الآثوريون كانوا شعبا مقاتلا شجاعا مؤمنا بشهادة كافة المؤرخين

بقلم اللواء بولص مالك خوشابا
الآثوريون كانوا شعبا مقاتلا شجاعا مؤمنا بشهادة كافة المؤرخين

24 / 02 / 2014
http://nala4u.com

ألآنسحاب العام للعشائر ألآثورية نحو شمال ايران :
بعد ان قرر رؤساء العشائر ألآثورية في المؤتمر الذي عقدوه برئاسة قداسة الشهيد مار بنيامين للانسحاب من هكاري الى شمال ايران تم وضع خطة ألآنسحاب التي تعتبر من الوجهة العسكرية من اعظم الخطط التي يمكن بها سحب امة تعدادها مائة الف نسمة ما بين طفل رضيع ونساء ورجال مسنين بحماية رجال مقاتلين اشاوس لا يملكون من السلاح والذخيرة الا القليل قياسا بما يملكه عدوهم … كان من المفروض ان يسلك ألآثوريين في انسحابهم الى شمال ايران الاتجاه الشرقي كاقصر طريق يوصلهم الى هدفهم المنشود ولكن تحشد القوات التركية والكردية وباعداد هائلة في الشرق لجأ ألآثوريين الى تطبيق خطة محنكة في القيام باعظم عملية تملص من الطوق الذي فرضه ألآعداء عليهم وذلك في القيام بالانسحاب من جهة الغرب خارج توقعات الاعداء ومن ثم القيام بعملية التفاف واسعة للوصول الى شمال ايران بعد التخلص من الطوق المفروض عليهم وكذلك برزت حنكتهم في تقسيم الامة والمقاتلين الى قسمين للاسباب التالية :
1/ في حالة وقوع الاثوريين في كمين معادي وهي مجتمعة تتم ابادتها عن بكرة ابيها اما في حالة تقسيمها الى قسمين فوقوع قسم في كمين معادي قد تكون فرصة للنجاة للقسم ألآخر ….
2 / ان طريق الانسحاب كان وعرا تتخلله جبال شاهقة ووديان سحيقة فكان من الصعب تسيير امة تعدادها مائة الف نسمة في طرق نيسمية جبلية وكان من الافضل تقسيمها لتسهيل زحمة السير ….
3 /ان موارد مياه الشرب كانت العيون المنتشرة في المناطق الجبلية وارواء اعداد هائلة من البشر كان سيعيق تقدم الاثوريين اكثر ….
4 / المسير على جانبي الزاب امن لهم جناحي القسمين …

الشهيد مار بنيامين

باشر مائة الف نسمة من العشائر ألآثورية في هكاري في تركيا بانسحاب عام نحو شمال ايران بتاريخ 3 / ايلول / 1915 اي بعد شهر واحد من عودة المارشمعون بنيامين والوفد المرافق له المتكون من مالك خوشابا والاسقف ماريوالاها بحماية 60 مقاتلا من مقاتلي مالك خوشابا من الرجال المنتخبين الشجعان … وكان ألآثوريين في قمم الجبال ينتظرون صدور الاوامر اليهم عما سيؤول اليه مصيرهم وهم على ابواب الشتاء القاسي في تلك المناطق الجبلية التي يبلغ ارتفاعها 12 الف قدم وكانوا محاصرين من قبل الاعداء من كل الجهات باستثناء الجهة الغربية وبدون ان يملكوا من السلاح والذخيرة الا النوع القديم منها . ولم يكن لديهم من الطعام عدا لحوم اغنامهم وحليبها وكانوا يحصلون على القمح بقيامهم بغارات على القرى المحتلة من قبل الاكراد اذ كانت جميع قراهم قد احتلت واحرقت ما عدا قرى عشيرة تخوما ووادي سليبكان من تياري السفلى .وفي يوم 3 / ايلول / 1915 بعد هجوم كاسح من قبل القوات التركية والعشائر الكردية على عشيرة تخوما وتمزيق شمل مقاتليها تحركت العشائر ألآثورية برتلين احدهما من طال وألآخر من ديز متجهين نحو الغرب بينما كانت القوات التركية والكردية منتظرة خروجهم من معاقلهم الجبلية باتجاه الشرق باعتباره الطريق ألاقصر المؤدي الى الحدود ألايرانية . الا ان قادة ألآثوريين غيروا اتجاه سيرهم من الشرق الى الغرب بحركة التفافية بارعة بحيث تمكنوا من الخروج من الطوق المفروض عليهم من قبل الاتراك والاكراد من الناحية الشرقية ثم اتجهوا بعد ذلك نحو الشرق فتقدم رتل طال المؤلف من عشائر باز وديز وطال وبقايا عشيرتي جيلو وتخوما بقيادة مارشمعون بنيامين وسار بمحاذاة الزاب من ضفته اليمنى بعد ان عبره من جسر خشبي . اما رتل ديز المؤلف من عشيرة تياري السفلى وتياري العليا والبرواريين فكان يسير على يسار رتل طال , وكانت الاجراءات الامنية قد اتخذت لحماية سير الرتلين بوضع حماية من المقاتلين في مقدمة ومؤخرة وميمنة وميسرة هذين الرتلين السائرين في تلك المناطق الوعرة حتى وصلا الى قرية قطرانس في برواري العليا بعد مسيرة يومين حيث التقى الرتلين هناك وبقيا فيها ثلاثة ايام للاستراحة وبعدها تقدم الجميع في رتل واحد نحو باشقلعة القريبة من الحدود الايرانية والواقعة تحت الاحتلال الروسي , وعند تقدم الرتل في طريقه داخل الجبال والوديان بوغت برمي شديد من كمين نصب من قبل الجندرمة التركية والعشائر الكردية تحت قيادة خورشيد اغا وغيره وبقوة تقدر باكثر من 4 آلآف مقاتل فوقع رعب وخوف شديدين بين تلك الحشود البشرية وتراجعت الى الوراء مذعورة مثل الامواج المتلاطمة متوقعة اسوا العواقب ومنتظرة النهاية الماساوية في تلك الوديان السحيقة على يد من لا يرحم الطفل الرضيع او الشيخ العجوز او المراة المسنة وفي تلك الظروف الحرجة والمصيرية انبرى مالك خوشابا على راس قوة من رجاله الابطال وتسلقوا الجبال وهاجموا القمم المحتلة من قبل كمين الاعداء وبضربة جريئة وخاطفة تمكنوا من تمزيق القوة المعادية والحاق الهزيمة بها وقتل رئيسها وعدد كبير من افرادها ثم فتح طريق الامل والخلاص امام الامة الاثورية مرة اخرى نحو الحدود الايرانية …

مالك خوشابا

ويقول كل من (الدكتور ويكرام في كتابه مهد البشرية ص 335 ) والقس شموئيل داؤود في كتابه (التاريخ القديم والحديث للآثور_ كلدو) ص 177 والقس يوسف نعيم في كتابه (هل تموت هذه الامة) ص 275 ويوناثان بيت سليمان في كتابه (ألآثوريين في عهد المسيحية) ص120 _ 121 بانه ( تمكن مالك خوشابا بطل حرب الجبال والاسد التياري بقوة صغيرة ان ينتصر على قوة العدو وينقذ ألآثوريين ويفتح الطريق لهم نحو ايران مع العلم انه لم يفقد في هجومه هذا سوى 6 رجال كما استشهد القس انويا البازي الذي كان من الرجال الاقوياء الشجعان برصاصة طائشة بعد تلك المعركة) . ثم واصل الرتل سيره حتى وصل الى منطقة فيها بعض القبب مغطاة بصفائح معدنية حيث استراح ليلة واحدة ثم واصل سيره نحو باشقلعة وفي الطريق استقبل من قبل دوريات الروس الخيالة حينها عمت الفرحة الجميع على امل انهم وصلوا الى شاطيء السلامة وانتهت معاناتهم .
وفي 13 ايلول 1915 وصل الرتل الى باشقلعة حيث استراح لمدة ثلاثة ايام وتحرك بعدها الى خان صور وخان بري بالقرب من كونة شهر ومكث فيها مدة من الزمن حيث عاد قسم من الرجال الى (الباق) لجمع الحنطة من مزارعها المتروكة والعودة بها الى عوائلهم . وبعد فترة اخذ ألآثوريون ينزحون تدريجيا الى ديلمان وسلامس وهناك انتشرت بينهم امراض الكوليرا والتيفوئيد والديزانتري وغيرها من الامراض المعدية الفتاكة نتيجة لشربهم مياه السواقي القذرة والموبوءة فمات عدد كبير منهم الى الحد الذي كان يدفن موتى كل عشيرة في خندق واحد .

مالك برخو

وبعد ان تم تاسيس هيئات طبية ومستشفيات وتوفير ادوية وغذاء وكساء من قبل الروس والامريكان والفرنسيين وبعد الجهود الجبارة التي بذلتها تلك المؤسسات تم القضاء على تلك الامراض وانقاذ من بقي منهم على قيد الحياة .
اما مالك برخو واهالي سليبكان وسكان فرية ماثا تقصرة فلم يتمكنوا من الانسحاب مع ألآخرين بل بقوا في مناطقهم مختبئين حتى الخريف حيث تمكنوا من الالتحاق بألآثوريين في ايران .
مما يذكر بعد وصول ألآثوريين الى باشقلعة اراد الروس منعهم من الدخول الى ايران محاولين اسكانهم على طول الحدود مع تركيا لجعلهم درع بشري امام قواتهم ضد الهجمات التركية ولربما هذه كانت غاية روسيا من تهجير ألآثوريين من مناطقهم مما اغضب ألآثوريين ووقعت مصادمات مع الروس وهددوا بالعودة الى مناطقهم وطلب السلم من تركيا فبدلت روسيا موقفها ووافقت على دخولهم اذربيجان الايرانية ………

بولص يوسف ملك خوشابا

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الارشيف, المقالات واللقاءات, كتب , تاريخ. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.