إمـا التـفـتـيـش عـن الحليف أو الضيـاع فـي النفق المجهـول

بقلم غســان يونان
إمـا التـفـتـيـش عـن الحليف أو الضيـاع فـي النفق المجهـول!!

24 / 09 / 2013
http://nala4u.com

إن التجربة القاسية التي يمر بها شعبنا الآشوري في مواطنه عموماً وفي أرض آبائه وأجداده على وجه الخصوص، غير مشجعة، لا بل تدعونا جميعاً إلى إعادة الحسابات وتصحيح الإعوجاج القائم من خلال البحث الجدي عن حليف استراتيجي نقوى بـه ويرتاح لنا، لنتمكن من خلال ذلك وضع تصور مستقبلي منطقي وواقعي يتماشى ويتعايش مع الواقع الذي نحن فيه ومع الجوار أيضاً.

ومن أجل البحث عن هذا الحليف، يتوجب علينا كأحزاب وتنظيمات أن نعود إلى ذواتنا ونحدد القواسم المشتركة التي بموجبها نتكاتف ونتآزر ونتعاون ونعيش واقعنا بمرّه وحلوه تماماً كما هو وليس كما نتخيل رؤيته ، كما وأن ننظم أنفسـنا ضمن أُطرٍ محددة ومدروسة تكون بمثابة اتفاق شرف نتعهد من خلاله تكملة المسيرة معـاً حتى تحقيق ما يتطلع إليه أبناء شعبنا من طموحات على أرض الآباء والأجـداد، ويكون ذلك من خلال توحيد الجهود ضمن مؤسسة واحدة تكون رأس الحربة في كل المواجهات مع المحافظة على الاستقلالية التامة لكل تنظيم أو حزب، ولوجود مؤسسة شاملة وذات تاريخ طويل في هذا المضمار كالإتحـاد الآشوري العالمي، نتمنى من أحزابنا وتنظيماتنا دون اسـتثناء، التفكير ملياً بمصلحة شـعبنا وأخذ المبادرة ليس لشيء وإنما من أجل القضية المقدسة التي نناضل من أجلها جميعاً.
وبمعنىً آخر، المصارحة مع الذات والعودة إلى الأصالة الآشورية في التعامل مع بعضنا البعض في أجواء مليئة بالديمقراطية وحرية الرأي والاحترام المتبادل والمصارحة وقول الحقيقة، ويأتي ذلك من خلال اعترافنا بالواقع السياسي والجغرافي القائمين حالياً وعدم قدرتنا على تغيير أي شيء في هذا الخصوص.

فالارتكاز على أسس ثابتة ومتينة وبقلب واحد ويد واحدة، نكون دون أدنى شك قادرين على رسم أو وضع معالم مستقبلية لأجيالنا يتمكنون تكملة المسيرة من بعضنا بأقل الأثمان وبنفس الوقت المحافظة على تلك الأجيال من الضياع أو الانصهار في بوتقات بعيدة كل البعد عن أصالتنا وعراقتنا وحضارتنا.
إن التطلع إلى بناء علاقة اسـترتيجية مع الحليف الذي نختاره معاً، لا يعني بأي شكل من الأشكال موقف ضد هذا الطرف أو ذاك وإنما العكس، هو موقف جريء وصريح وواضح نتمكن من خلاله المحافظة على مقومات وجودنا الحر في هذه المنطقة والتمكن بأسهل الطرق وأقل الأثمان من نيل حقوقنا المشروعة.

من دون التفكير أو الأخذ بعين الاعتبار بهذه الآلية، ستبقى أحزابنا وتنظيماتنا في تراجع وتقهقر واضمحلال، إذ بات معروفا لدى الجميع، أن أي تنظيم أو حزب لوحده ـ ومهما علا شـأنه أو كبرت قاعدته ـ، لن يكون قادراً على تحقيق أي هدف مشروع، وإنما النتيجة كما هي اليوم، والتي من خلالها يستطيع المرء أن يحكم على أي عمل أو مشروع، أي واقع الحال الذي نعيشه اليوم، ومع كل الاحترام والتقدير لكل من اعتلى مركزاً أو منصبا رسمياً أو غير ذلك، فلن يستطيع تحقيق ولو جزء قليل من طموحات وتطلعات شعبنا. فمن هنا يستطيع كل فرد منا الانطلاق من الذات ومن الواقع المؤسف الذي نحن فيه، وبالتالي الانتفاض على كل ما هو قائم بمنطق البطش أو التكابر أو اللامبالاة. ولكي ننتفض على هذا الواقع اللامقبول، يجب أن يكون لدينا البديل، والبديل هو بالاعتماد على الذات كضرورة قومية ووطنية، ولكي نعتمد على ذواتنا، يجب تأمين كل تلك المستلزمات المطلوبة، لـحماية أنفسنا من أنفسنا أولاً ومن غيرنا ثانياً. فبالاعتماد على الذات يعني التمسك بقوة بكل مقومات وجودنا وحمايتها على الصعيد الداخلي وأما البحث عن حليف قـوي، يساعدنا على حماية أنفسنا من الخارج وبنفس الوقت الارتكاز على ثوابت تاريخية تساعدنا على الانطلاق نحو تحقيق ما نصبو إليه جميعاً.

إن النضال القومي ونيل الحقوق ليست بشعارات نطلقها في النهار وفي كل مناسبة وننساها شـيئاً فشـيئاً حتى نبدو وكأننا نسـير في نفق مظلم دون معين أو اكتراث من أحـد.
إن مجرد السير بخطوة واحدة نحو تحقيق وحدة العمل المشـترك تحت سـقف مؤسـسـة تاريخية قادرة على لم الشـمل واسـتيعاب الكل بقلب واسـع وضمن رؤيـة مسـتقبلية يشارك الجميع في صياغتها، يعني المحافظة على كل التضحيات التي قدمها الشعب الآشـوري وعلى مر التاريخ، تلك التضحيات التي لولاها لما كنا اليوم قادرين أن نطالب وبصوت عال بحقوقنا المشروعة.

غســان يونان

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الارشيف, المقالات واللقاءات. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.