أكراد سوريا،مطالب إنسانية أم انفصالية؟

بقلم د.ابراهيم افرام
أكراد سوريا ، مطالب إنسانية أم انفصالية…!؟

16 / 05 / 2011
http://nala4u.com

أن مفهوم وحدة التراب السوري أرضا وشعباً يجب أن يكون المفهوم الأول الذي يتصدر عملية التغيير لنهج المعارضة السورية بكل أطيافها القومية و العلمانية يسارية كانت أوليبرالية أوإسلامية وعليه يتطلب منها العمل على إفشال وإبطال كل ما من شأنه إن يفرط بالوحدة الوطنية مهما كانت تلك المشاريع ومن أية جهة كانت ومن يقف وراءها ، فعملية التغير التي يسعي إليها كل من يعارض النظام القائم من داخل الأحزاب والتنظيمات والتحالفات لا بد أن يكون له ضوابط وثوابت ملزمة للجميع و يجب أن تبدأ من الذات القيادية متجهة باتجاه القاعدة لتكون شاملة للنهج السياسي المعارض وهنا بالذات تأتي أهمية الالتفاف إلى مفردات الخطاب السياسي المعارض وطريقة تعاطي هذا الخطاب مع الأهداف والمواقف التي تفرزها المرحلة الحالية .
من الثوابت المهمة لعمل المعارضة السورية هي صياغة المشروع ألأعلامي والذي يحدد الخطاب السياسي المستقبلي المنشود ، أن تحديد ضوابط وثوابت الخطاب العام الذي تسير عليه المعارضة بالخط السليم والكلمـة الصريحـة المسـؤولة والتي لا بد أن تعبر عن آمال وطموحات الشعب السوري بكل أطيافه وعلى كامل ترابه لا بد أن تكون بنبذ كل أنواع الشقاق والتناحر والتقسيط والإقصاء ، لأن مثل هذه الركائز يلجأ لها النظام الشمولي ويبثها بين صفوف المعارضة لإلهائها عن الهدف الرئيسي في أحداث عملية التغير المنشود في السلطة الحاكمة وعليه فعلى المعارضة السورية في هذه الحالة نبذ كل مفهوم طائفي ومناطقي لفئة من السوريين وحذفها من قاموسها في العمل المعارض ، والتوجيه يجب أن يصب في مفهوم الوحدة الوطنية ومشروع الخلاص الذي تنشده المعارضة في حركتها السياسية والميدانية .
أن القمع والإهمال وكم الأفواه واستخدام أسلوب التصفية الجسدية والتصفية الاجتماعية أو الحث على التجاهل، هذا الأسلوب قي التعامل مع الآخر في الوطن الواحد يستخدمه النظام الحاكم مع خصومه، أما الأخذ وبنفس المبدأ وبالأسلوب عينه ومن طرف يدعي أنه معارض( الحركات الكردية في سوريا ) وعلى مبدأ إلغاء الآخر فهو خطأ قاتل في منهجية العمل المعارض والذي يتمثل في ممارسة قمع الرأي الآخر من جهة وفي التقسيط والإقصاء الذي يمارسه(طرف طارئ) على طرف أصيل، هذه الممارسة الخاطئة سيكون لها تأثير سلبي وقاتل في مسيرة العمل المعارض مما قد يؤدي إلى استشراء روح الشك في مدى المصداقية والإخلاص والتقييد بالثوابت الوطنية (فالحركات السياسية الكردية قي سوريا)لا يهمها المشروع السياسي الوطني بل لديها مجموعة من الأفكار والتطلعات والأهداف الذاتية وها هي تنتهز اللحظة السياسية التاريخية المناسبة في الترويج لتحقيق تلك الأغراض ومن خلال شعاراتها وخصوصا أحزابها وهذا يؤكد بأن الأكراد على التراب السوري ليسوا معنيين بمشروع تغيير النظام قدرالعناية بتحقيق الحلم القومي لهم وفرض ما يسمى بحقوق قومية خاصة بهم .
أن مبدأ إلغاء الآخرهو خطأ قاتل في منهجية النظام والعمل الكردي المعارض في سوريا والذي يتمثل وبشكل فاضح في ممارسة قمع الرأي الآخر من جهة وفي التقسيط الذي تمارسه بعض الأطراف ضد الطرف الآخر،ولا يخفى ما لهذه الممارسة الخاطئة من تأثير سلبي وقاتل في نفس الوقت على مسيرة العمل المعارض حيث تؤدي إلى تأخيره وعرقلته واستشراء روح الشك على مستوى القاعدة الشعبية في مدى أخلاص هذه الأطراف لقضية الوطن أم لقضيتها الضيقة ، مما يؤخر مشاريع التغيير فتتعثر بعد ظهورها بفترة وجيزة بسبب نهج التسقيط والتهوين بالآخر وتهميشه ومن ثم إلغائه .
أن الدعوة للتضامن مع المطالب (الكردية في العراق وتركيا وإيران وسوريا ) التي أمطرنا ويمطرنا بها العديد من كتابنا بتسمياتهم المختلفة وكذلك الكتاب والسياسيين العرب و الكرد وغيرهم … مبررين ذلك بتعرضهم للظلم والمجازر ولهم الحق في** تقرير المصير** وحسب رأيهم ، هذا التضامن والدفاع الذي يمارسه هؤلاء لا يلامون عليه ، وإنما اللوم يأتي كونهم يتغاضون ويهملون ويتناسون حقوق شعوب أصيلة سكنت تلك الأرض منذ فجر التاريخ وتعرضوا لمجازر إبادة لا تقل بل و قل تزيد أضعافاً عما تعرض له الأكراد والذين لم يكونوا شهود أعيان فقط و حاضرين وإنما مشاركين فعليين فيها كالأرمن والسريان الآشوريين واليزيديين حيث كانت التصفية الجسدية والقومية وأن الجزء الأكبر من الأراضي التي يقطنونها الآن ويطالبون بها كانت عائدة لشعوب ليست كردية في شمال العراق وجنوب شرق تركيا والجزيرة السورية ((وفي بيان لجنة الأعلام المركزي لحزب يكتي الكردي في سوريا إلى الرأي العام حول الاعتقالات في المناطق الكردية بتاريخ 24/ 04 / 2011 )) المصطلح بحد ذاتي استفزازي، أن الهدف الأساسي من وراء هذه الشعارات وهذه المصطلحات هوتشويه سمعت الصراع الوطني وخصوصاً في الوقت الذي يناضل فيه في إنهاء حكم الدكتاتورية وكل ما أعطاه هؤلاء مستخدمي هكذا مصطلحات للوطن في سياق الصراع لتغير النظام هو كلام جميل عن الحرية والبديل الديمقراطي والمساواة والحرية وطبعاً ضد الاستبداد والدكتاتورية ولكن و سرعان ما تتبدل تلك الكلمات لممارسات ومواقف للنيل من الوحدة الوطنية في حين قدم لهم الوطن محطات العمل بين الجماهير على المستوى السياسي والاجتماعي لم يكونوا ليحلموا بها ، فالمشكلة إذا لا تكمن يوماً في سكن الأكراد على أي جزء من الأرض فهذا حق أنساني واستحقاق وطني لا ينكره أي كائن ، المشكلة تتعدى ذلك وتتمحور حول الطموحات (( في الاستقلالية وحق تقرير المصير)) كما يحلو لهم تسميتها والتي تتبناها الحركات الكردية بمختلف توجهاتها السياسية قومية كانت أو دينية وحتى الليبرالية المعتدلة مستند ين بذلك ومعولين على الكثافة السكانية (( العامل الديموغرافي )) متناسين أن حق تقرير المصير لا يعطى إلا على الحق الجغرافي التاريخي ، والأكراد على دراية تامة و قبل غيرهم حيث ما كانوا سوى قبائل رعوية متنقلة استوطنت أراضي ليست عائدة لهم وسنورد هنا ومن كتاب الباحث العراقي الزميل الأستاذ سليم مطر ((السريان وكردستان الكبرى ص 24 )) حيث يورد للمؤرخ الكردي الدكتورعبد الرحمن قاسملو مذكرة أرسلنها الحكومات الأوربية إلى تركيا في عام 1880:(( لما كان الأكراد الرحل الذين يعيشون في الجبال والذين يهبطون إلى الوديان التي يقطنها المسيحيون لا لغرض إلا لإشاعة الفوضى ، ينبغي إن لا يحلوا في الإحصاءات التي تحدد من هم غالبية سكان المنطقة الحاج ص _ 10 )) والدكتورعبد الرحمن قاسملو الذي عرف حينها بالسياسي المثقف والمعتدل كان وبنفس الوقت من أشد المروجين لمشروع (( كردستان الكبرى)) وبحسب موقع التآخي الألكتروني فيقدر”مساحة كوردستان (409،650) كم وحدد بعضهم هذه المنطقة عبر الإشارة إلى خطوط العرض والطول فيقول أنها تقع مابين 34- 39 عرضاً و 37- 46 طولاً، وإن طول كوردستان 900 كم أما عرضها 200 كم تقريباً،ومن حيث الموقع الجغرافي فأن كوردستان هي منطقة الجسر الرابط بين العرب والترك والفرس”.
أما بيان وحدة العمل الوطني لكرد سورية حيث يعرفون بنفسهم 12 December 2007 يشكون فيه من التميز السياسي لعصور والأهمال المتعمد (( بأستخدامهم المصطلح السياسي الأستفزازي للمناطق الكردية وطبعاً بلا حدود)) حيث يطالبون: الفقرة : ي _ تطوير المناطق الكردية، بتخصيص مبالغ مناسبة من الميزانية العامة للدولة سنوياً، لإقامة المشاريع الإنتاجية والخدمية والسياحية فيها، للمساعدة ـ بأسرع وقت ـ في تجاوز آثار الإهمال المتعمّد لتلك المناطق خلال عصور التمييز العنصري وسياسة الكيل بمكيالين تجاه المواطنين وعلى الرابط :

http://arab-worlds.blogspot.com/2011/04/blog-post_5470.html
أن النظرة الضيقة للمعارضة الكردية على الساحة السورية وابتعادها عن خط المواجهة مع النظام وذلك بسبب الإحباط الذي تفشى لديها إزاء الإخفاقات المتكررة للمشاريع المطروحة من أحزابها على الساحة ، مستغلة الظروف الموضوعية التي أملاها المحيط اٌلإقليمي والدولي ، فبدت التيارات الكردية المعارضة وكأنها أسيرة لتلك الظروف والقرارات وحتى البيانات التي تصدرها لمعالجة الأحداث والمواقف التي تواجهها ما هي إلا انعكاس لتك الظروف ، لذلك لم تتبلور لحد الآن صيغة واضحة لمشروع وطني يستغني عن الحلول الوافدة من الخارج والمرتبطة بالأطراف الأجنبية، أن إهمال دور العامل الوطني البحت في عملية التغيير وتأثيره على القرارات والقراءات وإهمال الإرادة الشعبية في الانقلاب وكأن الأمة السورية غير واعية وغير مدركة لمسؤولياتها أو أنها غير قادرة على أحداث النقلة النوعية الحقيقية في بنية النظام وصنع التاريخ الجديد وهنا وفي حال لجوء ا لأحزاب ، الجماعات أو الحركات الثورية أو التحالفات الاستعانة المستعارة والتعويل في التغير وإسقاط النظام على الآخر أي كان من الجوار أوما بعد الجوار، سيكشف التاريخ أن عاجلاً أم آجلاً أن الأمة حين لا يكون لها دخل في التغير والإسقاط والانتصار على الدكتاتورية فسيكون لها في المستقبل دوراً في هزيمة المشروع الذي جاء به إلى السلطة وهنا يبرز السؤال ، ماذا قدمت هذه الدويلة المستعارة في شمال العراق للشعب الكردي غير مزيد من الدماء والويلات والفتن وغياب الأمن أن لم تشبه دولة الدكتاتورلا وبل فاقت ذلك !؟.
كان من المفروض بالمعارضة السورية سابقاً ولاحقا وإعلان دمشق تحديداً ومن خلال صيغه الحوار ألتحالفي مع الحركات الكردية التمعن في قراءة معمقة لأهدافها وتطلعاتها ونواياها الحقيقة فهل تلك النوايا سورية بحتة أم كردية بحتة…!؟ فالتحالف بين أي طرفين يفترض أن يرسي مفاهيم الوحدة الوطنية الحقيقية وخصوصاً فيما يتعلق بالسيادة والتعايش والحرية والمساواة وإعطاء كل ذي حق حقه ، أن إرساء التحالف عبر مبادئ وثوابت غير مؤجلة لتبحث لأحقاً يكون تحالف سليم أما عدم التطرق ومناقشة الذهنية للحركات الكردية : أهدافها وتطلعاتها المستقبلية بشكل حازم وجازم سيؤدي بالتحالف السياسي بين تلك الأطراف أن كان في التحالف السابق أواللاحق سيكون ضعيفاً وهشاً ولا يرتقي إلى مستوى التحالف الحقيقي القائم على فهم واعتراف كل طرف سياسي للطرف الآخر، فالتحالفات السياسية الوطنية لا تبنى ولا تعبرعن مصالح وامتيازات سياسية لطرف معين همها إسقاط النظام فقط وإنما يجب أن يكون المستقبل الوطني للدولة متمثلاً بسيادتها .
أن ممثلي الحركات الكردية السورية اليوم يعتصمون ويصمون آذانهم عن دعوات أبناء الوطن من الشعب السوري وكل المخلصين قي العالم المنادين بالوحدة والتعايش والانسجام والتي تتمثل في أنتاج اللغة السورية المشتركة ، هؤلاء يضربون عن العمل الحقيقي لتحقيق ذلك، في الوقت الذي يدعون فيه للوحدة والإسقاط المشترك وبالمقابل يطرحون مشاريع الميدان حيث تقتضي مصالحهم لضرب وحدة الأرض السورية والهيمنة عليها وإحكام طوق الوصاية الدولية على شعبها وممتلكاتها وخيراتها وتاريخها ومجتمعها ، فالوطن لا يمكن أن يركن إلى لون قسري من ألوان الصراع البليد مع السلطة كتلوين بعض المعارضات والأفكار والشعارات والرايات والرموز التي تم استيرادها من أرشيف وتجارب دول أخرى للجوار وما بعد الجوار ويبدو وفي العلن وعلى الملأ مطالبها بالحل الديمقراطي ((للقضية الكردية في سورية وهذا المصطلح بحد ذاته استفزازي )) وما دعوة أحد الأحزاب الكردية لاستحداث محافظة (( تحويل منطقة القامشلي لمحافظة )) دعوة مبطنة لمشاريع غير معلن عنها ، أن الهم الكردي الذي شكل الحالة السياسية والميدانية في شمال شرق سوريا كان وما يزال مبني على أسس إستراتيجية ليس باسترجاع حقوق إنسانية وإنما تعدى ذلك لتصل لحقوق أدارية واجتماعية و سياسية وحسب زعمهم والتي كانت وعلى الدوام تشكل سبباً مهماً لتأليب الأجواء الشعبية في المنطقة بين الطيف الوطني المتعايش من العرب والكرد والسريان الآشوريين والأرمن واليزيديين وغيرهم فكما يطالب الأكراد بالكرامة الوطنية وحلم الاستقرار والاعتراف بهم وبحقوقهم القومية والسياسية فالآخرون يحلمون بذلك ، فبوابة الكفاح الكردي من أجل استعادة ما يسمى ((بالحلم الكردي )) على جزء من الأراضي السورية غير أبهين بالقراءة الوطنية والتي في مقدمة اهتماماتها هي الحرية الاجتماعية والديمقراطية والمساواة متوجة بالسيادة الوطنية التي هي هدفها في صراعها مع النظام المستبد .

أبراهيم أفرام
16/05/2011



تنويه; موقع http://nala4u.com يتبنى التسمية الاشورية وغير ملزم ما يسمى بكردستان .

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الارشيف, المقالات واللقاءات. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.