فلة …شمعة…. منورة

بقلم جورجينا بهنام
فلة …شمعة…. منورة

07 /04 / 2011
http://nala4u.com

يعيب الكثيرون على الفضائيات العربية انها بعيدة بعض الشئ، في إعداد برامجها عن الخلق والابتكار والابداع، فمعظم برامجها إن لم نقل كلها، هي نسخ مقلدة من برامج عالمية، تقدمها فضائيات غربية في بلدانها وتلاقي هناك نجاحا وشهرة واسعي النطاق، فتلجأ في إثر ذلك فضائيات عربية الى شراء حقوق انتاج نسخ عربية منها، مستنسخة في الديكور والاعداد واسلوب الاخراج، لكنها متميزة بانها ناطقة باللغة العربية، وفي احيان كثيرة تقوم بعض الفضائيات ببث البرامج بنسخها الاصلية مترجمة الى العربية وعرضها على المشاهدين، ومتى ما نالت هذه البرامج حظوة وقبولا، تتوجه الفضائيات الى انتاج النسخة المعدلة وراثيا والامثلة عليها كثيرة، على سبيل المثال لاالحصر:(ستار اكاديمي، من سيربح المليون، سوبر ستار، ديل اور نو ديل(لعبة الحياة)، قسمة ونصيب”برفكت برايد”،حلّة واحتلّة، عيش سفاري، و…)وسيل برامج الواقع التي وقع الكثير منها في مطبات العادات والتقاليد الشرقية التي اجبرت برنامجا مثل (الاخ الاكبر) على التوقف بعد عدد بسيط من الحلقات، وهو من نمط تلفزيون الواقع يجمع مجموعة غير متجانسة من البشر في بيت واحد ليتنافسوا في اختلاق المشاكل لبعضهم حتى يفوز الاكثر دهاءً وحذقا ليكون آخر المغادرين. لكن الامر لم يتواصل للوقت الكافي لفوز احدهم، لان الاصوات تعالت لايقاف هذا البرنامج الخالي كليا من اي مضمون.
وتتدرج باقي البرامج في القبول عند الجماهير من قمة الرفض إلى غاية الإعجاب ، كما كان الحال مع برنامج(من سيربح المليون) الذي برع في تقديمه الإعلامي المعروف جورج قرداحي، فصنع كلاهما للآخر شهرة واسعة من الجماهير العريضة، ورغم توالي تقديمه لبرامج المسابقات حتى آخرها(مسابقة الجماهير)(people quiz)-وهو نسخة مستوردة ايضا-لكن بقي من سيربح المليون هو الاول.
فيما استقطبت برامج المواهب مثل (سوبر ستار وستار اكاديمي …..الخ) عددا غفيرا من الشباب الذي يحلم بالشهرة والمجد في مجال الغناء والفن عموما واحاطت ببرنامج ستار اكاديمي المشاكل ايضا وطوقته الشائعات كونه من برامج تلفزيون الواقع ايضا ويجمع عددا من الشابات والشباب في اعمار حرجة تتراوح بين(16-25)عاما ومن كلا الجنسين بشكل لايرضى عنه اي مجتمع شرقي، مثيرا الكثير من التساؤلات والتحفظات، فضلا عن الشكوك في مصداقية التصويت المعتمد في تتويج الفائز.
ولايمكننا ان نتحدث عن برامج الواقع المقلدة على الفضائيات دون ان نشير الى برنامج “قسمة ونصيب” الذي حمل العدد الاكبر من مستفزات المجتمع الشرقي، بداية بمحاولة الفتاة ايجاد عريسها عبر برنامج تلفزيوني، وهو امر مستهجن في مجتمعاتنا، وصولا الى تصوير تفاصيل حياة المشاركين اليومية وهم يكيدون لبعضهم ويحيكون المؤامرات ويبدون آراءاهم الصريحة جدا في بعضهم التي تصل لدرجة القدح والذم ويتشاجرون ويتشابكون بالايدي.
اما لعب القمار على شاشات التلفزيون فحدّث ولاحرج، وكان له النصيب الاكبرمن عدد القنوات المقلِّدة في برنامج الحقائب المغلقة الذي اخذ اسماءً عديدة من قناة الى اخرى، (الخزنة، ديل اوتبديل،….) ليكون الربح فيه على اساس غير واضح سوى انها (لعبة الحياة) (الميسر).
ولكي لا نطيل، فالقائمة طويلة واستعراضها يحتاج للكثير من الوقت، سننتقل مباشرة إلى البرنامج الأشهر في الوقت الحاضر وهو برنامج البحث عن المواهب (Arabs got talent) وبغض النظر عن التساؤلات حول القواعد التي يتبعها في اختيار المواهب، فقد وضع الجماهير العربية العريضة امام تساؤل كبير وهو يواصل حلقاته الاحتفالية بينما العالم العربي يغلي من المغرب الى البحرين، والمظاهرات مشتعلة في تونس ومصر والجزائر، ورغم كل ذلك و ان لجنة تحكيم برنامج (Arabs got talent) تنتمي لدول تشهد اضطرابات لكن البرنامج مازال يتقدم ويواصل حلقاته وقد خلا سوى من اشارة بسيطة الى التحول نحو الديموقراطية في مصر من باب المزاح، ولكن أيُعاب على برنامج يخضع لمعايير السوق والانتاج وإدارة المحطة الفضائية مثل هذا التوجه؟ في حين تجاهلت دول هذه الاحداث وتغاضت عن مئات الشهداء والجرحى الذين سقطوا في ساحة التحرير في مصر، وعن ثوار ليبيا الذين يناضلون للتخلص من حكم الدكتاتور، وعن المخاض العسير في اليمن، لتنظم الكويت مثلا مهرجانات فبراير الفنية الاحتفالية الباذخة، وكذا مهرجانات الدوحة الغنائية في البحرين الحافلة بالطبل والزمر قبل ان تدور عليهم الدوائر وتنتقل حمى المظاهرات الى ديارهم.
اما آن الاوان لتعيد وسائل الاعلام النظر في اسلوبها في اعداد البرامج، إ ذ لم يعد مقبولا ان تتحجج بان (الجمهور عاوز كدة)، وخصوصا تلك البرامج الموجهة الى الشباب، لتتلاءم مع عقلية وتفكير شباب واع ثائر قاد ثورات زلزلت عروشا واطاحت بانظمة كان الظن قد ساد بانها ستدوم وتتواصل عبر التوريث، هؤلاء الشباب الذين توهم البعض بانهم جيل ضائع حولتهم التقنية الحديثة الى مسوخ، والغى الفيسبوك والتويتر وسواهما عقولهم، اثبتوا للجميع انهم اهل للثقة وصانعو قرار جرئ، وقادرون على تسخير كل الوسائل بما فيها التقنية الحديثة والانترنت لصنع ثورتهم ومدها باسباب الاستمرار والانتصار.
وربما يكون من المعيب والحال هذه، حيث لاحكومة في لبنان والعراق، والثورات تتوالى من تونس الى مصر وصولا الى اليمن وسوريا مرورا بالبحرين،والشباب يقود انتفاضات التغيير ودعوات الاصلاح، ان نتواصل معهم بالبرامج المقلدّة من شاكلة (top chef)، لان الذين طهوا ثوراتهم على نار هادئة ، يستحقون خطابا اكثر نضجا وتفهما لانه جيل يصح عليه وصف عضو لجنة التحكيم في احد هذه البرامج:( فلة…………….شمعة………….. منورة).

جورجينا بهنام
06/04/2011

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الارشيف, المقالات واللقاءات. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.