المؤسـسـات الآشــوريــة أكـبر مـن أن تطـالهـا أقـلام موسـميـة

بقلم غســان يونان
المؤسـسـات الآشــوريــة أكـبر مـن أن تطـالهـا أقـلام موسـميـة

23 / 07 / 2013
http://nala4u.com

بات (الكل) متفهم بأن العمـل المنفـرد لا يجـدي نفعـاً مهمـا كـان هـذا الفـرد قويـاً أو مهمـا كـان هـذا التنظيم شـعبويـاً.. وهـذا الاعـتراف الضمنـي أو “الغـير مبـاشـر” فـي أوسـاط مجتمعنـا الآشــوري، هـو بادرة جيـدة ورسـالـة واضحـة تتعلق بالشـعور بالمسـؤوليـة العامـة وبإعـادة النظـر فتي النتـائـج التي تم حقيقهـا حتى تاريخـه، كمـا وإنهـا لم تـأتِ عـن طـريق الصدفـة أيضـاً وإنمـا أتـت نتيجـة تجـارب مريرة وقاسـية مجبولـة بدمـاء ودمـوع أبنـاء شـعبنـا لا زالـت آثارهـا فـي ضمائرنـا وقلوبنـا وعقـولنـا.
فبـالعمـل المشـترك والتنسـيق والتشـاور بـين مؤسـسـات وشـخصيـات ومفكـري شــعبنـا، نتمكـن مـن النهـوض معـاً ومـن نفض غبـار الحقـد والأنانيـة والتكـابر المتعـشــش فـي صدور البعـض لنرى الـواقـع الـذي نعيشـه والمسـتقبل الـذي سـنورثه لأجيـالنـا مـن بعـدنـا.

فـي هـذه المرحلـة التـاريخيـة الغـير مسـتقـرة والمليئـة بالمفـاجـآت الغـير متوقعـة، حيث نرى التقلبـات فـي المواقف والتحـالفـات التي تشـمـل معظـم اللاعبين السـياسـيين الكبـار وحيث الكـبير يفـرض رؤيتـه وشـروطـه علـى الصغـير، نرى أغلبيـة مؤسـسـات ومفكـَري شــعبنـا يلتهـون بالقشــور وفـي الكـثير مـن الأحيـان فـي تراشـق بعضهم البعـض بعبـارات ونعـوت أقـل مـا يقـال فيهـا بـ “قلـة الاحـترام وقصـر النظـر”.
وهـل التـذاكـي علـى بعضنـا البعـض يـأتـي مـن خـلال المسـاس بقـومـات وجـودنـا وبالسـمـاح للبعض منـا بالتطـاول علـى مؤسـسـات أو ممثلـي شـعبنـا، كـأن يجـيز لنفسـه مـا لا يجـيزه لغـيره، وفـرز أبنـاء شــعبنـا بـين وطني وقومي وخـائن ودخيل…!! 

المطلـوب اليـوم من كـل واحـد منـا،كاتبـاً كـان أم مفكـراً أم مؤسـسـة، أن يبـدأ بنفسـه  مـن خـلال:
–   التحلـي بالمسـؤوليـة الملقـاة علـى عـاتقـه وإتمـام واجبـاتـه الوطنيـة والقـوميـة قـدر المسـتطاع
–   عـدم التسـرع فـي ردات الأفعـال قبـل التـأكـد مـن صحـة المعلومـات
–   المحـافظـة علـى حـريـة الفكـر والمعـتقـد وحريـة إبـداء الـرأي والاسـتماع إلى الرأي الآخـر حتى النهـايـة
–   وضـع خطوط حمـراء لا يسـمح لنفسـه بتجـاوزهـا ولا لغـيره أيضـاً

فـإذا تمكنـا معـاً مـن التمسـك بكـل ذلـك، عنـدئـذٍ نتمكـن فعليـاً مـن توحيـد صفوفنـا ورصهـا ضمـن أسـس ومبـادىء ثابتـة وراسـخـة نتمكـن مـن مواجهـة كـل هـذه التحـديـات والتقلبـات التي تمـر بهـا المنطقـة. إن اعتمـاد وتبني هكـذا مبـدأ، يجـدد فينـا روح النضـال وحب الحيـاة والتفـاني والتضحيـة وتتمـة المسـيرة التي رسـمهـا لنـا أجـدادنـا.

لكـــن مـا نعاني منـه اليـوم أو مـا يلهينـا فـي بعـض الأحيـان عـن التقـدم فـي مواصلـة مسـيرتنـا القوميـة، هـو هـذا التمـادي والاسـترسـال مـن قبـل البعـض فـي كتابـاتـه ولقـاءاتـه مـن جهـة والتمـادي والتعـالـي مـن قبـل بعـض وسـائلنـا الإعـلاميـة التي تجعـل صفحـاتهـا منبراً لأصوات النشـاذ فـي مجتمعنـأ تحت عنوان الديمقراطية وحريـة التعبير عن الرأي!
فمـن يعتـقـد نفسـه اليـوم بـأنـه بعـيد عـن هـذا التعـدي والتحـدي وحتى التطـاول، فهـو مخطئ، وإذا كـان اليـوم بعيـداً عـن هـذا التجـريح وقلـة الاحـترام حتى في ذكـر الموتـى منهم، فبكـل تأكيـد سـيأتـي دور هـذا البعض أيضـاً، والغـد لنـاظره قريب!
إن رؤيـة الأمـور والـوقـائـع بعـين واحـدة، أو لحظـة الشـعور بنشـوة هـي بالأسـاس غـير موجـودة، لا يعنـي إطـلاقـاً صوابيـة أو صحـة مـا يُقـال أو يُكتب، وإنمـا التسـبب فـي المزيـد مـن المآسـي والويـلات لشـعبنـا فـي أمـاكـن تواجـده.
فالتـاريـخ الآشــوري الحـافـل بالإنجـازات والبطـولات علـى مـر آلاف السـنين، علينـا جميعـاً التعلـم منـه والارتكـاز عليـه كـأسـاس ثابت لننطلـق مـن خـلالـه نحـو مســتقبل مشـرق ومشـرف نحقق فيـه تطلعـات وطموحـات أبنـاء شــعبنـا آخـذيـن بعـين الاعتبـار الـواقـع الـذي نعيشـه تمـامـاً كمـا هـو ((وليـس كمـا يحلـم البعـض!))..
وهنـا، ومـن أجل المحـافظـة علـى كـل ذلـك، يجب لبعض الإعـلام الآشــوري أن يكـون نـزيهـاً فـي نقـل الخـبر أو أي حـدث تعيشـه المنطقـة أو السـاحـة الـداخليـة مـع المحـافظـة علـى أدنـى درجـات الليـاقـة الأدبيـة والاحـترام المتبـادل فيمـا بـين بعضـنـا البعـض وعـدم إفسـاح المجـال للأقـلام التي تبث سـمومهـا فـي تسـميم الأجـواء التي يعيشـها أبنـاء شــعبنـا، فكفـانا المعـانـاة التي يعيشـها شــعبنـا فـي مواطنـه عمـومـا وفـي العـراق خصوصـاً.

وهنـا لا بـد مـن إعـادة التـذكـير بالبعـض الآخـر الـذي لا نقـرأ أو نجـد فـي كتـابـاتـه سـوى ضرب الإســفين بـين أبنـاء البيت الـواحـد، فعنـدمـا يُقـال وتعليقـاً علـى زيـارة أحـد ممثلـي شــعبنـا الآشــوري فـي إحـدى الدول المجـاورة والمسـؤول الأول فـي إحـدى أكـبر مؤسـسـاتنـا، خـلال زيـارة تفقـديـة لـه لأبنـاء شــعبـه، بأنـه تـدخـل غـير مقبـول مـن شـخص أجنبي فـي شـؤون بلـده ولا يعبر عـن وجـهـة نظر البعـض والـدعـوة المسـتمرة إلـى التمـييز بين أبنـاء مجتمعنـا. فهـذا تحـد كبير وجريمـة بحـق كنـائـس شــعبنـا علـى حـد ســواء.

فبـأي حق يحـاول هـذا البعض التمـييز بين مكونـات شـعبنـا الآشــوري؟!
أليـس مـن السـذاجـة والخيـانـة أن نفصـل بـين مكونـات شـعبنـا، فمـن غـير الجـائز والمنطق والعقل أن يحـاول البعـض مثلاً: فصـل الطـائفـة الكلدانيـة (الكاثوليكية) أو الطائفـة السـريـانيـة (الأرثوذكسـية) عـن الجسـم القـومـي الآشــوري. فهـذه الأمـور لـيسـت بهـذه البسـاطـة كمـا يحلـو للبعـض، إنـه تـاريـخ طويل، عمـره آلاف السـنين، لـن تتمكـن قـوة فـي العـالم مـن تزويره وتحريفـه لغـايـات لـم تعـد بخـافيـة غلـى أحـد.

فالقـوميـة الآشــوريـة ليـست حكـراً علـى طائفـة دون الأخـرى وإنمـا هـي الوعـاء الكبير الحـاضن لكل طوائف شــعبنـا، فكـل التسـميـات تتكـامـل وتتفاعـل فيمـا بين بعضهـا البعض تحت اسـم قومي واحـد ولغـة واحـدة وشــعب واحـد. ومهمـا حـاول البعض (والحمد لله على أنهم قلـة قليلـة) دق إسـفين التفرقـة والتقـيم والمـييز بين أبنـاء البيت الـواحـد، لا بـد مـن أن تكون الغلبـة فـي نهـايـة المطـاف للحق والحقيقـة، ومـا ومـن أحـد حـاول تزوير التـاريـخ وتحريفـه إلا ووقـع علـى رأســه وضـاع فـي مزبلـة التـاريـخ. فلقـد حـاول الكثير ومنـذ مئـات لا بـل آلاف السـنين تزوير الحقائق والوقـائـع التـاريخيـة، لكــن القـوميـة الآشــوريـة صمدت صمـود تضحيـات وعطـاءات رجـالاتهـا منـذ مئـات الســنين وبفضـل تلـك التضحيـات وتضحيـات اليـوم التي يدفعهـا أبنـاء شــعبنـا بمختلف طوائفـه وانتماءاتـه وبامتـزاج تضحيـات الأمـس بتضحيـات اليـوم، تمكـن شـعبنا بمؤسـسـاتـه ومفكريـه وكتابـه ومواطنيـه مـن المحافظـة علـى مقومـات وجـوده والمحـافظـة علـى اسـتمراريـة بقـائـه بالرغـم مـن كـل المحـاولات التي يتعرض لهـا.

غســان يونان

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الارشيف, المقالات واللقاءات. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.