ذنبهم الوحيد..أنهم أبرياء !؟

بقلم د.ابراهيم افرام
ذنبهم الوحيد…أنهم أبرياء !؟

25 / 05 / 2011
http://nala4u.com

حين يطالب الإنسان في أوطاننا بأبسط حقوقه في حياة كريمة تتوافر فيها الضروريات الأساسية كالخبز والسكن والدواء والتعليم يعتبر ذلك تجاوزًا‏ للخطوط الحمر، وإذا طالب بحقه في الحرية ليعبرعن رأيه يعتبر معارضاً ، وإذا أصدرت الحكومة قانونا جائراً ورأى المواطن أن من حقه أن يناقشه يعتبر خارجًا على القانون‏، أما إذا كشفت الصحافة عن جرائم اللصوص والمرتشين والمتاجرين بالمناصب فيعتبر ذلك خروجاً على تقاليد أصحاب المعالي والسمو والفخامة و الجلالة‏ والسيادة ، و‏الأخطر من هذا وذاك هو: إلصاق تهمة التحريض والطائفية بكل كاتب لا يسبح بحمد الحكومة ولا يسجد أمام قراراتها السماوية ولا يطلب منها الصفح والغفران حتى ولو كانت على خطأ وتجاوزت وفعلت كل ما يتنافى مع العدالة والأمانة والشفافية ، تهم ‏يلصقونها بكل مواطن لا ينتمي لأحزابهم ، تلك التهم أصبحت أداتين سياسيتين في يد الحكام العرب يلعبون بهما متى ما يشاءون في مواقفهم الانتهازية من اجل السيطرة على شعوبهم لعقودٍ، مما حذى بشعوبها أن تفيق من سباتها وتكسر حاجز الخوف ، فها هي العديد من الأوطان تبكي على دماء أبنائها التي تسيل فيما تستمر عمليات القمع والاعتقال على قدم وساق .
أن توتر الأوضاع الأمنية والسياسية في العديد من دول المنطقة ومنذ عدة أشهر ساهم في خلق حالة من الترقب والقلق في الشارع السوري بشكل عام والآشوري بشكل خاص والذي يعتبر من أكثر فئات المجتمع السوري تغيباً وإبعاداً عن المشاركة الفعلية في الحياة السياسية في البلاد حيث حرمانهم والتضييق عليهم في التعبيرعن خصوصيتهم الثقافية واللغوية والقومية كشعب سوري أصيل ولعقود طويلة ، وكانت ذروتها حملة الاعتقالات الكبيرة التي طالت العديد من أعضاء الحركة الأثورية الديمقراطية مما زاد من حالة الإحباط واليأس والقلق من المستقبل على مصير السوريين دون أستثناء حيث التدهور الواضح في مسار الأوضاع السياسية في سورية والتي تتجه وبكل آسف نحو مزيد من التعقيد بسبب تعامل السلطة وأجهزتها الأمنية المختلفة وبقسوة مع المحتجين وذلك باستخدام الرصاص الحي في مواجهة المتظاهرين ، حيث بات من الواضح أن الاستقرار الحذر والأمن النسبي السائدين في سوريا اليوم لا يستندان على دعائم ومؤسسات الدولة وتماسك المجتمع المدني وإنما يستندان على القمع والاعتقال الذي تمارسه الأجهزة الأمنية المختلفة ويتجلى ذلك بعدم استجابة السلطة لمطالب الشعب في تحقيق التحولات الديمقراطية الحقيقية وبالطرق السلمية وإنما بمواجهة الحراك السلمي بالعنف ، هذه الأوضاع تركت آثاراً سلبية في النفوس وزعزعت ثقة الشعب بإمكانية أن ترتقي سوريا إلى دولة مواطنة ومؤسسات في ظل النظام الحالي القائم وبالتالي بقاء سوريا كدولة غير مستقرة سياسياً وأمنياً إذ هناك شعورعام في الشارع السوري أن الأزمة الحالية العميقة باتت تهدد البلاد بمخاطر حقيقة .
ليس كل من يكشف عن التجاوزات وسوء استعمال السلطة ويطالب الحكومة بمواجهتها والبحث عن حلول لها‏ بمخرب وكم من المواقف كان من الضروري مواجهتها والبحث عن أسبابها‏ ووضع الحلول لها وكم من الكتاب الذين أبدوا أراء أو طرحوا فكراً أو أثاروا قضية تهم الوطن والمواطن ، ولا أعتقد أنهم فعلوا ذلك من باب المعارضة من أجل المعارضة ولم يكن هدفهم النيل من تراب الوطن، أنهم أشخاص أنهم مواطنون حريصون على مصالح يكون الوطن وتحركهم بدوافع وطنية صادقة لمطاردة الفساد والمفسدين‏ وليس كل من يطالب بحقوق المواطنين معارضًا‏ مخرباً ‏ حتى ولو لم كان عضوا في حزب أو تنظيم أو جبهة سياسية خارج مظلة حزب السلطة وتحالفاتها ، وهل كل من لا يسير ويصفق ويردد… يعتبر متجاوزا‏..‏.!؟ أليس هذا ما يجعلنا دائما في حالة ارتباك دائم في مجتمع فقد الكثير من المعايير والقيم التي تحكم السلوكيات والمواقف‏ !؟.
في الدول التي تتبنى الأسلوب الديمقراطي في الحكم ، فبالإضافة للأحزاب الحاكمة توجد هناك أحزاب مهمة في المعارضة‏ ، وإذا كانت هناك حكومة حزبية معينة أو ائتلاف لأحزاب في السلطة فهناك و بالمقابل توجد حكومة ظل للمعارضة لها شعبيتها و صحافتها القوية‏ و لها أعضاء في البرلمان و برامج عمل ينتظر مناصريها وفي حال استلام الحكم تطبيقها ، أنها أحزاب لها تأثيرها الكبير في الشارع حيث تستطيع أن تحركه في أي وقت وفي أي اتجاه ، فمن المعروف عن هذه الأحزاب لها مدارسها الفكرية التي يتخرج منها الوزراء والمسئولون والقادة ، وفي خططها وبرامجها المستقبلية تؤخذ دائماً بعين الاعتبار مهمة تجديد قياداتها بجيل من الشباب ودماء جديدة‏ ‏وهذا هو الفرق بين مجتمع متطور يحكمه التداول السلمي الديمقراطي للسلطة ومجتمع آخر يعاني من الجمود والتسلط وتوريث الحكم .
أن أخطر ما في الوضع هو عدم وجود أي برنامج جدي ومن أي نوع كان لدى السلطة ،عدا رواية الترويج ألأعلامي الدعائي عن حالة “الاستقرار” في حين الواقع يكشف عن عجز السلطة في الحكم والقيادة كما كانت فيما مضى حيث ارتفعت وتيرة تكثيف الإجراءات القمعية والعقابية والتي سيكون لها وبكل آسف نتائج مدمرة ومبكية وعلى المستويات الاجتماعية والسياسية ، فالاعتقالات والتصلب والتصعيد خطوات بعيدة عن أي انفراج أو تغيير في مواقف السلطة مطعمة بمبادرات إصلاح متواضعة لاتلبي الطموح الشعبي المنشود ومترافقة بخطوات ذات طابع أمني يطغى على الطابع السياسي، من المهم وحالاً نقل دعوة المصالحة الوطنية إلى أوسع فئات الشعب هذه الخطوة بالغة الأهمية ، حيث على سوريا أن تتصالح مع ذاتها أولاً لكي تستطيع أن تواجه التحديات الخارجية فتحديات البناء الداخلي لعصر ما بعد تسلط الحزب الواحد أصبح واقع ، والديمقراطية المنتظرة في سوريا يجب أن تكون ديمقراطية مبنية على ضمانات متبادلة وعلى تعاهد صادق من كافة الأطراف المشاركة في المصالحة الوطنية ، تعهد بنبذ العنف والتداول السلمي للسلطة واستقلال السلطات الثلاث وحرية الصحافة والنقابات واعتبار الميثاق العالمي لحقوق الإنسان مرجعاً يستند له الدستور القادم.
أن اعتماد الحلول السياسية وبالطرق السلمية هي الخيارات التي تحتم علينا جميعاً دون استثناء الالتزام بها،أنه التزام وطني وأخلاقي تجاه وطننا الغالي سوريا وخاصةٍ إذا ما صدقت رواية نشاط الخلايا الإرهابية والمجموعات الإسلامية المدعومة من الخارج (جند الشام كانت أم سلفية ) والتي تستهدف بين الحين والآخرقوات الأمن وأعترافات البعض ممن يعتقلون وصلتهم وتمويلهم من جهات خارجية لا تريد الخيروالأستقرار لوطننا ،فعندها على السلطة أن تباشرودون تأخير ولقطع الطريق أمام العابثين وذلك بتمهيد الطريق نحو حياة ديمقراطية وفي مقدمة مهامها أعادة الثقة الغائبة اليوم بين السلطة والشعب ومن تلك الخطوات إطلاق سراح جميع السجناء السياسيين و سجناء الرأي و المعتقلين على خلفية الأحداث الأخيرة كخطوة أطلاق سراح أخوتنا أعضاء المنظمة الأثورية الديمقراطية والدعوة وبالسرعة القصوى إلى مؤتمر وطني شامل تشارك فيه كافة القوى السياسية يتمخض عنه قرارات وخطوات عملية تتضمن الاعتراف بالتعددية القومية والسياسية واللغوية للشعب السوري،أن وضع و قرار مشروع دستور عصري علماني جديد للبلاد و إجراء إصلاحات شاملة وسريعة ومنها إطلاق حرية الإعلام والتعبيرعن الرأي و إصدار قانون عصري للأحزاب وآخر للانتخابات وغيرها من الإجراءات لإخراج البلاد من هذه الأزمة بات أمرا لا يحتمل التأجيل.

بات من المهم خلق البيئة الاجتماعية التي يتم فيها عملية الإعداد لفتح المجال للأقلام النزيهة والقلوب الطاهرة والتي تمسك القلم لتجمع القلوب على المحبة لأبناء الوطن الواحد لا على الكراهية والحقد وبعيداً عن مرض الخوف الذي زرع في نفوسنا ومنذ عقود في بلد يشعر فيه المواطن بالذل والمهانة إذا ما حاول التذمر أو الشكوى ((في بلد تعتبر فيه الحرية والديمقراطية من المحرمات )) في وطن حرمنا فيه من نعمة الكلام والتظاهر وأخوتنا في المنظمة الأثورية الديمقراطية وكغيرهم من أبناء الوطن لهم قناعة وأيمان بحق الإنسان المواطن السوري في اعتناق أي فكر أو مذهب أو دين يختاره نادوا للحرية فتم اعتقالهم وظلمهم وقهرهم ونتسأئل لماذا… ّ!؟
فهم لم يتبجحوا يوماً بخسارة روح من أبناء الوطن ولم يدعوا يومياً للتفريط بشبرأوالنيل من سمعة من أرض وطنهم ولم يحرضوا يوماً أنسان ضد آخر أو يشجعوا أحداً للأعتداء على الممتلكات العامة والخاصة ولم يطلبوا من أحد يوماً تقديم المزيد من الأرواح البريئة لتزهق على أيدي المرتزقة والمفسدين والمندسين والأجهزة الأمنية المتهورة ولم يكونوا يوماً ممن يروج لأجندةٍ ومن أي كان ومن خارج الحدود ، ولم يستهزئوا يوماً بغربة المنفيين ويشمتوا من صرخات المعتقلين ولم يتقاعسوا يوماً في خدمة الوطن الجريح أقصى ما يصبون له هو التعايش السلمي في مجتمع تسوده الديمقراطي وحقوق الأنسان … ولكن لهم ذنب واحد وحيد… ألا وهوأنهم أبرياء .

أبراهيم أفرام
25/05/2011

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الارشيف, المقالات واللقاءات. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.