حقيقة الكلدان في آخر الزمان!

بقلم آشور بيث شليمون
حقيقة الكلدان في آخر الزمان!

25/ 01 / 2015
http://nala4u.com

        ( الكلدان: هذا الشعب لم يكن، أسسها آشور لأهل البرية – اشعياء 13:13)

لقد استرعى انتباهي مقال كتبه الاخ جاك يوسف الهوزي حول وجود الكلدان ولغتهم والى ما هنالك.
إن الأخ الهوزي، في كتابته هذه عن الكلدان ، لنا ان نسأل  منه أولا، عن أي – كلدان – يكتب؟! إذا كان يكتب عن الكلدان القدامى، فهذا أمر مغاير تماما، كون  أولئك الكلدان مع الأسف الشديد لم يبق لهم أثرا اليوم وكان من أواخر الشخصيات التي دافعت عنهم وهو – ابن وحشية الكلداني النبطي من القرن الثالث الهجري( 1 ) كونهم انصهروا وذابوا في المجتمع العربي الإسلامي عن بكرة أبيهم.

أما إذا كان يكتب عن عما يسمى – كلدان اليوم – وهم في الحقيقة آشوريون و سكان الشمال الآشوري ܡܬܐ ܕܐܫܘܪ، ومنهم  البعض الذين مع الأسف يتبنون هذه الفكرة الميتة منذ الولادة، كونهم آشوريون ودخلوا الكاثوليكية بطرق مختلفة من الإبتزاز والتهويل من قبل الكنيسة الرومية الكاثوليكية، مع احترامنا لها ومنهم عائلة الأخ جاك يوسف الهوزي وغيره الذين وقعوا في شرك الكاثوليكية لتمزيق شعبنا الآشوري اليوم كي نكون لا شيء، بينما هم – كلدان البابا – الأكثرية في بلاد آشور بفضل ألاعيب البابا الروماني من خلال – القصادة الكاثوليكية ( 2 ) – في وقت لا وجود لهم البتة كما نوهنا أعلاه  في ديارهم اليوم، والتي هي مهزلة العصر.

 والأنكى من ذلك يدعون بالكلدانية وبانقراض الآشوريين او فنائهم عن بكرة أبيهم ( طبعا بعد 1991 وتحديدا 2003 ) من قبلهم وحلفائهم  الميديين، بينما هم  – الكلدان القدامى – لا وجود لهم البتة في ديارهم الأصلية، في الحقيقة هي أيضا نكتة العصر بحد ذاتها !

الحقيقة الواضحة وضوح الشمس في رابعة النهار، ان في الشمال لم يوجد ذكر ما
يسمى – الكلدان – قبل 400-500 سنة خلت ولكن نجد – الآشورية –  موجودة لدى الشعب الاشوري رغم طغيان المفاهيم المسيحية على الفكر الآشوري ونقول 
 على سبيل الذكر لا الحصر – طاطيان الآشوري من القرن الثاني الميلادي، ماري نارساي الملفان من القرن الخامس الميلادي  والعلامة كوركيس وردا الآربيلي ( ؟ – 1225م ) وحتى ماري عبديشوع الصوباوي( ؟ – 1318 م )  ومن الكتاب حتى وصفوا شعبنا الآشوري بالشوفينية الآشورية من خلال هذه العبارات التي تؤكد وجودهم وفخرهم بآشوريتهم :

” … كان هذا يعني أن الآشوريين كانوا موحدين قبل المسيح ومسيحيين بعده، والماضي بالتالي قاد نحو الحاضر دون أي شرخ. وهكذا فتاريخ كارخا دي بيت سلوخ يبدأ بالملوك الآشوريين وينتهي بالشهداء الآشوريين: سركون أسسه(89) والشهداء جعلوه «حقلاً مباركاً للمسيحية»(90). يشبه ذلك أنه في القرن السابع قبل المسيح وقف العالم كله مرعوباً من ساردانا(91)، وفي القرن السابع بعد المسيح احتل القديسون مكانه باعتباره «شمس آثور» ܫܡܫܐ ܕܐܬܘܪ  و «مجد نينوى»9 ܘܚܩܪܐ ܕܢܝܢܘܐ..” ( 3 )

ان الغريب العجيب في أمرنا اليوم كي نكون ضحية بعض الأفكار الوهمية التي يتداولها إخوة لنا ممن يتبنون القوميات الجديدة – الآرامية والكلدية – التي لم يكن لها أثرا قبل أكثر من 10-15 سنة خلت، والأنكى من ذلك كي تطمس حتى بالوجود القومي الآشوري برمته وفي عقر داره  بدون هوادة الذين أسسوا أكبر حضارة وامبراطورية في الهلال الخصيب في وقت هم يعتمدون على وجودهم بالمراجع الآشورية نفسها  يا لها من سخرية القدر؟!
حقيقة، هم شعوب ثانوية دخلت بيث نهرين ( 800-1100 ق.م. ) بالنسبة للشعب الآشوري البابلي  ووجودها فيما إذا وجد فقد كان مجرد سحابة ربيع فيما يسمى اليوم العراق/ ميزوبوتاميا/ ܒܝܬ ܢܗܪܝܢ او كما عرفها المؤرخ الإيطالي ساباتينو موسقاطي بسقوط شهب ( 4 ) .

الشعوب الأولية لما يسمى لبيث نهرين في القديم

إن الشعوب الأولية فيما يسمى بيث نهرين ܒܝܬ ܢܗܪܝܢ او ميزوبوتاميا هم : السومريون ( وهم شعب غير سامي ) في الجنوب والشعوب السامية مثل الأكاديين، الآشوريين والأموريين في الوسط والشمال.
وقبل ذلك كانت مرتعا غير دائم لشعوب غير سامية مثل، السوباريين، الحثيين، الهوريين والميتانيين، ولكن هؤلاء بعد ظهور القوة العسكرية الآشورية التي استطاعت دحرها ومن ثم طردها كليا من المنطقة .
أما حوالي ( 800- 1100 ق. م. ) كانت هناك هجرة داخلية من الهلال الخصيب ذاته لشعوب سامية  بدوية اتجهت شرقا من وسط بلاد الشام/ سوريا مثل الآراميين والكلديين .
إن هذه الشعوب كانت مصدر قلق لبابل وكذلك لبلاد آشور، ما دعا الملوك الآشوريين من ترويضهم إثر حملات عسكرية وبموافقة بابل ذاتها وللمزيد حول الموضوع يرجى قراءة مقالي على الرابط أدناه:
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=763851.0
لغة الشعوب الأصلية في الهلال الخصيب

كثر الحديث في الأونة الأخيرة حول لغة هذه الشعوب السامية التي كان موطنها الهلال الخصيب.
والمستشرقون في دراساتهم وإكتشافاتهم للمنطقة واستنادا الى الكتاب المقدس – التوراة العبرية – كونهم من أبناء سام (  سفر التكوين، الأصحاح 10: 21- 24) رأوا  ان تعد لغة سامية وأول من  استعمل هذا الإصطلاح هو العالم شلوتسر / Schlozer  في ابحاثه وتحقيقاته في تاريخ الأمم الغابرة سنة 1781 ميلادية .
ولا غرو باستخدام هذه التسمية، رغم أنها في الحقيقة لا صدق فيها بتاتا بل فيها كثير من الترهات وعلى سبيل المثال، في ذكر ابناء ( سام ܫܝܡ )  يعد آشور  ܐܫܘܪ جد الآشوريين الإبن الثاني لسام، بينما في الحقيقة يجب ان يكون الإبن الأول، والسبب في ذلك هو ان – عيلام، وفق التوراة هذه يعد الاول، بينما هو لا يمت بالسامية وكذلك التوراة تعد الشعب الكنعاني من الشعوب الحامية، بينما هم ساميون .
كما من المعروف أن هذه الشعوب ( شعوب الهلال الخصيب ) المنضوية تحت التسمية السامية مع العرب والأحباش تعتبر لغتهم تقريبا ذات أصول واحدة ومتقاربة بعضها ببعض والقرابة الأكثر تكمن في شعوب الهلال الخصيب اي ما بين الآشوريين البابليين، الكنعانيين الفينيقيين، الإيبليين والاموريين والكلديين الآراميين.
وبصورة مختصرة هؤلاء جميعا كانوا ينطقون لغة مفهومة للجميع ما عدا بعض الفروقات المحلية نظرا للتاثيرات المحيطة بهم من خلال دخول بعض المفردات الاجنبية وعلى سبيل المثال من كلمات دخلت في اللغة الأكادية البابلية الاشورية .
وهناك نقطة مهمة في الموضوع، أن كثيرا من الدارسين والباحثين وخصوصا من أبناء شعبنا يعولون طغيان لهجة على لهجة أخرى، وعلى سبيل المثال – اللغة الآرامية التي تعد اللغة التي سادت في المنطقة بعد أفول الشعب الآشوري البابلي، واللغة التي تحدث بها السيد الرب.
من دون شك كل هذه التكهنات لا صدق فيها أطلاقا، إن الاشوريين، البابليين ولا حتى الكلديين نطقوا بما يسمى اللغة الارامية، بل باللغة الواحدة التي توارثوها وهي اللهجة البابلية الآشورية والكلدية . كما ان هذه الشعوب لم تستخدم الخط – الآرامي – كما يزعم البعض والاراميون في كل حياتهم لم يساهموا في حضارة الشرق الأدنى بشيء ( 5 ) وفق المؤرخ جورجيوس روو في كتابه – العراق القديم.
إن البابليين والآشوريين، وقبلهم الكلديين استخدموا الخط المسماري حتى ايام سقوط امبراطوريتهم ، كما والجدير بالذكر لا ننكر محاولتهم إستخدام الخط لا الآرامي، بل الخط الكنعاني ولكن في مع الاسف لقد فاتهم الزمن بافول سلطانهم، واليوم لا تجد أي وثيقة لا من قبل الآشوريين ولا حتى من البابليين والكلديين معا باللغة الارامية (  6 ) واكبر مثل على ذلك مكتبة آشور بانيبال العملاقة لا تحوي سطراواحدا بالكتابة                                                            المزعومة الارامية رغم انها تحوي أكثر من  26000  لوحة كتابية قرميدية والتي سميت لاحقا بإبن العبري ܓܪܝܓܘܪܝܘܣ ܒܪ ܥܒܪܐ ( 7 ) بالقلم الحبري ܟܬܝܒܬܐ ܟܘܡܪܝܬܐ أي اللغة الآشورية البابلية والكتابة المسمارية .

والخلاصة، كل هذه الشعوب في بيث نهرين كما ذكرنا اعلاه تكلمت ونطقت لغة سامية واحدة وقريبة جدا بعضها ببعض – إلا في بعض الأحيان – حيث حتى اللغات الواحدة تختلف من منطقة الى اخرى – والتي تعد عندها لهجة .
وأود تاكيد القراء الأعزاء، ان لا يتوقعوا ان يدركوا هذه اللغات القديمة مائة بالمائة ولكن اؤكد لكم نظرا لخبرتي حيث في متناولي الكتب العديدة في الموضوع اللغوي هذا بوسعي أدراك قسما كبيرا منها.
ومن المعروفن، أن اللغات تتطور وكثيرا ما تبتعد عن المصدر الأصلي حيث في كثير من الأحيان يلجأ البعض في استخدام المعاجم اللغوية، وهذا ليس عيبا لنا فيما إذا كنا امام لغة عمرها زهاء 3000 سنة وهو الامر نفسه في اللغات الأخرى وعلى سبيل المثال – اللغة الإنكليزية  حيث يقول عالم لغوي Leon Bloomfield  [color=red ( 8 )  [/color   أن لغة القرن التاسع للغة الملك ألفرد الإنكليزية تبدو كلغة أجنبية والت تحتاج الى معجم لغوي .
ختاما، بوسعنا أن نسمي لغتنا – آشورية – ما دام هناك شعب مؤمن بآشوريته وهو موجود في الشمال العراقي اليوم، وكذلك لغة –آرامية وهي موجودة في معلولا والعاصمة دمشق ، ولكن لا وجود لغة كنعانية، إبلية، امورية وكلدية، بسبب عدم وجود مثل هذه الشعوب في مناطقها الجغرافية المعهودة.
واليوم إخوتنا من ابناء الطائفة التي تسمى مع احترامي زورا وبهتانا بالكلدانية، ليس لهم قضية كونهم  لا وجود لهم بذوبانهم في المجتمع العربي الإسلامي في جنوبي العراق ، اما الذين يدعون – الكلدانية – في بلاد آشور هم يتحدثون اللغة الآشورية اسوة بباقي إخوتهم الآشوريين النساطرة وكذلك الامر لما يسمى السريان.
إن ما يسمى – الكلدان- أرادوا ادخال التغيير في لغتهم الآشورية، بنطق الحرف الثامن وهو ( ܚ ̱/ خاء ) كالعربية – حاء ولكن فشلوا فشلا ذريعا لأن شعبنا الابي لا يزال ينطق ذلك الحرف خاء آشورية وهو امر موجود في اللغة الآشورية القديمة ( 9 ) وكذلك نشكر الإخوة اليعاقبة الذين كانوا شوطا الى الامام بإدخال اللهجة النطقية الآشورية البابلية القديمة وهي حالة الرفع – الضمة في آخر  الكلمة وهنا العلامة تيودورس بركوني/ ܬܐܕܘܪܘܣ ܒܪ ܟܘܢܝ عندما نوه أن لغتنا اتجهت غربا.

……………………

( 1 ) هو أبو بكر أحمد بن علي بن قيس بن المختار المعروف بابن وحشية النبطي والكلداني والكسداني ،    مجهول المولد والوفاة ، وإن كان بعضهم قدّر وفاته أنها بعد سنة 318 أو قريباً من سنة 350 هـ ، غير أن الراجح بقرائن عدّة أنه عاش في النصف الثاني من القرن الثالث الهجري . كان عالماً بالفلاحة والكيمياء والسموم والفلك والأقلام القديمة والسحر والحيل وغيرها ؛
http://www.ladeenyon.net/forum/viewtopic.php?f=176&t=25737

( 2 ) القصادة الرسولية الكاثوليكية، هي بالحقيقة تمتلك أمور ما يسمى الكلدان، والبطريرك في هذه الحال ليس في يده أي سلطة أو قرار بدون موافقة هذا الجهاز الذي له ادوار قذرة مع الأسف في معاملة شعبنا الآشوري والتآمر عليه من خلال السلطات المحلية أو حتى الأجنبية والفرنسية مثالا. 
لكي تعرفوا المزيد عن هذا الجهاز، يمكنكم قراءة مقالي الموسوم : تعالوا معا لإكتشاف  قصة إغتيال المطران منا.


( 3 ) الهاجرية كتاب باللغة الإنكليزية ومعرب من قبل الأستاذ نبيل فياض الكاتب السوري المشهور لمؤلفيه باتريشيا كرون ومايكل كوك
    Hagarism, the Making of the Islamic World- by Patricia Crone and Michael Cook-Cambridge University Press, London – U.K. 1980 p 57-58

( 4 ) Sabatino Moscati , The Face of the Ancient Orient- A Doubleday Anchor Book 1962 , p 68
“ The crises of Assyria is followed by the renascence of Babylonia under the Chaldean dynasty, a brief meteoric episode.”
( 5 ) Georges Roux , Ancient Iraq – New Edition , Penguin Books 1992, p 275
“ Whether merchants, peasants, shepherds, soldiers, or bandits, the Aramaeans were originally uncouth Bedouins and contributed nothing to the civilization of the Near East-.”
بما معناه: الآراميون، سواء كانوا تجار، فلاحين، رعاة، جنود، او قراصنة / قطاعي الطرق كانوا أصلا بدوا غير مؤهلين ولم يساهموا في حضارة الشرق الأدنى بشيء.
( 6 ) Samuel A.B. Mercer , Assyrian Grammar – Fredrick Ungar Publication Co, New York 1962
كتاب قواعد اللغة الآشورية ، يحوي نصوص بابلية ( لحمورابي ) وآشورية ( للملك آشور بانيبال – غزو مصر ) وكذلك ( للملك نبوخذنصر – دعاء للإله مردوخ ) كل هذه النصوص باللغة الأكادية البابلية الآشورية والكتابة المسمارية.

( 7 )  راجع تاريخ الدول لإبن العبري طبعة بيجان ص 164

(  8 ) Leonard Bloomfield, Language – The University of Chicago 1984 , p 281

( 9 ) البروفيسور أ. ولفنسون، مدرس اللغات السامية في الجامعات المصرية في كتابه تاريخ االغات السامية ص 235 من ملاحظات وتحقيقات .

آشور بيث شليمون

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الارشيف, المقالات واللقاءات. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.