“سهدوثا – حكاية آشورية” لليلى قصراني

ارشيف ( نالافوريو) ;ليلى القصراني
Layla Qasrany

نالافوريو / ايلاف.18 يناير 2011

الغاوون تُصدر رواية “سهدوثا – حكاية آشورية” لليلى قصراني

في باكورتها المعنونة quot;سهدوثا ndash; حكاية آشوريةquot;، الصادرة في بيروت لدى quot;دار الغاوونquot;، تفتح ليلى قصراني الباب على عالم إحدى الأقليات المؤسسة لتاريخ الشرق، وهم الآشوريون. عالم مليء بالأسرار المؤلمة والجميلة في وقت واحد.
تروي قصراني في هذه الرواية شهادتها وصراعاتها النفسية في العائلة الكبيرة وصراعها الجسدي في مجتمع شرقي وصراعها الروحي المتجلّي فوق جبل سهدوثا الذي تلجأ إليه بطلة الرواية هي وعائلتها بسبب الحروب والحصار المفروض على العراق.
سرد سيّال بقصص مدهشة يأخذ في مجراه الكثير من الشخصيات الغنية وغريبة الأطوار أيضاً غرابة هذا الشرق.
وليلى قصراني روائية شابة من مواليد محافظة الأنبار بالعراق لعائلة آشورية. حائزة إجازة في الأدب الفرنسي من كلية الأداب – الجامعة المستنصرية. وتقيم حالياً في الولايات المتحدة الأميركية.

من أجواء الرواية نقرأ:
quot;لم أرَ أحداً قطُّ يشرب البترول سوى أبي. فعندما أراد التخلّص من الديدان الشريطية العالقة بأمعائه، طلب من جارنا أحمد السائق كأساً من البنزين، شربها أبي ثمّ ارتمى على كرسي خشبي قديم في غرفة الجلوس، شاعراً بالغثيان، ونحن الأطفال نسمع أنينَه في غرفة النوم المجاورة حيث نختبئ. بينما أمّي من المطبخ تصرخ: laquo;ألم أقل لك ألا تسمع كلام عبد الرزاق، ذاك المضمّد الفاشلraquo;. فيغمض عينَيه دون أن يردَّ عليها. وبعد قليل ينتفض، يتلوّى من المغص، ويركض إلى الحمّام، مرّة للتقيّؤ ومرّات للتغوّط، ثم ينام نوماً مضطرباً. في الليل تبدأ الكائنات السكرى بالنفط بالزحف على الأرض الإسمنتية الرطبة في الحمّام المظلم وتسلُّق جدران مُشبَعَة بالبترول غير المشتعل في أعضاء أخوتي الذكور الستة.
أنا لم أرَ أحداً قطُّ، يشربُ البترول ويعيش. كانت أمّي قد نصحته أن يُجمِّدَ قطعة رفيعة من اللَّحم النيء ويُدخلها في إسته لتتجمّع الديدان حولها، ثمّ يسحبها ويعيد الكرَّة حتى تختفي، فسخر هو من وصفتها التي ورثتها عن جدَّتي القرويّة.
الديدان لم تغادره كليّاً، بل ظلّت تنشطر وتهاجر في داخله. في الليالي، يعرف بتحرّكاتها فتتهيّج أعصابُه. ويأتي صراخ ديك الجيران في الفجر ليزعجه أكثر. فحين يصيح ديكُ بيتِ أبو كرّومي، يستيقظ أبي غاضباً، يوقظ النائمة بجانبه. وأختي الأكبر منّي، في الحجرة نفسها لا تفهم ما يحدث. كان أبي، قبل ولادتي، يستيقظ غاضباً بسبب ديك الجيران فيُفرغ غضبه في أمّي. ذات خريف تسلّل في فجر بريء، عابراً السياج الخشبي المبلّل بالمطر، إلى الحديقة الخلفية لبيت أبو كرّومي، فتح باباً حائراً بلا صرير. اتّجه نحو القفص، وسحب عنق الديك الغبي بعصبية، وكسره، ثمّ تركه خارج القضبان بعدما وضع بعض حبّات حنطة بجانب القفص كي يبدو كلّ شيء وكأنّه مجرّد حادث.
مرّ أسبوع كامل، والجيران لا حديث لهم سوى رأس الديك المتدلّي من قفص دجاجاتهم. تقول أمّ كرّومي لأمّي: laquo;يا دليلة، لا نعرف كيف مات ديكنا، ربما سمَّموه، أو أن رأسه انحصر بين قضبان القفصraquo;. وأمّي تحكُّ بطنَها منزعجة من هذه الحكاية. ربّما خائفة من أن ينفضح أبي، بينما أنا أرفس، أرفس التي حاولت بطرق عديدة إسقاطي، وتجاهلتُها لأني عزمت منذ الأزل أن أحدّث عمّا شاهدتُ. أقصد الجريمة الكاملة وغياب صياح ديك في فضاء صامت، وعن افتخاري بأبي عندما وضع حدّاً لروحه الهائمة في عدمية الحياة اليومية

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الارشيف, ثقافة, كتب , تاريخ. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.