همسة صادقة في ضمائر الكتاب والنشطاء الكلدان

بقلم سامي هاويل
همسة صادقة في ضمائر الكتاب والنشطاء الكلدان

07/ 03 / 2013
http://nala4u.com

بداية، أود التنويه بأنني ومن خلال مقالتي هذه انما أوجه الكلام الى النشطاء والكتاب الداعين الى القومية الكلدانية، والمعادين بشكل واضح للآشورية، وليس عامة أبناء كنيستنا الكلدانية. وفي الوقت ذاته، أكن الاحترام للجميع، وأود التأكيد بأننا أبناء عرق وأمة واحدة لاحدود بين أبناءها سوى الانتماء المذهبي ولهذا السبب بالذات أدخل في هذا الموضوع الحساس جدا.
ومن خلال هذه المقالة أدعو كل من لا يؤمن بأننا أبناء أمة واحدة أو يرى بأننا شعب متعدد الأمم فلينطقها بصوت عال وبكل وضوح في أي تعقيب أو رد على هذه المقالة لكي تتوضح الصورة للجميع، ولكي يتسنى لنا معرفة التوجهات الحقيقية لمن نحاورهم والأساس الذي ننطلق منه.
ولكوني مؤمن يقينا بأننا جميعا ننتمي الى ذات العرق والأصل وتربطنا كل مقومات الأمة الواحدة من أرض وتاريخ ولغة وعادات. سأبدأ من هذا المبدأ، بعيدا عن أية أعتبارات أخرى، آملا أن يكون حوارا هادئا يغني الجميع. ولنشعل شمعة أمل في نهاية هذا النفق المظلم لتظهر الحقيقة كاملة، خاصة بعد هذه الزوبعات الكتابية المليئة بالتجريح والاهانات والمغالطات والاتهامات التي يطل علينا بها البعض بهذه الصورة المقرفة التي تعج بها المواقع الألكترونية منذ عقد من الزمان. في الوقت الذي يعاني فيه أبناء أمتنا الآشورية من ويلات ومآسٍ في الوطن، وتسير أجيالنا المقبلة في المهجر الى الأنصهار والذوبان.
نحن اليوم نُعتبر محطة في تاريخ أمتنا وجزء من مسيرتها القومية، وأبناء قضية مشروعة واحدة أمتدت منذ سقوط كياننا السياسي والعسكري في نينوى وبابل. هذه القضية التي ليست ملكا لنا لأنها لم تبدأ بولادتنا ولن تنتهي برحيلنا. بل كانت مسيرة مشروعة ومقدسة لأجيال عبر التاريخ وارتوت بدماء الملايين من الشهداء. ودشنها روادها من المناضلين والأدباء والباحثين وقادة نفتخر بهم، ويشهد لهم التاريخ ببطولاتهم وتضحياتهم في سبيل الحفاظ عليها نقية ومشروعة وناصعة كالشمس.
لقد باتت الخلافات الداخلية وتأثيرات العوامل الخارجية والموضوعية خلال فترات مختلفة عبر العصور لتلقي بظلالها الداكنة على هذه القضية حيث شابها الغموض والتشويه ولكنها لم تنتهي ولن تزول لطالما هناك من ينادي ويطالب بها. إنها بحق قضية مقدسة لكونها، وكما ذكرنا، تعمّدت بدماء الشهداء الخالدين لذا علينا صيانتها والعمل على صدّ كل المحاولات الخبيثة الرامية الى تغييبها مجددا ومحوها من الوجود.
ولتوخي السير خارج إطار مسيرتها.علينا دراسة الماضي بمختلف محطاته وارهاصاته وأيجابياته وسلبياته، لأن أي انقطاع في هذه المسيرة يفقد شرعيتها ويجعل القضية تتلاشى لتستقر على هامش التاريخ بعد أن تتلاطمها أمواج الحاضر المزري الذي نعيشه اليوم. فكم من الحنكة والحرص نحتاج اليوم لكي نحافظ على مشروعيتها؟ ومن أين نستوحي هذا الحرص؟
إن الحرص على القضية ينبع من الايمان بها، والإيمان يأتي من البحث والاطلاع الكامل على مجمل الأمور التي تخصها. وباكتساب الدراية والايمان والحرص تتولد مشاعر الرغبة في النضال والذي حتما سيكون في المسار الصحيح. وهكذا يستطيع الفرد أن يكون عنصرا أيجابيا وفعالا يؤدي دوره ويرفد هذه المسيرة بالقوة. فلا أحد يضحي بحياته من أجل قضية لا يدركها جيدا وبهذا لا يؤمن بها. وما كان قد سقط شهيدا واحدا إذا لم يكن مدركاً لقضيته ومؤمناً بمشروعيتها.
وفي هذا السياق نستنتج بأننا وكسائر شعوب المعمورة لنا قضية قومية واحدة موحدة لا تقبل التجزئة، ومشروعة لها ملامحها ومقوماتها وثوابتها ومسيرتها وخصوصيتها. وليس الموضوع فرض تسميات وصراع عقيم داخل البيت الواحد.
بالعودة الى النقطة المهمة والتي تعتبر أولى الأولويات في مجال العمل القومي والمتمثلة بقراءة موضوعية لتاريخ المسيرة القومية. فللوهلة الآولى سوف نكتشف بأن كل المؤرخين والكتاب والنشطاء البارزين والمناضلين القوميين من أبناء أمتنا يقدمون لنا شرحا وافيا وبحوثا مدعومة بالأدلة القاطعة على هوية قضيتنا القومية وكينونتها. وهؤلاء في غالبيتهم ينتمون الى مختلف أطياف أمتنا الآشورية ومنهم من كانوا بدرجة بطاركة ومطارنة وكهنة وغيرهم الكثير (لا مجال لذكر أسمائهم في هذا المقال حيث وفرة المصادر تؤكد ما أذهب اليه). كما أن كافة الباحثين والمختصين في هذا الشأن من الغرباء ممن لا ينتمون الى هذه الأمة (وأيضا أقول لا مجال لذكر أسمائهم فمؤلفاتهم تكتظ بها مكتبات العالم ومواقع الشبكة العنكبوتية). سنرى بأن جميعهم يذهبون الى تسميتها (القضية الآشورية) مستندين بذلك على معطيات التاريخ القديم والمعاصر. عدا القلة من العروبيين حاولوا تشويهها لإجهاضها سيرا على نهج اعادة كتابة التاريخ متغافلين بأن التارخ لن يرحم من تسول له نفسه المريضة وشذوذه الفكري لتحريفه.
اننا اليوم اذ نقف حائرين من أمرنا ونحن نترنح تحت وطأة حاضرنا البائس ومخلفات الماضي القاسية التي رافقت مسيرتنا القومية لتصلنا بشكلها الحالي بما تحمله من تعقيدات تقف عقبة في طريق العمل القومي الجاد، بينما يحاول البعض من إخوتنا تغذية هذا الصراع العقيم في سبيل تحقيق مآرب شخصية وكنسية ضيقة. والبعض الآخر يمرر أجندات مشبوهة تنصب في مصلحة أعداء أمتنا الآشورية.
أجل! نقف حائرين مشتتين قليلي الايمان بثوابتنا القومية. فدفع العجز والرغبة بآن واحد بالبعض الآخر ممن خانهم الذكاء لاختيار فكرة تركيب التسميات حلا لتحقيق الوحدة مروجين لها بالرغم من علمهم وقناعتهم بأنها لم ولن تحقق الوحدة المزعومة. أساسا لا أعلم كيف يصدق المرء بأن الشروخ الطائفية الكبيرة والمزمنة سوف تزول باستخدام التسمية المركبة. هذا التخبط بحق، أضاع قضيتنا القومية فأضفت عليها الصفة الدينية وها نحن اليوم معروفين بهويتنا المسيحية (مع احترامنا لانتمائنا الديني المسيحي) فتقبلها هؤلاء وهم متأكدين في قرارة ذاتهم بأن هذا يعتبر (ضربة لقضيتنا القومية). بينما نجدهم، بين الحين والآخر، يمارسون المراوغة على أبناء أمتهم. وهم اليوم، أيضا، مدعوون لاعلان موقفهم بوضوح من دون الوقوف بعباراتهم التضليلية الملونة ( شعبنا، أمتنا، الكلدوآشوريين،الكلدان السريان الآشوريين، سورايي , وغيرها) في منتصف الطريق كعقبة في مسار حل هذه المعضلة.
إخوتنا بالقومية!
مواقفكم هذه وعدائكم للآشورية لن يخدم توجهاتكم التي تعتبرونها قومية كلدانية. بل إنها مواقف تقلل من شأنكم. وأيضا أنتم بفعلتكم هذه تواجهون مسيرة قرون مكللة بالشهادة من المحال على ذوي الطاقات الهائلة إيقافها وشلها تماما. كما إنني أستنتج وألتمس من أعمالكم وتوجهاتكم ودعواتكم القومية الحديثة المنشأ هذه التي أنتم سائرون عليها بأنكم لن تستطيعوا السير بها قدما الا إذا عاديتم الآشورية. وعدائكم للآشورية هو محاولة الوقوف بأقرب مسافة منها لما تمتلكه من شرعية نضالية وتاريخية. فبمجرد ابتعادكم عنها سوف لن تتمكنوا من السير قدما ولو لخطوة واحدة الى الأمام لأنكم لا تملكون مقومات الأستمرارية ككيان منفصل, والسبب يعود الى.

  1. لم تقدموا لحد الآن مشروعكم القومي الكلداني.
  2. لم تحددوا، لا بل لم تفلحوا حتى لتتفقوا فيما بينكم في تحديد سقف مطاليبكم القومية.
    3- لحد هذه اللحظة لم نشهد أي مطاليب قومية كلدانية مُتفق عليها رُفعت الى الحكومة العراقية ولا حتى الى المحافل الدولية وأية جهات أخرى من ذوي الشأن.
    4- لحد هذه اللحظة لم تعلنوا عن الخريطة الجغرافية لأرض الكلدان الذين تنسبون أنفسكم اليهم.
    5- لحد هذه اللحظة لم نسمع من حضراتكم أي دعوة ترمي الى إعادة أرضكم التاريخية وهذا يعتبر من أهم المطالب للحركات التي تدعي بأنها قومية.
    6- لحد هذه اللحظة لم نقرأ مقالا لأحدكم يحاول فيه لم شمل هذه الأمة المغلوب على أمرها
    ( طبعا أذا كنتم تؤمنون بأننا جميعا ننتمي اليها).
    7- لحد هذه اللحظة لم تتطرقوا الى تاريخ المسيرة القومية الكلدانية (منشأها، مراحلها، مناضليها، خصوصيتها، شهدائها، مقوماتها, مفاهيمها ). فاذا كانت ولادتها مقرونة بنبوغ شعوركم القومي الكلداني الحديث جدا، والاعلان عن صهوتكم (النهضة الكلدانية) فالله يكون بعونكم في هذا المسار الشاق.
    هذه أسئلة مشروعة من حقي أن أطرحها لكم اليوم, منتظرا أنا والكثير من أبناء أمتنا الآشورية ( بكافة أنتماءاتهم المذهبية) الجواب الشافي, لأن هذه التساؤلات هي أساس أي توجه قومي، وإذا خلا هذا التوجه مما ذكرته في النقاط أعلاه فإنه يعتبر غير شرعي ويشوبه الغموض وحتما ستظهر أجنداته ونياته في المستقبل القريب.
    أيها الإخوة!
    إننا جميعا على اطلاع ودراية تامة بالأسباب التي أدت الى ظهور هذه التسميات(الكلدانية، السريانية، سوريايي، آرامية) في تاريخ أمتنا؟ ونقدر ونحترم مشاعر الجميع في مدى تمسكهم بهذه التسميات لأية أعتبارات كانت, ولكن في نفس الوقت، ندعوا الجميع للتحلي بالحكمة والمسؤولية في هذه المرحلة الحرجة من تاريخنا وتجاوز مشاعر الانتماء الطائفي وعدم المحاولة في القفزعلى الحقيقة. فالحركات القومية التي لا تستند على الحق والحقيقة، والتي لا تملك الاستحقاق التاريخي لن يكتب لها النجاح. فبسبب هذا التخبط الفكري العقيم يجب أن نقر بأننا خسرنا فرصة لا تتكرر دائما للحصول على حقوقنا القومية، لا بل خسرنا حتى الكثير مما كنا نملكه.
    أيها الأخوة الأعزاء
    الموضوع ليس موضوع تسميات بقدر ما يتعلق برصيد المسيرة والقضية القومية ومشروعيتها, فلو سلمنا جدلا بأن التسمية الكلدانية هي الأصلح. هل تعلمون بأن أول ما نقره بهذا الادعاء هو أننا ضيوف في (كردستان) التي تعني أرض الأكراد. وفي أول مطالبة لنا بأرضنا التاريخية سنتلقى صفعة كردية تنقلنا جوا من فوق أسوار عاصمتنا نينوى لنستقر في أحد أزقة الحلة تائهين غرباء لأن أرض الكلدان هناك. ونحن اليوم نزلاء عند الأكراد يتاجرون بنا في سوق الديمقراطية وحماية حقوق الأقليات لاأكثر. فهل ترضون بذلك؟
    أيها الإخوة بالدم والمصير!
    الآشورية لاتعادي التسمية الكلدانية كما تدعون. وهي، في الوقت ذاته، ليست ملكا لأحد. ولا يستطيع أي كان أن يزايد بها على أبناء أمته الواحدة. والآشورية ليست صنيعة خصيصا لتكون العدو اللدود الذي يهدد الكلدانية كما تدعون. والآشورية بمفهومها القومي الصحيح لا تميل الى طائفة دون الأخرى ولا تفرق بين فئات الأمة الواحدة. بل هي مسيرة طويلة تحمل في طياتها سر خلودها وكل ما نملك قوميا. ولم نأتِ بجديد لنضيفه على جوهرها. بل نحن، اليوم، بتوجهنا الآشوري هذا إنما نسيرقدما وبإصرار من أجل تكملة هذه المسيرة التي هي أمانة مقدسة في أعناقنا، وعلينا صيانتها حفاظا على استمراريتها الحيوية لأنها الأمل الوحيد لاسترجاع حقوقنا المسلوبة في الوطن والسر الذي يحافظ على أجيالنا القادمة من التشرّد الضياع.
    سامي هاويل
    سدني أستراليا
    7/3/2013
    samihawel@hotmail.com

تنويه; موقع http://nala4u.com يتبنى التسمية الاشورية.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الارشيف, المقالات واللقاءات. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.