمارية ليس من بابل أو نينوى أو أشور ولكن من كتابات أرض فارس(الميديين)المنتصرين على بابل.تلك الكتابات جاءت من مركز الملوك الفارسيين في برسابوليس القديمة من موقع (تحتي جامشيد)، استطاع السفيرالاسباني دون غارسيا سيلفا فيغوورفي عام 1617، نجح بالبرهان , وعلق بالشرح في مراسلاته او تقاريره على مميزات الكتابة المسمارية, وهو شبهها بالأهرامات الصغيرة والمسلات.
إلا أن الإسهام الأكبر جاء على يد العالم الألماني( كارستن نيبوهر)Carsten Nieburhr) من مواليد مدينة هانوفرالذي كتب كتابا بعنوان) وصف رحلة عن العربية وبعض الدول المجاورة الآخرى( عن رحلته في بعض دول المشرق(Reisebeschreibung nach Arabien und anderen um leigenden Lä-;-ndern) في عام 1778نشرنسخة طبق الأصل حول كتابة برسابوليس التي أصبحت نقطة بداية لفك رموزالكتابة المسمارية.أدرك بان الكتابة تتضمن ثلاثة أنظمة مختلفة من الكتابة،أي ثلاثة أنواع من الأحرف. في المجموعة الأولى استطاع عدّ 42 علامة (9 منها لم يشيرعلى حرف) وأن واحداً منها هو نظام أبجدي،ورمز إليها بالأعداد اللاتينية التالية:I,II,III أي قسمها إلى ثلاثة مجموعات،.قد أستطاع التعرف والتوصل إلى هذه النتيجة بفضل مهاراته الخاصة.
الخطوة التالية فقد وضعها الدينماركي فريديك مونتيرفي عام ,1798 أما(Frederik Munter) في طريق فك الرموز،حيث طوراكتشاف ينبوهر: جزم بأن المجموعة الأولى كتابة صوتية، والثانية كتابة مقطعية، والثالثة اصطلاح. كما أكد ووضع رأيه النهائي بان الكتابات الثلاث كلماتها نفسها ولكنها مكتوبة بثلاثة لغات مختلفة، من المعلوم أن الملك الفارسي داريوس كان يكتب مخطوطاته على التوازي بثلاث لغات هي البابلية والعيلامية والفارسية القديمة. في بحثه الصادرعام 1800 قارن مجموعة العلامات المتشابه المتكررة في نفس الموضع وحدد كلمات ملك – ملوك – ملك الملوك وقبله كان قد توصلAntoine Isaac de Sacy)) انطوني سلفستري دي ساكي في عام 1793 إلى نفس النتيجة على أساس كتابات نقشي – روستمي بهليوي التي بين كلمات ملكا ملكان) أي ملك الملوك انطلاقاً من مرادفتها اليونانية.
Georg Fredrich grotefendمأثرة جورج فريدريك غروتيفند-1775 -1853 معلم اللغة اللاتينية – اليونانية في ثانوية غوتينغن الألمانية الذي اكتشف مفتاح سر فك رموز الأحرف المسمارية.تقديرا لأبحاثة في مجال تفسير الكتابة المسمارية والنتائج التي حققها تم تكريمه في أحتفال دولي في عام 1975 في جامعة غوتينغن بذكرى مرورمائتين عام على ولادته.الباحث الذي أحرز أهم وأول إنجاز كبير في هذا الاتجاه.غروتيفند اشترط مع زميله بأنه سوف يفك رموز الأحرف المسمارية خلال زمن محدد وقد حقق ذلك ضمن الموعد المحدد وحصل على نتائج باهرة. زميله فيوريلو (fiorillo) عرض نتائج أبحاثه في أيلول عام 1802على رابطة علماء غوتينغين تفسيرات غروتيفند باللغة اللاتينية كان عنوان البحث (تقرير أولي لقراءة وتفسير حول ما يسمى الكتابة المسمارية البيرسيبوليس). اعتمد غروتيفند بشكل كبير في حل لغز رموز الأحرف المسمارية بقدراته الفذة على الربط بين معلوماته الغزيرة باللغة اليونانية واللاتينية، والتوراة وبين كتاب الديانة الزرادشتية (آفيستا) أوالفارسية.كانت الخطوة الأولى التي قام بها, البدء بتفسير الأحرف الأبجدية حسب التصنيف الذي وضعه نيبوهر،إي كتابة المجموعة الأولى (حسب مونتير الكتابة الصوتية).
كانت المجموعة الأولى في الموضع الأول، لذلك اعتقد أنها اللغة الرسمية للعائلة الملكية الحاكمة،إذ كتبت باللغة الفارسية وتنسب إلى العائلة الملكية الاخمينية (الأخمينيين). في الكتابتين ظهرت بنفس الترتيب سبعة رموز بدون تغير،والتي قرئها (الملك). في إحدى الحالات شاهد في مجموعة الرموز السبعة إحدى المجموعات التي تتكرر وراء بعضها مرتين، وارتبط في بداية الرموزالسبعة دائماً أربعة مجموعات رموز مختلفة أخرى.غروتيفند فسر الترتيب المدون وقرئها (ملك الملوك)في أحدى المجموعات ومن ثم (الملك العظيم) في مجموعة أخرى.في بداية الكتابتين شاهدا سبعة علامات ولكنها غير متشابه.كما استنتج أن العلامات في بداية الكتابةا الأولى تتكرر في المجموعة الثانية ولكنه في الموقع السادس أعتبرغروتيفند الرموز السبعة اسم ملك الأخمينيين وأثبت بأن الكتابة الأولى رموزها الأولى، تتكرر في الكتابة الثانية، ولكن في الموقع السادس.ومن هذا استنتج بأن الكتابة الثانية الملك ع اسم والد الملك س، والتي ورد ذكر اسمه في بداية الكتابة الأولى.
القدرة العالية للربط بين الرموز ونجاحه الفائق يعود إلى معارفه بالتاريخ الفارسي،إذ لاحظ من البدء بأن الكتابة الأولى اسم الوالد يلقب بالألقاب الملكية كانت هذه نقطة الانطلاق أو التحول الهام.والآن وجب عليه تصنيف السلالة الملكية الاخمينية الحاكمة. كان الحاكم موضوع البحث أو الكتابة كامبوسيس (باللغة الفارسية كامبوجيا) الذي كان والده قوروش وكان حفيده كامبوسيس أو هوستابيس الذي كان ابنه داريوس حفيده كسيركيس (خشايارشا). في الحالة الأولى لتشابه اسم الجد والحفيد، وضع هذا الاحتمال جانباً، وفي الحالة الثانية تتناسب مع رموز الكتابة, كان التشابه مطابقا. بعد ذلك بمساعدة كتاب الديانة الزرادشتية،عوض القيمة الصوتية للأحرف بالرموز.بما أن لغة (أفيستا) الفارسية كانت مشابه للغة الفارسية القديمة،لذلك لم يكن ممكناً الحصول على نتائج مطابقة مائة بالمائة.غروتيفند كان مقتنعاً بأنه حل لغز تسعة وعشرون رمزاً أي جميع أحرف الأبجدية وإنما الحقيقة حل عشرة رموز صحيحة.وكما ويتضح من كتابات مونتير تفسير رمزين إضافيين. بهذا يكون ثلث الرموز المسمارية للغة الفارسية القديمة معروفة لم يعد سرا.
غروتيفند كان له أتباع كثيرين منهم الفرنسي أيوغين بونوف (Euge ne Burnouf) والنرويجي كريستيان لاسين (Christian Lassen) الذين كانا صديقين ولكنهم عملوا بشكل منفصل عن البعض.بورنوف فسر رمز (k) و (z) بينما توصل لاسين إلى تفسير جميع رموز الكتابة الأبجدية الفارسية القديمة.وبناء على معارفه في اللغة السنسكريتية توصل إلى نتيجة بأن حرف الألف في الأبجدية الفارسية القديمة تكتب في أول الكلام وأمام الأحرف الساكنة.
الكتابة المسمارية لبرسابوليس الفارسية قد تم فك رموزها بينما بقي الشكلين الأخرين ينتظران الحل.المجموعة الثانية من الكتابة المقاطع سماها غروتفيند ميدية والثالثة الكتابة البابلية،ولكن بسبب تقدمه في السن لم يستطع فك رموزها.ولكن قبل وفاته وجد في شخص الباحث الأنكليزي(Edwin Norris) 1795-1825 الذي استمر بمتابعة ما بدأ به بنجاح كبير.الباحث ايدفين الانكليزي الذي غرف من النسخ الذي التي أنجزها من قبل راولينسون عن كتابة بيهستون.وهو كذلك أستطاع فك رموز كتابة المقاطع العلامية على أساس أسماء العلم.
راولينسون وكتابة صخرة بيهستون
عندما توقفت البعثة الإنكليزية بالتنقيب بإشراف (لايارد) لأسباب سنأتي على ذكرها،يظهرفي هذا المجالH.C. Rawlinson(هنري كريسويك راولينسون) (1884- 1810)الانكليزي الشخصية المرموقة.الذي لعب دوراً رئيسياً في نشأة علم الأشوريات إلى جانب السادة المارذكرهم أمثال كروتفيند والبعض الأخر سنأتي على ذكرهم أمثال السادة – بوتا – لايارد – رسام- وغيرهم كثيرين.عندما أصدر(راولينسون) مذكراته كانت الكثير من كلمات الكتابة المسمارية أصبحت معروفة.كان المنقبون في المواقع الأثرية في أماكنها الأصلية في آشور وبابل قد أكتشفوا في البداية المئات ثم الآلاف ومئات الآلاف من الكتابات المسمارية التي أخرجوها إلى النور,على جدران القصورالملكية,وعلى التماثيل,وخاصة على الالواح الطينية.ومع إزدياد المواقع الأثرية أزداد أعداد المهتمين بعلم الآشوريات. وكما مرالذكر بان الشكل الثالث من كتابة بيرسيبوليس المسمارية المكتوبة بثلاث لغات على صخرة (ديودوروس الصقلي) بقي فك رموزها لغزا ينتظر الحل.بجانب الطريق الممتد من همدان إلى كرمنشاه تقع صخرة بيهستون أو كما تسمى أيضا(بيسوتون)أرتفاع 540 مترا.بناءً على أوامر داريوس الأول أُقيم هذا النصب المحفورعلى الجدارالصخري القائم عمودياً على أرتفاع 120م فوق الأرض تخليداً لانتصاره على المتمردين بقيادة غاوماتا (السميرديس) مخطوطاً عليه بثلاث لغات مختلفة هي الفارسية القديمة – العيلامية – والبابلية بارتفاع 7 أمتار وعرض 20م يدعو للدهشة.أن فك رموز الكتابة البابلية علىصخرة بيهيستون بقي تحدا حقيقيا أمام الباحثين لتفسيرها والكشف عن أسرارها.وقد تطوع (روالينسون ) القيام بهذه المهمة,وأخذ على عاتقه فك رموزالكتابة المسمارية المجموعة III.
كان راولنسون ضابطاً في الجيش الانكليزي (شركة شرق الهند) يتقن اللغة العربية واجتاز امتحانات اللغة كمترجم عندما كان عمره سبعة عشرة عاماً في اللغة الهندية والفارسية. في عام 1835 عين كمستشارعسكري لشقيق الشاه في كرمنشاه.عندما زارالصخرة لأول مرة كان عمره آنذاك 25 عاماً, وكان قد وصل إلى بلاد فارس وهو بعمر 23عاما.ومنذ اللحظة الأولى التي شاهدا هذا النصب والكتابة المسمارية, لم يخلد للسكون مما تركته من تأثير كبيرعلى نفسه. وكأنسان عسكري في البدء فحص النصب التذكاري بواسطة المنظارعن بعد.وبعدها بواسطة سلالم وحبال صعد إلى موضع الكتابة المسمارية المجموعة الثالثة، وبواسطة ورق نشاف بدء يجهز نسخ عنها.وفي غمرة عمله استلم أمراً عسكرياً بالرحيل لاستلام مهام القائم بالأعمال في بغداد خلفاً للكولونيل (تايلور) بقي بعيداً عن الصخرة لمدة ثلاث سنوات كان خلال هذه الفترة كلما سنحت الفرصة له يقوم بتفسير جزئي لما تم نسخه.
في شهر أيار من عام 1842 شارك في معركة قنداهار جنوب أفغانستان،وبعد ذلك سجل في عداد المفقودين حتى ظهر مرة أخرى سالماً بالقرب من صخرة بيهيستون وبدء العمل ولكنه أستدعي بأمر عسكري تاركاً أبحاثه.وفي عام 1844 حينما كان أربعة وثلاثين عاماً رقي إلى رتبة عقيد.وعاد للمرة الثالثة إلى الصخرة لإنهاء مهمته وبشكل نهائي.وفي عام 1851 أصدربرعاية الجمعية الملكية الآسيوية,اللندنية كتابه بعنوان (مذكرات عن الكتابة البابلية الآشورية) Memoir on the Babylonian and Assyrian In-script-ions وقد اعلن بأنه فك رموز الكتابة المسمارية على صخرة بيهيستون المخطوطة الثالثة, لقد فسرلغز 246 رمزاً من أصل 600 حرف مسماري.وقد تحقق هذا الأنجاز بعد أربعين عاما على ما بدأه (غرتفيند) بفك رموز الكتابة المسمارية على صخرة بيهيستون.وبعد ذلك لم يتوقف راولنسون عن أبحاثه,بل تابع أبحاثه العلمية مع باحثين أخريين ويصدر أربع موسوعات حول الكتابة المسمارية(الكتابة المسمارية لغرب آسيا). ثم تصدر الموسوعة الخامسة بعد موته,وقد لقب بأب علم الآشوريات بعد وفاته,وقال عنه غريمه الباحث Jules Oppert) ( “يمكننا القول بحق بأن راولينسون قدم مآثرعظيمة في مجال أبحاثه حول تطورتاريخ الإنسانية” الباحث راولينسون قدم جلى خدماته للإنسانية جمعاء ويعد بحق مأثرة عظيمة في تاريخ البحث بفك رموز الكتابة المسمارية, الكتابة البابلية الآشورية، ويمكن القول بكل جدارة بأنه يستحق هذا اللقب”أب علم الأشوريات”
مع التطور الحاصل في مجال التنقيب عن الأثار في بلاد ما بين النهرين أزداد عدد المهتمين بعلم الآشوريات.لا يسعنا ذكرالجميع,بل البعض ومنهم الباحث السويدي Isidor Lö-;-wenstren الذي عمل في مجال تفسير كتابة خورساباد وأستطاع تحديد كلمة “الملك” وكذلك “العظيم” وعلامات الجمع.كما يزعم الفرنسيون بأن السيدFelicien Caignart de saulcy) 1807-1883) كان له دور كبير في تفسيرالمجموعة الثالثة من الكتابة المسمارية على صخرة بيهستون. السيدJoahim Menant يواهيم مينانت(1820-1899)الباحث الفرنسي أول من أصدر كتابا عن علم الاشوريات.والسيدFrancois de lenorman(1837-1883) أول من وضع مؤلفه عن قواعد اللغة السومرية.
جوليس اوبيرت,Jules Oppert(1825-1905 ) لعب دورا مرموق في مجال بحوثه الجارية عن الكتابة المسمارية. وقد حصل على شهرة كبيرة ليس فقط في مجال أبحاثه في علم الآشوريات,وأنما أيضا كواضع أسس علم السومريات, التي كانت تواجه بعض الصعوبات وبذل جهدا كبيرا لأزالة العوائق ومواجهة الجدل العميق وأختلاف الأراء,بخصوص علم السومريات.وتقديرا لجهوده البارزة سميت بأسمه القاعه الكبرى في المعهد الفرنسي في باريس,والتي تعقد فيها المؤتمرات عن علم الآشوريات. الشاب جوليس من مواليد هامبورغ وبعمر 22 عاما يغادر وطنه في عام 1848 بسبب الأضطهاد العنصري.وحصل على شهرة عالمية في وطنه الجديد فرنسا.
باول إميل بوتا. (Paul Emil Bota)
وصل بوتا في نهاية عام 1842 إلى الموصل لأستلام مهامه الدبلوماسية,ولكن قد أخذ على عاتقه القيام بأعمال التنقيب وأجراء الحفريات بحثا عن الآثار القديمة لبلاد ما بين النهرين.وقد برزأهتمامه بشكل جلي نحو هذا المجال,ولكن كانت تنقصه الخبرة العملية والمعارف في مجال التنقيب كما غيره في ذلك الزمن.ولكن مدرسة الحياة العملية جعلت منه باحثا آثاريا مرموقا بالرغم من العثرات الآولية والفشل الذي لحق بأعمال التنقيب التي أجراها,في كوينجيق عام1842 بدعم من”الجمعية الآسيوية”.استمرفي التنقيب وأظهر ثباتا في مجال التنقيب وبدعم مادي من الحكومة الفرنسية.وكان يشاهد من نافذة مكتبه المطل على نهر دجلة الضفة الأخرى للنهر حيث موقع مدينة نينوى.وبالحقيقة أرسل إلى المنطقة لأستكشافها وذلك في أطار الصراع أو التنافس القائم آنذاك بين مصالح فرنسا وأنكلترا ودول آوربية أخرى تسعى للسيطرة على المنطقة والطرق التجارية المؤدية إلى الهند,ومنطقة الشرق الآدنى. وبجانب الصراع السياسي أخذ التنافس يظهر واضحا في مجال الحفريات والتنقيب عن ألاثار.عندما بدأ بوتا بالتنقيب كانت معاول العمال لاتخرج سوى بعض القطع الفخارية المكسرة التي لم يكن لها قيمة آثارية تذكارية. ونتيجة ذلك أصيب بخيبة الأمل,وقد أنتابه الخوف من فقدان الثقة الممنوحة له من الوزارة.ويا لسخرية القدر ومن حيث لا يدري كان يقف على ذلك التل الذي يطمر قصر آشوربانيبال ومكتبته المشهورة.ولكن لحسن حظ علم الآشوريات تم أكتشاف مكتبة آشوربانيبال بعدما كان المنقبون أكتسبوا خبرة كافية وقدروا أهمية أكتشاف هذا الصرح والكنز الحضاري العظيم.كانت الحفريات التي تم توكيل بوتا للقيام بها في نينوى يعود الفضل إلى يوليوس موهلت 1800-1876Julius Mohl)) المختص بالإيرانيات.والذي بدأ حياته العلمية المبكرة وهو بعمر 26 عاما كبرفسور في الآداب الشرقية في توبينغن,حيث كلفته الحكومة الفرنسية كتابة تاريخ ملوك فيرداوسي بعنوان ( شاه نامى).ويتحول أسمه من يوليوس إلى جوليس وتقلد منصب سكرتير( الجمعية الآسيوية), وفيما بعد برفسور اللغة الفارسية في المعهد الفرنسي, وعضو أكاديمية العلوم الفرنسية.عندما زار متحف بريتش في لندن وشاهد اللقى الآثارية التي جلبها ريتش,منذ تلك اللحظة لم يهدىء له البال,ولم تخلد نفسه للراحة بدأ يفكر كيفية حصول متحف اللوفر في باريس على كنوز آثارية مشابه ليفتخر بها.وبدأجوليس بوضع خطته بعناية فائقة, ودرسها بعمق من مختلف الجوانب,وقد آوكل ضمن خطته المرسومة بالدور الرئيسي إلى بوتا,الذي كان ألتقاه سابقا في مصروتعرف عليه ونال أعجابه.ولذا وضع كل ثقله وتأثيره لدى الحكومة الفرنسية لأنشاء قنصلية فرنسية في الموصل, وأن يعين بوتا كقنصل عام على رأسها.وحدث كما آراد,ولكن قبل أن يغادر بوتا فرنسا متوجها إلى الموصل ألتقاه وقدم له النصائح والإراشادات والمعلومات اللازمة.ليس ما يجب فعله في المجال الدبلوماسي, وأنما ماذا يجب عليه فعله في مجال البحث عن الآثار,وما هي الأمورالتي عليه التنقيب والكشف عنها.كان من المفهوم بديهيا بأن يتخوف بوتا من فقدان ثقة داعمه,بعد الفشل الذي لحق به في حفريات نينوى.
ولكن لحسن الحظ لم يحدث ذلك,بل كان القدر رؤوف به, وبالطبع لعب وعيه وسخائه دورا كبيرا في ذلك.لقد ذاع خبر وجود سيد آوربي في الموصل يدفع أجرة جيدة لعمال الحفريات من أبناء المنطقة.وعندما بدأة الحفريات تقترب من نهايتها كان من الطبيعي أن يسود القلق بين عمال الحفريات من فقدان العمل.وفي هذا الأثناء توجه بوتا إلى موقع خورسباد على بعد ثلاثة ساعات مشيا على الأقدام إلى الشمال الشرقي.وهناك ألتقى أحد سكان المنطقة, وكان جلب قطعتين من القرميد في راحة اليد وعليها كتابة مسمارية. وحدثه الرجل بأن لدينا في القرية نبني البيوت من هذا النوع من الآجر,ويمكنني أن أجلب لك كميات كثيرة بقدرما ترغب به.ولم يعلم بوتا في تلك اللحظة إلى أين كان قادما, وبدأ الرجل يسرد عليه المزيد ويوضح في حديثه ليس فقط لدينا من الآجر (الطوب) بل يوجد مجسمات وتماثيل,وأشياء آخرى أيضاغير معروفة مجهولة بالنسبة لهم.وتبين لاحقا بأن هذا اللقاء كان نقطة تحول جوهري ولحظة مصيرية, ليس فقط في حياة بوتا وأنما أيضاعلى صعيد الأكتشافات الآثرية في بلاد ما بين النهرين.وهذا اللقاء بدأ يؤسس لشهرة بوتا وحقق حلم جوليس,بأن يكون لمتحف اللوفر في باريس مقتنيات آثرية بالغة الأهمية,حيث خصص قسم للآثار الآشورية في المتحف العالمي الشهير.
بعد هذا اللقاء أنتقل بوتا مع كافة أعضاء بعثة التنقيب في آذارعام 1843 إلى خورسباد.وبدأت أعمال الحفريات في الموقع بدون أن يكون لديه أي فكرة بأنه في مقر قصرسرغون الثاني الشهير,قلعة( دورشاروكين).ومن هناك بعث بخطاب إلى جوليس الأب الملهم والداعم لبوتا في إجراء التنقيبات.وعندما استلم جوليس موهل الخطاب قام بنشرتقرير بوتا أمام أكاديمية العلوم الفرنسية,وحصل على دعم مالي قدره ثلاثمائة ليرة ذهبية من وزارة الداخلية,ولم يكن هذا المبلغ هو الأخير.كانت أخبارالأكتشافات الآثرية في خورسباد بين أعوام 1843-1846 أدهشت العالم.وفي فرنسا عمت موجة من الأفتخار,وأرتفع الشعورالقومي.وبيًن بوتا بأن ثقافة بلاد ما بين النهرين هي بقدر المساواة مع الثقافة المصرية القديمة المعروفة حتى ذلك الزمن.وفي باريس بدأت التكهنات والتعليقات تظهر بين مختلف الآوساط بأن متحف اللوفر سيكون له كنوزوربما أكثر من متحف بريتش في لندن.أن حفريات خورسباد عوضت بوتا الخيبة التي أصاب بها في حفريات نينوى وفشله هناك, وكان عليه مواجهة تحديات ومقاومة وعوامل كثيرة منها الظروف البيئية غير الصحية,بعوض الملاريا, والتي كنت تهدد حياة العمال وحياته. وقد أعدت هذه من الأمور غي المهمة أو الثانوية, حيث أعترضته أمور أخطر من ذلك وهو حظر إجراء عمليات التنقيب بقرار من والي الموصل محمد, حيث أعتبر بأن الحفريات هي بمثابة خنادق حربية, ومقر الأقامة بمثابة قلعة محصنة, وكل محاولات الأقناع ودفع الأموال لم تنفع لإزالة شكوك الوالي. وقد أستغل بوتا التوقف عن أعمال التنقيب بتجهيز الرسومات.وقد كلف لهذا المهمة أوكين نابليون فلاندينEugene Napoleon Flandin))الذي أرسلته أكاديمية العلوم الفرنسية, الذي كان يتقن بشكل ممتاز مهنته.لا نعلم كم من النقود دفعتها السفارة الفرنسية في القسطنطينية لوزارة الخارجية العثمانية آنذاك للحصول على تراخيص أستكمال أعمال التنقيب لإي خورسباد.ولكن بعد أن عاود عمال التنقيب مجددا الحفريات في الخنادق التي بدأ بها سابقا,أخذت المعاول تكشف عن التماثيل واحد بعد الآخر في قصر شاروكين,ثيران مجنحة برأس إنسان,ومجسمات منقوشة حجرية محفورة على الجدران,والكثير من اللقى المتنوعة. وقد وضعت تلك المكتشفات الآثرية في صناديق, وتم نقلها أولا نحو الأعالي نهر دجلة حتى الموصل,ومن هناك حملت على طوافات نهرية في حزيران عام 1845,إلى ميناء البصرة,ومن هناك تم نقل الحمولة بالسفن وفي عام 1846 في شهر كانون الأول وصلت الحمولة إلى ميناءLe Havre في فرنسا.وكانت هذه الآثارالأولى من هذا النوع تحل على الأرض الآوربية,ومن هناك نقل عبر نهر السن و وفي عام 1847 في شهر شباط وصلت سالمة إلى باريس,والتي عرضت مباشرة في متحف اللوفر.في الأول من آيار 1847 عمت الأحتفالات أبتهاجا وأستيقظ الناس منذ الصباح الباكر ووقف الآلاف من سكان العاصمة باريس ينتظرون أفتتاح متحف اللوفر أبوابه أمام الجمهور المندفع نحو الداخل لمشاهد الآثار والأكتشافات الآثرية القادمة من أعماق التاريخ البشري من بلاد مابين النهرين.
ومع هذا لم تنتهي مهمة بوتا عند هذا الحد ووصول هذه الكنوز الفخمة إلى متحف اللوفر.كان عليه فحص لغة الكتابات المسمارية, وتقييم التاريخ الثقافي لهذه الكنوز.وقد صدرفي عام 1849-1850 خمس مجلدات بعنوان” ذكريات أطلال نينوى المكتشفة بواسطة بوتاMonuments de Niniveh decouverts et decrits par P.E. Botta)). وفي هذه المجلدات الخمس توجد رسومات فلاندين أيضا.وقد دعمت الحكومة الفرنسية بمبلغ 420000 ألف فرنك فرنسي لأصدارهذه المجلدات الخمس,ويضاف إلى هذا المبلغ مستحقات فلاندين مقابل الرسومات التي رسمها.وفي هذا الموضع يقف مهد فرع جديد من العلوم.ومع ذلك علم الآشوريات لم يبلغ بهذه الخطوات مرحلة النضوج الحقيقي لإجتياز الأمتحان.وأنما كل هذا دفع عجلة الإسراع بالكشف عما تطمره التلال وخرائب المدن لمصلحة البشرية جمعاء.
آوستين هنري لايارد(Austen Hanry Layard)
توقفت أعمال التنقيب وخيم صمت القبور على بابل وخرسباد, ولكن ليس على نينوى الذي فشل بوتا في التنقيب هناك ولم يحالفه الحظ, وأنما أحتاجت التنقيبات في نينوى إلى نوع آخر من الرجال والذي يملك الكفاءة,وعملي,شجاع,رحال زار مناطق عديدة في العالم, قادرعلى التواصل مع السكان المحليين,والتكلم معهم بلغتهم ومراعات أمزجتهم.وكان الرجل الذي يملك هذه الصفات كان الأنكليزي الذي برز كأحدى ألمع الشخصيات في علم آثار بلاد ما بين النهرين الذائع الصيت الرحالة والدبلوماسي (هنري أوستين لايارد) (Henry Austen Layard). ولد لايارد في باريس عام (1817- 1894) وتربى من سن مبكرة في البندقية،والسنوات التي أمضاها في سن الشباب في أيطاليا تركت فنون البندقية ولامبورديا تأثيرا كبيرا في نفسه,وحتى عندما أصبح رجلا بالغا كانت قصص ألف ليلة وليلة لا تزال تسحره.وكانت مذكرات ريتش المشهورة عن بابل تجذب أهتمامه بشدة.ولم تبقى لدية الرغبة الاستمرارفي العمل لتأمين مستقبله في مكتب محماة ممل لخاله الذي كان محامياً ناجحاً في لندن.لم يمضي في ذلك العمل سوى أقل من سبع سنوات.وقررلايارد السفر في عام 1839 إلى سيلان للألتحاق بالخدمة الدبلوماسية والعمل في منصب رفيع المقام لدى المحكمة العليا هناك.استعد بترتيب أموره للسفرالقريب برفقة صديق له يدعى إدوارد ميتفورد.ولكنه لم يصل مطلقا إلى سيلان,بما أن صديقه كان يعاني من مرض دوار البحر ولم يتجرأ ركوب الباخرة, ولذلك قرروا الذهاب برا.
وانطلق الاثنان عبر أوربا براً،كانت هذه رحلته الثانية التي يقوم بها بعيداً عن فرنسا وانكلترا،حيث قام بجولة قبل ذلك إلى الدنمارك وفنلندا وروسيا في صيف عام 1838.وكانت تلك الرحلة تركت في نفسه انطباعاً ورغبة للتعرف عن قرب على عالم الشرق المسحور.وقد أعترض سفرهم الكثير من المغامرات الخطرة التي كادت أن تقضي عليهم,ولكنة بلغ بلاد فارس وحيدا في عام1840 بعد أن أنفصل عن صديقه,ووجد نفسه في منطقة لورستان وسط عشيرة “البختياري”التي كانت متمردة على السلطة وهناك دخل في علاقة غرام مع أبنة رئيس العشيرة,وسمحت له الظروف أن يعاين أطلال الآثار القديمة في مدينة سوسا.وهذه الظروف التي مرً بها و في تلك اللحظة تقرر مصير لايارد ومستقبله.لايارد تعلم اللغة العربية والفارسية وقرأ كل ما توفر له من أدبيات حول حضارة بلاد ما بين النهرين وبلاد فارس.وسافر إلى بغداد بعد أن تعرض إلى مغامرة كبيرة وتم نهبه من قبل قطاع الطرق.بعد كل هذه المغامرات اخطرة التي مرً بها ولم يبقى لديه أي نقود قررالعودة إلى القسطنطينية للقاءالسفيرستراتفورد كانينغ( Stratford Caninng)وقد أسقبله السفي أحسن أستقبال,وخاصة بما قدمه من شرح مفصل وعن أنطباعاته عن الأوضاع في بلاد فارس.وقد أستطاع السفير أستنتاج مقدارالأستفادة من الإمكانات والخبرات الممتازة للشاب لايارد الذي كان بعمر 22عاما . وقد عرض عليه السفير أن ينضم إلى السلك الدبلوماسي البريطاني, وعرض عليه الدعم المالي للقيام بأعمال التنقيب.وبهذه الطريقة لقد وصل لايارد إلى الموصل,وثم إلى بغداد,وأثناء سفره أنعرج نحو نمرود لألقاء نظرة وتفحص أطلالها,والتي أسست لشهرته العالمية فيما بعد.والتقى من جديد بمتفورد فانطلقا سوياً في عام 1840 إلى الموصل حتى بلغاها في شهر نيسان بدون عائق. نزل الرجلان ضيفين على وليم فرنسيس انيسورت الطبيب المهتم بالآثار الذي أصدر (أبحاثا حول بلاد آشور وبلاد بابل وبلاد الكلدان) وعلى السيد كريستيان رسَّام الأشوري من سكان بلاد ما بين النهرين الذي كان يشغل منصب نائب القنصل البريطاني في الموصل.ومن ثم سافر من بغداد متنكراًبملابس أهل المنطقة إلى جنوب غرب بلاد فارس إلى منطقة خوستان بين القبائل الجبلية للقيام بمهام المرسلة من أجله, لآرسال تقرير عن الأوضاع الأجتماعية والجغرافية والسياسة.وبعد عامين من ذلك التاريخ أي في عام 1842 قرر العودة إلى القسطنطينية,ولكنه في هذه الفترة الزمنية كان قد أجرى دراسات عن المنطقة الممتدة بين نينوى وآشور.وقبل عودته من الموصل ناقش مراحل التنقيب مع كل من بوتاBotta )والسيد(Sir RobertKerr Porter) الفنان الممتاز الذي يعرف الكثيرعن بابل والمدن الأخرى في بلاد ما بين النهرين,من خلال منشورات الرحالة,وقد جهز رسومات عنها.وخلال مكوثه عدة أيام قام برفقتهم لألقاء نظرة على أطلال(كوينجيق) و(النبي يونس).
بعدها غادر إلى القسطنطينية والتقى بالسفير البريطاني وهناك ترك انطباعاً حسناً لاطلاعه الواسع.وفي الحال عينه في منصب السكرتير الشخصي له,آوكل بمهمة تحري الحقائق في منطقة البلقان،حيث كانت الاضطرابات تهدد المصالح الأوربية.بعد انقطاع دام ثلاثة سنوات يعود لايارد إلى الموصل مرة أخرى.بعدما نجح بإقناع السفير بمساعدته ماليا لأجل متابعة الحفريات في بلاد ما بين النهرين.حيث كان يطلعه على أخبار الحفريات التي يقوم بها القنصل الفرنسي السيد (بوتا) والإنجازات الكبيرة والكشف عن الآثار النفيسة في (خورسباد), والتي تشكل إساءة لسمعة بريطانيا.وعلى خلفية النجاحات التي حققها بوتا بدأت آلية الأجراءات البروقراطية الحكومية تتحرك بمرونة,وقد أستغرقت هذه الفترة ثلاثة أعوام, وقد حصل على الدعم المادي والتراخيص اللازمة بهذا الشأن.وأخيرا عاد لايارد في شهر أكتوبرعام 1845إلى الموصل.على الفور قام لايارد بعد عودته إلى المنطقة بإجراء الحفريات.وأجرى التنقيب أثرى الحفريات التي قام بها سابقا بوتا, ولكن بدون أن يحقق أي نتيجة.ولذلك قرر نقل أعمال التنقيب إلى الجنوب على بعد 35 كيلومترأحدى مقار الملوك الآشوريين”كالح”أو “كالحو” أي “نمرود”.في شتاءعام 1845 في التاسع من شهر كانون الثاني بدأ بأعمال التنقيب,وما أن بدأت معاول العمال تكشف تماثيل المجسمات في قصر آشوربانيبال,حيث بدأت العوائق تظهر لمنع أعمال التنقيب من قبل باشا الموصل محمد قيريتليغولو,ضاربا عرض الحائط ترخيص الحكومة المركزية في القسطنطينية.وكان من الصعب أن يحدث ذلك الحظر,لوأن لايارد لجأ إلى المثل اللاتيني الذي يقول”pencunia non olet” لا رائحة للنقود”.ذلك الباشا القصير والسمين والذي لا يرى إلا بعين واحدة ويسمع بأذن واحد فقط ذوالوجه الجدري,كان يفكر بشىء واحد أن هذه الكنوزمن الذهب التي عثرعليها في هذه الأرض هي ملكه.لايارد لم يعرف الأسلوب المناسب للتعامل مع هكذا أشخاص,وكانت الطرق المستخدمه غير ناجعة,بل لجأ الباشا إلى حيل ماكرة حيث نقل بالسرمن المقبرة القريبة شواهد القبورإلى موقع الحفريات لإثارة المشاعر ضد لايارد أو أعمال التنقيب,وأنه بحجة إهانة المقدسات يمنع الاستمرار في التنقيب,وهذه الأمور معروفة من كتابات لايارد وكذلك فيلهلم سيرام(Wilhelm Ceram ).
ومن حسن حظ لايارد بدأ أعوان الباشا يتضايقون من تصرفات الباشا المشينة,ولذلك تم عزله,وعين اسماعيل باشا بمكانه.ولم يقم الوالي الجديد بمنع الحفريات.إلا أنه لايعني بأن المضايقات قد أنتهت,حيث كان قاضي الموصل أيضا يضمرعداءً أيضا ليارد,لأنه لم يحصل على (البخشيش)رشوة.ولذلك قام بتحريض عمال الحفريات ضد لايارد بأن الكتابات المكتشفة تهين” الذات الألهية”.ولكن الفضل يعود إلى هرمز رسام (1826-1910) زميل لايارد في متابعة التنقيب والذي ورث متابعة أعمال التنقيب بعد لايارد سنأتي على ذكره.ولكن ظهرفجأة مشكلة أخرى عندما عثر العمال على أسد مجنح برأس إنسان.وأدعى أحدهم بسبب الرعب الذي أنتابه بأنه يشاهد امام عينه نمرود بذاته النبي العظيم,وفرمن المكان متجها إلى الموصل وذاع الخبر هناك.ولكن الفرمان الجديد الصادر من القسطنطينية حمى لايارد من المضايقات.ومع هذا قد خسر ما يقارب من عاما, وبدأ مجددا فقط في عام 1846ي شهرتشرين الأول الاستمرار في أعمال التنقيب في موقع كالحو القديم, في قصر أربعة ملك آشوريين.
في نهاية حفرياته قبل عيد الميلاد في تشرين الثاني 1846 يكشف عن دروعاً وخوذات من الحديد والنحاس وكذلك آوان من الرخام الشفاف والزجاج وتماثيل الثيران مجنحة ومسلات من الرخام الأسود ويبلغ ارتفاعها ستة أقدام ونصف ولوحات مجسمة ترسم حصار قلعة ما، واستلام الملك للأسرى،عبورالملك مع جيشه نهر ما …الخ .كما يكشف خلال الأشهرالأولى من عام 1847 في القصر الشمالي الغربي غرفة ملأى بالعاج المنقوش،وغرف فيها رسوم جدارية باللون الأبيض الأسود والأحمر والأزرق.كما أجرى لايارد حفريات في (قلعا شرغات) عثر على تمثال شخص جالس من البازلت الأسود ولقيات اخرى كثيره.كما بدء بإجراء حفريات عميقة في (كوينجيق) لكنه توقف عن العمل وتابع مسيرة الحفريات من بعده السيد هرمز رسّام.
وفي ربيع عام 1847 قبل عودته إلى نينوى توقف عند تل” قلعة شرغات”حيث أكتشف التمثال الجالس المشهور لشلمانو آشاريدو الثالث,ولم يكن يعلم بأن معاوله تمس العاصمة الآشورية- آشور.وبالرغم من موقع المدينة على ضفاف دجلة لم تذكره بالمدينة القديمة.ولكنه أعتقد بأنها “مدينة آور أبراهيم” التي أكتشفت في جنوب العراق.كان لايارد يقصد بشغف أهداف أو مواقع مؤكدة, كما كانت نينوى.ومن ثم عاد مرة أخرى إلى تل”كوينجيق”وكان قد امتلك خبرات هامة في التنقيب والتنظيم.في آواسط شهر آيارعام 1847 وأمام أعين سكان الموصل الفضوليين بدأ بالمرحلة الجديدة من الحفريات.حقا كان هناك أمورمدهشة تستحق رؤيتها.وحالا في الأيام الأولى أكتشف جدران قصر الملك التي حرقت أثناء سقوط نينوى,حيث أكتشف تماثيل ثيران مجنحة برأس إنسان ضخمة بطول خمسة أمتار وأرتفاع أربعة أمتار.وفي آواخر شهر تشرين الثاني،اكتشف قطعاً حجرية عليها سلاسل رائعة من اللوحات الحجرية المجسمة التي تصور مشاهد الحروب الآشورية, ومشاهد الصيد.كل ذلك كان تم تشييده في عهد سنحاريب أبن الملك شاروكين الثاني ملك قصرخورسباد.وبعد أن توقف لايارد لعامين عن أعمال التنقيب عاد متابعة الحفريات مجددا في خريف عام 1849حتى ربيع عام 1851 في”كوينجيق”.خلال هذه الفترة أكتشف ألفين مجسم,وأثنان وعشرون بوابة محفورة بالنقوش,وعشرة ثيران مجنحة.وقد اكتشفت هناك مقاطع من منحوتات ومخطوطات،مع آوان سليمة وقرميد منقوش بكتابات في كرامليس تم الكشف عن قاعدة فخارية وتأكد على الطابع الأشوري للأطلال من خلال المخطوطات المكتوبة على القرميد، والتي تضمنت اسم ملك خورسباد.
والأكتشاف الهائل حدث في الأخير,ألا وهو أكتشاف جزأُ مكون من غرفتين من مكتبة آشور بانيبال المشهورة في قصرالملك آشوربانيبال التي أحتوت على بضع آلاف من الألواح الطينية,والقسم الأعظم منه كان مكسراً.أن أكتشاف هذه التحف الأثرية الرائعة حثت هرمز رسام على متابعة التنقيب بعد مغادرة لايارد.والحماس المنقطع النظير توج أعمال التنقيب والكشف عن المكتبة التي هي الآن فخر متحف بريتش.كان لايارد يقوم بشكل منتظم أثناء عمليات التنقيب في تسجيل ملاحظاته وتفسير اللغات من لوحات مجسمة ومخطوطات وتماثيل حجرية كبيرة تصّور الثيران والأسود،وكان يقوم بتفسير المخطوطات الأشورية كما أجرى حفريات في أماكن أخرى.مثل تل (باشيخة) (تل بيلا) موقع بلدة (اشيبانيبا) الأشورية القديمة.أن كافة التنقيبات التي أجراها لايارد في بلاد مابين النهرين كان مساعده الأول في هذه الأكتشافات هرمز رسًام.
إلا أن نقص المال اللازم لتغطية مصاريف الحفريات شكل عبأ كبيرا لليارد.الدعم المالي الأولي كان قد حصل عليه بشكل شخصي قدمه السفير البريطاني في القسطنطينية من ماله الخاص.وبعد محادثات طويلة وصعبة مع متحف بريتش في لندن حصل على دعم مالي لإجراء عمليات التنقيب في نمرود وكوينجيق.لقد حصل لايارد على مبلغ مقداره 6450 جنيه أسترليني,وكان هذا المبلغ أقل بكثير مما حصل عليه بوتا.وحينما جفت منابع الدعم المالي رجع لايارد إلى لندن,ولم يعد مطلقا بعدها إلى بلاد ما بين النهرين
وقد قام السيد (لايارد) برفقة السيد (هرمز رسّام) برحلة لفترة شهرين تقريباً إلى الجبال الأشورية – التيارية(جنوب شرق تركيا حاليا)،ابتداءً من أب 1846 وسجل انطباعاته ومشاهداته عن أحوال الشعب الأشوري وجرائم الإبادة العرقية التي ارتكبها بحقهم السفاح المجرم بدرخان الكردي,ذكرى هذه المجازر في كتابه الصادرعام 1849″ بقايا نينوى”
بعنوان(Niniveh and its Remains )وبعد مائة عام يصبح هذا الكتاب مطلوبا:في عام 1965 صدرباللغة الألمانية وبأعداد أكثر بكثير من ذي قبل وقد تم بيعه خلال أيام معدودة حيث قام هارتموت شموكل (Hartmut Schmö-;-kel).
وبعد عودته أمضى سنوات طويلة في العمل السياسي والدبلوماسي,ولكنه خصص جزءا من الوقت لكتابة كتابه بعنوان(Discoveries in the ruins of Niniveh and Babylon) ” أكتشافات بين أطلال نينوى وبابل”الذي صدر في عام 1853).وفي عام 1880غادر السلك الدبلوماسي,وسافر إلى البندقية لمزاولة عشقه الأول مع الفن الأيطالي.وفي عام 1887 أصدركتابه بعنوان(Early Adventures in persia , susania and Babylonia)” المغامرات المبكرة في بلاد فارس,سوسا و بابل” وكان هذا الكتاب صدر قبل وفاته بسبع أعوام ,حيث يتذكربمرارة ” أن جلالة الملكة تقديراعلى كل الخدمات المتنوعة وأكتشافاتي كافأتني بتعييني قنصلا في القسطنطينية بدون راتب”وقد ذكرهذا ليعبرعن خيبة الأمل والشعوربالمرارة,ويذكر بأنه منح درجة دكتوراه فخرية من قبل جامعة أوكسفورد,والمواطن الفخري للندن.ولكن المكافأة الحقيقية حصل عليها بعد وفاته بسنوات طويلة وذلك في عام 1963 في المؤتمرالعالمي الثاني عشر لعلماء الآشوريات,حيث قام متحف بريبش في لندن بتنظيم معرض ضخم على شرف إنجازاته.
هرمز رسّام(Hormuzd Rassa)
السيد هرمز رسّام الأشوري الذي عمل منذ البدء مع لايارد إحدى عمالقة علم الأشوريات.كان له دورعظيم في الحفريات والاكتشافات الرائعة التي أبهجت الإنسانية,وألقت الضوء على أحقاب غابرة سحيقة فلذلك كان له النصيب الأكبر بالكشف عن أمجاد أسلافه المطمورة تحت أنقاض خرائب المدن التي أصبحت تلال منثورة في بلاد ما بين النهرين.
السيد رسّام الذي حصل على تعليمه في كلية أوربيل في اوكسفورد امتلك الإمكانات العلمية اللازمة وأثبتت فورته من خلال العمل بأنه لا يقل كفاءة عن السيد لايارد رئيس البعثة الأثرية بما انه كان من أبناء المنطقة، أهلته خبرته ومعارفه الكبيرة باختيار المواقع الأثرية وكان خير مرشد في ذلك لرئيس البعثة الأثرية.
حين تنحى السيد (لايارد) عن المشاركة في البعثة الثالثة بسبب تردي وضعه الصحي وسوء تحويل العمل، اقترح على أمانة المتحف البريطاني الممول لمشروع الحفريات تعيين السيد هرمزرسّام خلفاً له، ليعمل تحت إشراف البريطاني السيد (راولنسون)الذي مر ذكره. بدء السيد رسّام العمل مجدداً في عام 1852، وفي هذا العام ظهر على الساحة القنصل الفرنسي المعين جديداً، هو فكتور بلاس أبلغ راولنسون عن رغبته إجراء حفريات في (كوينجيق) لم يعترض عليها هذا الأخير، ولكن السيد رسّام كان يرغب متابعة الحفريات التي قام بها مع السيد لايارد في نفس الموقع لأنه كان يعتقد بأنه هناك الكثير لإنجازه.
لذلك كان موضع خلاف بين رسام وبلاس ولكن بدأت الحفريات بآن واحد وفي نقاط مختلفة من التل.مع تقدم الحفر إلى طبقات أعمق وتوسيع رقعة الحفركان الحظ حليف السيد رسّام الذي اكتشف السلسلة الرائعة من اللوحات المجسمة التي تصور صيد الأسد من قبل أشور بنيبال وكثير من الألواح والبقايا الأثرية التي شكلت قاعدة لإنشاء علم الأشوريات.تابع السيد رسام حفرياته في (قلعا شرغات) وفي خورسباد ونمرود، وكانت النتائج ممتازة حيث استمر بتسجيل النجاحات الباهرة التي بدءها مع السيد لايارد.
وكان القنصل الفرنسي بلاس أيضاً من الذين ساهموا بشكل فعلي في الكشف عن الكثير من الآثار.وخاصة بقايا القصوروالمباني ومخططاتها حيث اكتشف في خورسباد على مئة وستاً وثمانين غرفة جديدة من القصرالآشوري الذي كان سلفه (بوتا) قد اكتشف جزءاً بسيطاً منه.
أنهى السيدان رسام وبلاس أعمال الحفر في سنة 1854 بعد ذلك دخلت عملية الحفريات مرحلة جديدة في بلاد ما بين النهرين حيث بدأ البحث عن مواقع جديدة في الجنوب.
كما نلاحظ ما مر ذكره إن علم الأشوريات قطع شوطاً متقدماً في مجال البحث والوصول إلى إيجاد تفسير صحيح للصيغ الكتابية وفك رموز الكتابة المسمارية.نعلم عندما أصدر راولنسون مذكراته، كان كثيراً من رموز الأحرف المسمارية المكتوبة على الألواح الطينية قد شاهدت النور وأخرجت من تحت الأنقاض بواسطة الأثاريين في آشور وبابل.
آلاف المخططات التي اكتشفت تحت أنقاض مكتبة نينوى الشهيرة ساعدت الأخصائيين على هذه الرموز وإعطاء الحلول الصحيحة وأهم البقايا الذي قدم تسهيلات بالغة للباحثين في علم الأشوريات سجل الكلمات التي عثر عليها في أنقاض المكتبة أنفة الذكر.حيث تبين طريقة قراءة المقاطع,الكلمات كما اكتشفوا بعض الرموز أيضاً وطريقة القراءة الايديوغرافيا.
(- الايديوغرافيا (صورة أو رمز) تستعمل في نظام كتابي ما (الهيروغليفية الصينية) وتمثل شيئاً أو فكرة خاصة بهذا الشيء أو تلك الفكرة).
الطلائعي الحقيقي في علم الأشوريات كلاوديوس جيمس ريتش( Claudius James Rich) المولود لأبوين انكليزيين في فرنسا 1828- 1785).تم تعيين ريتش بعد انتهاءه من الدراسة 1802 كتلميذ ضابط في شركة شرق الهند (East India Company) في عام 1808 تزوج ابنة قاضي بومباي الفيلسوف السكوتلندي (جيمس ماكنتو (James Macantos)تجول في المنطقة سنوات عديدة وزار مدينة بابل مرتين إحداها في عام 1811 والثانية في عام 1817,أي بزمن ما قبل البدء بعمليات التنقيب المنظم.كان يجيد اللغة العربية والتركية نشر كثيراًعن الكتابات المسمارية وملحق خريطة أنقاض مدينة بابل ومخطط الآثار إذ قام بأولى الحفريات العملية وساعدة على ذلك تولية منصب القائم بالأعمال السفارة الأنكليزية في بغداد. نشر في عام 1813 (مذكرات على أطلال بابل (Memoir on the of Babylon وفي عام 1818 بـ (المذكرات الثانية) (Second Memoir) في صيف عام 1820 قام (ريتش) برحلة استطلاعية عبر جبال أشور.وأثناء تجواله في المنطقة كان يدوّن الملاحظات القيمة عن المواقع الأثرية الأشورية ويضع وصفاً دقيقاً عن حالة التلال ويسجل البراهين التي يشاهدها على آثار العصور القديمة.كما تفحص ريتش بإمعان شديد أطلال مدينة نينوى وكتب وصفاً رائعاً عما شاهده واختلجة مشاعره. وكان يساعد (ريتش) في عمله بحار يوناني قام بمسح المنطقة من أجل وضع خارطة نينوى والتلال المحيطة بها التل الجنوبي يسمى بـ (النبي يونس) أو النبي (يونان) لم يستطع ريتش إجراء دراسة عن هذا التل بل قام بكشف سطحي شامل للتل الأكبرمن بين تلال نينوى (كوينجيق) كما أبدى (ريتش) اهتماماً فائقاً بتل (قلعا شرغات) الذي يعرف بأنه موقع العاصمة القديمة لآشور.تصريحات ومؤلفات ريتش ألهمت الشاعر بايرون أيضاً وكان تأثيره واضحاً في مؤلفه بعنوان (دون جوان) 1821.مات (ريتش) مبكراً في عمر 35 عام بمرض الكوليرا في بلاد فارس,حينما قدم المساعدة اللازمة للمصابين من أهل شيراز.
جورج سميث (George Smith)
يعد من أحد الطلائعيين في علم الآشوريات وأعمال التنقيب في بلاد ما بين النهرين.وخلال فترة حياته القصيرة(1840-1876) لقد قدم الكثير من اجل تطور علوم هذا الفرع, بل كرس حياته من أجله, ولكن بدون أن يتخلى عن مغريات العمل السياسي والدبلوماسي.بدأ حياته العملية في صناعة النقود,وكان يمضي معظم أوقات فراغه في دراسة قسم آشور في متحف بريتش.الأهتمام الشخصي والتعليم الذاتي جعله أن يصبح وبعمر27 عاما يفسرمعاني الكلمات الآشورية الصعبة.وقد أشرقت الشمس عليه في ذلك اليوم الذي وقعت يده على أحدى اللقى في متحف بريتش في لندن التي أكتشفها لايارد في نينوى وهي عبارة عن قطعة من لوح مكتوب عليه.وكان عليه قصة الطوفان,وتبين بأنها جزء من ملحمة كلكامش.وكان ينقص من نهاية الوح خمسة عشرسطرا ولكنها كانت كافية بأن تهيج مشاعرالإنكليزفي كافة المملكةعندما تم نشرالخبر.وتبين للجميع بأن قصة الطوفان لم يكن الكتاب المقدس الأول الذي يذكرقصة الطوفان.حيث بدأت حمى السباق من أجل علم الآشوريات,إذ قامت دايلي تلغراف الجريدة اليومية الندنية بتبرع 1000 جنيه أسترليني لمتحف بريتش على قيامه بترجمة هذا الجزء الهام المكون من بضع سنتيمترات مربعة.وعلى أثر ذلك تم إرسال جورج سميث في عام 1873إلى”كوينجيق”من قبل متحف بريتش”للبحث عن الجزء الباقي المفقود من الوح أو “ملحمة كلكامش”وبعد خمسة أيام فقط من الحفريات التي أجراها في الموقع أكتشف الهدف,وهي بقية الوح المكسوروعليه الجزءالأخير من قصة الطوفان البابلي.ولذا أطلق عليه تسمية” مكتشف الأبرة في كومة البيدر”وفجأة نتيجة هذا الأكتشاف أصبح من أحد المشاهيرو,وقامت جريدة دايلي تلغراف بحملة كبيرة من الدعاية لتقرارسميث,وقد حصلت على عائدات مالية مربحة أكثر مما كانت منحته سابقا لمتحف بريتش.أن مصاريف إعمال التنقيب في كوينجيق قام بتمويلها متحف بريتش.وفي البعثة الثانية أكتشف أجزاء جديدة أخرى من “ملحمة كلكامش”.وأثناء البعثة الثالثة وفاته المنية وذلك في عام 1876 في التاسع من شهر آب وذلك بسبب مرض الديزنتريا الذي أصيب به هناك.وقد تم دفنه خلف أسوار قلعة حلب في سوريا في مقبرة الأرمن في الجزء المخصص للأنكليز.
نأتي في هذا التسلسل على شخصية أخرى كان له دورهام في ولادة علم الأشوريات الانكليزي(William Henry Fox Talbot) وليم هنري فوكس تالبوت(1800-1877 )توصل إلى نتائجه العلمية في مجال البحث في الأشوريات من خلال علم الرياضيات، واشتهر في مجال التصويرأيضاً.وكان صاحب براءة اختراع المسمى باسمه تالبوتيبيا (انعكاس الضوء التصويري).أنجز ترجمة التعويذة المكتوبة على لوحة مثمنة الأضلاع للملك سنحاريب والملك آشور أهيدينا إلى اللغة الإنكليزية.ونال شهرة فائقة بمبادرته التي طرحها وأصرعليها,على أن يجتاز علم الأشوريات الأختبار اللازم للتأكد من صحة الترجمات أوالتفسيرات ألتي قام بها العديد من الباحثين.
كان منطقياً بعد بلوغ هذا المستوى من المعارف وتعدد الآراء والباحثين.التأكد من صحة ومصداقية النتائج ومراقبة الحلول التي تم التوصل إليها بتفسير رموز الكتابة المسمارية حيث كانت قراءة أسماء الأعلام ما تزال تشكل صعوبة كبيرة.حاول البعض زعزعة ثقة الباحثين بأبحاثهم والنتائج التي توصلوا إليها ووضع العراقيل والشكوك حول النتائج التي توصلوا إليها.وقد أعترف راولينسون بأن الشكوك راودته في مرحلة ما بعد الهجوم الذي تعرض له من البعض,وأراد التوقف عن الأبحاث التي كان يقوم بها.ولكن العامل المشجع والحافزالقوي الذي تمسك به هؤلاء العلماء هوكثرة الكتابات التي أكتشفت وشاهدت النورأثناء حفريات التنقيب,وأخرجت من أعماق الأرض لتكون سندا وبرهانا قويا يتمسك به هؤلاء الباحثون.وأن يقاوموا كل الضغوط الممارسه عليهم , وأبدوا أستعدادهم والعمل الجدي على أجتياز الأختبار بنجاح.
لم يكن الوصول إلى فك الرموز وتقديم الحل السليم بعملية سهلة مطلقاً، كيف استنتج او توصل الباحث مثلا الى قراءة دقيقة لمقاطع الرموز التي كان يتم قراءتها بسهولة أحياناً.كالمجموعة التالية: آن – آغ – دو – شيش ,يجب تفسيرها علامة كلمة اي رموز كلمات سومرية.أن تفسير الكلمة السومرية يمنح قيمة لمقطع رمز الكلمة,مثلا علامة أورمز (آن )بالسومرية (دينجير) =(الإله) ورمز (أغ) قراءتها (نبو) إذاً العلامتان قراءتها (الإله نبو) و نيغ – دو قراءتها كودوروم (المولود البكر). (شيش) قراءتها (ناصاروم) معناها (يحمي )قراءة الجملة كاملة نبو – كودوروم – ري أوشور معناها (الإله نبو يحمي المولود البكر) كيف توصل الأخصائيين بتقديم الحلول المنطقية بتفسير الكتابات الأثرية المسمارية؟ كيف استنتج الباحث بانه اسم الشخص المذكور في اللوحة هو تلك الشخصية المشهورة المذكورة في التوراة نبوخذنصر يبقى موضع استغراب وأعجاب في نفس الوقت على الأبداع العلمي والمنطقي.
امتحان علم الأشوريات
مما تقدم نجد بأنه من الأهمية أن تحصل كل الجهود المبذولة وغزارة المعلومات المتراكمة.ونتائج البحث الشاق الذي وصل إلى درجات متقدمة بتفسير كثير من الكتابات التي كانت مجهولة للبشرية.بينما كانت هذه الكلمات والرموز التي تعبر عن الفكر الراقي في بلاد ما بين النهرين مهد الحضارة الإنسانية ومنها انطلقت أسس المدنية العالمية.أن تنال مكانتها اللائقة,أن تمنح وثيقة تشهد على عظمتها ليس على عظمة الحضارة, بل على ما اكتشف وأنار عهود سحيقة في تاريخ التطور الإنساني,لان عظمة حضارة بلاد الرافدين لا تحتاج إلى وثيقة. لان مستوى التطور الإنساني الذي تعيشه البشرية اليوم هو نتاج المستوى الراقي التي كانت عليه حضارة بلاد ما بين النهرين.
بعد المبادرة التي أطلقها (تالبوت) في هذا الخصوص نجده يقوم بالخطوات العملية بتنظيم طريقة الامتحان حيث يقوم بتاريخ 17 آذار عام (1857) (في مقر الجمعية الملكية الآسيوية) في لندن حيث وضع في ثلاثة مغلفات مختومة, ترجمته لاكتشافه الجديد مخططات (تغلاتي أبال إيشار الأول) واقترح مترجمين آخرين أيضاً هم (أدور هينكس) الايرلندي (1886 – 1792). وراولينسون الذين فكوا رموز الكتابة المسمارية. إضافة إلى هؤلاء دعي (جوليس أوبار) كان على المشاركين في هذا الامتحان أن يرسلوا نتائج عملهم أو أجوبتهم بتفسير الكتابات المسمارية. ضمن مغلف مختوم بتاريخ 25 أيار1857
عقدت اللجنة جلستها برئاسة (رئيس الجمعية الملكية الأسيوية) السيد (هوريكل هايمان ولنسون)
وفتحت المغلفات المختومة وتم مراقبة الحلول المقدمة من السادة المشاركين،وتبين التطابق التام للترجمة مع بعض الاختلاف البسيط جداً بخصوصية التعابيرالمستخدمة في بعض الأجزء.واتخذ قرارمن قبل اللجنة المشرفة باجتيازالامتحان بدرجة جيد جداً.حيث برهن الباحثون المشاركون في هذا النشاط,بان فك رموزالأحرف المسمارية أصبح حقيقة منجزة,لأنها أستطاعت تقديم نتائج باهرة وذات مصداقية عالية من الترجمة الصحيحة. هكذا كان ولادة هذا الفرع الجديد من العلوم “علم الأشوريات” الذي يدّرس في كثير من الجامعات العالمية في كافة بقاع الكون.وله المئات بل آلاف من الأخصائيين والمهتمين في مجال الدراسة والبحث والتدريس والتفسير في علم الأشوريات.
في نهاية القرن التاسع عشر أصبحت أخبارالكتابة المسمارية تشغل بال كثيرمن المهتمين،لأسباب مختلفة منهم من كان يبحث عن كنوز الماضي التليد،والبعض كان يريد تحقيق شهرة في هذا المجال،والبعض عشق البحث والتنقيب وإخراج منجزات إحدى أهم الحضارات العريقة من تحت الأنقاض لتكون ملكاً للبشرية وليطلع الناس على مستوى التطور الذي كانت عليه حضارة بلاد ما بين النهرين.بدأت رقعة البحث والتنقيب تشمل وتمتد إلى مساحات ومناطق جديدة بعد النجاحات الأولية التي تحققت في آشور ونينوى وبابل ومواقع أخرى.ومع نمو كمية الآثار المنقبة ازدادت المصاعب أيضاً أمام الباحثين.
حيث اكتشف بان المنطقة كان يسودها لغات أو لهجات متقاربة وأخرى مختلفة في حقبات زمنية متفاوتة،وأحياناً كانت تستعمل أكثر من لغة أو كتابة في حقبة زمنية معينة.استطاع الأخصائيون معرفة حقيقة اللغة الأشورية والبابلية بأنها لغة واحدة وهي لهجتان للغة الأكادية متقاربتان جداً.ويعود تسمية اللغة إلى مدينة (أغادا) أو (أكاد) التي شيدها الملك شاروكين الأكادي.ولكن هذه الازدواجية سببت متاعب كثيرة لأوائل المهتمين بعلم الأشوريات.منهم أوبيرت وراولينسون الذي سمى السومريون (بابلي سكينا) تسميتهم الأثنية أكاديين.ولكن أوبيرفي عام 1869 اعتبر اللغة السومرية خاصة بالشعب السومري.بقي النقاش سائداً بين الأوساط المختصة إلى أن تم التوصل إلى قناعة مشتركة بعد مضي عشرات السنين من الجدل.بأن اللغة السومرية والأكادية السامية لغتان مختلفتان.احد الأخصائيين البارزين في علم الأشوريات فريدريك ديلتزت (1922- 1985)يذكر في مقدمة كتابة قواعد اللغة الآشورية في عام 1889 يرفض كلياً مقولة أوبيرت (الساميين الأكاديين سيكون لهم الحق إذا نسبوا اختراع لغتهم إلى إلههم نبو وهذه الحقيقة،بأنه لم يذكر في أي مكان أبداً باستثناء الكاشيين شعب سومري – أكادي ثالث. وأخيراً يقدم موقفاً بأنه لم يكن وجود لهكذا شعب بينما نجد ليون هيوذي (Leon Heuzey) (1912- 1884) يصدرمؤلفه الكبير بعنوان (اكتشافات إيرنست دي سارذيك في كلديا) الذي يحتوي فقط على الكلمات السومرية وعلى صور التماثيل والمجسمات الجدارية ويلاحظ حتى الإنسان العادي الفرق الشاسع بينها وبين مثيلاتها السامية في نينوى أوخورسباد كما نجد إصدار مؤلف آخر في ذلك الوقت عن أنواع النصب السامية المعروفة ينشرها رودولف إيرنست برونو بعنوان (مسجل تنظيم… كل الرموز المسمارية….) الذي يعد إحدى المؤلفات الأساسية في علم الأشوريات. ويضم جميع المصطلحات السومرية المعروفة حتى ذلك الحين.
في عام 1907 يصدر كتاب فرانسوا شويارد – دانفين الفرنسي بالترجمة الفرنسية – والألمانية (سجل الكتابات الملكية السومرية والأكادية الذي كان بداية تحول رئيسي بخصوص الكتابة المسمارية السومرية.
وفي عام 1913 يصدر ديلتز سجل الكلمات السومرية. وفي العام التالي يصدر (أسس قواعد اللغة السومرية) هذه اللغة التي كان كثيراً من الأخصائيين يشك بحقيقة وجودها,وبهذ وضع حدا للجدل القائم حول اللغة السومرية,ولكن بقي التسائل قائما حول من هم السومريون.
المراكز العالمية لعلم الآشوريات
إلى جانب أهم الدول التي أهتمت تقليديا بحضارة بلاد ما بين النهرين وبعلم الآشوريات مثل بريطانيا وفرنسا وألمانيا بدأت تظهردول أخرى على الساحة الدولية,ومنها روسيا التي أبدت عناية فائقة بهذا الخصوص حيث قام السيد (ف. س غولينيسجق) و (أ.ب ريفتين) وآخرون مهتمين بعلم الأشوريات.هؤلاء وضعوا أسس المدرسة الروسية بعلم الأشوريات ذو الشأن الهام عالميا قبل الحرب العالمية الأولى،التي تعتمد على مجموعة كنوز الكتابات المسمارية الموثوقة والتحف الموجودة في متحف الأرميتاج في بطرسبورغ ومتاحف أخرى التي أشرف عليها (ي.م جاكنتوف) من الأوائل على الساحة الدولية.
ومن ثم بدأ الأهتمام وبشكل قوي يأتي من وراء المحيطات بحضارة بلاد ما بين النهرين.الكثير من المعاهد والجامعات بدأت بأبحاث مستقلة,وأصبح لكل واحد منه مجموعتة من الأحرف المسمارية.وفي وقتنا الحاضر يعد معهد الأستشراق في شيكاغو أحد أهم المراكزالمهتمة بعلم الآشوريات,حيث تم تحت رعايته أصدار القاموس الآشوري في جامعة شيكاغو الذي يعتبر أحد المصادر الهامة في علم الآشوريات الحديثChicago Assyrian Dictionary) ,), The Assyrian Dictionary of the Oriental Institute of the University of Chicago)
وبعد الحرب العالمية الثانية بدأ اليابان أيضا يبدي أهتماما بعلم الأشوريات, وأيضا إيطاليا حيث أجرت البعثة الإيطالية خلال عام 1933 تنقيبات في موقع (كاليزي) إلى الجنوب الشرقي من اربيل.لكن نشاطها توسع في مجال البحث والتنقيب في بلاد ما بين النهرين وسوريا وبشكل ملحوظ بعد الحرب العالمية الثانية.وفيما بعد بولونيا، يوغسلافيا,فنلندا,الدنمارك,سويسرا,استراليا,هولندا.وبعض الدول من مجموعة الدول الآشتراكية سابقا مثل هنغاريا وجيكوسلوفاكيا.
علم الآشوريات الجيكي
كل أكتشاف جديد يعني المزيد من الكتابات والوثائق الجديدة,وهذا يأتي بمزيد من التسائلات والقضايا التي تجذب أهتمام ليس فقط الباحثين التقليديين في علم الآشوريات وأنما أهتمام دول أخرى لم تكن حاضرة عند نشأة هذا العلم,الكثير من الدول ومنهم دولة جيكوسلوفاكيا سابقا يسعون لتعويض النقص ومواكبة التطور الحاصل في هذا المضمار.ويمكننا القول ان الباحثين الجيك كانوا تقليديا مهتمين ومنذ القدم بتاريخ الشرق القديم ,وذلك بألهام من الكتاب المقدس,حيث يظهرذلك في مؤلف الوقائع الصادرعن” كوسما” في بداية القرن الثاني عشر,وكذلك مؤلف الوقائع الصادرعن “داليميلوفا” في القرن الرابع عشر,ولاحقا في زمن مبكر من إنطباعات وملاحظات الزوار إلى المنطقة.ومن هؤلاء الزوار الأوائل الراهب الجيكي “فرياولي اولدريج” في القرن الرابع عشر,حيث يأتي في كتابه الصادرعن رحلته باللغة اللاتينية عن برج بابل, وكذلك مارتين كاباتنيك في كتابه الصادر باللغة الجيكية في بداية القرن الرابع عشر يقدم وصف عن رحلته الطويلة عبر القسطنطينية وآسيا الصغرى وسوريا وفلسطين ومصر,وفي عام 1608يصدركريستوف هاران وصفا عن زيارته بعنوان”رحلة من مملكة الجيك إلى البندقية ومنها إلى الأراضي المقدسة,إلى أرض يهودى ومنها إلى مصر.كما قام جوزف فونتش برحلة إلى منطقة الشرق الآوسط حتى بحيرة ” فان” وجلب معه من هناك لوح وعليها كتابة مسمارية تشبه الكتابات المسمارية في بابل, وقد أهدى هذه اللقى إلى متحف نابرستك للفنون الشعبية.وقد أسس يارومير براتسلاف كوشوت علم الأبحاث الشرق القديم في جيكوسلوفاكيا, وكان قد حصل على درجة الدكتوراه بعمر خمسة وعشرون عاما عن ابحاثه في اللسانيات الشرقية في عام 1879 وبعد عام توفي في سن مبكر.وقد تابع مسيرة الأبحاث في اللسانيات الشرقية رودولف دوفارك الذي حصل على درجة الدكتوراه وهو بعمر ثلاثين عاما,وذلك في عام 1890وأنصب جل أهتمامه وبشكل خاص على بلاد ما بين النهرين. واستمرت مسيرة التقدم والأهتمام بعلوم الشرق القديم.وقد أنخرط العديد من الباحثين في هذه البحوث ومع تقدم الزمن أزدادت أعدادهم ومنهم البرفسور بيدريتش هروزني الذي فسر كتابة الأحرف الحثية.وكذلك اللاهوتي البروفسور فاتسلاف هازوكات مدرس علم الآشوريات والساميات ومنذ عام 1911ركز في أعماله على العلاقات الأجتماعية والأقتصادية والقوانين السائدة آنذاك في بلاد ما بين النهرين.
وأخيراً حول علم الأشوريات في موطنها الأصيل العراق وسوريا.هذان البلدان ورثا حضارة بلاد ما بين النهرين بعد حصولهم على استقلالهم الوطني.كما أبديا اهتماماً كبيراً للتحريات الأثارية وبدؤوا تقنيات مدروسة على أسس علمية صحيحة للكشف عن ماضيها التليد.إلى درجة أنهم يعتبرون علم السومريات والأشوريات من علومهم الوطنية ويرون في هؤلاء الأمم أسلافهم.وتقوم هذه الدول بإعداد وتهيئة الكوادرالوطنية المختصة في علم الآثار ولها فروع في جامعاتها بغية تخريج طلبة أخصائيين يعتمدون النهج العلمي في البحث والتنقيب.ويقوم هؤلاءالكوادرالوطنية بعد تخرجها وإنهاء دراساتها من القيام بالمهام المناط إليها وتنفيذها بالشكل العلمي الدقيق.ولعبت دوراً بارزاً في الكشف والحفاظ وحماية الكنوز الأثارية من التلف والضياع.وما زال أمام الكوادرالوطنية الكثير من المهام والوظائف الشاقة في مجال التنقيب وتفسيرأوترجمة الكتابات المكتشفة ونشرها,وفصل أبحاث علم الآثاروالتنقيب عن مجريات الحياة السياسية السائدة في البلد.أن الأثار القديمة لهذين البلدين تعرضا للنهب والسرقة ودمار الحروب,وعدم صيانتها وحمايتها من عوامل الطبيعة, وتجارالأثار والناقمين على القيم الحضارية الإنسانية.يعد المتحف الوطني في بغداد الذي شيد في عام 1924 من المتاحف المشهورة عالمياً بغناء كنوزه الأثارية.(قبل تعرضه للنهب والسرقة والتخريب الممنهج من قبل الأعداء في الداخل والخارج)
ويضم متحف دمشق وحلب روائع أثارية نفيسة اكتشفت في أوغاريت،ماري،تل حلف، إيبلا وبقية المواقع وتعد هذه الكنوز ثروة وطنية حضارية تراث للإنسانية جمعاء تحفظ لنا قيم أسلافنا المادية والروحية من العهود الغابرة.
علم الآشوريات يرتكز على وقائع تاريخية فعلية وبراهين حسية ملموسة بكم هائل من المصادر الثقافية,والآثارالعظيمة التي تخلد ذكرى تلك الحضارة العريقة وكنوزمادية وفنية وعمرانية متنوعة, وحقائق علمية مدعومة باللغة المكتشفة على الألواح أثناء عمليات التنقيب في بلاد ما بين النهرين على أرض آشور وبابل وفي الجزيرة السورية وفي شرق وجنوب شرق تركيا.
2015-12-22
المصادر
1-J. Klima , Mezopotamia,1976
2-P.Schnabel ,Berossos und die babyl._ hellenist Literatur , 1923
3-S.A. Pallis , The Antiquity of Iraq ,1956
Historia religions veterum persarum , 1700
4-D.J. Wiseman , The Expansion of Assyrian studies , 1962
5-R. Hasse , Einfuhrumg in das stadium keilschriftl , Rechtsquellen , 1965
6-R.Labat,1973, Comtes rendus _ Academie des In-script-ions et Belles – letters cuneiform texts from Babylonian Tablets…in the British museum
7-L.Messerschmidt , Die Entzifferung der nKeilschrift,1910
8-R.Borger, Reallexikon der Assyriologie und Vorderasiatischen Rrchä-;-ologie III(1975-1971)
9-W.Meyer ,G. Fr. Grotefends erste Nachrich von seiner Entzifferung der keilscrift
10-H.Schmö-;-kel, Wiederkehr einer verlornen Handscrift,Frankf.All.Zt.1974.XII.30
11-J. Oppert , Journal Asiatique ,18 ,1851
12-J.Menant , Manuel de la langue assyrienne,1890, S.A.Palles
13-C.Bezold, Zeitschrift fur Assyriologie,1905-6, 169
14-A Royal Asiatic Society 1857 of may ,29 Inscrptions of Tiglath Pileser I,King of Assyria -;- B.C.1150 as Translated bay Sir Henry Rawlinson , Fox Talbot-;- Dr.Hincks an Dr. Oppert ,Jelek es Csodak , Budapest,1962
15-Martina Kabatnika utja Csehorszgbol Jaruzsembe es Kairoba az 1491-92
16-Kristofa Haranta es Bizdruzic ,utazas a cseh kirlysagbol Velencebe, majd innen a szentfö-;-ldre, Judea fö-;-ldjere es tovabb Egyeptomba ,1855
17-J.Klima , Archiv Orientalni , 1954 , 20
18-B.Hrozny , Ö-;-neletrjazom diohejban ,venko v , 1931 I.I
19-L.Matous ,Letunt kulturak nyomaban,1949
20-L.Hajek ,Az okori mezopotamia muveszete a baghdadi Irak , Muzeum gyujtemenyeben , 1973
21-J.Hermanova- novotna , No 24, 1969
22- M.Verner ,No,24 , 1969
23- V.Soucek , Bevezetes az ekirasba es a babiloni nyelbe , 1972
24- I.J. Gelb , Von der keilschrift zum Alphabet,1958
25-K. Oberhuber ,Die kultur des Alten Orients ,1972
26-S.N.Kramer ,The sumerians,their History,culture and character , 1963 ,29
27-Athanasios Kircher 1678 ban kiadta fejtegetseit a , Babel tornyarol
28-C.J. du Ry, Art of the Ancient Near and Middle East, 1969
29C.W.Ceram ,Ruhmestaten der Archä-;-ololgie,1965
30-P.Pottier ,Catalogue des Antiquites Assyriennes,1924
31-A.H.Layard,Auf der Suche nach Ninive(H.Schmö-;-kel translated ,1965
32-J.E. Taylor, Notes on the Ruins of Muqeyer,JRAS ,25,1855
33-E.Sollberger , The Babylonian Legend of the Flood ,1962
34-M.A. Beek ,Bildatlas der babyl –assyr. Kultur , 1961
35-H.Keiser ,Die Stadt der Grossen Gö-;-ttin , 1967
36-E:Klengel-Brandt , Reise in das Babylon,1970
37-E:Unger , Babylon , die heilige Stadt nach der Beschreibung der Babylonier , 1931
38- W.Hinz , Das Reich Elam , 1964
39- Sir L: Woolley ,A Forgotten Kingdom, 1953
مراجع أخرى
هنري ساغس ,جبروت آشور الذي كان , ترجمة الدكتور آحو يوسف-1
-2_ سيمو باربولا, الآشوريون بعد سقوط بلاد آشور.قدم البحث في المؤتمر الآشوري ,لوس أجلس 4 أيلول-2 1999,ترجمة زكاي ننوايا
3_جرجس فتح الله مباحث آشورية , تاريخ ما أهمله التاريخ, 1996
من مقالات الكاتب
http://www.ahewar.org/m.asp?i=2095
http://www.ankawa.com/forum/index.php?action=profile-;-area=showposts-;-u=24802

د.جميل حنا

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الارشيف, كتب , تاريخ. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.