المعاني المَخْفِية للرقم 12 في الكتاب المقدس(ج1)

بقلم مسعود هرمز النوفلي
المعاني المَخْفِية للرقم 12 في الكتاب المقدس

15 / 05 / 2011
http://nala4u.com

مقدمة

الأرقام في الكتاب المقدس لها أهمية كبيرة ومعاني روحية مخفية نستطيع ملاحظتها بالفحص والتأمل، ولكي نفهم أسرار الكتاب المقدس علينا دراسة وتحليل هذه الأرقام ورموزها التي تلعب دوراً حيوياً في ربط الحوادث الدينية المختلفة مع بعضها البعض. الموضوع الذي أرغب في توضيحه بهذه المقالة القصيرة هو عن خصائص الرقم 12 الذي يتكرر وفق سياق منطقي يُؤسس العهدين القديم والجديد للكتاب المقدس حيث نراه يتكرر في بدايته، ومن ثم مع الرب يسوع، وفي نهاية الكتاب أيضاً في سفر الرؤيا.

الحقائق التاريخية والروحية والقيادية لهذا الرقم المهم:

1- لقد قسَّمت الشعوب القديمة السَنَة الى أثني عشر شهراً ورتّبت الليل والنهار بنفس الرقم 12 ساعة لكلٍ منهما، ووضعوا في تنظيم النجوم والأبراج الرقم 12 من علامات زودياك، وكان الأعتقاد بان الرقم 12 تتكون منه حكومة الله وإرادته ويُرمز الى القوّة المطلقة والكمال والقناعة التامة بهِ، والسبب الرئيسي هو أن الرقم 12 يتكون من حاصل ضرب 3 في 4 ويُفسّر بأن الرقم 3 هو رمزاً الى الكمال الإلهي أو الله، و 4 هو رقم الطبيعة أو الأرض في جهاتها الأربع، أما حاصل جمع 3 و 4 فأن الرقم 7 هو رقم الكمال أيضاً، ولهذا يُعتبر الرقمين 12 و 7 من أرقام الكمال، الأول، الإلهي ، والثاني الروحي. أحد الكُتاب يوصف الرقم بالمسطرة التي تتكون من 12 إنجاً، وهذه المسطرة كانت قدَم أحد الملوك الأنكليز التي لا تتبدل بمرور الزمن وهي وحدة القياس الرئيسية في الحسابات والبناء. وقد خصّ الله هذا الرقم ليكون رقم الكتاب المقدس في بناء البشرية روحياً، وقيادتها وسيطرتها وإدارتها عملياً.

2- سفر التكوين 17 : 20 يقول الله الى ابراهيم ” وأما اسماعيل فسمِعتُ لك، وها أنا أباركه وأنمِّيه وأكثره جداً، ويلد أثني عشر رئيساً وأجعل نسله أمة عظيمة “. وفي نفس السفر 35 : 22 يقول الكتاب ” وكان بنو يعقوب أثني عشرَ “. من هؤلاء أقام الله عهده مع البشر ليصبحوا رؤساء قبائل اسرائيل، وعندما وصل العبرانيين أرض اسرائيل تم تقسيمها بينهم الى أثني عشر قسماً، وقد كانت الأوامر أن يأخذ كل رئيس قبيلة حجراً من نهر الأردن ليبقى معهم ذكرى عبورهم النهر للأجيال اللاحقة في ارض الموعد. أن اولاد يعقوب كانوا ورثة الأجيال السابقة وبهم انتشرت الرسالة اللاحقة، والرقم هذا جاء بتخطيط من الخالق لتكتمل المسيرة الأيمانية وتنتقل منهم الى الرسل أي الى العهد الجديد كما سنرى. إضافة الى ذلك فأن أنبياء العهد القديم كانوا إثنا عشر نبياً، سبعة منهم في الفترة الآشورية والخمسة الآخرين في الفترة البابلية. أن الرقم 12 يتضمن أسراراً عميقة في التضحية والقيادة وخُطة الخلاص الموضوعة للبشر.

3- المقارنة مع العهد الجديد، نرى أن الرب أختار إثني عشَر تلميذاً وهم الذين أصبحوا رُسلاً وقاموا بنشر الأيمان في العالم، ولهذا أصبح الرقم 12 يُرمز الى قادة الكنيسة الأوائل. تؤكد بعض المصادر القديمة بأن يسوع أختار هذا الرقم من أجل تجديد العهد وتوحيد الشعب المؤمن. هذا الرقم يتكرر في رؤيا مار يوحنا عندما يتحدث عن أورشليم الجديدة أي السماء في 21 : 12 حيث يقول ” ولها سوراً عظيماً شامخاً لهُ إثنا عشَر باباً وعلى الأبواب إثنا عشَر ملاكاً وأسماءاً مكتوبة هي أسماء عشائر بني اسرائيل الأثني عشَرَ.” باعتقادي أن المغزى من الرقم هو النمو والتكاثر وإملاء الأرض التي يذكرها سفر الرؤيا 22 : 2 بالقول ” … شجرة الحياة تُثمِر إثنتي عشرةَ مرّة، كل شهر مرّة وتشفي بورقها الأمم…”. التأكيد على الرقم بأشهر السَنة لهُ مغزاً عميقاً آخراً وتأملاً من الحياة والخليقة والطبيعة وكُلّها مُجتمعة من أجل البشر. لتأكيد هذا الحدث والربط التاريخي بين الأرقام نلاحظ أن في سفر الرؤيا 7 هناك رقم بعدد المختومين من بني اسرائيل وهو مئة وأربعة وأربعون ألفاً من جميع عشائر بني اسرائيل، أثنا عشر الفاً من كل عشيرة، وبهذا فان الرقم 12 هو المحور المهم في العهدين من الكتاب لأن 12 في 12 يساوي 144 وهكذا.

4- نقاط مهمة كثيرة وردت في الكتاب المقدس، منها مثلاً أعاجيب الرب عندما قام بأحياء البنت التي كانت متوفية وعمرها أثنتي عشرة سنة، وكذلك شفاء الأمرأة التي كانت مُصابة في مرض النزيف المزمن لمدة 12 سنة، أنظر لوقا 8 : 40 – 44. يقول بعض علماء الكتاب المقدس بان الأعجوبتين قد تمّت في نفس الساعة تقريباً حيث يرمز شفاء الأمرأة الى العهد القديم الذي كان الدم رمزاً مهماً للذبيحة والمستمر الى مجيئ الرب، وشفاء البنت هو دلالة على العهد الجديد والعبور الى المرحلة التالية من الأيمان والقيامة الحقيقية، ويبقى الرقم 12 هو المحور والدليل على كل شئ.

5- لقد كان عمر يسوع أثنتي عشرة سنة عندما دخل الهيكل في القدس وكان جالساً مع معلّمي الشريعة، لوقا 2 : 42. كان يتعلّم ويُعلّم، وهناك نقطة مهمة اخرى في حياة الرب، حيث قال في وقت القاء القبض عليه قبل المحكمة في متى 26 : 53 ” أتظن أني لا أقدر أن أطلب من أبي، فيرسل في الحال أكثر من أثني عشر جيشاً من الملائكة؟”. الملاحظ هنا التأكيد على الرقم 12 من قبل رب المجد!!

6- رؤيا يوحنا 12 : 1 تقول ” وظهرت آية عجيبة في السماء: أمرأة تلبس الشمس، والقمر تحت قدميها، على رأسها أكليل من أثني عشر كوكباً “. ما نلاحظه من الرسوم التي تُرسم الى أمنا مريم حالياً وجود الشعاع فوق الرأس من 12 نجمة، هذه النجوم تُفسّر بأنها دلالة على القيادة الغير مرئية للكنيسة، ويُمكننا ربطها مع الرُسل والبشرى والأسباط، في الحالتين أو العهدين حيث كانت القيادة من 12 شخصاً.

7- يقول الرب الى تلاميذه في متى 19 : 28 ” متى جلس ابن الأنسان على عرش مجده عند تجديدِ كلّ شئٍ، تجلسون انتم الذين تبعوني على اثني عشر عرشاً لتدينوا عشائر إسرائيل الأثني عشر”. هنا تأتي الأشارة الى الدينونة من قبل الأثني عشر رسولاً بحضور الملك السماوي وهؤلاء ستكون لهم الصلاحيات النهائية لما هو مُخطط من قبل الله! الرمز هذا يوضّحه أحد علماء الكتاب المقدس بالعودة الى العهد القديم والنظر الى سفر الخروج 39 : 14 في موضوع ثياب الكهنة وصُدرة القضاة وصناعتها ورموزها بالقول ” وكانت هذه الحجارة بعدد اسباط بني اسرائيل اثني عشر حجراً، يُنقش على كلِّ حجر أسمه كنقش الخاتم “. تلك الثياب كانت علامات الخدمة في بيت المقدس وهذه متوازية مع أعمال القاضي في المحكمة وكلَّ ذلك يكون لنا الرقم 12 لُغزاً غريباً في الخفاء وفي التكرار والتأمل العجيب!

8- عندما أطعم يسوع خمسة آلاف رجل عدا النساء والأطفال وشبعوا، كان الخبز الزائد أثنتي عشرة قُفّة مملوءة من الكسر التي فضلتْ على المائدة، “متى 14 : 20″، هذا الخبز له علاقة ومغزى بما هو مكتوب في سفر اللاويين 24 : 5 حيث يقول الرب “: وخُذ دقيقاً وأخبزه أثني عشر قُرصاً “. هذا الرقم هو دلالة أخرى وإشارة الى أسباط اسرائيل كي يشبعوا في القدس من خبز مائدة الرب وبنفس الوقت جاء التشبيه مع معجزة إطعام الخمسة آلاف رجل عدا الأطفال والنساء، وكُلّ هذا يعطينا الدليل القاطع والمُبرمج لعمل يسوع في الليلة الأخيرة من حياته على الأرض مع التلاميذ عندما كسر وبارك الخبز وناول تلاميذه، لقد وضّح الرب بأنه هو الخبز الحقيقي النازل من السماء ولا غيره من خُبز للحياة أبداً، من هنا الربط واضح جداً بين القديم والجديد ونهاية عهد الله بيسوع في مسألة كسر الخبز والأشارة التي لا تقبل الشك الى الرقم 12 الذي هو من تنظيم وإرادة الله.

9- وهناك أمثلة أخرى كثيرة يتكرر فيها الرقم 12 نذكر بعضاً منها وكما يلي:

  • هؤلاء كلّهم أسباط إسرائيل الإثنا عشَرَ، تكوين 49 : 28.
  • ثم جاؤوا الى إيليم، وكان هناك إثنتا عشرةَ عينَ ماءٍ…، خروج 15 : 27.
  • موسى يبني مذبحاً في اسفل الجبل ويرفع 12 عموداً بعدد أسباط بني أسرائيل، خروج 24 : 4.
  • أولئك هم المعدودون الذين عدَّهم موسى وهرون ورؤساء بني أسرائيل، وهم إثنا عشرَ رجُلاً، لكل عائلة من العائلات واحدٌ، العدد 1 : 44.
  • في قرابين الرؤساء هناك إثنا عشرَ ثوراً، العدد 7 : 3.
  • كانت اواني الفضة والذهب إثنتا عشرةَ في وضع البخور عند تقديم القرابين، وكذلك كان الرقم 12 لثيران المحرقة و12 للكباش و12 للخراف الحولية و12 لتيوس الماعز، العدد 7 : 84 – 87 .
  • وكلّم الرب موسى وقال: قُل لبني إسرائيل أن يعطوك إثنتي عشرةَ عصا، العدد 17 : 16.
  • وأخذوا أثني عشر حجراً من وسط الأردن كما قال الرب ليشوع، يشوع 4 : 8.
  • هناك إثنتا عشرة مدينة بقُراها، يشوع 18 : 24.
  • أثنتي عشرة مدينة أعطيت لهم بالقرعة، يشوع 21 : 40.
  • صموئيل 2 : 15، يعطينا 12 شخصاً من بني بنيامين و12 من اتباع داوُد وقت الحرب والمبارزة.
  • في الملوك الأول 4 : 7 يقول: ” وكان لسليمان إثنا عشر وكيلاً على جميع اسرائيل، وكانوا يؤمنون الطعام له ولأهل بيته، كلّ واحدٍ شهراً في السنة “.
  • سفر أعمال الرسل 7 : 8 يقول بأن يعقوب خَتَنَ الآباء الأثني عشر.

الخلاصة

أستخدَمَ الله الرقم 12 كمثال روحي للقيادة والتطبيق والوحدة الشعبية لكي نفهم تسلسل الأحداث في العهدين القديم والجديد والخطة التي وضعها لبني البشر من أجل الكنيسة ومعانيها الى الأبد. السؤال الى الجميع: هل نستفاد من هذا الرقم في توحيد وقيادة شعبنا؟

مسعود هرمز النوفلي
15/5/2011

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الارشيف, دين, كتب , تاريخ. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.